دعوة الفاتيكان للطنطاوي: «ارفضها يا مولانا»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حمدي رزق
يا الله، الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر يقبل دعوة البابا بنديكت السادس عشر لزيارة الفاتيكان، بدلا من أن يأتي إلينا البابا طالبا العفو والسماح من صاحب الفضيلة شيخ الإسلام، يرسل وزير ثقافته الإيطالي "بوبار" بدعوة للإمام، ويقبلها فضيلته، يقبل زيارة من أهان الإسلام وأساء إلي رسوله الكريم، وفي داره!
لا حول ولا قوة إلا بالله، لا أعرف لماذا يتعامل الإمام الأكبر بسماحة مع من لا يرعوي لقداسة، ولم يحترم دينا هو للعالمين كافة، هذه المرة لا تعليمات فوقية تجوز، ولا توجيهات علوية تطاع، لاتهاون ولا تفريط في حق الله ورسوله، الأمر كله في رقبة الإمام، فإن رفضها فله، وإن قبلها فعليه، ولاتزر وازرة وزر أخري.
لست متعصبا، وأحب في الإسلام سماحته "..فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم..."، ولكن قبول الإمام الزيارة غير مستساغ، لا أتصور أن تقلب الآيات علي هذا النحو، أيهين بنديكت الإسلام، ويأبي الاعتذار، ونقبل بأنصاف الحلول "اعتذار عن ملابسات ماحدث" وعفا الله عما سلف فيصدمنا الإمام بمكافأة من اعتدي علي رسولنا بالقول، ووصف إسلامنا بالغلو، حاشا لله وكلا.
لست من المتشنجين، ولا أري فارقا بين دور العبادة، كلها يذكر فيها اسمه، لكن الغيرة علي الإسلام ونبيه، والأصول والعرف والتقاليد المرعبة، تقتضي أن تأتي المبادرة من جانب الفاتيكان بطلب السماح بزيارة البابا للأزهر، عربون محبة، وإعلان حسن نوايا، واعتذاراً دبلوماسياً.
كان علي "البابا" أن يغبر قدميه في سبيل الحوار، وكما زار تركيا، كان عليه أن يشد الرحال إلي بلد الأزهر الشريف، وتنعقد جلسة الحوار الأزهري - الفاتيكاني في رحاب مآذن عمرها أكثر من ألف عام، ماعرفت يوما قط تعصبا ولا نادت بغلو، وظلت ترفع نداء الحق "لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي والعمل الصالح".
سبق البابا بتوجيه الدعوة للإمام، لماذا تأخر الإمام في دعوة البابا لإلقاء محاضرة في كلية أصول الدين يوضح فيها موقفه من الإسلام، وينفي عن نفسه تهمة التعصب، الفاتيكان واع لما يفعل، والأزهر في حالة لا وعي، وعندما يفيق يبادر بقبول الزيارة.
يامولانا كل الآيات الكريمات اللاتي تحض علي الحوار "..وجادلهم بالتي هي أحسن..." أحفظها وتفسيراتها عن ظهر قلب، ولكن كرامة الإسلام لابد أن تصان، كرامة نبي الإسلام لابد أن تصان، وزيارتك للفاتيكان تفريط فيما لا تملك التفريط فيه، والقرار ليس لفضيلتك وحدك، ارجع لمشايخ مجمع البحوث الإسلامية، استفت أهل الحل والعقد، استفت قلبك وإن أفتاك الناس.
الدين النصيحة يامولانا، وما تبقي لك من محبة في الصدور واحترام في النفوس، أخشي عليه إذا ما تمت الزيارة، لا أتصور أن قلب الإمام الأكبر يطاوعه في أن يزور نفس المكان الذي أهين فيه الرسول الكريم.
ارفضها يامولانا لأجل خاطر الإسلام، ارفضها لأجل خاطر القرآن، ارفضها لأجل خاطر المصطفي عليه الصلاة والسلام، لا أتصور أن يفتتح البابا عهده السعيد بإهانة الإسلام، ولا أتصور أن يختم الإمام الأكبر حياته بزيارة من لا يرعوي لقداسة الإسلام.
أعلم الضغوط التي تمارس لاستئناف الحوار، ولكن هذا الحوار بدأ وتواصل وشارف علي النهاية دون نتائج تذكر، حوار لايسمن ولايغني، إذا كان كبير الفاتيكان يرانا بمنظار التعصب، كيف يسير الحوار إلي نهايته، إنه حوار بلا شطآن.