أخبار

نجاد يهزم رفسنجاني رئيسًا تاسعًا لإيران الملالي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نصر المجالي من لندن وعلي آل غراش من طهران:

هز الضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني الذي يمثل قلعة التشدد والحارس الأمين لحكم الملالي في إيران العالم الساعة الواحدة فجرًا بتوقيت غرينيتش حين أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية رسمياً فوزه كرئيس تاسع للجمهورية الإسلامية في إيران، مكتسحًا بذلك البراغماتيين والإصلاحيين ودعاة الانفتاح في إيران الذين اصطفوا في الأيام الخمسة الأخيرة خلف علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان يعتبر الأمل الأخير لإخراج إيران من عزلتها وتقديمها إلى العالم بوجه نظيف قادر على التعاطي مع التداعيات العالمية الراهنة. وكان 22 مليون إيراني توجهوا صباح أمس للاقتراع في دور ثان لانتخاب الرئيس الجديد من بين المرشحين رفسنجاني ونجاد، وأعلن كل منهما بعد صلاة الفجر أمس أنه هو الفائز، وصدق وعد نجاد لناخبيه، حينما رد على رفسنجاني بقوله :لا أنا الفائز وكان العنوان الرئيسي لـ (إيلاف) أمس. وبفوزه فإن على نجاد الشروع بتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي وعد فيه أن يكون في إيران 70 مليون وزير في إشارة لعزمه إعلان الحرب على الحرمان والفقر الذي يعاني منه غالبية الشعب الإيراني صاحب الثروة النفطية الضخمة التي لا يناله منها إلا القليل.

ويجمع المراقبون الذين سارعوا الى التعليق على النتيجة الكاسحة بمن فيهم المحلل السياسي الإيراني محمود علي نجاد وهو قريب للرئيس الجدي "يتمثل الخطر في انه لاول مرة لن يكون هناك عامل اعتدال .. عامل توازن في النظام." ويقول اصلاحيون ان الدعم المنظم من جانب الحرس الثوري وميليشيا الباسيج المتشددة كان وراء الاداء القوي لاحمدي نجاد في الجولة الاولى.

ويأتي فوز نجاد المدعوم من الحرس الثوري وميليشيات الباسيج بعد أن وجهت لقوات الحرس والميليشيات اتهامات من جانب مرشحين إصلاحيين هزموا في الدور الأول بالتدخل السافر لصالح نجاد. وكان رجل الدين الاصلاحي مهدي كروبي رئيس البرلمان السابق الذي احتل المركز الثالث في الجولة الاولى من الانتخابات انصاره لمساندة رفسنجاني. وقال يوم الثلاثاء "اذهبوا وصوتوا والا سيكون هناك طالبان ايرانية. المتطرفون قادمون ولن ينعم المواطنون بالامن والسلام بعد الان."

وينفي احمدي نجاد ان ميليشيا الباسيج تدعمه وقال ان المزاعم بانه سيطبق احكاما صارمة فيما يتعلق بالسلوك في حالة انتخابه لا تزيد عن كونها حملة تشويه بلا اساس.

ويقول مناهضو أحمدي نجاد في حملة الانتقادت التي وجهت ضده إنه حين صار عمدة لطهران انه اقدم على اقفال مطاعم وفرض على الموظفات في البلدية زيا اكثر تزمتا، ومنع تعليق اعلان يظهر فيه لاعب كرة القدم البريطاني المعروف ديفيد بيكام. وخلال حملته الانتخابية، وعد بتأليف "حكومة من سبعين مليون وزير"، في اشارة الى الرغبة بتسهيل شؤون الناس.

وفي اللقاءات العامة التي عقدها، كان يتواجد العاطلون عن العمل وموظفو البلدية وعناصر في الميليشيات الاسلامية (الباسيج) ونساء بالتشادور التقليدي يدخلن من باب مختلف عن الباب الذي يدخل منه الرجال. واشارت استطلاعات الرأي باستمرار الى انه لا يملك اي فرصة للفوز. ومع ذلك، رفض الانكفاء.

وقد افاد في النهاية على ما يبدو من تعبئة منظمة لصالحه داخل المنظمات الاسلامية. ويظهر الرجل العقائدي باستمرار وراء الرجل البسيط حامل شهادة الدكتوراه في الهندسة. وقد اقترح هذا العنصر السابق في فرق الكوماندوس التي تسللت الى العراق خلال الحرب، دفن الشهداء في ساحات طهران الكبرى. ويبدو احمدي نجاد الاقل استعدادا بين المرشحين الى الرئاسة لاستئناف الحوار مع الغرب. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد اعلان تأهله الأربعاء الماضي الى الدورة الثانية انه يعارض اقامة علاقات بين ايران والولايات المتحدة في ظل الظروف القائمة.

وقال "الجمهورية الايرانية مستعدة لاقامة علاقات مع العالم اجمع. الا ان هذا يجب ان يندرج في اطار مصلحتنا الوطنية". وعن الملف النووي، نفى اليوم وجود اي رغبة لدى الجمهورية الاسلامية للتزود بالسلاح النووي. وقال "لا نحتاج الى ذلك. فهذا لا يتلاءم مع ثقافتنا ولا مع معتقداتنا الاسلامية"، مؤكدا في الوقت نفسه نيته مواصلة المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي. وقد لا يكون فوز احمدي نجاد بالرئاسة خبرا جيدا للصحافيين المسجونين والمنشقين. ويرفض احمدي نجاد التعليق على قضايا خاصة تتعلق مثلا بالصحافي المسجون اكبر غانجي.


وكان محمود أحمدي نجاد شخصية غير معروفة عندما تم تعيينه عمدة لطهران في ربيع عام 2003، ولم يكن أكثر شهرة عندما خاض سباق انتخابات الرئاسة الإيرانية بعد ذلك بعامين. لكن في نتيجة أصابت المراقبين بالصدمة، جاء المرشح المتشدد في المركز الثاني بين سبعة من المرشحين، ليخوض جولة ثانية من الانتخابات أمام الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني.

وتردد أنه لم ينفق أموالا على حملته الانتخابية، لكنه حظي بدعم المحافظين الأقوياء الذين استخدموا شبكة من المساجد التي يسيطرون عليها لحشد التأييد له، كما يقول صادق سابا محلل الشؤون الإيرانية في بي بي سي.

وعندما أصبح أحمدي نجاد عمدة لطهران، وضع الكثير من القيود على الإصلاحات التي بدأها المعتدلون الذين كانوا يتولون إدارة شؤون المدينة قبله. ومنع محمد خاتمي الرئيس الإصلاحي المنتهية ولايته، أحمدي نجاد من حضور اجتماعات الحكومة، وهو امتياز عادة ما يحصل عليه من يشغلون منصب عمدة طهران.

وأغلق أحمدي نجاد الكثير من مطاعم الوجبات السريعة وطالب الموظفين من الرجال بإطلاق لحاهم وارتداء أكمام طويلة. كما أمر بإزالة لوحات إعلانية للاعب كرة القدم البريطاني ديفيد بيكام، أول شخصية غربية شهيرة تستخدم في الترويج لسلعة في البلاد منذ الثورة ايرانية عام 1979.

لكن أحمدي نجاد يتمتع بالشعبية، وأطلق على صفحته الخاصة على الانترنت لقب "ماردوميار" أو صديق الشعب. ويشتهر بحياته البسيطة وشن حملة ضد الفساد. كما يدافع عن البرنامج النووي الإيراني، الذي أثار قلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال على موقعه على الانترنت: "لن يسمحوا لنا بالتقدم بسهولة، لكن علينا ألا نستسلم لإرادتهم."

ويتحدث محمدي نجاد بحذر عن إعادة العلاقات الرسمية مع الولايات المتحدة والتي قطعت منذ عام 1979. ويقول: "خطوة أميركا أحادية الجانب بقطع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية كانت تستهدف تدمير الثورة الإسلامية...أميركا لديها الحرية في قطع علاقاتها مع إيران، لكن القرار يظل في يد إيران لإعادة علاقاتها مع أميركا."

وتدعم أحمدي نجاد مجموعة من الشبان من الجيل الثاني للثورة والمعروفة باسم "أبادجاران" أو التنمويين الذين يشكلون قوة في البرلمان لإيراني. ويقول موقعه على الإنترنت إنه انضم إلى الحرس الثوري طوعا بعد أن ساعد في تشكيل اتحاد الطلبة الذي استولى على السفارة الأميركية عام 1979.

و صرح الدكتور نجاد بعد إدلائه بصوته في مركز الاقتراع بشرق طهران: ان شاء الله يسجل هذا اليوم بداية مرحلة جديدة في الحياة السياسية في الأمة الإيرانية كما قدم تحية إلى الإمام الخميني والأوفياء ولشهداء الإسلام والحرية مشيرا بان الأمة الإيرانية حاملة علم العدالة والصداقة والسلام في العالم. مؤكدا على أهمية الحرية قائلا: نريد أن ننشر الحرية بكل إشكالها، وسننعم بأكبر قدر من الحرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وقد شهدت مراكز الاقتراع في جميع مدن وقرى إيران منذ صباح امس مشاركة قوية من الناخبين تتجاوز عدد الذين شاركوا في المرحلة الأولى، وحول الأسباب الرئيسية في هذه المشاركة الكثيفة أوضح الإعلامي مهدي اكبري في اتصال تلفوني بان الأسباب تعود للرغبة الكبيرة لدى الناخبين الإيرانيين باختيار المرشح المفضل لديهم والوقوف عقبة في انتصار المرشح المنافس، وشعور الناخب بان صوته في هذه الجولة المهمة والمصيرية له أهمية كبيرة في الحسم، وساهم الإعلام الإيراني في تأجيج وجذب الشارع الإيراني والناخبين من خلال خلق جو من الصراع القوي والمثير بين المتنافسين ومشاركة جميع القوى والتيارات الإيرانية في دعم طرف ما.

وشهدت المدن المحافظة ذات التوجه الديني وبالخصوص قم ومشهد وأصفهان تعبئة قوية ودعما كبيرا للمرشح المحافظ نجاد بينما حصل رفسنجاني على دعم شريحة رجال المال ومن الإصلاحيين. وأكدت الاستطلاعات أن كلا المرشحين يحظيان بشعبية ومؤيدين في جميع المدن والشرائح ومن الصعب تحديد من هو الأكثر حصولا على الأصوات. ومنذ بداية الاقتراع ولغاية أعداد هذه المادة لم تظهر أي مؤشرات تؤكد على تفوق أي من المرشحين وان نسبة التأييد لكليهما في الشارع الإيراني متساوية.

كما نفى مرشد الثورة علي الخامنئي عند الإدلاء بصوته صباح امس في شمال طهران دعمه لأي من المرشحين المتنافسين الرفسنجاني ونجاد موضحا بان ما يشاع بأنه يدعم المرشح المحافظ احمدي نجاد غير صحيح وان مصدره الخارج المتربص بالدولة. كما دعا الشعب الإيراني للمشاركة القوية وطالب الجهات المسؤولة عن الانتخابات بالنزاهة والحياد والموضوعية. وللحد من التجاوزات ومنع التزوير في الانتخابات أصدر بعض مراجع الدين في إيران فتاوى شرعية تحرم التزوير في الانتخابات والتصويت بدلا من أشخاص آخرين أو استخدام وثائق الموتى.

ولد محمود احمدي نجاد عام 1956 م في مدينة جار مسار القريبة من طهران وسط عائلة محافظة كان والده يعمل بالحدادة، وحصل على شهادة الدكتوراة في النقل والمواصلات من جامعة طهران للعلوم والتكنولوجيا حيث كان محاضرا. ويتميز بالبساطة والتواضع في حياته الخاصة والعملية كما يتمتع بشعبية جيدة وهو احد المقاتلين الكوماندوز الشباب الذين شاركوا بفعالية في الحرب مع العراق.

وقد انضم إلى الحرس الثوري بعد انتصار الثورة الإيرانية. أصبح في عام 2003 م عمدة لمدينة طهران وهي الانطلاقة الحقيقية له في عالم المجتمع والسياسية والشهرة لما قام به من أعمال جريئة في تطوير الخدمات البلدية للمدينة والاهتمام بأحياء الفقراء والضعفاء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف