فيدرالية الحكيم .. رغبة ام تشويش على الاكراد ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيدرالية الحكيم .. رغبة ام تشويش على الاكراد ؟
مواقف شيعية متناقضة وأخرى سنية رافضة
أسامة مهدي من لندن : شكلت الدعوة لتشكيل اقليم شيعي في جنوب العراق والتي اطلقها عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الذي يتزعم الائتلاف الحاكم في العراق مفاجأة اعقبته اردود افعال متباينة اليوم حيث ايدها الاكراد الذي يتطلعون بدورهم لانشاء فيدراليتهم الكردستاية بينما رفضها السنة الذين اعتبروها خطوة نحو تقسيم العراق في ذات الوقت التي احدثت انقساما في صفوف القوى الشيعية في حين اعتبرتها مصادرعراقية مستقلة محاولة لعرقلة المطالب الكردية بها ومسعى لانجاح الضغوط الاميريكية البريطانية لترحيل قضية الفيدرالية وعدم اقرارها في الدستور الذي تجري كتابته حاليا الى مرحلة لاحقة . وقالت المصادر التي تحدثت معها "ايلاف" ان دعوة الحكيم جاءت في وقت توشك فيه المناقشات على مواد الدستور ان تنتهي اليوم كما هو محدد سابقا فخلطت الاوراق وشكلت ورقة ضغط موجهة ضد الاكراد على الخصوص للقبول بمطالب الشيعة في اعتبار الاسلام مصدرا اساسيا للتشريع والنص في الدستور على انهم يشكلون اكثرية السكان العراقيين وهي مطالب يتحفظ عليها الاكراد بشدة وهو اشارت المصادر الى انها ستوسع من هوة الخلافات بين الائتلاف الشيعي الحاكم وشريكه التحالف الكردستاني . ولاحظت المصادر وجود تباينات في المواقف من الفيدرالية بين القوى الشيعية نفسها التي تشكل الائتلاف العراقي الموحد ففي حين كان الحكيم يطلق دعوته لفيدرالية الجنوب الشيعية كان ليث كبة الناطق باسم رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري الذي يقود حزب الدعوة الاسلامية شريك المجلس الاعلى في الائتلاف يؤكد في بغداد رفض فيدراليات الاقاليم الجنوبية مؤكدا "إن فكرة تشكيل إقليم شيعي غير مقبولة".
اما المتحدث الرسمي باسم التيار الصدري الشيعي في بغداد الشيخ عبد الهادي الدراجي فقد اكد إن تياره يرفض جملة وتفصيلا أي فدرالية تؤدي إلى تقسيم العراق.وجاء اشد رفض لدعوة الحكيم من قبل القوى السنية العراقي حيث اعتبر صالح المطلق العضو السني في لجنة صياغة الدستور أنها بداية لتقسيم العراق وتثبيت الطائفية. وقال في تصريحات صحافية اليوم أن الهدف منها المراهنة على تأجيل صياغة الدستور أو إفشاله لتبقى الفوضى في العراق مشيرا إلى أن فكرة الإقليم الشيعي مرفوضة من جميع أطياف الشعب العراقي وليست مقتصرة على السنة في وسط العراق وغربه وإنما أيضا سكان الجنوب. واكد صالح المطلق "لقد شعرنا بالصدمة والخوف حيال الدعوة الى الحكم الذاتي التي عبر عنها الاخوة الشيعة". واضاف ان توقيت الطلب "خاطئ لانه يأتي قبل ثلاثة ايام فقط من الموعد النهائي للتوصل الى اتفاق على الدستور". واشار الى "ان من شأن مثل هذه المطالب ان تؤخر التوصل الى اتفاق والعراق قد يبقى من دون دستور لسنة اخرى" واضاف "ليس لدينا وقت للمناورات".
واكد ان دعوة الحكيم "سببت لنا الصدمة والخوف. فتوقيتها جاء سيئا وقبل ثلاثة ايام فقط من الموعد الاقصى لتقديم مسودة الدستور الى الجمعية الوطنية". وطالب المطلك في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية بمناقشة مسألة الفدرالية من قبل الجمعية الوطنية المقبلة بعد انتخابها مشيرا الى ان "اطلاق مثل هذه التصريحات في مثل هذا الوقت سوف يؤخر من عملية الانتهاء من كتابة الدستور لسنة اخرى".وقال كمال حمدون العضو السني في لجنة صياغة الدستور ان هدف الفيدرالية هو تقسيم العراق الى مناطق عرقية وطائفية وسوف نتمسك بموقفنا الرافض لذلك .
ومن جهته اعتبر راسم العوادي القيادي في حركة الوفاق الوطني العراقي الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي دعوة الحكيم "ورقة ضغط" وقال ان اي تصعيد قبل الدستور غير صالح . واضاف ان الرأي العام هو مع تأجيل الفدرالية الى ما بعد اجراء الانتخابات مع مشاركة الجميع فيها . واكد العوادي ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب العراقي مع احترام خصوصيات الشعب بمختلف قومياته وطوائفه .
وقال سليم عبد الله القيادي في الحزب الاسلامي العراقي والعضو في لجنة كتابة الدستوراليوم ان هذه الدعوة تؤكد على حقيقة مخاوف العرب السنة من ان هناك عملية لتجزئة البلد لاقاليم عدة تعطى لها صلاحيات واسعة . واعتبر ان الشعب العراقي غير مهيأ حاليا لتقبل مثل هذه الفكرة لانه لا يمكنه الانتقال من مرحلة المركزية الخانقة الى فدرالية واسعة الصلاحيات مشيرا الى ان الامر يتطلب المرور بحالة انتقالية وسطية "حتى نعطي انفسنا مهلة من الزمن". واوضح ان فكرة الفدرالية يجب ان تأتي وفق اطار مشروع وطني تقدم فيه طلبات تنظر فيها في الجمعية الوطنية القادمة لبيان مدى صلاحية المحافظات وبعدها يتم تبنيها ويجرى استفتاء ضمن عموم الشعب لمعرفة رايهم من المشروع . وقال "اما اللجوء لتجزئة البلد تدريجيا من محافظات الى اقاليم ليس على اساس دراسة مفصلة فهذا امر مرفوض من قبلنا". واكد ان الحل يكمن في الاقرار بكردستان العراق كواقع حال كاقليم مع اعتماد اللامركزية في ادارة شؤون المحافظات واعطاءها المزيد من الصلاحيات .
اما القيادي الكردي عضو البرلمان العراقي ولجنة الدستور محمود عثمان فقال "صحيح نحن متفقين مع الشيعة على مبدأ الفدرالية لكن تصريحات الحكيم كانت مفاجأة بالنسبة لنا". واشار الى ان "هذه التصريحات قد تثير حساسية من قبل العرب السنة الذين لايقبلون باي نوع من الفدرالية ويقولون انها ستؤدي الى تفتيت العراق وتزيد النفوذ الايراني في البلاد". واكد ان "مبدأ فدرالية الجنوب مقبول بالنسبة لنا اذ اننا نريد الفدرالية فلا يمكننا ان نرفضها لاغيرنا". واوضح عثمان الى ان تصريحات الحكيم هذه جاءت بعد لقائه بالمرجع الشيعي الكبير آية الله علي السيستاني "مما يعني ان السيستاني يؤيد هذا المطلب". وكشف عثمان عن تعرض الكرد الى ضغوط أميركية وبريطانية كبيرة الغرض منها دفع الكرد نحو القبول بتأجيل بحث مطلب الفيدرالية الى مرحلة قادمة، وهو أمر قد يعتبره البعض يمثل اقترابا من موقف العرب السنة. وأضاف ان هناك ما يبرر مخاوف المنظمات الليبرالية والمجتمع الدولي من احتمال تحول العراق الى دولة إسلامية في ظل إصرار بعض القوى الإسلامية الشيعية والسنية على كتابة دستور يعتمد على الشريعة. كما أكد عثمان رفض الكرد ترحيل المواضيع الخلافية ومنها الفيدرالية الى مرحلة قادمة او كتابة ما وصفه بدستور مبتور موضحا انه لا توجد ضرورة للالتزام بموعد الخامس عشر من آب أغسطس الحالي. واضاف ان مبدأ الفيدرالية يتفق عليه الاكراد والشيعة منذ ايام المعارضة لكن السنة العرب غير موافقين وعلى الرغم من انهم يعترفون بخصوصية كردستان ليس لدرجة اقليم الا انهم يرفضون الاعتراف بفيدرالية الجنوب. واوضح ان هذه الخلافات يجري تقريب وجهات النظر حولها بمشاركة ممثلين عن الامم المتحدة والسفارتين الامريكية والبريطانية.
وكان الحكيم طالب امس باقليم فيدرالي يتمتع بالحكم الذاتي ويضم جميع المناطق الشيعية في جنوب العراق الغني بالنفط. وقال الحكيم لعشرات الآلآف من الشيعة المحتشدين في مدينة النجف "بالنسبة للفيدرالية نعتقد أنه من الضروري تشكيل منطقة واحدة في الوسط والجزء الجنوبي من جنوب العراق" وهي تضم غالبية المناطق الشيعية في اطار فدرالية . واضاف ان هناك خمسة مواضيع رئيسية نؤكد عليها في الوقت الحاضر وهي الدستور والامن والاعمار وتشكيل اقليم الجنوب والوسط". وقال "نؤكد على ضرورة اقامة اقليم واحد في جنوب ووسط العراق لوجود مصالح مشتركة بين ساكني هذه المناطق".
واوضح الحكيم انه "من اجل حفظ التوازن السياسي في البلاد لا بد ان تكون هناك حكومة اقاليم بحيث يسمح الدستور بذلك ولا بد ان يكون هناك وحدة تنظم عمل الاقاليم". وعبر الحكيم عن الامل في ان "تطرح مسودة الدستور في موعدها" الاثنين المقبل مشددا على حساسية وخطورة المرحلة.
وبرر الحكيم دعوته هذه، بوجود ما وصفها بخصائص مشتركة يتسم بها سكان تلك المحافظات إضافة إلى تعرضهم لسياسات ظالمة. وقال "لن نتنازل عن ثوابتنا الاسلامية باعتبار الإسلام الدين الرسمي للدولة، ولا يجوز سن أي قانون يتعارض مع أحكامه".
من جانبه قال الأمين العام لمنظمة بدر التابعة للمجلس الأعلى هادي العامري إن على الشيعة المضي قدما في إقامة فدرالية في الجنوب وإلا سيندمون على ذلك . واضاف إن الفدرالية يجب إن تشمل العراق كله، مستطردا "يجب أن نحصل على الفدرالية في الجنوب لكي نضمن حقوقنا التي حاول الأعداء منعنا من الحصول عليها" وتساءل قائلا "ماذا نابنا" من الحكومة المركزية سوى الموت.
ومن ناحيته قال عضو المكتب السياسي للمجلس الأعلى أكرم الحكيم إن الدعوة لجمع مناطق الشيعة في الجنوب بإقليم واحد ليست جديدة مشيرا إلى أنها جاءت للتأكيد على مطالب سكان تلك المنطقة ورغبتهم بأن يكون لمناطقهم إدارة مستقلة عن الحكومة المركزية. وأوضح أن التصريحات الجديدة مرتبطة بمناقشات مسودة الدستوروموجهة إلى الأطراف السياسية بحيث لا يتضمن الدستور مواد تحول دون إنشاء أقاليم لسكان الجنوب والوسط في العراق . وناشد الشيعة إلى التشبث بـ "فدرالية الجنوب وإلا سيندمون". واوضح الناطق الاعلامي باسم المجلس الاعلى جواد تقي ان طرح الفيدرالية هذا يقوم على الدعوة لاقامة اقليم شيعي واحد يتكون من تسع محافظات في الوسط والجنوب.
واشار الى ان المحافظات التسع هي البصرة وميسان وذي قار وواسط ومحافظات الفرات الاوسط متمثلة ببابل والنجف وكربلاء والمثنى والقادسية واضاف "اما فيما يخص بغداد وكركوك الشمالية فوضعهما مستقل". ويمثل الشيعة اكثر من نصف السكان في العراق (حوالى 60%) ويقيمون خصوصا في الجنوب بينما تتراوح نسبة السنة العرب بين 20 و25%.
يذكر ان مبدأ الفدرالية هو احدى النقاط العالقة التي يجري النقاش عليها بين الاطراف الكردية والشيعية والسنية في الوقت الحالي . واكد مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان اواخر الشهر الماضي مكانية تعميم تجربة اقليم كردستان الى باقي انحاء العراق حيث يسمح قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي وضعه مجلس الحكم الانتقالي في اذار (مارس) عام 2004 باقامة اقليم بين ثلاث محافظات مجتمعة على الا يشمل ذلك بغداد وكركوك.
ويتألف اقليم كردستان من ثلاث محافظات هي السليمانية واربيل ودهوك تتمتع بحكم ذاتي منذ 1991 عندما سحبت الحكومة المركزية في بغداد انذال جميع المؤسسات الرسمية من شمال العراق.وبموجب قانون ادارة الدولة في العراق يجب تسليم مسودة الدستور الى الجمعية الوطنية العراقية منتصف الشهر الحالي قبل عرض الدستور في استفتاء شعبي في منتصف تشرين الاول (اكتوبر) المقبل.