الأنفال : تأجيل محاكمة صدام الى الثلاثين من الشهر الحالي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن : أجلت المحكمة الجنائية العراقية العليا جلساتها الى يوم الاثنين الثلاثين من الشهر الحالي بعد ان استمعت اليوم الى اقوال مشتكيين اثنين ضد الرئيس المخلوع صدام حسين وستة من مساعديه السابقين المتهمين بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 .. بعد ان استمعت الى 60 مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث اكد المشتكي الاول قصف القوات العراقية لقرى كردية بالاسلحة الكيمياوية التي كانت رائحتها تشبه رائحة التفاح المتعفن بينما اشار الثاني الى انتشار مرض الكوليرا في المعتقل الصحراوي .
وانعقدت جلسة اليوم بحضور جميع المتهمين ولكن بغياب فريق الدفاع الاصلي الذي يقاطع الجلسات منذ ثلاثة اسابيع . لكن القاضي محمد العريبي الخليفة المح الى احتمال عودة فريق الدفاع عن المتهمين الذي يقاطع الجلسات وقال ان جميع وثائق القضية ستسلم الى المحامين عندما سيعودون الى المحكمة .
وقال رئيس فريق الدفاع خليل الدليمي امس ان الفريق لم يتخذ قرارا نهائيا بانهاء مقاطعة محكمة الانفال مشيرا الى مطالب قانونية سيتم مناقشتها مع المحكمة . واضاف ان اتصالات ستجري مع المحكمة برعاية الجانب الاميركي وسيتحدد على ضوء ذلك انهاء التعليق من عدمه" . واوضح "لدينا مطالب قانونية وسيتم مناقشتها مع المحكمة. لكل حادث حديث، فمقاطعة المحكمة جاءت من اجل طلبات لم تلبى حتى الان". واكد ان "الاولوية الان في قائمة مطالبنا هي لموضوع المحامين وحضورهم واعطائنا فسحة من الوقت لدراسة عشرة آلاف ورقة تم تقديمها من قبل الادعاء العام وقد استلزم الادعاء العام اكثر من سنتين ونصف السنة .. و"بتقديرنا نحتاج الى ما لا يقل عن ثلاثة اشهر لدراسة هذه الاوراق".
وقال الدليمي "نحن بصدد اجراء اتصالات مكثفة مع المحامين من هيئة الدفاع وخارج هيئة الدفاع وسنجري اتصالات برعاية الجانب الاميركي مع المحكمة". واضاف "ليست المحكمة التي منعتنا من الحضور وانما نحن انسحبنا بناء على احتجاجنا".
وكان القاضي سمح بحضور فريق الدفاع الجلسات المقبلة بطلب من وزير الدفاع الاسبق سلطان هاشم احمد الطائي.
المشتكي الاول
وقال المشتكي الاول وكان يرتدي الزي الكردي التقليدي انه في ربيع عام 1988 قصفت الطائرات العراقية القرى القريبة من قريته التي حاول سكانها مساعدة القاطنين هناك لكنهم لم يستطيعوا نتيجة وصول دخان اسلحة كيمياوية ضربت هناك ورائحتها تشمبه رائحة التفاح المتعفن . واضاف ان سكان قريته هربوا الى مناطق قريبة لكن الجيش قام باعتقالهم واقتادهم بسيارات عسكرية الى قضاء جمجمال ومنها الى قلعة سوسيه ومنها الى السليمانية حيث تم فصل النساء والاطفال عن الرجال .. وفي اليوم الثاني نقلوا الى معتقل طوبزاوة حيث تم تقسيم المحتجزين الى ثلاث مجموعات الاولى للنساء والاطفال ثم كبار السن واخيرا الشباب وهؤلاء نقلوا الى مكان غير معروف .
واضاف انه بعد يومين نقال الباقون الى معتقل نقرة السلمان الصحراوي الجنوبي حيث كان هناك الاف اخرين "حتى اعتقدنا ان جميع سكان كردستان نقلوا الى هناك" وكان الوقت رمضان حيث كان مايقدم للمعتقلين من طعام قليل اضافة الى ان الماء كان شحيحا وقذرا مما اضطر عددا من المعتقلين الى الطلب من امر المعتقل واسمه "حجاج" بتحسين نوعية الماء والطعام لكنه ابلغهم انهم في المعتقل ليموتوا وليس ليعيشوا . واكد ان عددا من المعتقلين قد توفوا واوضح انه ساعد في دفن اكثر من 20 شخصا ويعرف 18 منهم وقام بذكر اسماءهم وقراهم . واشار الى ان احد المعتقلين استطاع ان يسرق من الادارة قائمة باسماء المتوفين في المعتقل وكان عددهم 1800 ميتا ومعظمهم من اعمار تتراوح بين 80 و100 عاما . وقال انه بقي في المعتقل اربعة اشهر ثم اطلق سراحه .. وقدم الى المحكمة قائمة باسماء ثمانية من افراد عائلته وبينهم ابناءه فقدوا منذ عام 1988 . وردا على اسئلة المحامين اشار المشتكي الى ان قتلى الاسلحة الكيمياوية في قريته والاخرى القريبة قد تم دفنهم على شكل مجاميع كل مائة في مقبرة واحدة .
(بعد انتهاء المشتكي من اقواله طلب المتهم حسين رشيد الكلام عن قضية قال انها لاعلاقة لها بالمشتكي وانما لقضية خاصة) وعندما بدا يتحدث قطع الصوت .
المشتكي الثاني
وقال المشتكي الثاني بكر قادر محمد من مواليد 1934 بقرية "جلة مول" بقضاء جمجال في محافظة السليمانية ان تحذيرات وصلت الى قريته بان القرى المجاورة قد قصفت من قبل القوات العراقية ووصل التحذير من قبل امام جامع "وقد تم اعتقاله واختفائه بعد ذلك" مما دفع السكان الى الهرب لواد قريب وبقوا فيه ثلاثة ايام حيث قامت القوات بمهجمة قريتهم وحرقها .. ثم حضر جنود وقاموا باعادتهم الى قريتهم بعد قتل اثنين منهم وبينهم اثنان احدهما ابن شقيقه برغم تدمير بيوتها . وبعد ساعة قامت سيارات عسكرية بنقل المعتقلين الى منطقة طقطق حيث قسموهم الى ثلاث مجموعات للشباب وللاطفال والنساء ثم كبار السن ونقلوهم الى معتقل نقرة السلمان الصحراوي الجنوبي . واشار الى ظهور حالات من مرض الكوليرا بين المحتجزين . وقال انه بعد اربعة اشهر صدر عفو عن المعتقلين فاعيدوا الى السليمانية ومنها الى القرى التي يسكنوها . وطالبباعدة افراد عائلته المفقودين منذ عام 1988 وقدم قائمة باسمئهم واسماء افراد عائلات اشقائه المختفين ايضا . وقال المشتكي انه لم يحصل لاي امة في التاريخ من ظلم كما حصل للاكراد .
جلسة امس الاربعاء
تحدث مشتكيان في جلسة امس عن قرويين أكراد نقلهم الجيش العراقي الى الصحراء ليعدموا بالرصاص ويدفنوا هناك.
وقال الشاهد الاول انه تمكن من الهروب خلال الليل واختبأ في احد الخنادق التي حفرت خصيصا كمقبرة تقع في حقل كبير. وتحدث الشاهد الذي رفض الكشف عن اسمه من خلف الستار عن كيفية قيام الجيش العراقي بتدمير قريته واعتقاله ومراحل السجن التي مر فيها. ووصف كيف تم نقل رفاقه في المعتقل بشاحنات الى الصحراء من معتقل في مدينة كركوك (260 كلم شمال بغداد) الى ساحات في صحراء في محافظة الانبار غرب العراق. وقال "ان الطريق كان غير معبد وان شاحنتين غرست بالرمال ولم نستطع التحرك وبعد لحظات سمعنا اصوات إطلاقات نارية وصراخ على مسافة بعيدة منا". وأضاف "بعد ان خيم الليل قام الجنود باقتياد مجموعة من المعتقلين ووضعوهم امام السيارة على شكل ثلاثة او اربعة طوابير وترجل السائق وأطفأ نور السيارة الامامي واطلقوا النار عليهم".
ومن جانبها قالت شاهدة تدعى انوار التي كان بين المعتقلين "لقد اديت الشهادة وتهيئت للموت في تلك اللحظة، انه وقت الاستغفار للناس، وكنا مستعدين للموت". واكدت انها تحدت الحراس الذين بدأوا باطلاق النار على المعتقلين بصورة جماعية وهربت . واوضحت "لقد هربت من اطلاق النار وسقطت في خندق كان ممتلئا بالجثث .. وشاهدت الكثير من الحفر (القبور) والكثير من التلال". وقالت "لقد رأيت اناسا مقتولين بالرصاص وكانت الصحراء مليئة بالتلال التي دفن تحتها الضحايا".
المتهمون والتهم في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".