بيار الجميل...رحلة الوداع لعريس لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من بيت الكتائب الى كاتدرائية مار جرجس
بيار الجميل...رحلة الوداع لعريس لبنان
الطريق امتلأت بالامس بصور الشهداء الكثيرة..لن ننسى كُتب على الصور، هل اصبحت ذاكرتنا كبيرة جدًا لتتسع كل هذه الصور على امتداد الوطن؟
صورة جديدة علقت للشهيد الجديد قرب سيارته التي خرقت زجاجها الرصاصات القاتلة القاضية، ربما قضت عليه لكن الحلم لا يزال هو هو.
نصل الى الفوروم دو بيروت، هذا المركز الذي اصبح اسمه ملاصقًا لمواكب السيارات التي تصطف هناك وينزل ركابها مشيًا على الاقدام.
هناك تجمع مئات الالوف من المواطنين، من كل المناطق اتوا، ركنوا سياراتهم وباصاتهم مثلنا وترجلوا مشيًا على الاقدام.
البعض اتى ليعبّر عن اثبات وجود وطنه ومن اجل كل من استشهدوا، هكذا قالت لنا سيدة تحمل العلم على جبينها، ميريام تتردد قبل ان تقول لنا:"نحن هنا كي يعود الوطن، مروان صفير اتى من منطقة الحصون في الشمال ويريد ان يعبّر عن اسفه لان مسيحيًا آخر استشهد في سبيل لبنان ويريد بإصرار ان تتوقف هذه السلسلة الاجرامية.
مع الناس
عندما تمشي بين الجموع تشعر انك كقطرة ماء تجري ضمن شلال كثيف نحو الهدف، فتلاحظ بالكاد الوجود المكثف للجيش اللبناني على الطرقات وتأتيك الاناشيد الوطنية لتجعلك نبضًا صارخًا في جسم بشري يزحف.
الاصوات تتعالى "بدنا التار من لحود ومن بشار"، مصطفى اتى من الشمال ليعبر عن كل شيء وخصوصًا عن هذه المهازل التي تحصل، ومن اجل المحكمة الدولية بالتحديد، لانه اذا لم نجد القاتل فالسلسلة ستستمر.
شارل حلو
وسام اتى من البقاع مع زوجته وابنه ومن منطقة تعلباي بالتحديد، اتى ليعبر عن اصراره على المحكمة، وحرام ان يموت شاب كبيار الجميل، ويجب ان يسقط لحود كي تتوقف الاغتيالات.
الاصوات تعلو كلما تقدمنا من جسر الحلو الى مركز الصيفي في وسط بيروت، والاهازيج تعلو في الحناجر:"ما بدنا جيش بلبنان الا الجيش اللبناني، يا ضيعانك يا بيار قتلوك، العالم كلها مقهورة الله مع السنيورة، تضيق الطريق لنصل الى بيت الكتائب، هنا سيمر بيار، عريس الكتائب للمرة الاخيرة ليلقي نظرة على ما بناه جده، ابن الاستقلال، ليعود ويأخذه هو هذه المرة كي يرقد بارتياح معه فوق في عيد الاستقلال ذاته.
صورة كبيرة للشيخ بيار الجميل راسخة قرب ارزة عالية كتب عليها "فدى لبنان" وصوت للوزير الراحل بيار الجميل يهدر عاليًا في خطابات سابقة.
يصل النائبان السابقان منصور غانم البون وفارس سعيد واعضاء من آل الجميل...الكل بانتظار نعش العريس، والوفود ما تزال تتقاطر بالآلاف.
وصول النعش
وصل النعش محمولا على الاكف وأدخل الى قاعة البيت المركزي ووضع بقرب نعش رفيقه سمير الشرتوني وأحاطت النعشين شخصيات سياسية وحزبية وروحية، وسادت حال من الهستيريا محازبي الكتائب حيث تدافع الرفاق لالقاء النظرة الاخيرة على الرفيق الذي كان.
وودعه أهله في آخر اجتماع حزبي يحضره، وادخلوه الى مكتبه في بيت الكتائب.
الوصول الى الكنيسة
كاتدرائية مار جرجس انتظرت بخشوع مكللة بالورود البيضاء الوزير بيار الجميل لاحتضانه في المشهد الاخير قبل مشواره الاخير قرب الشهداء الابرار لوداع عريس لبنان.
وبعد وصول النعش الى الكاتدرائية احيا المأتم البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير الذي ألقى كلمة جاء فيها كلام وفي للوزير بيار الجميل مشيدًا بموقف الرئيس امين الجميل ومن دعوته للصلاة وعدم الاحتقان، داعيًا العدالة الى اكتشاف الفاعلين.
بعدها قبلت التعازي.
كلمة جنبلاط
ثم القى جنبلاط كلمة قال فيها لن ينالوا منا ومن حظر السلاح كل السلاح، لن ينالوا من مطلبنا للحقيقة والعدالة والمحكمة الدولية، لن ينالوا من تمسكنا بلبنان اولًا، وفوق كل هذا اقول لم اقرأ ولن أقرأ ولم اسمع بيانات الفتنة في هذه اللحظة، نحن مع الحوار، اما انت يا شهيد لبنان والاستقلال والحرية، والكرامة والعنفوان والعدالة يا شيخ بيار امين الجميل، ها انت تلتحق اليوم مع رفاقك شهداء الاستقلال الذين رفضوا التمديد والوصاية، تحية لك يا شيخ امين الجميل يا فخامة الرئيس، تحية لك ولعائلتك ولآل الجميل الكرام تحية للرجال الرجال، ستبقى فينا وتنتصر، عاش لبنان.
الحريري
والقى النائب سعد الحريري كلمة جاء فيها:"السلام عليكم يا اخوتي، السلام عليك يا صديقي الوزير الامير البطل، السلام عليك يا اخي، احملك قبلاتي وسلامي وشوقي الى والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يمتزج دمكما اليوم على ارض واحدة اسمها لبنان، تلتقي روحهما اليوم في سماء واحدة من اجل لبنان ودفاعًا عنه، للمرة الثالثة خلال اقل من سنتين تأتون من كل جهات لبنان الى قلب بيروت البطولة، تعلنون للعالم اجمع ان الوحدة الوطنية التي كرستها دماء رفيق الحريري وبيار امين الجميل، وباسل وسمير وجورج وجبران وكل شهيد من شهداء الاستقلال هي حقيقة راسخة باقية وهذه الوحدة الوطنية اقوى من سلاحهم واجرامهم وارهابهم.
انتفضتم في وجه الوصاية من اجل الحرية والسيادة والاستقلال واليوم تنتفضون مرة ثانية من اجل الحقيقة والعدالة والحياة، وتثبتون للعالم اجمع ان اخوة بيار ورفيق هم الاكثرية في لبنان، وتقولون لمن قال عنكم انكم الاكثرية نحن الحقيقة وانتم الاوهام.
نحن الحرية وانتم الاوهام، نحن الوحدة الوطنية وانتم الاوهام.لهؤلاء نقول اتركوا اوهامكم وعودوا الى الحقيقة والسيادة والوحدة الوطنية، عودوا الى لبنان، سنبقى سنبقى سنبقى حتى معرفة الحقيقة، عشتم عاش بيار امين الجميل عاش رفيق الحريري عاش لبنان.
جعجع
اما قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع فألقى كلمة قال فيها:"يا شعب 14 آذار يا شعب بيار الجميل وجبران تويني ورفيق الحريري وباسل فليحان وجورج حاوي وسمير قصير، ايها اللبنانيون ارادوها مواجهة فلتكن، قوى الخير والسلام في مواجهة قوى الباطل والاجرام، نحن ابناء لبنان فلا يخطئن احد الحساب، ايها اللبنانيون لن نخاف ونهاب شيئًا لن نتعب لن نرضخ لن نستسلم حتى وقف الاجرام في لبنان، ولن يتوقف حتى توقيف المجرم في المحكمة، لذلك ارادوها معركة على المحكمة لكنها ستكون ستكون ستكون ودماء بيار ستزهر حقيقة وعدالة، ايها الصديق الرفيق بشير يا ابن الصديق والرفيق، نم هنيئًا مطمئنًا لان الله سيد التاريخ وصاحب كل حق.
اما اليوم فقد سقط القناع هذه الحكومة هي حكومة لبنان تستمد شرعيتها من مجلسنا، وتستمد شرعيتها من وجودنا ودماء شهدائنا انها حكومة الحرية والسيادة والاستقلال ولن نقبل باستبدالها بحكومة وصاية وقتل واجرام.اذا كان هنالك من لا شرعية حقيقة في لبنان فهي في احضانهم وصفوفهم ورأس حربتهم في قصر بعبدا.
ان التاريخ يمهل ولا يهمل ابدًا.ايها اللبنانيون نعاهدكم اليوم مرة من جديد باننا مستمرون بالرغم من كل شيء حتى قيام المحكمة الدولية مستمرون حتى بلوغ الحق والحقيقة والعدالة وقيام الدولة الواحدة والسلاح الواحد.
نم هنيئًا يا رفيق لاننا جميعا على "الصخر منحفر كتائب" ولان لبنان سيقوم سيقوم سيقوم. عاش الشعب اللبناني يحيا لبنان.
امين الجميل
وتوجه والد الشهيد الرئيس امين الجميل بالكلام الى الجمهور بالقول:" يا احبائي حضوركم اليوم هو بالنسبة لي رسالة واضحة كما حضرتم بالامس بمناسبات مماثلة هي اكثر من رسالة وبمثابة انذار من اجل لبنان وتحقيق السيادة الحقيقية في لبنان في سبيل انجاز الاستقلال واقول لكم كما ان بشير حي فينا كل شهداء انتفاضة الاستقلال احياء فينا اليوم.
استشهاد الرئيس رفيق الحريري هو الذي اشعل انتفاضة الاستقلال ونريد اليوم ان نعاهد نفسنا انانتفاضة الاستقلال الثانية انطلقت اليوم ولا تتحقق الا عندما يحصل التغيير والاصلاح الحقيقي من اجل انتخاب رئيس للجمهورية.
معركة الاستقلال الثانية تعني احقاق الحق، لانه لا يمكن ان يستمر اللبناني من دون عدالة واحقاق الحق .اغتيال حبيبي ابني بيار تحققت الخطوة الاولى اليوم من خلال تناول التحقيق الدولي لاغتياله.
نعاهدكم ان العد العكسي من اجل احقاق الحق وان تتحقق المحكمة الدولية.نحن بصدد الوصول الى نهاية الطريق كي يرجع لبنان وطن الكرامة.
دماء بشير كما بيار وكل الشهداء هو ابن كل واحد منكم، هذا القلب الكبير قلب الطفل فارقنا اليوم لكن روحه معنا وهي الاوكسيجين والمحرك وهي التي ستثبت الايمان والتصميم والارادة الصلبة حتى نحقق كل هذه الاهداف التي من اجلها استشهد الجميع.
تصوير ريما زهار