الحل يرتسم في لبنان والباقي تظاهرة وتفاصيل

لحود ردّ مشروع قانون المحكمة الدولية إيلي الحاج من بيروت: لم يحقق تحالف المعارضة الذي يقوده "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بعد مضي أسبوع على نزوله إلى الشارع والإعتصام هدف التحرك وهو إسقاط حكومة الغالبية النيابية برئاسة فؤاد السنيورة، رغم إبقائه الأبواب مفتوحة على تصعيد يتجلى الأحد بتظاهرة أخرى ضخمة تنقل نسبة عالية من جمهور المعارضة من الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع إلى وسط بيروت. والإخفاق الذي جعل التطلع إلى المخارج ممكناً يعود سببه إلى ثلاثة عوامل رئيسية كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يرى إمكانية تجاوزها:

العامل الأول: هو قبول الأكثرية المتمثلة في القوى المناهضة لسوريا وإيران التحدي وردها عليه بمثله. ولا سيما "تيار المستقبل" الذي التفت حوله مدافعة عن الرئيس السنيورة غالبية الطائفة السنية في لبنان، في وجه ما اعتبرته تعدياً عليها وعلى رموزها. في المقابل لم تنجح الشخصيات السنية التي ماشت "حزب الله" في التخفيف من حدة الإصطفاف السني خلف السنيورة الذي زاده قوة التهجم عليه وكيل الإتهامات في حقه من "حزب الله" وحلفائه. هكذا بدا تأثير هؤلاء الحلفاء السنة في طائفتهم موازياً لتأثير الشخصيات الشيعية التي تناهض "حزب الله" وسياسته، لا أكثر.

العامل الثاني: هو موقف الدول العربية التي كانت متشددة في رفض ما اعتبرته سعياً إيرانيا ً إلى وضع اليد والسيطرة على لبنان عبر قراره السياسي من خلال "حزب الله" حليف إيران في لبنان، خصوصاً في ضوء إعلان مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي الرغبة في "تحويل لبنان ساحة لهزيمة أميركا". وهذا كلام يعني إحباط كل الجهود التي بذلت لإخراج لبنان من الحروب الداخلية والخارجية على السواء وإعادته ساحة صراعات إقليمية ودولية. فضلاً عن أن نجاح هذه التطلعات الإيرانية لا بد أن ينعكس سلباً على الأوضاع في بلدان عربية أخرى، من العراق ومحيطه إلى الأراضي الفلسطينية ودول خليجية أخرى. وقد بدا إستياء السيد نصرالله من هذ الموقف العربي جلياً في حديثه التلفزيوني إلى المتظاهرين الخميس الماضي.

العامل الثالث: هو عدم تمكن الجنرال ميشال عون وتياره من إضفاء طابع "وطني" على التحرك المناهض للحكومة. وبات مسلماً به لدى مراقبي ووسائل إعلام قوى الرابع عشر من آذار أن نسبة ضئيلة من قدرة "التيار العوني" الجماهيرية شاركت في التظاهرة الضخمة والإعتصامات التي تلتها بقيادة "حزب الله". يعود ذلك إلى تحفظ مسيحي عن تحالف الجنرال مع الحزب الذي سمي "ورقة التفاهم " ارتدى طابعاً عارماً تدريجاً ، بدءاً من "حرب تموز/يوليو" التي ترى غالبية ساحقة في هذه البيئة أنها لم يكن لها لزوم وخرج لبنان منها مهزوماً وبخسائر مدمرة، مروراً بجريمة اغتيال الوزير بيار الجميّل التي يتهم المسيحيون تلقائياً النظام السوري بارتكابها، حين أن الموقف التلقائي للجنرال عون كما برز عقب اغتيال النائب والصحافي جبران تويني وغيره من القادة بعد 14 آذار /مارس هو رفض اتهام سورية ومطالبة من يطلقون الإتهامات بأدلة.

ولعلّ رد الفعل الفوري الذي تعرضت له صور عون ومراكز تياره أشار إلى احتقان شديد ضده في بيئته التي لا تتقبل تقليدياً لأي تحالف مع جهة ذات ارتباطات وتطلعات خارجية على حساب سيادة لبنان واستقلاله. وهذا موضوع حساس دفع كثيرين إلى عدم التجاوب مع دعوة الجنرال للنزول إلى الشارع جنباً إلى جنب مع جمهور "حزب الله"، وفوق ذلك، والأهم أن الكنيسة المارونية من خلال البطريرك الماروني نصر الله صفير اتخذت موقفاً معلناً وقوياً ضد النزول إلى الشارع . الأمر الذي جعل التحرك يبدو للمراقبين في نهاية المطاف عملاً شيعياً ضد الرئيس السني المدعوم من طائفته.

ومع إستكمال الطائفة السنية، مدعومة مسيحياً ودرزياً بتشكيلات "14 آذار/مارس" إستعداداتها للدفاع عن حضورها وموقعها في المعادلة، في مقابل إعلان السيد نصر الله إصراره على عدم الإنزلاق إلى الحرب الأهلية وقتالات الشوارع، أصبح حتميا اللجوء إلى الحل السياسي الذي سيبدأ العد العكسي له بعد التظاهرة الضخمة المكررة غداً الأحد . حل تتضح معالمه يوماً بعد يوم ويستند إلى مبادرة الكنيسة المارونية التي قبل بها الجميع، عدا الرئيس لحود لأنها تتضمن تنحيته عن الرئاسة بانتخاب رئاسي مبك، ولا يعطي الأقلية الثلث المعطل بل المشاركة المضمونة ويدخل "التيار العوني" في الحكومة في مقابل استبعاد غير معلن للجنرال عن الرئاسة يجعل أي لبناني من طائفته أقرب منه إلى القصر الجمهوري في بعبدا.