بغداد : مؤتمر المصالحة قارب النجاة الأخير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بين الأمل والتشاؤم ممثلو القوى السياسية يجتمعون غدا
بغداد : مؤتمر المصالحة قارب النجاة الأخير
أسامة مهدي من لندن : ينعقد في بغداد غدا مؤتمر الاحزاب والقوى السياسية العراقية للمصالحة الوطنية وسط مواقف تراوحت بين التشكيك والتفاؤل واعتبار الحكومة العراقية بأنه يمثل قارب النجاة الاخير لتحقيق الأمن وإنهاء الأزمات التي تتعرض لها البلاد .
ويشارك في المؤتمر الذي يستمر يومين 250 شخصية عراقية بينها من تقيم خارج العراق تمثل القوى المعارضة للعملية السياسية والاخرى المنخرطة فيها اضافة الى ضباط كبار في الجيش السابق حيث سيلقي رئيس الوزراء نوري المالكي صاحب مبادرة المصالحة التي اطلقها اواخر حزيران (يونيو) الماضي كلمة في المؤتمر الذي سيناقش قضايا حساسة مختلف عليها . وينعقد المؤتمر بعد تأجيل لمرتين حيث كان مقررا له الالتئام الحادي والعشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي ثم تم تأجيله إلى الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) كما أن قيام وفد المصالحة بجولة عربية الى الامارات ومصر والاردن التقى خلالها عددا من الشخصيات أجله من جديد .
آمال رسمية في نتائج لصالح حل ازمات البلاد
ويرى المالكي ان المؤتمر يهدف الى "تعزيز الوحدة الوطنية والاتفاق على ميثاق وطني يحرم الاقتتال الطائفي ويفتح افاق التعاون مع مختلف مكونات الشعب والاسهام في إخراج الوطن من المرحلة الصعبة التي يجتازها حيث تتكالب عليه قوى الارهاب والمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون والتي تعمل على اشاعة الفوضى في البلاد".
ومن جهته يقول الناطق باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ في مؤتمر صحافي عقده في بغداد ان المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار " ستبقى القوى السياسية العراقية ركيزة للوحدة الوطنية وضمانًا لإنجاح العملية السياسية والمصالحة والوفاق " سيبحث قضايا اجتثاث البعث والفيدرالية والتعامل مع الكيانات المنحلة وبينها الجيش السابق اضافة الى دور دول الجوار في تحقيق الامن في العراق . واضاف ان المؤتمر سيشكل ورش عمل لمناقشة هذه القضايا للخروج بتوصيات ترحل الى الهيئة التشريعية ومجلس النواب لتتحول الى مقررات تحقق مصالحة وطنية حقيقية تتفق عليها الكتل السياسية .
واعتبر الدباغ المؤتمر بانه قارب نجاة اخير لتحقيق الامن وحل ازمات البلاد . وعن مشاركة المجموعات المسلحة في المؤتمر اشار الدباغ الى ان هناك مجموعات تعمل تحت الارض وتعمل على تقتيل العراقيين وهؤلاء يمثلون التكفيريين "المسلحين العرب" والصداميين "انصار النظام السابق من البعثيين" وبذلك فلا يحق لهم المشاركة في المؤتمر . وكانت وزارة الدولة للحوار والمصالحة قد اعلنت انها ستنشر اسماء المشاركين في المؤتمر امس الخميس لكنها لم تفعل لحد الان . ومن المنتظر ان تشارك شخصيات بعثية انسلخت عن الحزب في اوقات سابقة في المؤتمر اضافة الى ضباط من الجيش السابق وشخصيات لها علاقة مع مجموعات مسلحة لم ترتكب اعمالا ارهابية ضد العراقيين .
وقال فالح الفياض عضو الهيئة العليا للمصالحة والحوار الوطني ان بعض مطالب الجماعات المعارضة للعملية السياسية كانت معقولة تتعلق بالحقوق المدنية للمؤسسات المنحلة اضافة الى التأكيد على حقوق الانسان المنتهكة من قبل القوات المحتلة فضلا عن المؤسسات العسكرية السابقة وضرورة وضع حلول ناجعة لها . واكد ان الهيئة قد دعت اكثر من 250 شخصية تمثل قوى سياسية مشاركة في العملية السياسية واخرى غير مشاركة وقوى معارضة، وفصائل مسلحة وقيادات بعثية انفصلت عن حزب البعث العراقي قبل سقوط النظام وعسكرية في الجيش السابق.وقال الفياض لقد اكدنا لهم باسم الحكومة العراقية ان الباب مفتوح لمشاركة اي شخصية لها رؤية سياسية وتستطيع ان تبني البلاد لان العراق بلد الجميع مشيرا الى ان الهيئة قدمت تسهيلات كبيرة تؤمن وصول المدعوين الى العراق بسهولة ويسر ابتداء من الامن وانتهاء بتوفير طائرة خاصة تنقلهم من اماكنهم الى بغداد .
وقد اعتذر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن المشاركة في مؤتمر المصالحة وكلف رئيس بعثة الجامعة في العراق مختار لماني بتمثيله في المؤتمر نظرا لانشغاله في هذا التوقيت . وقد اجتمع في مكتبه الليلة الماضية الرئيس جلال طالباني مع السفير مختار لماني ممثل الجامعة العربية في بغداد.
وقدم السفير لماني عرضا عن جولته في الدول العربية ولقائه عددًا من الشخصيات العربية والعراقية بالاضافة الى عدد من المسؤولين في دول الاتحاد الاوروبي حول مساعي المجتمع الدولي بصورة عامة وجامعة الدول العربية بصورة خاصة لمساعدة العراق للخروج من المأزق الذي يعيشه مؤكدا حرص الجامعة على نجاح مؤتمر المصالحة غدا .
ومن جانبه شرح طالباني وجهات نظر الحكومة حول مساعي إحلال الامن والاستقرار في العراق وكيفية تجسيدها وترجمتها على ارض الواقع . كما تحدث عن زيارته الاخيرة الى ايران واستعدادها في التعاون لإعادة الامن والاستقرار للعراق.
مواقف سياسية .. آملة ومتشائمة ومتحفظة
اما ممثلو القوى السياسية فقد عبروا عن مواقف متباينة من المؤتمر تراوحت بين الرفض والتشكيك والتحفظ على المشاركة.
واعلن مسؤول في هيئة علماء المسلمين ابرز الهيئات الدينية للعرب السنة في العراق ان الهيئة ترفض المشاركة في المؤتمر . وقال محمد بشار الفيضي عضو الهيئة في تصريح صحافي ان "الهيئة لا تشارك في مؤتمر مصالحة مع الحكومة". واضاف "سبقت لنا اكثر من تجربة مع هذه الاطراف في الحكومة وبعد ان وقعوا بيانا عادوا وتنصلوا منه" في اشارة الى بيان مؤتمر القاهرة برعاية جامعة الدول العربية للقوى السياسية العراقية في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005.
اما حزب البعث المنحل فقد رفض في بيان له أي تفاوض مع القوى المنخرطة في العملية السياسية التي يتهمها بالعمالة للمحتل على حد قوله .
ويؤكد الحزب حول مشاركة بعثيين سابقين في المؤتمر ان هؤلاء لايمثلونه ولم يكلفهم بالمشاركة مشددا على استمرار المقاومة المسلحة معبرا عن امال بتحقيق النصر وطرد الاميركيين وحلفائهم من العراق على حد تعبيره .
من جانب اخر قال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان ان الحكومة ارسلت "وفودا الى الاردن ومصر ودولة الامارات لتوجيه الدعوات الى قوى معارضة بمن فيهم بعض البعثيين" مشيرا الى ان "الوفود قالت بعد عودتها الى بغداد ان هذه الشخصيات وعدت بالحضور".
وقال قصي عبد الوهاب النائب عن كتلة الائتلاف الشيعي ان نجاح المؤتمر يعتمد على طبيعة الحضور ونوايا المشاركين فيه مقراً بأنه اقوى من باقي المؤتمرات لأنه مدعوم من جميع الجهات السياسية والهيئات الرئاسية كما انه مؤتمر شامل وليس متخصصا بشريحة اجتماعية معينة مثل باقي المؤتمرات السابقة حول قضية المصالحة في اشارة الى مؤتمري العشائر ومنظمات المجتمع المدني اللذين عقدا الشهرين الماضيين .
كما اعتبر النائب حميد مجيد موسى المؤتمر خطوة لتوحيد الجهود لبناء العراق الديمقراطي. وقال موسى عضو قائمة العراقية الوطنية رابع أكبر كتلة برلمانية و يترأسها الدكتور أياد علاوي رئيس الوزراء السابق ان المؤتمر "سيكون لتصفية الخلافات والتباينات التي حالت حتى الان دون توحيد القوى لبناء العراق الديمقراطي وهذا ما يتطلب حوارا مسؤولا بين كل الاطراف المشاركة."
وعبر عمر عبد الستار من قائمة التوافق السنية في تصريح لوكالة انباء اصوات العراق عن اعتقاده بعدم خروج المؤتمر بنتيجة لعدم مشاركة الاطراف المعارضة للعملية السياسية مشيرا الى ان المؤتمر "خطوة دون المستوى بكثير وغير كافية بالمرة لاعادة التوازن للعملية السياسية او تخليص البلد مما وصل اليه من مأزق خطر يهدد خارطته السياسية والاقتصادية وربما حتى مستقبله." وقال "سنحضر لكننا لانتوقع منه الكثير , المدعوون ومن سوف يحضرون لن ينتج منهم الا شيء اعلامي لاعلاقة له بأرض الواقع لان الرافضين واضحون "المقاومة الوطنية الراشدة الشريفة" والتي تتبرأ من الارهاب وتستنكره والتي سلبها الارهاب وجهها الناصع." واضاف ان "هيئة علماء المسلمين والتي لها توجه سياسي رافض للاحتلال وللعملية السياسية والتي تطالب بعملية سياسية بمعايير دولية لم تدع أو لم تجد في المبادرة ما يجذبها وبالتالي هناك أطياف مؤثرة في الساحة العراقية لم تدع." وقال "المشكلة أن من يشارك في العملية السياسية يريد فرض شروط على من لم يشترك وبالتالي يبقى مشروع المصالحة متعثرا ومتأخرا مع تردد في اتخاذ قرار حقيقي يعيد التوازن للعملية السياسية."
ومؤتمر الاحزاب والقوى السياسية غدا هو احد اربعة مؤتمرات مقررة في اطار المصالحة الوطنية وعقد منها اثنان هما مؤتمر العشائر ومؤتمر منظمات المجتمع المدني. ويعتبر المؤتمر الثالث للمصالحة هذا نتيجة جهود استمرت لأشهر من العمل التي تجولت فيها وفود حكومية عراقية في العواصم العربية مثل القاهرة ودبي وعمان والتقت أعضاء سابقين من نظام صدام حسين ومن الذين كانوا إما مرتبطين مباشرة أو بشكل غير مباشر بالمقاومة المسلحة .