دفن جثمان صدام حسين في قرية العوجة فجراً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
روبرت فيسك: ذهب بأسراره... تواطؤنا مات بموته
دفن جثمان صدام حسين في قريةالعوجة فجراً
تكريت (العراق)- لندن- الوكالات: سيتذكر العراقيوناليوم ما قبل الاخير من العام 2006.. يوم طويت فيه حقبة مهمة من تاريخ العراق وشهدتنفيذ حكم الإعدام شنقا بالرئيس العراقي السابق صدام حسين... يومتزامن أيضا مع أول أيام عيد الأضحى، الأمر الذيأشعل جدلا حول توقيت تنفيذ حكم الإعدام، وأثار موجة من ردود الفعل المؤيدة والمنددة. وفي الساعة الرابعة من فجر اليوم... آخر أيامالسنة، دفن جثمان صدام حسين في قرية العوجة(قرب تكريت) التي احتضن ترابها نجلا صدام اللذان قتلتهما القوات الأميركية في عام 2003، عدي وقصي. وفيما اعتبرته واشنطن "مرحلة مهمة" نحو الديمقراطية، رأى الفاتيكان فيه "خبرا مفجعا"، واستهجنته المملكة العربية السعودية،وذكرت دول اخرى بمعارضتها لهذه العقوبة.وأفردت الصحف البريطانيةعددا كبيرا من صفحاتها وتعليقاتها على إعدام صدام، وكتب روبيرت فيسك يقول: "لقد أخرسناه. فبمجرد أن أنزل الجلادون الملثمون كمين المشنقة صباح أمس، كانت أسرار واشنطن في مأمن".
دفن صدام حسين
وقال موسى فرج المقرب من عائلة صدامحسينأن الرئيس العراقي السابق صدام حسين دفن عند الساعة الرابعة (الواحدة بتوقيت غرنتش)من فجر اليوم الأحد في قرية العوجة"بالقرب من تكريت. واضاف ان "موقع القبر هو بناية مخصصة لاقامة مراسم عزاء للمتوفين بنيت وسط قرية العوجة ابان حكم صدام حسين".واوضح فرج الذي شارك في مراسم الدفن ان "الاميركيين ارادوا ان يتم دفنه باسرع وقت ممكن".
وكان المصدر نفسه اعلن في وقت سابق ان جثمان صدام حسين سلم ليلة السبت الاحد في بغداد الى وفد يضم شيخ عشيرة بو ناصر التي ينتمي اليها الرئيس العراقي المخلوع. وقال فرج ان "وفدا يضم خصوصا محافظ صلاح الدين حمد حمود الشكطي ورئيس عشيرة بو ناصر علي النادي توجه ليلا الى بغداد لنقل جثة صدام".
من جانبه، أعلن علي الندا - وهو شيخ عشيرة البوناصرة التي ينتمي إليها صدام - انعملية الدفن في قطعة ارض للعائلة تمت في الصباح الباكر بعد اقل من 24 ساعة من اعدام صدام شنقا لارتكابه جرائم في حق الانسانية.
الصحف الاوروبية
واعتبرت غالبية الصحف الاوروبية الصادرة اليوم الاحد ان اعدام صدام حسين لا يحل شيئا من المشاكل التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر. وافردت الصحف البريطانيةعددا كبيرا من صفحاتها وتعليقاتها على إعدام صدام.
وفي تقرير امتد على صفحتين في الاندبندنت أون صنداي، نشرت الصحيفة تحت العنوان "ذهب بأسراره الى القبر: تواطؤنا مات بموته"، كتب روبيرت فيسك يقول:" لقد أخرسناه. فبمجرد أن أنزل الجلادون الملثمون كمين المشنقة صباح أمس، كانت أسرار واشنطن في مأمن".
ويضيف فيسك قائلا إن الدعم " الشائن و المخزي والمتستر" الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا خلال عشر سنوات قصة فظيعة لا يريد قادتنا أن يتذكرها.
ويمضي فيسك معددا أوجه التعاون العراقي الأميركي على عهد صدام حسين، ابتداء من "الدعم الشخصي الذي تلقاه من وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، للقاضاء على الحزب الشيوعي العراقي" وانتهاء بالمؤازرة التي حظي بها خلال الحرب العراقية الإيرانية.
ويشير فيسك في هذا الصدد، إلى اللقاءات التي جمعت الرئيس العراقي الراحل مع كبار المسؤولين الأميركيين عشية اندلاع هذه الحرب. كما يذكر ما توصل إليه من معلومات عن صور لمواقع إيرانية التقطت بالأقمار الاصطناعية، سلمها البنتاغون للعراقيين' بداية حرب الخليج الأولى.
ويلمح الكاتب كذلك إلى الأسلحة الكيماوية التي استخدمها الجيش العراقي ضد الجنود الإيرانيين قبل ست وعشرين سنة. و يختم فيسك مقاله بالقول:" تنفس العديد في واشنطن ولندن الصعداء ارتياحا بعد أن أُخرس الرجل الشيخ إلى الأبد".
"عدالة المنتصر"
وتتساءل جون سميث في الإندبندنت أيضا عن مدى تقيد هذا الحكم بالمعايير الأخلاقية، فترد في عنوان مقالها التعليقي:" إنه مجرد جريمة قتل مباركة رسميا". وتستنكر الكاتبة "السلوك الجبان للحكومة البريطانية" في إشارة إلى صمت رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وإلى التعليقات "المتخاذلة" لحكومة لندن التي تناهض حكم الإعدام.
وتقول إنها صفعة أخلاقية نظرا لأن السيد توني بلير خاض حرب العراق على أسس أخلاقية، ولإحلال نظام في العراق أفضل من النظام البعثي.
ويرد جون رنتول زميل الكاتبة في نفس الصحيفة معارضا: "هناك مبدأ أعلى هو احترام إرادة الشعب العراقي الذي صوت على دستور وضع أسس النظام القضائي العراقي". ويختم الكاتب مقاله بالقول إن بلير محق في رفضه الاعتذار على المساهمة في الإطاحة بـ"الديكتاتور"، ما دام " يعتبر العراقيون أن الاحتلال وما تلاه أمر مقبول ما دام أدى إلى التخلص من صدام."
وتعلق نفس الصحيفة على حدث إعدام صدام حسين، فتعتبر أن محاكمته من قبل هيئة قضائية عراقية كان خطأ؛ وأن: "التعجيل بإعدامه يبث الشك في أن الهدف من وراء ذلك هو تطبيق القانون". وتُختتم الافتتاحية بتساؤل عن جدوى المحاكمة وتنفيذ حكم الإعدام على المتهم، لتأكيد قوة القانون الدولي. ففي رأي الصحيفة لم تفلح هذه العملية سوى في تكريس نظرة السنة العراقيين، والعالم العربي إلى أن الأمر برمته هو "حكم الغالب"
" فرصة للتغيير"
و تعلق صحيفة الأوبزيرفر على جدوى تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي المخلوع فتقول إن ذلك لن يغير من الوضع الأمني المتدهور شيئا. "فالمسلحون لا يقاتلون إحياء لذكرى الديكتاتور الراحل، بل سعيا لضمان مستقبلهم".
وتعتبر الصحيفة أن اعتقاد الإدارة الأميركية أن إعدام صدام خطوة نحو الديموقراطية خطأ، اللهم إذا قرر البيت الأبيض تغيير خطته من أجل العراق. وتنصح الصحيفة الولايات المتحدة بالدخول في مفاوضات مع النظامين السوري والإيراني على الرغم من أن ذلك سيكون قرار صعبا ومزعجا.
" فسوريا هي القاعدة الخلفية للحركات المسلحة -حسب الصحيفة- و إيران صارت المستفيد الأكبر من غزو العراق." في نفس الصحيفة، يعبر جايسون بورك، عن "ارتياحه لإعدام صدام، من أجل كل الذين قتلهم."
لكن سعيد أبو الريش يرى: "أن تنفيذ حكم الإعدام كان قرارا يفتقر إلى الحكمة، وأن العراق هو الذي سيؤدي الثمن."
" بسرعة "
خصصت الصنداي تايمز، كما نظيراتها صفحتها الأولى للحدث، وخصصت تقرير الصدر لآخر لحظات الرئيس العراقي المخلوع.
وقالت صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية اليمينية انه "سيكون من السذاجة الاعتقاد بان هذا الاعدام قد ينهي اعمال العنف المذهبي الذي يضرب العراق منذ قلب الائتلاف بقيادة اميركية صدام في اذار/مارس 2003". واضافت الصحيفة في تعليقها ان الاعدام يمكن ان "يحمل في طياته بداية الانفصال اللازم بين الموالين لحزب البعث الذي قاد العراق طول ثلاثة عقود وبين الاسلاميين المتطرفين". وتابعت الصحيفة ان "الاعدام حرم بشكل نهائي الموالين لحزب البعث من اي امل باعادة احياء حزب البعث بحد ذاته (...) وفي حال قرر هؤلاء سلوك الطريق السياسي فسيكون بامكان الحكومة التركيز على حملتها على الجهاديين الاجانب والمتطرفين الدينيين".
من جهتها قالت الاوبزرفر اليسارية ان رئيس الحكومة توني بلير قد يتمكن من اقناع جورج بوش بتجاوز تحفظه على اشراك سوريا وايران في السعي لانهاء العنف في العراق.
ويروي جون سيمبسون، الذي يشتغل محررا للشؤون العراقية منذ 25 سنة، شهادته عن صدام حسين فيقول إنه " واجه الموت بجلد وهدوء. لقد كانت نهاية ميلودرامية لحياة من التحدي والمواجهة؛ أداء أخير لكي يصبغ على نفسه طابع الشهادة."
وترى الصحيفة في افتتاحيتها تحت عنوان" الجريمة والعقاب": أن الجدال حول مدى صواب إعدام الرئيس العراقي السابق "جدال في غير محله، لأن موته حادث على هامش العنف و الفوضى في عراق اليوم، وهما منتجين من منتجات نظامه الدموي."
وفي ختام الافتتاحية تقول الصحيفة: لقد أراد صدام أن يكون جمال عبد الناصر آخر... لكن نتيجة سياساته كانت استقدام قوات غربية إلى العربية السعودية، و تحول العراق إلى ساحة للصراع بين إيران والولايات المتحدة. هذه النتيجة هي حكم في أقصى درجات الإدانة لصدام."
صحيفة الباييس الاسبانية كتبت ان "الحكومة العراقية حاولت من دون ادنى شك الحد من تداعيات موته على الصعيد الشعبي الا انها في النهاية وقعت في الاغراء السهل (...) لكن هذا البلد العربي ليس في وضع افضل كما ان مستقبله ليس واعدا اكثر مع تصفية رجل تكريت". واضافت الصحيفة الاسبانية "مع الشنق المتشرع للطاغية (...) لم تفوت بغداد فقط فرصة اثبات شهامة يحتاج اليها العراق بشدة (...) بل فوتت امكانية محاكمة صدام لجرائمه ضد الانسانية".
الى ذلك اعتبرت صحيفة بيلد ام سونتاغ الالمانية التي تصدر الاحد ان الوقت ليس ل"الابتهاج" ولا ل"الارتياح" لان "موت صدام لا يسوي اي من المشكلات التي خلقتها الحملة العسكرية ضده".
وتساءلت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش الفرنسية على صفحتها الاولى "وبعد؟" مضيفة "ان ادانة صدام حسين لا تغير شيئا على الارض".
صدام في لحظاته الاخيرة
غرفة داكنة... درج حديدي يؤدي الى منصة يتدلى فوقها حبل غليظ... هذه كانت آخر الخطوات التي مشاها صدام حسين على الأرض موثق اليدين محاطا بأربع رجال ملثمين يرتدون الملابس المدنية.
لم يكن أي من الحاضرين الذين ظهروا في نسخة فيلم الإعدام هذه التي بثتها وسائل الإعلام طيلة يوم امس يرتدي زيا رسميا مميزا.
يضع احد اؤلئك الرجال قطعة قماش سوداء حول رقبة صدام، ثم يبدأ في لف حبل المشنقة حولها يساعده رجل آخر في شدها وإحكامها.
في هذه الأثناء يهبط رجل خامس كان في المنصة نازلا الدرج الحديدي حيث كان يقف رجل سادس غير ملثم في أسفله، لكن ملامحه لم تكن واضحة، بينما بدا أنه يرتدي الكوفية الحمراء فوق رأسه.
في هذه اللحظة بدا أن هناك آخرون لم يظهروا في الشريط المسجل، بينما بدا أن بعض الأنوار كانت تضيء للحظات ثم تختفي، دلالة على وجود مصورين فوتوغرافيين، فضلا عن كاميرات الفيديو.
وبينما كان وثاق الحبل يشد على عنق صدام قبل إعدامه، يقول صدام: "يا الله"، ثم يردد أحد الحضور:" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد"، ثم يردد بعضهم بعده نفس العبارة، ويتبعونها بالقول: "وعجل فـَرَجَهُم والـْعَن عدوهم".
وفي الحال يردد شخص آخر اسم "مقتدى" ثلاث مرات (في إِشارة على ما يبدو إلى الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر) وهنا يقول صدام، الذي كان يقف بهدوء ورباطة جأش: " هيه هاي المشنقة... مشنقة العار" بينما كان يقاطعه أحد الحضور بقوله: "إلى جهنم".
وبعدها يصيح أحدهم: "يعيش محمد باقر الصدر"، ثم يكرر آخر: "إلى جهنم"، وهنا يعلو صوت أحدهم قائلا: "رجاء لا..بترجاكم لا..الرجل في إعدام".
وبعدها يبدأ صدام حسين بتلاوة الشهادتين: "أشهد أن لا إله وأشهد أن محمد رسول الله" واللتين يتلوهما المسلم عادة عندما يعرف أن منيته قد أزفت.
ثم يسمع صوت جلبة، ويكرر صدام تلاوة الشهادتين، وقبل أن يكمل الشطر الثاني منها، يسمع صوت مدو يهوي معه جسد صدام ويختفي في فتحة تحت قدميه، وهنا تتعالى أصوات الحاضرين: "اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد."
ويسارع أحد الحاضرين إلى الهتاف بكلمتين: "سقط الطاغية".
وهنا تسود أصوات هرج ومرج، وبدا أن الحاضرين يسرعون إلى أسفل منصة الشنق لتفقد جثمان صدام الذي بدا رأسه متدليا تحت سطوع نور الكاميرات ناظرا لأعلى وقد التف حبل المشنقة حول رأسه.
وبينما كان بصيص بريق الحياة يخبو من عينيه سريعا وأثار دماء تغطي وجهه صاح آحد الحاضرين ( على ما يبدو أنه طبيب) بالبقية ليتركوه خمس أو ست دقائق للتأكد من وفاته.
وهنا يتواصل صياح الحاضرين وتلمع في المكان أضواء الكاميرات تلتقط صورا لجثمان صدام والروح تفارقه، وتتعالى أصوات بعضهم تحث آخرين على عدم الاقتراب. ولاحقا بدت جثة صدام ممددة على الأرض ملفوفة بكفن أبيض، بينما ظهر أنه وضع على طرفه الأيسر وقد فارق الحياة، لتطوى بذلك مرحلة من مراحل العراق.
بيان عائلة صدام
وكانت أسرة صدام أعلنت في بيان أمس انه بعد ان تسلمت "وصية الرئيس الشهيد من محامييه الذين التقوه يوم 29-12-2006 بأن يدفن في العوجة او الرمادي وترك سيادته تقدير ذلك لكريمته السيدة رغد صدام حسين. "ولظروف خاصة بالعائلة والوضع الامني السائد في العراق قررت مواراته الثرى في مدينة الرمادي".
وتقع الرمادي على بعد 110 كيلومترات غربي بغداد.
الصحف الخليجية: "استهجان"
واعربت الصحف الخليجية اليوم الاحد عن "الاستهجان" و"الاستغراب" ازاء اعدام صدام حسين في اول ايام عيد الاضحى اثر محاكمة اعتبرتها "مسيسة" وسط تساؤلات عما اذا كان اعدام الرئيس العراقي السابق سيساعد العراق.وتساءلت صحيفة الوطن السعودية "هل إعدام صدام حسين سيعيد الأمن والاستقرار إلى العراق، كما هل الإعدام سيسرع من انسحاب قوات الاحتلال من أراضي الرافدين؟".
واضافت الصحيفة "كان من المتوقع أن تستمر محاكمة صدام (..) مدة أطول، وأن تتم مداولات مفصلة وإجراءات قانونية محكمة ودقيقة وبعيدة عن التسييس".
واضافت "الوطن"، "إلا أن ما ارتأته تلك المحكمة وما صدر عنها، وتنفيذ حكم الإعدام بالسرعة التي تم بها وخاصة في الأشهر الحرم وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك، ترك لدى الأوساط السعودية والعربية والإسلامية شعورا بالاستغراب والاستهجان".
اما صحيفة "عكاظ" السعودية فكتبت "لم يكن لأحد ان يتصور أن يعدم رئيس عراقي سابق بعد محاكمة قصيرة وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك (..) ولم يكن أحد يتصور أن لا ينظر باحترام الى مناسبة عظيمة مثل العيد لها هيبتها ومكانتها في نفوس وضمائر المسلمين".
من جهتها، كتبت صحيفة "الجزيرة" السعودية تحت عنوان "تسييس المحاكمة وتوقيت الاعدام"، "كنا نتمنى لو أن محاكمة عادلة وغير مسيّسة أجريت للرئيس العراقي السابق صدام حسين، تكون مرجعية لأي محاكمات مماثلة قد تجري مستقبلاً لآخرين غير صدام حسين، وبالتالي نعتبرها سابقة نباهي بها كعرب ومسلمين أمام العالم".واضافت "إننا لا ندافع عن الرئيس السابق صدام حسين، ولا نعفيه من أخطائه، لكننا كنا نتمنى لو أن مثل هذه المحاكمة جرت دون أي دور أو تأثير أو علاقة في مجرياتها ومساراتها من قبل أي من خصومه، مثلما تمنينا لو أنها تمت بعد خروج المحتل من الاراضي العراقية".
اما صحيفة "الراي العام" الكويتية فكتبت "نتمنى ان تطوى، باعدام صدام حسين، صفحة الموت في العراق والمنطقة وان يفتح دفتر الحياة كل صفحاته لقيم العدالة والسلام والحرية".واضافت "اعدام صدام ليس النهاية لحقبة مظلمة ادخلت العراق والعراقيين نفقا مليئا بالمغامرات والاعتداءات (...) لكنها البداية لعهد جديد سيكون بالفعل نموذجا حضاريا اذا احسن العراقيون اغتنام الفرصة والتقاط اللحظة التاريخية".وتابعت ان "اعدام صدام يجب ان يترافق مع اعدام القيم التي ارتوى منها صدام والا فسنكون امام رحيل شخص وبقاء نهج".
اما القبس الكويتية فكتبت "اقتصت العدالة في العراق من صدام حسين على كل جريمة ارتكبها، فأخذنا بعضا من حق شهدائنا الذين قضوا على يدي نظامه المجرم" في اشارة الى ضحايا الغزو العراقي للكويت عام 1990.
من جهتها، كتبت صحيفة "الراية" القطرية "ان المحاكمة في أصلها سياسية وان هدفها تنفيذ عقوبة الاعدام في حق صدام مهما كانت نتائجها، والا فكيف تقرر الحكومة خلال أقل من 24 ساعة تنفيذ حكم الاعدام ولم تمنح هيئة الدفاع فرصة الاعتراض".واضافت "ان اعدام صدام بالطريقة السريعة التي تمت بها تدل على ان واشنطن هي التي تخطط وتدير الامور وان الحكومة العراقية مجرد منفذ للاوامر". وتابعت "ان الكثير من العراقيين سينظرون الي صدام بسبب الطريقة التي تمت بها اعدامه بانه +بطل قومي+ وسيزيد من المؤيدين له ويضع الحكومة في موقف محرج".
ردود فعل عربية ودولية
السعودية
وعلى صعيد ردود الفعل على تنفيذ الاعدام، وزعت "وكالة الانباء السعودية" (واس) الرسمية تعليقاً، كتبه المحلل السياسي فيها. وجاء فيه "راقبت الأوساط السعودية والعربية والاسلامية بإهتمام أخبار اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك. وتابعت ردود الفعل التي أعقبت عملية الاعدام بين مؤيد ومستنكر ومتحفظ ومستدرك على عقوبة الاعدام. وقبلها كانت محاكمة الرئيس صدام حسين محل رفض ومتابعة من هذه الأوساط وما مرت به المحاكمة من تغيير للقضاة وظروف الاحتلال التي أجريت المحاكمة في ظلها وما تزامن معها من سيادة أعمال العنف الطائفي والمذهبي والخلاف السياسي على الساحة العراقية".
واضاف التعليق: "كان من المتوقع لدى كثير من المتابعين والمراقبين أن تستغرق محاكمة رئيس سابق حكم العراق لعقود من الزمن وقتاً أطول ومداولات مفصلة وإجراءات قانونية محكمة ودقيقة وبعيدة عن التسييس. كما ساد شعور بالاستغراب والاستهجان أن يأتي تنفيذ الحكم في الشهور الحرم وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك الذي تتجسد فيه وحدة المسلمين ويسود التقارب بينهم، وملايين الحجاج منهم تلتقي على صعيد مبارك واحد تبحث عما يوحدها لا عما يذكرها بما يفرقها. كما أن ملايين المسلمين تنتظر أن ينظر العالم كله، لا القيادات السياسية في الدول الإسلامية فقط ،باحترام لهذه المناسبة العظيمة وهيبتها ومكانتها في نفوس وضمائر المسلمين لا أن يستهان بها".
الأردن
وفي عمان، اعرب الناطق باسم الحكومة ناصر جوده امس عن امل الحكومة الاردنية بان لا تكون هناك "تداعيات سلبية" جراء تنفيذ حكم الاعدام من شأنها ان تؤثر في وحدة شعب العراق وتماسكه. واكد لوكالة الانباء الاردنية (بترا) مسؤولية العراقين جميعاً في الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً مجدداً دعوة الحكومة الاردنية الى نبذ العنف والتطلع الى المستقبل.
مصر
وفي القاهرة أعربت وزارة الخارجية عن الأسف لتنفيذ الحكم بصدام في أول أيام عيد الأضحى وأثناء أداء مناسك الحج من دون مراعاة لمشاعر المسلمين أو حرمة هذا اليوم الذي يمثل مناسبة للعفو والتسامح. وقال الناطق باسم الخارحية المصرية علاء الحديدي "نأمل في ألا يؤدي تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي السابق في هذا التوقيت، الذي يمر فيه العراق بلحظات فارقة بعد فترة وجيزة من مؤتمر المصالحة الوطنية الذي عقد في بغداد منذ أيام قليلة، إلى مزيد من التدهور في الأوضاع وإذكاء روح الانتقام والثأر.
دمشق
ولم يصدر في دمشق اي تعليق رسمي على إعدام صدام، في وقت رحبت الكويت واسرائيل وايران. ودانت الاعدام حركة "حماس" واعتبرته "اغتيالاً سياسياً". كما دانته الجبهة الشعبية. ووصف الاتحاد الاوروبي اعدام صدام شنقاً بـ"الهمجية"، فيما اعتبره الرئيس جورج بوش "خطوة مهمة للعراق". وانضمت موسكو الى بروكسيل في معارضتها الإعدام وأعربت عن أسفها لذلك وخشيتها من تزايد أعمال العنف، في وقت حذر مسؤول برلماني روسي من إنعكاسات تنفيذ هذه العقوبة على العراق والمنطقة بأكملها.
الاتحاد الأوروبي ... عمل "همجي"
وأدان الاتحاد الاوروبي اعدام صدام حسين ووصفه مفوض اوروبي بأنه عمل "همجي" قد يحول الرئيس العراقي السابق الى شهيد. وفيما يسلط الضوء على خلاف رئيسي مع الولايات المتحدة، قالت فنلندا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي وعدد من كبار مسؤولي المفوضية الاوروبية ان الاتحاد يعارض عقوبة الاعدام كمبدأ وما كان ينبغي ان يشنق صدام في بغداد في الفجر على الرغم من جرائمه. وقال وزير خارجية فنلندا أركي تيوميويا لتلفزيون (واي.ال.اي) "الاتحاد الاوروبي له موقف ثابت ضد استخدام عقوبة الاعدام وما كان ينبغي أن تستخدم في هذه الحالة أيضا رغم أنه لا يوجد شك في أن صدام مذنب بارتكاب جرائم خطيرة للغاية ضد الانسانية."
وتخلت دول الاتحاد الاوروبي من فترة طويلة عن عقوبة الاعدام وتؤيد حظرا شاملا على تطبيقها بينما قال الرئيس الأميركي جورج بوش الذي اشرف على العديد من عمليات الاعدام اثناء توليه منصب حاكم ولاية تكساس ان شنق صدام حسين هو "حدث بارز على طريق العراق لان يصبح دولة ديمقراطية". وقال لوي ميشيل عضو المفوضية الاوروبية انه يعتقد أن عقوبة الاعدام تتعارض مع الديمقراطية التي يحاول قادة العراق بناءها. واضاف ميشيل وهو وزير خارجية بلجيكي سابق لرويترز "لا يحارب المرء الهمجمية بأعمال أعتبرها همجية. عقوبة الاعدام لا تتفق مع الديمقراطية."
واضاف ميشيل الذي يشغل منصب مفوض المعونة والتنمية في الاتحاد الاوروبي لرويترز بالهاتف "من دواعي الاسف ان هذا ينطوي على مجازفة بان يبدو صدام حسين شهيدا وهو لا يستحق هذا. فهو ليس شهيدا بل انه ارتكب افظع الامور". غير ان الشخصيات البارزة في الاتحاد الاوروبي كانت حريصة على الا تبدو كما لو كانت تعفو عن صدام حسين او توجيه انتقادات للسياسة الاميركية والعراقية.
وقالت بنيتا-فيريرو فالدنر مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية الاوروبية "بينما يعارض الاتحاد الاوروبي الاعدام كمسألة مبدأ فان محاكمة صدام ومعاقبته تعني ان اولئك الذين يرتكبون جرائم ضد الانسانية لايمكنهم الفرار من العدالة". وقالت في بيان "امل ان يجد كل الزعماء العراقيين الان الحكمة والشجاعة لتوحيد قواهم لانهاء العنف وبناء مستقبل من الاستقرار والرخاء لبلادهم وشعبهم".
استمرار أعمال العنف في العراق
وتزامن اعدام صدام مع سقوط 86 قتيلاً في سلسلة عمليات، بينهم 73 قضوا في تفجيرات إستهدفت حياً في بغداد وسوقاً شعبية انتقاماً لشنق صدام، في حين إرتفعت حصيلة قتلى القوات الأميركية هذا الشهر الى 106 اثر الاعلان عن مقتل ستة جنود أميركيين، ما يجعل هذا الشهر ثاني الشهور دموية بعد تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2004 وليصل عدد القتلى الاميركيين منذ غزو العراق الى 2998 جندياً