أخبار خاصة

لبنان يتابع إعدام صدّام والتداعيات بصمت

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بلاد تخيفها أشباح العراق المذهبية
لبنان يتابع إعدام صدّام والتداعيات بصمت

إيلي الحاج من بيروت: اكتفى لبنان دولة وأحزاباً وطوائف بوضع المتابع التلفزيوني لأخبار إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وتداعياته، فلم يصدر في بيروت أي رد فعل أو تعليق ، باستثناء إشارة في الخطبة الأسبوعية للمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله ، وصف فيها صدام بأنه كان طاغية، وذلك في معرض تحذيره من المخططات الأميركية وإثارة الغرائز مذهبياً مما يؤدي إلى فتنة بين المسلمين . وكان بعض أنصار حزب البعث العراقي الذي ألغت السلطات اللبنانية ترخيصه منذ أعوام أطلقوا قبل أشهر تسمية جديدة على أنفسهم هي حزب "طليعة لبنان العربي" بقيادة عبد المجيد الرافعي، النائب السابق عن طرابلس الذي لجأ إلى بغداد طوال مرحلة السيطرة السورية المباشرة على لبنان ولم يعد إلى بلادهإلا مع سقوط البعث العراقي وتقاربه مع الجناح السوري الحاكم في سورية. وقد أصدر هذا الحزب بياناً عشية إعدام صدام حذر من تنفيذ الحكم القضائي في حقه، ودعا "شعبنا في لبنان والوطن العربي، والمؤسسات العربية والدولية، ومنظمات العفو وحقوق الانسان، إلى رفع الصوت عالياً، وممارسة اشكال الضغوط على المحتل الاميركي وعملائه حكام العراق".
لكن"طليعة لبنان العربي" الذي يقتصر أنصاره على العشرات لم يصدر عنه أي موقف بعد إعدام صدّام.
ويعود الصمت اللبناني على هذا الحدث إلى أسباب عدة . أولها إن البعث العراقي لم يعد له أنصار فاعلون في الحياة السياسية اللبنانية منذ زمن طويل ، ثانيها إن المسلمين الشيعة في غالبيتهم التي يمثلها "حزب الله" يعتبرون صدام مجرماً في حق أبناء طائفتهم في العراق والجمهورية الإسلامية في إيران ويكنون له بغضاَ ، لكنهم يحرصون على ألا تكون أميركا وحلفاؤها المستفيدين من انطواء صفحته.ثالثها إن السنة الذين يمثلهم في غالبيتهم "تيار المستقبل" وحلفاؤه يقفون إقليمياً في موقع المملكة العربية السعودية ومصر ودول الخليج التي تنظر إلى صدام كمتسبب بنكبات وكوارث للعرب والمنطقة. ورابعها إن المسيحيين الذين ساهم صدّام في تسلحهم قبل انتهاء حرب لبنان بين 1988 و1990 عبر ميليشيا "القوات اللبنانية" آنذاك ووحدات الجيش التي كانت موالية للجنرال ميشال عون فهم أبعد عن الإلتقاء عقائدياً وسياسياً مع صدام وعقيدته البعثية، وكل ما كانت عليه علاقتهم به في تلك المرحلة مجرد التقاء مصالح ظرفي، إذ قدم لهم السلاح ليتمكنوا من متابعة قتالهملجيش خصمه البعثي الآخر الحاكم في دمشق والذي كان يحتل لبنان. وكان موّل وساهم في حقبات سابقة خصومهم من تنظيماتوميليشيات يسارية وإسلامية وقومية وفلسطينية على أنواعها.
ويذكر في السياق أن الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميّل كان التقى صدّام حسين في بغداد قبل إنطلاق الهجوم الأميركي البري على العراق بأيام في إطار وساطة أخيرة، حملها على عاتقه، بين واشنطن والرئيس السابق المعدوم . وهو لم يفصح بعد ذلك عما جرى في لقائهما، لكن قريبين منه نقلوا عنه كلاماً لصدام مفاده أنه فخخ أرض العراق ب"القاعدة" وتنظيمات إسلامية ومذهبية متطرفة لتنفجر في وجه الأميركيين. وهذا ما حصل فعلاً، لكن صدّاما لم يتمكن من الإفلات كما أن التنظيمات التي تمارس العمليات ضد الجيش الأميركي ومؤسسات الدولة العراقية الأمنية والمدنية لم تستطع أن تتحوّل مقاومة وطنية وغرقت في عنف طائفي ومذهبي تكفيري وأعمى.
والخلاصة في يخص موقف اللبنانيين من صدّام أن الرجل لم يعد يعنيشيئاً منذ انتهاء حربهم الداخلية باتفاق الطائف، وإن كان قد داعب مشاعر بعض القوميين والإسلاميين فيهمعندما أطلق بعض صواريخه في اتجاه إسرائيل بعد غزوه للكويت.
لكن فئات من اللبنانيين تخشىاليوم خشية عظيمة أن ينسحب ما يجري في العراق من اقتتال مذهبي على بلادهم الشديدة التعدد والتنوع والتلوّن، خصوصاً إذا ما تفاقمت الأزمة السياسية الداخلية التي يقف فيها السنة والشيعة على طرفي نقيض من الحكومة التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة التي يتطلع "حزب الله" وحلفاؤه إلى إسقاطها بأي وسيلة باستثناء العنف، في حين يقف بجانبها جمهور سني متراص مدعوم كلياً من الطائفة الدرزية وجزء كبير من الطائفة المسيحية، في حين لم يتمكن الجنرال عون من خلال وقوفه بجانب "حزب الله" ولا حلفاء سورية في لبنان من صبغ المعارضة بالصفة الوطنية العامة، فظلت خلفية المواجهة مذهبية، تلوح فيها من بعيد أشباح عراق ما بعد صدام المخيفة، إذا لم يتوصل الأطراف إلى تسوية سياسية على قاعدة " لا غالب ولا مغلوب" التي لا بد منها للبنان وفق رأي الأمين العام العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الوسيط المنتظر في القاهرة للعودة إلى بيروت ومعاودة مساعيه إلى الحل عندما تنضج الظروف والإقتناعات.
فضل الله والعراق و"حذار أميركا"
ولعل التعبيرات التي استعملها السيد فضل الله في خطبته توضح مدى الخوف اللبناني من المستقبل على النمط العربي في السنة 2007 إذا ما استمرت الأمور سائرة على منحاها الحالي، قال:" سمعنا أخيرا ان البعض يحاولمن خلال تصفية الطاغية صدام حسين الذي اعدم بالأمس ان يحرك المسألة في الاطار المذهبي. في حين نعرف جميعا أن صداماً أربك العالم الاسلامي والعالم العربي في حروبه وسياسته، وأربك شعبه وقضى على شعبه ومعارضيه دون تمييز مذهبي بينهم. ان البعض يشير الى ان صدام كان سيئا، والحقيقة انه كان طاغية وديكتاتورا صادر شعبه لحساب الاستكبار العالمي . فحذار.. حذار... حذار إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية، لان هذا ما يهدف اليه الاستكبار المنقض على الواقع الإسلامي كله. إن اميركا تثأر من العالم الاسلامي، وتريد تدمير الإسلام وإعلان الحرب عليه ثقافيا وسياسيا وامنيا واقتصاديا بحجة دمقرطة العالم العربي والإسلامي، كماأنها تثير الفتن وتغذي التطرف والتكفير بين أبناء الأمة جميعا".
... والجوزو يهاجم خامنئي
إلى ذلك سجل اليوم في بيروت أول انعكاس كلامي علني للصراع بين مذاهب العراق، وبين القوى الإقليمية والدولية التي تحوطه ، من خلال تصريح لمفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو الذي حمل على مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي رداً على تحيته للعراقيين الذين يقاتلون الأميركيين ، فقال: "الخامنئي يفتخر ويعتز بنصر هؤلاء، ولكنه تجاهل الحقيقة وهي ان الشعب العراقي ليس فريقا واحدا بل هو منقسم على نفسه. فريق خائن عميل يقف بجانب اميركا ويحتمي بدباباتها وطائراتها وجنودها لمحاربة الفريق الآخر وذبحه وقتله وتشريده، وفريق آخر أخذ على عاتقه التصدي للاحتلال الاميركي ومقاومته وقهره والانتصار عليه، وهو الفريق الذي يتعرض لحرب شرسة ليس من أميركا وعملائها في الحكم فحسب ومن ايران وعملائها كجيش المهدي وجيش بدر وفرق الموت والخطف والتطهير "المذهبي" والقتل على الهوية فحسب، بل من جميع أتباع المرشد العام للثورة في لبنان وفي سورية وفي العالم العربي. ويتهمون هذا الفريق الذي يحقق هذه الانتصارات بأبشع أنواع التهم، ويلقبونهم بالتكفيريين والصداميين والظلاميين، كما يتهمونهم بالانتماء الى "القاعدة".
كنا نود ان ينصف المرشد العام للثورة الايرانية هؤلاء الناس، وان يقول انهم شباب محافظة الأنبار العربية الاصيلة، وإن الايمان الذي يملأ قلوبهم هو الذي حقق هذا النصر، وانهم من اهل السنة والجماعة. وان يطالب فريقه من الذين ذكرناهم آنفا ومن الحرس الثوري الذي يشارك في المجازر على ارض العراق ان يتوقفوا جميعا عن القتال "المذهبي" وان يتحولوا الى محاربة اميركا ودحرها نهائيا عن ارض العرب والاسلام.
أليس الاولى بالقتال هم أتباع بوش، بدلا من ان تقاتل أتباع محمد(ص)؟
حبذا لو وقفت ايران خلف هؤلاء الابطال لتحمي نفسها من التهديد الاميركي. وحبذا لو وقف العرب في جميع اقطارهم وراء هؤلاء، وحبذا لو وقفت الشعوب العربية وراء هؤلاء للتظاهر من اجل نصرتهم وتأييدهم بدلا من ان يقتلوا بالحقد المذهبي الاسود؟".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف