أخبار

إعترافات قاتل الحريري

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إعترافات قاتل الحريري
في الذكرى "الثانية" لرحيله


سعد الحريري يتفقد
موقع جريمة اغتيال ابيه قبل سنة علي الرز:
زمن مضى، وها هي الطاولة تنقلب مرارا على من ارادوا تكبير الامور وتعظيمها. اعتقدوا ان الامر سيمر بسهولة ولم يعرفوا انني امتلكت الكثير من الاوراق شرقا وغربا للمواجهة.
حصلت حماقات من بعض المخرجين المنفذين؟ ربما.

اعتمدت على تقارير غبية واستذكائية؟ يجوز.

قيل لي ان الضجة لن تتجاوز الاسبوع او الشهر في ابعد تقدير؟ صدقت.
لم اقدر قيمة الرجل عربيا ودوليا؟ قدرت ولذلك كنت اكرهه ولا اثق فيه.
لم اقرأ جيدا التحولات وتقاطع الظروف الدولية مع جريمة بهذا الحجم؟ ومن هم الذين يسألون هذا السؤال وانا من يعطي الدروس ولا اتلقاها! كل من زاره سفير او سمع تحليلا من محلل صار فيلسوفا...انه شعب لا يتغير.

خاب املي بحلفائي وحجمهم وقدرتهم على التضامن معي؟ ممكن، ولكن حلفائي ليسوا الذين يحملون اسمي وشعاراتي السياسية فهؤلاء هم في افضل الاحوال ضابطة استخباراتية تنفيذية اما الحلفاء الحلفاء فالتقي معهم على ما هو اعمق من الاسم والشعارات.

المهم انه في القبر، انكشف في حياته ومماته، يعتقدون انني محاصر الآن؟ فليكن، تحت الضغوط؟... تحت الضغوط، مكروه؟ هذا امر نسبي، لكنهم لا يعرفون ان ما تعرضت له سابقا اقوى بكثير مما يجري الآن واستطعت بفضل اوراقي وقدرتي على ادارتها والبيع والشراء وتحريك التسويات عاليها وواطيها ان اتجاوز المحن، فهذا قدري وقدر امتي والصابرين فيها وهم كثر لا يحركهم اجنبي ولا يرضون عن كرامتهم بديلا.

ولكن بيني وبين نفسي لا بد ان اعترف انه شكل لي في غيابه بهذه الطريقة من المشاكل اضعاف اضعاف ما كان يشكله في حضوره، ومع ذلك كنت مستعدا، وحتى لو فوجئت بتوابع العملية الا انني لم أدع لعنصر المفاجأة ان يطوقني بل انا من يطوق، وصلت بهم العنجهية الى رفض نصائح القريب والبعيد لتسوية الامور واعادة تجميع الاوراق. صدق هؤلاء انفسهم وصدقوا وعود الخواجات بانهم سيحمون حركتهم واستقرارهم. تكبروا على نداءات الاشقاء بتعليمات الاصدقاء... اذا كان الشباب عندي اخطأوا في التقارير والتوقعات الا انهم حتما لم يخطئوا لحظة في تصنيفهم لهذا الشعب المدعي.

كان يغيظني كثيرا، يعطيني رأيا وكأنه يعطيني محاضرة، يبدأ كلامه بالحرص على مصلحتي ودوري ويبذل جهدا كبيرا جدا لافهامي انني اخطأت هنا وترددت هناك ولم اوفق بهذا الموقف وكان يمكن ان اوفق اكثر لو تمهلت اكثر، والادهى والامر انه يعرض فورا المساعدة لتصحيح ما يعتبره خطأ باسلوب لا يمكنني تقبله حتى ولو كان بسيطا، خصوصا اذا ما قارنت بينه وبين اساليب السياسيين الاوفياء من كل الطوائف الذين يزايدون علي في الموقف عندما التقيهم واشعر بعد كلامهم انني اخطأت في عدم التصعيد اكثر هنا وهناك، بل اشعر كم اخطأت في استقبال الرجل مرارا وهو يجند المال والاعلام والعلاقات داخليا وخارجيا للتآمر على اشخاص افهمناه الف مرة انهم منا ونحن منهم.

حاولت مرارا عن طريق اصدقاء ان اقنعه بأن مسيرتنا التاريخية تستدعي اصطفافه في الخط، وان معارضته خلال وجود اكثر من مسدس مصوب نحو رأسي هي مشاركة للايادي التي تحمل المسدسات، وانه اذا لم يكن يستطيع البقاء في اللعبة بشروطها فليخرج منها بشروطنا... فعل كل ماطلبته لكن احدا من الفريق الذي عمل معي لم يصدقه او يطمئن اليه خصوصا عندما استكان في العلن وقرر الاحتكام الى الديموقراطية والانتخابات. مرة اخرى، ديموقراطية وانتخابات؟ اين يعتقد نفسه؟ في باريس؟ ما كان ينقصنا الا رأي الناس الموجه بإعلام مأجور ومال مشبوه.

ومع ذلك، لا بد ان اعترف ان رد فعل الناس، كل الناس، كان مختلفا تماما عما توقعناه، ولا شك في انهم احبوه لامور اخرى غير المال والاعلام... "انشاء الله يلحقوه". إنهار كل من دعمنا نفوذهم بسرعة واتفق هؤلاء معنا على ان هذا الشعب لا امان له. حاولنا ان نخفف تدريجيا من صورة الوضع من "تحت"، عبوة هنا، قنبلة هناك، اغتيال مدروس، شهود مبرمجين، تركيبات سياسية هادفة، تظاهرات مخترقة، استقرار مزعزع، شبح رواندا... وفي الوقت نفسه كنت مطمئنا الى التحرك من "فوق": ساعدونا تجدوا ما يسركم، ادعمونا تدعموا الاستقرار، دبروا لنا مخرجا تحموا خلق الله من ارهاب خلق الله.

عامان مرا الآن على اغتياله، وما زال حاضرا اكثر من غيابه...
عامان مرا، ولا اشعر باي ندم رغم المفاجأة التي ولدها حجمه...
عامان مرا، وانا اكرهه الآن اضعاف اضعاف ما كنت عليه في حياته، ولم ولن اطلب مساعدته حتى وهو في القبر.

عامان مرا... لكنني لن استطيع الآن ان اكمل شهادتي بما جرى وهي طويلة طويلة، لان الوقت المخصص لي لممارسة المشي في بهو السجن انتهى والسجان الاشقر يطلب مني باحترام ان اعود الى الزنزانة الباردة بعدما اكد لي للمرة العشرين ان التدفئة فيها صارت افضل من ذي قبل.

نسيت ان اخبركم، انا موجود في لاهاي بعد "مسخرة" اسمها محكمة دولية، هو طليق في قبر وانا مقبور في سجن... ومع ذلك ما زلت اكره الارض التي مشى عليها ودفن فيها.

alirooz@hotmail.com
مدير تحرير جريدة "الرأي العام" الكويت

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف