الحوار في مهب الرياح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مؤتمر الحوار اللبناني في مهب الريح الخارجية
بلال خبيز من بيروت: أعلن النائب إيلي سكاف ان جلسات مؤتمر الحوار اللبناني - اللبناني توقفت حتى الاسبوع المقبل. التعليقات الصحافية الأولية ردت هذا التطور إلى ردود فعل محلية على ما أدلى به النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط في واشنطن قبل لقائه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وبعد لقائه بها. لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر ان لا جديد في مواقف جنبلاط التي أدلى بها امس خفف حدة التوتر الذي نجم عن التصريحات، فضلاً عن مساع كثيفة بذلت ليل امس لإعادة الحوار إلى نصابه الهادئ، وتمثلت باتصالات كثيفة اجريت مع النائب جنبلاط صرح على أثره
إقرا ايضا
احتواء الموقف الجنبلاطي..لا تأكيد ولا نفي ومناشير ليلية في بيروت
بري: حولنا 14 و8 آذار من اشتباك الى شباك
الحوار الداخلي يراوح مكانه في لحظة انسداد
الجولة الرابعة للحوار اللبناني :وقف التسريبات وتجديد التكتم
ا لصحيفة "النهار" البيروتية بتأييد الحوار وتشكيل لجنة لبحث مسألة السلاح الفلسطيني، وهذا ما كان قد تم الاتفاق عليه في الجلسات السابقة.
من جهته، اعلن الرئيس بري امام الصحافيين ان جلسات الحوار رفعت حتى الإثنين المقبل 13(اذار) مارس 2006، وذلك لأن بعض القوى السياسية المتحاورة طلبت وقتاً للتشاور قبل اتخاذ القرارات الكبرى المتعلقة بإنجاح الحوار.
روايتان، وقد تكون كل منهما تملك حظاً من الدقة والصحة في الوقت نفسه. لكن الثابت ان يوم امس اصطدم بجدران صفيقة من المواقف البالغة الحدة التي اطلقت في غير عاصمة ومكان.
من جهته، الرئيس الفرنسي جاك شيراك، حذر سورية من مغبة تدخلها في لبنان، ولم يفته ان يؤكد ان اي استهداف للاستقرار اللبناني، اغتيالاً او تسليحاً لأطراف معينة لن يمر من دون ردود فعل دولية حادة ضد النظام السوري. قد يُقرأ هذا التصريح على سبيل الاحتياط، لكن وجهه الآخر يعني ان الرئيس الفرنسي يحذر من الاستمرار في تنفيذ الخطة الأصلية التي تستهدف استقرار لبنان، وهذا ما حذر منه وليد جنبلاط وأكده حين اعتبر ان مسلسل الاغتيالات لم يتوقف اصلاً حتى يتم الحديث عن عودته، وان "حزب الله" يملك قدرة على اختراق امن قريطم مقر اقامة الزعيم السني النائب سعد الدين الحريري وعلى اختراق امن المختارة مقر إقامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط نفسه.
من جهة أخرى أتت تصريحات النائب جنبلاط في اعقاب الخطاب الذي القاه الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الأحزاب العربية الذي انعقدت اعماله في دمشق، والتي تناول فيها الوضع اللبناني بالطريقة المتشددة نفسها التي درج عليها منذ نهاية نيسان(أبريل) الماضي. حيث اعتبر ان ما يجري في لبنان عابر وان البعض يريد ان يكون لبنان مقراً للمؤامرات على سورية، وان الاكثرية في لبنان تريد احسن العلاقات مع سورية وافضلها، واعرب عن تمنياته ان يعود اللبنانيون إلى رشدهم. فضلاً عن ذلك وضع الرئيس الأسد شروطاً للقبول بنتائج الحوار من قبيل الدفاع عن ولاية الرئيس اميل لحود الممددة، والذي تصر قوى 14 آذار(مارس) اللبنانية على تنحيته من منصبه، حيث اعتبر الرئيس الأسد ان الهجوم على الرئيس لحود يتصاعد بسبب دعمه للمقاومة اللبنانية، فضلاً عن اشتراط الرئيس الأسد ان ينتج الحوار دعماً للمقاومة المسلحة ضد اسرائيل والتي يمثلها "حزب الله"، وهذه كما لا يخفى من النقاط الخلافية في لبنان. الأمر الذي استدعى رداً حاداً من جنبلاط، فأعلن للصحافة انه لن يكون مع هذا النظام وان النظام في سورية تقوده عائلة اشبه بعائلات المافيا، كما ذكرت الصحف والوكالات.
لطالما ردد الرئيس نبيه بري ان هذا الحوار لبناني مئة في المئة، وقد رأى اللبنانيون في انعقاد جلسات الحوار من دون رعاية مباشرة من الخارج تطوراً بالغ الاهمية. لكن القوى السياسية التي اجتمعت تحت سقف الحوار اللبناني - اللبناني لم تجد مهمتها سهلة في طبيعة الحال. ويبدو ان اكثر ما يجعل هذه المهمة شائكة، ان اللبنانيين ملزمون اليوم بمعالجة اعطاب البنية اللبنانية الموروثة من زمن الحرب، والتي شهدت تدخلات خارجية لا تحصى ولا تعد. ولا شك ان هذه التدخلات نفسها لا تزال تفعل فعلها في البنية الداخلية للأطراف اللبنانية، فضلاً عن تأثيرها الخطر على مستقبل لبنانية هذه القوى وامكان استقلالها الفعلي عن خارج كان على الدوام مصدراً من مصادر الدم الذي تتغذى منه، وفي بعض الأحيان كان الخارج الحاضنة والقابلة والرحم الذي ولدت فيه هذه القوى.
ليس سهلاً على اللبنانيين ان يتقبلوا ويصدقوا عودة سمير جعجع إلى خيار دولي لبناني بعد تاريخ ميليشيوي حافل، وليس سهلاً على السيد جعجع نفسه ان يبني قوة سياسية فاعلة من دون دعم خارجي مؤثر. وإذا كان رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية يعاني أزمة ثقة لا تزال مستفحلة مع الاطراف الأخرى، رغم ما قدمه وحاول تقديمه طوال العقد الماضي من تنازلات، فكيف يجدر باللبنانيين ان يصدقوا ان في وسع "حزب الله" ان يعيش ويستمر من دون سلاحه؟ وكيف يستطيعون ان يصدقوا ان المنطقة التي يسيطر عليها في الأمن والسياسة والاقتصاد يمكن ان تعود إلى كنف الشرعية اللبنانية حيث لا يستطيع "حزب الله" ان يكون في كنف الشرعية مقرراً وحيداً؟ هذا فضلاً عن التناغم الواضح بين أجندة "حزب الله" السياسية والأمنية والأجندة السورية - الإيرانية.
وليست حال هذا الحزب غريبة ومستهجنة في التاريخ اللبناني. لكن مسار جسر الهوة بين القوى السياسية اللبنانية اليوم ونوع من اللبنانية الجامعة يحتاج زمناً وجهداً لا يمكن اختصارهما بأسبوع او حتى شهر من الجلوس جنباً إلى جنب خلف طاولة الحوار.