تساؤلات جديدة في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الرياض- مركز الترجمة: رغم مرور أربعة أشهر على إزاحة الرئيس الأميركي جورج بوش الستار عن "استراتيجية النصر" في العراق، إلا أنه لم يتمكن حتى الآن من وضع خطة بديلة. وتقوم السياسة الأميركية الحالية في العراق، والتي ذكّرنا بها بوش في خطابه يوم الأحد الفائت، على النظرية القائلة بتشكيل حكومة وطنية في العراق بعد الانتخابات التي أجريت في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، على أن يتم دعم الجيش العراقي الجديد لهذه الحكومة لتزداد قوة، الأمر الذي يتيح لأميركا وحلفائها تقليل عدد الجنود في هذا البلد.
ثلاثة أشهر مضت على الانتخابات العراقية والحكومة الجديدة لم تتشكل. وعلى ما يبدو، فإن الطريق السياسي في بغداد مسدود بإحكام، ذلك أن البرلمان الجديد لم يلتق حسب موعد نهائي حدد دستوريا، كما لم يتوضح حتى الآن الموعد او إذا كانت هناك موافقة على تعيين رئيس للوزراء.
تحولت الحرب الثنائية بين نظام الولايات المتحدة والمقاتلين السنة من العراقيين وغيرهم إلى حرب طائفية متعددة الأطراف، يلعب فيها عسكر الولايات المتحدة والحكومة العراقية دور المتفرجين، مما يخلق مجموعة جديدة من التساؤلات الاستراتيجية التي بالكاد بدأت إدارة بوش بالإجابة عليها، ومنها: كيف يمكن إيقاف الحرب الأهلية؟ وفي حال ازداد اشتعالها، كيف ينبغي للإدارة الأميركية أن تتصرف حيالها؟
وقد لخّص السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زاد الوضع في حديثه الاثنين الماضي لصحيفة الـ Los Angeles Times بقوله: "لقد فتحنا صندوق باندورا. والسؤال المطروح الآن هو: ما هو الطريق إلى الأمام؟".
وقدّم خليل زاد إجابةً جزئية، ما من شأنه أن ينقذ العملية السياسية المتعثرة، كما عمل السفير بجدٍّ للحصول على الموافقة على "حكومة وحدة" لكنه واجه حقيقة أن الفئات السياسية الأربعة أو الخمسة الكبرى في العراق ليست منقسمة طائفياً وحسب بل في رؤيتها لمستقبل العراق أيضاً، وإذا حصلت الموافقة فإنها ستكون على حساب الزعماء الذين يطمحون إلى تقسيم البلاد من خلال تأسيس حكومات إقليمية قوية- أي ولايات.
وحتى تشكيل حكومة وحدة ليست كاملة قد يتطلب مزيداً من الضغوطات على الأحزاب العراقية أكثر مما قد يفعله سفير واحد. الدول الأخرى التي عانت من الأزمة الطائفية، كما في البوسنة ولبنان وأفغانستان، توصلت إلى اتفاق سياسي فقط حينما اجتمع سياسيوها في قاعات المؤتمرات وخضعوا لعدة ضغوط من قِبَل الحكومات المهتمة.
وألمح خليل زاد الجمعة إلى مؤتمرٍ كهذا، لكن من سيقدم له يد العون؟ لم يُقدِّم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والأمم المتحدة سوى جهد متواضع للتوسط في الحصول على الموافقة العراقية. وبعيداً من محاولة حشدهم، ينأى مسؤولي إدارة بوش بأنفسهم عن التدخل في ذلك، إذ استثنت وزيرة الخارجية الأميركية العراق من جولتها الشرق أوسطية الأخيرة.
ويبدو أن القيادات العسكرية الأميركية تعمل جاهدة لتتجنب أسئلة متشددة كهذه. وفي سياق تلهفهم للتوصل إلى تبرير لتقليل عدد القوات الأميركية - المفترض أن يتقرر الشهر الحالي - أصبحوا يصدرون رواياتٍ إيجابية بشكلٍ سخيف عن الوضع في العراق، كالتصريح الذي أدلى به رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال البحري بيتر بيس الأحد الماضي الذي وصف فيه التطور في العراق بأنه "يبدو جيداً جداً بالنظر من جميع الزوايا".
ويطالب الديمقراطيون في الكونغرس بوجود تطمينات على أن انسحاب الجنود سيتقدّم بغض النظر عن الأوضاع في العراق. وقد ينتج عن ذلك ما لم تضعه الولايات المتحدة في الحسبان، كالتأسيس لولاية شيعية في الجنوب. ولكن حتى في أقسى الظروف ستكون هناك اهتمامات أمنية وحيوية أميركية، كحماية الجماعة الكردية المؤيدة للغرب في شمال العراق ومنع تشكيل مؤسسات للقاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى. وحتى إذا لم تتخذ القوات الأميركية جانباً في هذا, فإن وجود الولايات المتحدة يمكنه أن يُحِد من درجة القتال ويمنع التدخل العلني من قوى خارجية, كإيران وسوريا.
وبالطبع سيكون الاختيار الأول والثاني والثالث هو معارضة هذا السيناريو الرهيب, الذي ينبغي على إدارة الرئيس بوش أن تعمل جاهدة بسببه - إضافةً إلى جَدوَلَة سلسلة جديدة من الخطابات الرئاسية في الأسابيع المقبلة - لتتبنّى موافقة سياسية عراقية.
Washingtonpost