أخبار

حراك الدوائر الانتخابية فعّل المطالبة بإنشاء الأحزاب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


فاخر السلطان من الكويت: الدعوات الحاثة حكومات دول منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط على السير في طريق الإصلاح السياسي لم تحتمها فقط طبيعة التطورات السياسية والاجتماعية التي تعيشها مجتمعات وحكومات تلك الدول، بل كان للواقع السياسي والاقتصادي والثقافي الذي تلا هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة ثم حربي أفغانستان والعراق التي ولّدت حالة جيوسياسية جديدة، الدور الضاغط أميركيا ثم دوليا عليها ما جعلها تسير في طريق الإصلاح السياسي وتتبناه ولو من دون رضاها.

والكويت بوصفها جزءا من تلك الحالة، سارت في الطريق وفق حراك خاص مرتبط بطبيعة النظام السياسي والاجتماعي فيها. وكان للتيارات السياسية الدور البارز في الدعوة لتبني قضايا الإصلاح السياسي رغم أنها لم تقتصر عليها فقط بل تعدتها لتشمل دعوات رموز سياسية واقتصادية وإعلامية مستقلة وحتى رموز من الأسرة الحاكمة. لذا أخذت مطالب الإصلاح السياسي منحى جديدا وباتت أصوات محسوبة على السلطة والحكومة بل ومن داخل الأسرة الحاكمة تدعو إلى إصلاحات تأمل من خلالها أن تتوافق مع متطلبات المرحلة.

لذا بات واضحا أنه، وقبل إقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية في مايو من العام الماضي، كان الحديث مستمرا وذو تواصل تاريخي حول ضرورة تفعيل عملية الإصلاح، وذلك لكي تستطيع البلاد أن تواكب التطورات والتغيرات المتسارعة في شتى المجالات التنموية وفي جميع أنحاء العالم. لكن الحديث في الكويت تركز بشكل أساسي على عملية الإصلاح السياسي بوصفه بوابة الإصلاح الذي يمكن من خلاله الولوج إلى مختلف مجالات الإصلاح الأخرى بالرغم مما يعتري هذا الحديث من ملاحظات وانتقادات. لذلك تركز الحديث على دور السلطة التنفيذية والتشريعية ومسؤولية كل طرف في تفعيل عملية الإصلاح السياسي، وعن ضرورة القيام بإصلاحات في مجالات يعتقد أن لها الأولوية في هذا المجال، كتعديل الدوائر الانتخابية، وتعديل قانون المطبوعات (لكي يصار إلى احترام حرية النشر والتعبير لا التركيز فقط على مسألة إصدار صحف جديدة في مقابل تغليص العقوبات على الرأي)، وكذلك تفكيك وزارة الإعلام ومأسستها، وتنفيذ القوانين المعطلة ومحاربة الفساد وإصلاح التعليم، ووضع حل جذري لقضية البدون، وتطوير النظام القضائي. غير أن مطلبا بات يكثر الحديث عنه مؤخرا يتعلق بضرورة إشهار الأحزاب السياسية بوصفه يشكل لدى البعض عصب مسألة الإصلاح السياسي في المرحلة الراهنة، رغم أن البعض الآخر يتخوف من هذه المسألة في ضوء الهيمنة السياسية والاجتماعية النسبية للتيار الأصولي الديني على البلاد.

المرحلة الأبرز

ويصف المراقبون الفترة السياسية الراهنة في الكويت، التي جرى ويجري فيها نقاش حامي ومعقد حول أحد أبرز عوامل الإصلاح السياسي، ألا وهو تعديل الدوائر الانتخابية بالرغم من حل مجلس الأمة بسب ذات النقاش، بأنها الفترة الأبرز التي يجري من خلالها المطالبة بإشهار الأحزاب السياسية. ويستندون في ذلك إلى أن تعديل الدوائر قد يكون مقدمة لازمة وضرورية للوصول إلى مرحلة الإشهار، في حين يحذر آخرون، وبخاصة الشخصيات السياسية المستقلة، من الإشهار ويعتقدون أنه يهدف إلى إحكام التيارات السياسية سيطرتها على الحياة السياسية في الكويت، وتحذر أطراف أخرى من أن أي خطوة لإشهار الأحزاب في الوقت الراهن يعتبر بمثابة دعوة مجانية للتنظيمات الدينية الأصولية لبسط مزيد من الاستحواذ والتحكم والنفوذ على الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في الكويت.

ويؤكد مراقبون ان الدستور الكويتي لم يرفض الاحزاب السياسية لكنه لم يقبلها، مشيرين إلى ان الموقع الوحيد الذي تطرق فيه الدستور "للجماعات السياسية" هو عند مشاورة سمو أمير البلاد لتعيين رئيس للوزراء. لكن الواقع السياسي يؤكد أن الأحزاب السياسية في الكويت ممنوعة رسميا، حيث لا يوجد حزب سوى حزب الأمة، السلفي المحافظ الذي دخل في مواجهة مع السلطات عدة مرات ورفضت الحكومة إشهاره كما انسحب منه أعضاء بارزون. وتوجد في الكويت تيارات (أحزاب) سياسية غير رسمية، بما في ذلك ذوي الآراء المعارضة، تعمل دون تدخل الحكومة. وأهم هذه التيارات هي الحركة الدستورية الإسلامية (الاخوان المسلمين)، والحركة الإسلامية الشيعية (التي تتكون من الإئتلاف الشيعي والتحالف الإسلامي)، والحركة السلفية (المكونة من جمعيات وتجمعات سلفية متعددة)، والحركات القومية والليبرالية (كالتحالف الوطني الديموقراطي والمنبر الديموقراطي والتجمع الوطني).

ويقول المراقبون ان تجربة العالم العربي في الاحزاب ألقت بظلالها القاتمة على فكرة الحزب حتى أصبح الشعب الكويتي يتخوف من كلمة الحزب لأنها تثير لديه هواجس عدم الاستقرار. لكن مراقبين آخرين يؤكدون أن تلك الحقيقة ليست إلا وهما، باعتبار ان الحزب، ضمن النظام الديموقراطي والدستور، كما في الكويت، يختلف اختلافا جذريا عن الحزب في ظل الدكتاتوريات العسكرية والانظمة الشاملة.

رأي معارض

ومن أبرز معارضي إشهار الأحزاب في الكويت، فئة من النواب السابقين المستقلين التي لا ترى في عملية الإشهار سوى تمزيق للبلاد. من هؤلاء المقرر السابق للجنة الداخلية والدفاع البرلمانية علي الهاجري الذي انتقد الحكومة ممثلة بجميع اعضائها واللجنة الوزارية التي كلفت تقديم تصور حول الدوائر الانتخابية وقال بأنها "تسعى من خلالها (أي من خلال تقرير الدوائر الذي اعتمدته وهو الدوائر الخمس) إلى تمزيق الشعب الكويتي وبيع البلاد للاحزاب".
وقال الهاجري ان تقليص الدوائر هو بيع للكويت وهو ترحيب بالاحزاب وسعي الى تدمير الشعب الذي لا يوجد له مثيل في الالتفاف حول بعضه في الازمات، مشيرا الى ان الهدف من تقليص الدوائر ليس فقط رئاسة الوزراء، بل هو ابعد من ذلك ليصل الى حد التعديل على الدستور والمطالبة بأشياء اخرى لا يريدها الشعب ولا تفكر بها سوى الاحزاب التي ستمول من الخارج لاغراض تخريبية وتشتيت وتمزيق الشعب الكويتي. وأضاف الهاجري أن الاحزاب ستدمر البلاد تدميرا وستجعل المواطنين ينشقون الى اكثر من شق. واشار الى ان دعاة الشهير هدفهم الاساسي والمعروف هو تكثيف فئة على الاخرى وخلق سوابق في المجتمع الكويتي لم يعرفها في يوم من الايام، مؤكدا ان الشارع الكويتي سيخرج عن صمته وسيطالب بعدم تشكيل الاحزاب. واضاف على الحكومة ان تتعظ من الدول المجاورة وترى كيف قامت الاحزاب بتمزيق العراق والسعي للتفكير بمصلحة الحزب وكيفية وصوله الى السلطة والاحزاب كيف فرقت الشعوب في مصر وتناحرت من اجل السلطة. واكد ان لا قانون احزاب يريده الشعب الكويتي ولا اي قانون يلحق الضرر بالمواطنين كما يطالب به البعض ويريد شق الصفوف بين الشعب الكويتي.

تأييد

أما في الجانب الآخر فهناك عدد كبير من السياسيين والنواب السابقين ممن يدعون إلى الإشهار، وبالذات ممن ينتمون للقوى السياسية وبالذات الدينية. إذ رأى عدد منهم في إنشاء الاحزاب سعي للوصول الى ديموقراطية حقيقية. وأكد خالد العدوه وحسن جوهر وعواد برد في تقرير نُشر في أحد الصحف المحلية ان الاحزاب موجودة حاليا وتعمل على الارض، ولكن بدون غطاء شرعي، مصرين على ان الكتل البرلمانية الحالية هي عبارة عن احزاب مصغرة ومنظمة وتعمل وفق اجندة محددة.

واتفقوا من حيث المبدأ على ضرورة تثقيف الناس بأهمية وجود الاحزاب بشكل شرعي وطالبوا الحكومة بايضاح موقفها من هذا المنطلق.
وقال حسن جوهر انه يؤيد انشاء الاحزاب لانها بالفعل جزء من الحياة الديموقراطية، مشيرا الى انه لا توجد اي دولة على وجه الارض لديها ديموقراطية حقيقية من دون احزاب. وشدد في المقابل على ضرورة استثمار الاحزاب بشكل اساسي ينبع من مصلحة الشعب بحيث يكون الاستثمار وفق رؤية منهجية تساهم في تعزيز الحرية وبشكل يرضي الطموحات. واكد ان الاحزاب في حال سمح لها بالظهور والاشهار وسارت على الطريق السليم، فإنها ستجسد مفاهيم وطنية.

وحول وضع الكتل البرلمانية الحالية داخل مجلس الامة وامكانية تشبيهها بالأحزاب المصغرة، قال جوهر ان هذا صحيح فالأحزاب موجودة حاليا داخل المجلس، ولكن تحت مسمى كتل برلمانية، ويؤكد هذا القول انها تتصف بأوصاف الاحزاب من حيث التنظيم وتبني برنامج سياسي معين والتحرك وفق آلية وخطى محددة. وفي المقابل اوضح خالد العدوة ان انشاء الاحزاب ليس جريمة او معيبا ولا منقصة كما يحاول البعض تصويرها، مشيرا الى ان الاحزاب موجودة حاليا ولكن غير مشهرة ومن كل لون، فهنالك الاسلامية التي تتبع خطا دينيا معينا وهنالك الطائفية والليبرالية وحتى التجمعات القبلية يمكن وصفها بالاحزاب ايضا. واستغرب من لغة التهويل والترهيب والترويع التي يستخدمها البعض في محاولة لتنفير المجتمع من شيء أسمه احزاب، مشيرا الى ان هنالك من يبث سمومه محاولا زرع فكرة ان الاحزاب هي خروج على طبيعة المجتمع الكويتي السلمية.

وفي معرض رده على امكانية وصف الكتل البرلمانية الحالية داخل المجلس بالاحزاب قال العدوة، نعم ان هذه الكتل هي احزاب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لكن الفرق بينها وبين الاحزاب ان الاخيرة لها مقر ومشهرة وتعمل بدون غطاء. وبرهن على حديثه بالقول ان الكتل البرلمانية الحالية هي كتل منظمة ولديها جدول اعمال وتسير وفق منهجية حددتها لنفسها سلفا. وشن هجوما حادا على بعض الدول العربية متهما الاحزاب فيها بالتخلف والرجعية قائلا انها دول تعيش مرحلة انحطاط كبير ولا يجب ان يقاس عليها في اي حال من الاحوال.

واختتم العدوة قوله انه ليس متحمسا حاليا لفكرة الاحزاب واشهارها او انشائها لسبب واحد فقط هو ان هذا الامر متروك لاهل القرار والظروف.
من جانبه، وصف عواد برد الاحزاب بأنها الجزء المكمل لأي عملية ديموقراطية في العالم وفي الكويت تعتبر الديموقراطية ناقصة لعدم وجود الاحزاب لكنها الافضل على المستوى العربي. واوضح ان وجود الاحزاب سوف يقضي على نظام المعاملات المستشري ونظام شراء الذمم وايضا ابتزاز الناخب للنائب مما يدفع بالتالي الى ابتزاز النائب الوزير. وقال: هي اذن سلسلة من التراكمات من الاخطاء السياسية الكارثيةعلى اي مجتمع يتعرض الى هذه الآلية من العمل السياسي.

واما عن الاحزاب في الكويت، فاكد برد انها موجودة وتتحرك على ارض الواقع والحكومة تتعامل معها، والدليل على ذلك انه عند تشكيل اي حكومة، فإن الحكومة تفاوض اصحاب هذه 'البقالات السياسية' التي تتعاطى السياسة في الهواء الطلق وعلى مرأى ومسمع من الجميع، وهي احزاب موجودة على ارض الواقع، الا انها غير مرخصة. وطالب الحكومة في ظل الاصلاح السياسي المرتقب والذي ظهرت تباشيره في الايام الماضية انها امام ان تقفل هذه البقالات السياسية، ولا تتفاوض معها (ولن تستطيع ذلك ابدا)، او ان تسمح بتعليق لافتة فوق كل بقالة سياسية تشير الى اسمها بأنها تمثل الحزب الفلاني.

مقدمات ضرورية

وتباينت آراء المشاركين في ندوة حول تداول السلطة عقدت الشهر قبل الماضي بشأن خطوات بدأ الحياة الحزبية في الكويت. حيث طالب الكاتب الصحفي احمد الديين (العضو في المنبر الديموقراطي) بإنشاء جمعيات سياسية بدلا من الاحزاب خلال المرحلة الحالية. فيما رفض حسين السعيدي، العضو السابق في حزب الامة، هذا الطرح مطالبا بإشهار الاحزاب. وقال رئيس جمعية تنمية الديموقراطية ناصر العبدلي ان المرحلة الحالية تتطلب انضاج المجتمع المدني كخطوة اولى لإشهار الاحزاب.

وقال الديين ان الخطوات الملحة للإصلاح السياسي في الكويت، تتمثل في: أولا: إصلاح النظام الانتخابي الفاسد والمعبوث به، عبر تقليص عدد الدوائر، والتزام أحكام قانون الانتخاب في منع العمليات غير القانونية لنقل الأصوات، وتجريم الانتخابات الفرعية، وملاحقة عمليات شراء ذمم الناخبين. ثانيا: إلغاء القوانين المقيدة للحريات والمتعارضة مع الحقوق الدستورية المكفولة، والسعي من أجل سن قوانين ديموقراطية بديلة أو إجراء تعديلات على قوانين الجنسية، والاجتماعات، والمحكمة الإدارية، والمحكمة الدستورية، وغيرها. ثالثا: إطلاق حرية تأسيس الجمعيات السياسية، كخطوة في اتجاه التعددية السياسية وتنظيم الحياة الحزبية في البلاد على أسس ديموقراطية.

ومن جهته قال السعيد إن هناك تداولا للحديث عن وجود جمعيات سياسية في الكويت على غرار ما هو عليه الوضع في البحرين، لكن يجب أن نعلم بأن الكويت لا تقارن بعمرها الديموقراطي مع البحرين مؤكدا أهمية رفع سقف المطالبة السياسية بما يتناسب مع حجم التطور السياسي الكويتي. وتساءل ان ما لا نعرفه لماذا الحكومة تخاف من اشهار الاحزاب؟ واكد ان المنطقة الآن على مفترق طرق واذا لم يرفع سقف المطالبة فسوف يكون المستقبل مخيفا، لافتا الى ان التطور الذي شهدته السعودية أخيرا، لم يكن احد يتوقع حدوثه حيث اصبح للاصلاحيين السعوديين دور في التطور السياسي السعودي، واصبح هناك حديث عن اهمية وجود دور للمرأة السعودية فلماذا نحن نتراجع مع اننا سبقنا شعبيا الكثير من شعوب الوطن العربي بالوعي السياسي والتجربة والممارسة الديموقراطية؟.

لجنة من الحكماء
وكان الوزير السابق انور النوري دعا في ندوة الشهر الماضي الى تشكيل لجنة من الحكماء للنظر في النظام الديموقراطي في الكويت بعد 40 عاما من الممارسة البرلمانية، مؤكدا حاجة الكويت الى مؤسسة ديموقراطية ذات نظام حزبي غير قائم على الطائفية والقبلية او احزاب ذات مصالح شخصية.
وقال النوري اذا لم نبادر بإصلاح اخطائنا، فإن الديموقراطية في البلاد المتمثلة في الانتخابات سوف تتراجع الى الاسوأ. وقال: لا يوجد لدينا مجلس امة، بل لدينا 50 شخصا في مؤسسة تسمى مجلس الامة وفقدت دورها في الرقابة التشريعية، ولم تؤد دورها المطلوب، مؤكدا ان انتخابات 2007 ليست المنعطف التاريخي في الحياة البرلمانية في الكويت، وانما ممارسة الحياة البرلمانية والدستورية عامي 1962 و1963.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف