أخبار خاصة

عون رئيساً للتيار مدى الحياة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الياس يوسف من بيروت: حسم الجنرال ميشال عون أمره وأعلن نفسه رئيسا مدى الحياة يتمتع بكامل السلطات المعنوية والمادية، ولكن ليس للجمهورية اللبنانية، بل زعيما غير متوج لحزب "التيار الوطني الحر" الذي انشأه فور عودته الى لبنان، ويبدو ان الجنرال الذي تراجعت حظوظ فوزه بإجماع اللبنانيين على رئاسته للجمهورية قرر الإمساك بتلابيب التيار وتفاصيله.

السبت الماضي كان اليوم الفصل في انطلاقة الحزب، حين اجتمعت هيئته التأسيسية برئاسة عون وحضور نحو 120 من اعضائها، في مجمع "الرمال"، وغياب اكثر من 30 عضواً لأسباب مختلفة قاسمها المشترك عدم الرغبة في مناقشة أمور حسمها سلفا الجنرال لمصلحته.

وأصدر إعلام "التيار الوطني الحر" على الأثر البيان الآتي:" في إطار تنظيم حزب التيار الوطني الحر، اجتمعت الهيئة التأسيسيّة للحزب برئاسة العماد ميشال عون وحضور حوالي مئة وعشرين من أعضائها، وبعد مناقشات مستفيضة للنظام الداخلي وتبادل للآراء، تمّ التصويت على النظام واقراره. يذكر أن لجنة التنظيم في التيار عملت قرابة سنة كاملة على إنجاز هذا النظام الذي سيتم عرضه وشرحه قريبا"ً.

إلا ان ما لم يذكره البيان هو ان الاجتماع أبرز حجم المعارضة التي يواجهها الجنرال في تياره، ومبلغ التململ الذي صارت عليه أحوال القاعدة العونية .

وتتفق اوساط المشاركين في الاجتماع على الاشارة إلى إن عون ابلغهم بداية: "ليس كل المناضلين الجيدين بالضرورة قادة جيدين، واسمحوا لي ان اقول لكم إن ليس كل من نزل الى تظاهرة أصبح سياسيا وإن له حق الأمرة". بهذا الاسلوب اختار قائد الجيش اللبناني السابق ان يحسم المناقشات ، لكن الامور لم تجر كما اشتهى.

وقبل عرض ما دار في الجلسة التي تكشف نهج "التيار العوني" وسلوكيته واشكالية العلاقة الصعبة ما بين مناضليه وقيادتهم، لا بد من مقدمة لشرح الفكرة التي انطلق منها في تنظيم اموره .

في 18 ايلول الماضي طلب الجنرال من مجموعة يرأسها فادي الجميل وضع تنظيم للحزب، وكان واضحا ان الرجل يريد نظاما يمكنه من القبض على التيار، وبالفعل أعد فادي الجميل بصفته أمينا عاما للشؤون التنظيمية مشروعا يتناسب مع فكرة قائده. وحاول الجميل في غياب الجنرال عن اجتماع الهيئة التأسيسية الأول تمرير هذا المشروع، لكنه لم يمر، اذ انفجرت المناقشات وكان في مقدمة المعترضين نعيم الياس عون، ابن أخ الجنرال الذي طرح مسألة التفرد بالقرار السياسي وتهميش المناضلين وعدم الأخذ برأي القاعدة، وحمل على ما سماه السلوك الاستقوائي في الحزب وعدم وجود برنامج ورؤية لدى القيادة . وشن هجوما عنيفا على "الحفلات الفولكلورية لتكريم أبطال وهميين". وانبرى عدد كبير من الحضور الى تأييد موقف نعيم عون فانتهى الأمر الى رفض التصويت على مشروع النظام الداخلي وخرج الجنرال مهزوما امام قيادته. ويبدو انه تعلم ان غيابه عن الجلسة الثانية (التي عقدت السبت) سيؤدي الى النتيجة نفسها، فكان ان حضر شخصيا .

ويقول قادة في التيار ان فادي الجميل أعد مشروع نظام داخلي يتناسب مع مبدأ الزعامة المطلقة وهيمنة القائد الكلية على مؤسسات الحزب. وحاول تقديم مشروعه هذا الى الاجتماع مغلفا بشعارات قوة الحزب ومؤسساته، قائلاً ان مناضلي التيار يريدونه، فرد عليه القيادي كمال اليازجي بمشروع نظام داخلي يستوحي التجارب الحزبية الديموقراطية ويضع الجنرال عون في موقع استشاري فوق المؤسسات الحزبية، كما نص مشروع اليازجي على انتخاب اعضاء المكتب السياسي من القاعدة الحزبية. في حين نص مشروع الجميل على ان تنتخب القاعدة رئيس الحزب ليعيّن بدوره المكتب السياسي واعضاء الهيئة التنفيذية.

وبعد تلاوة نص مشروع الجميل المستوحى من حزبي أدولف هتلر وبنيتو موسوليني، حاول الجنرال عون بصفته رئيسا للاجتماع تمرير الموافقة في سرعة ، لكن عددا من الاعضاء بادروه بأسئلة محرجة.ففي كلمته دعا نعيم عون إلى التوقف عن التبجح بنيل مرشحي عون 70 في المئة من أصوات المسيحيين في الانتخابات النيابية الأخيرة ، وذكّر بأن "التيار" نظم مهرجاناً في "فوروم دو بيروت" لمناسبة الذكرى الأولى لعودة الجنرال من المنفى في 7 أيار/ مايو الماضي، ورغم الدعاية الضخمة والجهد الكبير الذي بذل لجمع حشد جماهيري لم يحضر سوى خمسة آلاف شخص". وقال إن الناس في وادٍ والتيار في وادٍ آخر.

وأفصح الوزير السابق اللواء عصام ابو جمرة الذي يعد من ابرز قادة التيار والرجل الثاني فيه بعد الجنرال عون، عن أن المسيحيين في لبنان يريدون حزباً - مؤسسة يطمئنهم من اليوم إلى ألف عام وليس حزباً ينتهي ويتلاشى بغياب قائده. وسانده فريق كبير من المعترضين منهم العميد فؤاد الاشقر، بيار رفول، كمال اليازجي ، طوني حرب، نعيم عون والقيادي الشيعي الوحيد في التيار رمزي كنج وغيرهم.

وفي المقابل وقف الى جانب العماد ميشال عون في تأييد مشروع "ديكتاتورية القائد" كل من صهره جبران باسيل ( الذي يُعتبر "النجم الساطع الصاعد والأقوى" في الحزب)، النائب نبيل نقولا، المرشح الدائم للنيابة حكمت ديب، جورج حداد، وغيرهم .

وحيال التنافس الحاد والخلافات المتفاقمة اضطر الجنرال عون وفق وصف احد المشاركين الى "تزوير" التصويت على مشروع النظام الداخلي من خلال الاستعانة بأصوات المحازبين المقيمين خارج لبنان . الأمر الذي مكنه من تمرير مشروع الجميل للنظام الداخلي والفوز ب57 صوتا من اصل 64 .

وفي النتيجة أصبح "التيار الوطني الحر" اعتبارا من السبت الماضي حزباً يخضع إلى سلطة "القائد الملهم" وشعاره على ما قال الجنرال حرفيا :"لا اؤمن بالديموقراطية بل بالرؤيا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف