المالكي في إمتحان خوض المعركة الحاسمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن: وضعت فصائل مسلحة يطلق عليها المسؤولون العراقيون عادة الصداميون والتكفيريون لرفضها مشروع المصالحة والحوار الوطني رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مواجهة اختبار حقيقي للايفاء بوعوده التي اطلقها عند اعلانه لمشروعه في خوض معركة حاسمة ضدها حيث سيكون موقفه قد تعزز بفضل موافقة فصائل اخرى على القاء السلاح في حالة تنفيذ مطالب ممكنة تطرحها حاليا لتبرير انخراطها في العملية السياسية.
فقد سجل مشروع المصالحة الذي طرحه المالكي الاحد الماضي اول نجاح له من خلال عملية الفرز التي نتجت عنه بين المقاومين الذين حملوا السلاح بوجه قوات الاحتلال بهدف التسريع برحيلها عن العراق لكنهم امتنعوا عن استخدامه ضد المواطنين العراقيين .. وبين الارهابيين الذين دخلوا في مواجهة حقيقية ليست مع القوات العراقية والاجنبية فحسب وانما ايضا مع المواطنين في اماكن سكنهم وعملهم ونشاطهم اليومي في حرب مجنونة تعامت عن التفريق بين الاهداف المعلنة وبين اساليب تحقيقها فاندرجت ممارساتهم في خانة الاجرام الذي تعاقب عليه القوانين وهم الذين يطلق عليهم التكفيريون من عناصر تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد وادي الرافدين القادمين من دول عربية مختلفة من بقايا اتباع زعيمه الصريع ابو مصعب الزرقاوي والصداميون من انصار الرئيس السابق صدام حسين من عناصر حزب البعث المنحل الذين كانوا العمود الفقري لاجهزته الامنية والعسكرية والمدربين عاليا على العمليات المسلحة .
ففي الوقت الذي اعلنت فيه سبع مجموعات مسلحة يطلق عليها "المقاومة الشريفة" تجاوبها مع مشروع المصالحة واوقفت ثلاث منها عملياتها المسلحة اكدت ثمان اخرى تندرج في عضوية "مجلس شور المجاهدين" تصميمها الى السير في مشوار العمليات العسكرية حتى تحقيق اهداف "الجهاد" الذي تقول انها تشنه ضد الكفار .
فقد اعلنت مصادر مقربة من المالكي ان سبعة فصائل عراقية مسلحة قد استجابت لمشروع المصالحة واعلنت تجاوبها ورغبتها بالانخراط في العملية السياسية وفق اسس المشروع . واشارت الى ان هذه الفصائل ابلغت السلطات العراقية عن طريق اطراف محايدة استجابتها لنداء المصالحة مؤكدة انها لم تتورط بسفك الدم العراقي في اشارة الى تطابقها مع فحوى المصالحة المعلنة مؤكدة ان هذه الفصائل ذات تأثير بالغ في ساحة المقاومة وان بوسعها الاندماج في آليات تنفيذ المشروع والمشاركة في اللجان التي ستشكل لهذا الغرض لتأخذ على عاتقها اعداد الارضيات الصالحة لتنفيذ محاور المشروع التي ضمت 24 مادة اضافة الى تشكيل هيئة مركزية للحوار في بغداد وفروع لها في المحافظات.
ولم تستبعد المصادر ان يلتقي المالكي مع ممثلي هذه الفصائل بشكل مباشر او غير مباشر وقالت انه مستعد لذلك لانه معني بانجاح المصالحة وحريص على كسب التأييد لها اضافة الى انه اصبح مقتنعا بالحلول السياسية وليس العسكرية وحدها. واوضحت ان الفصائل المسلحة السبعة هذه تنظر الى نقاط في مشروع المصالحة على انها مقبولة الامر الذي دعاها الى التجاوب مشيرة الى امكانية كسب المزيد من الفصائل الاخرى التي لن تجد امامها خيارات حادة وتقاطعات تفضي الى الرفض.
واضافت ان هذه الفصائل هي: كتائب ثورة العشرين وجيش محمد وابطال العراق وتنظيم 4/9 وكتائب الفاتح والقيادة العامة للقوات المسلحة وان مطاليبها تقع ضمن محاور المصالحة ما يجعل انخراطها فيها امرا يسيرا وهي مطالب تتعلق بجدولة انسحاب القوات الاجنبية والاعتراف بالمقاومة كحق مشروع واعادة النظر بقانون اجتثاث البعث وتأكيد وحدة العراق ومنع التغلغل الاجنبي واطلاق سراح غير المدانين وتوفير فرص العمل واحترام المواطن وتعويض المتضررين عن العمليات العسكرية وحل الميليشيات.
وفعلا فقد اكدت شخصيات مقربة من منظمات كتائب ثورة العشرين وصلاح الدين والنعمان وهي من الفصائل المسلحة النافذة في محافظة الانبار انها قد عبرت عن ارتياحها لمشروع المالكي لكنها اشترطت لاي حوار مع الحكومة اعتراف الاخيرة بالمقاومة . واشارت الى انه بانتظار ذلك وما يسفر عنه مشروع المصالحة والحوار الوطني فان هذه الجماعات قد اوقفت عملياتها المسلحة لكن هذه الشخصيات اوضحت ان المشكلة ما زالت هي تنظيم التوحيد والجهاد وهو الفصيل المسلح الذي ينفذ عمليات مسلحة ضد القوات الامريكية والعراقية على حد سواء في الرمادي .
وبانتظار ان تأخذ هذه التطورات بعدها الرسمي بالاعلان عن اسماء هذه الجماعات المسلحة ومحاور النقاشات التي ستجري معها وموعدها والمكلفون بها .. فقد اكدت بالمقابل مجموعات مسلحة بارزة وبينها تنظيم القاعدة والبعثيين المسلحين انها "ماضية في الجهاد" وذلك في ردها على مشروع المالكي .
وقال بيان صادر عن "مجلس شورى المجاهدين" الذي يضم ثماني مجموعات ابرزها "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين" الذي كان يتزعمه الزرقاوي وخلفه في قيادته ابو حمزة المهاجر وغالبية عناصرها من المتطوعين العرب ان خطة مالكي "وثنية" و"خطة خبيثة يروم من خلالها المالكي انتشال اسياده الصليبيين واذنابهم المرتدين من مستنقعهم في بلاد الرافدين" على حد قوله . واضاف "نحن في مجلس الشورى ماضون في جهادنا فلا لمصالحة مع الكفار ولا لوضع السيف في غمده". واشار الى ان "النصر ليس بالغلبة العسكرية فحسب فالمجاهد حيثما يثبت على طريق الجهاد هذا وحده يعد انتصارا". وقال "اما الحوارات السلمية الاستسلامية والمفاوضات التي تؤدي الى تعطيل الشرع او التنازل عن شيء منه طامة عظيمة ومصيبة جسيمة".
كما رفضت "حركة المقاومة الاسلامية" التي تضم عناصر من حزب البعث المنحل خطة المصالحة واعتبرت ان الخطة تتجاهل تماما المشكلة الرئيسية المتمثلة بوضع حد للاحتلال معاهدة الشعب العراقي ب"الجهاد حتى النصر".
ومن جهتها رفضت القيادة العامة للقوات المسلحة وهي تنظيم بعثي مسلح مشروع المالكي ايضا معتبرة انه فرية . وجاء في بيان للقيادة مايلي :
الحمد لله الذي نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحدة، والصلاة والسلام على من لانبي بعدة :
تناقلت وسائل الإعلام فرية أخرى من افترءات وأكاذيب قوات الاحتلال والكفر ومن خلفها الدمى الطائفية التي يطلق عليها زوراً اسم (الحكومة العراقية) مفادها ان بعض الفصائل الجهادية قد وافقت على مبادرة العميل المالكي للمصالحة ومنها القيادة العامة للقوات المسلحة، وفي الوقت الذي نعتقد جازمين أن مثل هذه الكذبة لاتنطل على عاقل فإننا نعلن للعالم أجمع أن القيادة العامة للقوات المسلحة التي كان لها شرف منازلة الطاغوت الأميركي الكافر منذ عام (1991) وحتى اليوم تواصل جهادها مع بقية فصائل الجهاد والمقاومة حتى تحرير أرض العراق من دنس المحتلين الغزاة وتطهيره من العملاء والمنافقين والمرتدين والطائفيين امثال المالكي تطهيراً كاملاً وإقامة شرع الله في الأرض.
أن ماسمي بـ (مبادرة المالكي) ماهي الاّ أوهام خائبة وأحلام يائسة يمني العدو وعملائه الصغار أنفسهم بها للخروج من الكارثة الحقيقية التي تورطوا فيها على ارض العراق، وإنهم مدحورون مهزومون بعون الله .
أما جند الله من العراقيين الشرفاء والعرب الغيارى على دينهم وأمتهم فانهم ماضون في جهادهم حتى تحقيق النصر الناجز تحفهم عناية القادر المقتدر وتأييده ونصرة.
((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ))
الله اكبر، فتح ونصر، وغلب وقهر، وأذل من كفر، الله اكبر
الله اكبر وليخسا الخاسئون .
القيادة العامة القوات المسلحة
وبين هاتين المجموعتين من المسلحين مجموعة ثالثة تضم 11 جماعة مسلحة يمكن في نوع من المرونة والصبر اقناعها بالدخول في مفاوضات تقود نحو المصالحة .
ويقول ممثلو هذه المجموعات الاحدى عشر ومن بينها "الجيش الاسلامي وانصار السنة" اللتين توصفان رسميا بالارهابيتين انها ترفض عرض السلام لأنها لا تعترف بشرعية الحكومة وتشير الى ان أي محادثات مستقبلية يجب أن تجري مع المسؤولين الأميركان تحت إشراف جامعة الدول العربية أو الأمم المتحدة و ليس مع الحكومة العراقية .
وقد اكد نواب عراقيون ان بعض مجموعات "المقاومة العراقية" رحبت بخطة المالكي للمصالحة لكنها وضعت شروطا على راسها وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية لالقاء السلاح والانخراط في العملية السياسية. واوضح النواب ان الفعاليات والعشائر في محافظة الانبار الغربية المضطربة رحبوا كذلك بالمبادرة ولكن الوجود القوى لتنظيم القاعدة في العراق في هذه المنطقة يمنع الاهالي من التعبير عن موقفهم.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان ان "اوساطا مقربة من مكتب طالباني تؤكد ان المجموعات السبع التي كان يتحاور معها الرئيس العراقي متجاوبة مع المبادرة ولكنها تضع بعض الشروط وخاصة وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية والاعتراف بالمقاومة".
ومن جهته اشار الرجل الثاني في الحزب الاسلامي اياد السامرائي ان بعض فصائل المقاومة ترحب بمبادرة المالكي للمصالحة والبعض الاخر يتبنون موقفا سلبيا". واضاف ان "70 في المائة من فصائل المقاومة قد لا يرفضون المبادرة من حيث المبدا ولكن لهم شروطا اهمها جدولة انسحاب القوات الاجنبية واستيعابهم في اجهزة الدولة كما تم استيعاب عناصر الميليشيات".
ومن هنا ربطت المصادر بين هذه المطالب وما اعلنه المالكي في مشروعه من العمل على بناء القوات المسلحة تمهيدا لمغادرة القوات الاجنبية وما اكده البيت الابيض ايضا عن استعدادات لخفض القوات الاميركية في العراق خلال ثلاثة اشهر موضحة ان هذه المواقف من شأنها طمأنة الجماعات المسلحة والاستجابة لبعض مطاليبها تمهيدا لفعل على ارض الواقع يتقدم نحو تحقيق المصالحة المنشودة .
ففي البندين 13 و 14 يؤكد مشروع المالكي على العمل الجاد والسريع لبناء القوات المسلحة التي ستتولى إدارة امن العراق للتمهيد لانسحاب القوات المتعددة الجنسية .. والعمل الجاد والسريع لإعادة النظر في بناء القوات المسلحة التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية وغيرها على أسس مهنية ووطنية لأنها ستتولى إدارة امن العراق وتتسلم الملف الأمني من القوات المتعددة الجنسية قبل انسحابها .
اما البيت الابيض فقد اكد من جهته ان قائد القوات الاميركية في العراق جون كيسي وضع مسودة خطة لخفض عدد الجنود الاميركيين هناك لكنه قال ان الخطة ليست الا خيارا من عدة خيارات.
وقال الرئيس الاميركي جورج بوش انه اجتمع مع الجنرال كيسي لكنه جدد التأكيد على أن اي قرار بشأن تخفيض عدد القوات هناك سيستند الى الظروف على ارض الواقع. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان كيسي وضع مشروع خطة ستخفض في بادئ الامر عدد الجنود الاميركيين في سبتمبر (أيلول) المقبل ثم ستخفض عدد الالوية المقاتلة من 14 الى خمسة أو ستة بحلول نهاية عام 2007 حيث يوجد في العراق حاليا قرابة 130 الف جندي اميركي .
ولذلك اعتبرت المصادر ان اول نجاح حققه مشروع المصالحة هو الفرز بين "المقاومة الشريفة" و"المقاومة الارهابية" حيث سيتمكن المالكي من الدخول في حوارات مع الاولى تمهيدا لاتفاقات سياسية تنخرط بموجبها في العملية السياسية .. ثم تعبئة العراقيين وقواتهم لمواجهة حاسمة مع الثانية تحقيقا لتهديداته التي اطلقها في كلمته امام مجلس النواب عندما قدم مشروعه للمصالحة والحوار الوطني الاحد الماضي .
فقد اكد المالكي في كلمته قائلا ان من اهداف مشروعه " التعبئة الشاملة لتوفير مستلزمات القوة والقدرة على ردع الارهابين و العدة المناسبة والعدد المناسب لخوض المعركة الحاسمة معهم" . وحذر من عدم اساءة فهم اطلاق مبادرة المصالحة والحوار الوطني على انها تكريم وقبول للقتلة والمجرمين مشددا بالقول "لا والف لا فهؤلاء ليس معهم صلح حتى ينالوا جزاء اعمالهم الاجرامية عن طريق القضاء العادل " .
ومن المؤكد ان هذه المعركة الحاسمة التي باشرها الرافضون للمصالحة من خلال تصعيد عملياتهم المسلحة في مناطق مختلفة من البلاد بعد اعلان مشروعها الاحد ستؤدي الى اسالة المزيد من الدماء النازفة اصلا منذ ثلاث سنوات .. لكن السؤال الملح الذي ينتظر العراقيون معرفة اجابته هو : هل سيتوازى ثمن الدم المراق في هذه المعركة الحاسمة المنتظرة مع النتائج التي سيتم التوصل اليها على طريق تحقيق الامن والاستقرار في العراق؟ .