قوات ردع دولية إلى لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأميركيون لن يشاركوا وإسرائيل تريد "الناتو"
قوات ردع دولية إلى لبنان
إيلي الحاج من بيروت : في موازاة السعي إلى وقف للنار، تنصرف العواصم المعنية بالشأن اللبناني في الغرب والعالمين العربي والإسلامي إلى البحث في إرسال قوات دولية الى لبنان تتمركز في منطقة عازلة
وكانت اسرائيل التي تراجعت عن رفضها فكرة نشر قوات دولية على الحدود بينها وبين لبنان، اقترحت ان تكون هذه القوات بقيادة حلف شمال الأطلسي، وأوضحت أنها تريدها قوات تتمتع بقدرات قتالية كافية لإبقاء مسلحي "حزب الله "بعيدا عن منطقة أمنية لم يتحدد نطاقها بعد بمحاذاة الحدود اللبنانية. بعضهم قال إنها بقعة بعمق 6 كيلومترات وبعضهم 30 كيلومترا، في حين يجري حديث عن بقعة من الحدود إلى مصب نهر الليطاني بين بيروت وصيدا.
وفي حين ذكر دبلوماسيون ان وزراء في بريطانيا وفرنسا يبحثون مع مسؤولين اسرائيليين التفاصيل المتعلقة بالقوات المقترح نشرها، وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت شروطاً على الاقتراح . أبرزها أن تكون القوات الدولية مقاتلة، وأن تستخدم في شكل أساسي لمنع تهريب الأسلحة عبر الحدود اللبنانية مع سورية.
و يصر محللون على أن الموافقة الإسرائيلية على استقدام هذه القوات تكتيكية وترمي الى كسب الوقت، لافتين إلى أنه منذ الإعلان عن السعي إلى تكوين هذه القوات صار الحديث عنها هواية وطنية في اسرائيل . فكل الاتصالات السياسية التي تجريها تحاول التركيز على هذه المسألة، وأخذت الدولة العبرية اسرائيل تطرح أفكاراً متنوعة في شأنها، منها الرغبة في نشر قوات عربية "غير شيعية" على الحدود مع سوريا لمراقبة المنافذ الحدودية، ومنها أيضاً الرغبة في ان تكون القوات ذات تفويض محدود، وأن تتشكل أساسا من الجنود الألمان، الذين تحفظت عن الفكرة مستشارة بلادهم أنجيلا ماركل.
ويعود التحول الإسرائيلي من فكرة نشر قوات دولية إلى أسباب عدة بحسب محللين استراتيجيين، أبرزها أن اسرائيل باتت تعي ان الهجمات الصاروخية ل"حزب الله" لا يمكن وقفها على المدى الطويل إلا بوجود جنود على الأرض يواجهون مقاتليه، ولا ترغب اسرائيل في أن يكون هؤلاء الجنود من جيشها، وتعتقد بأن قوات متعددة الجنسية تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني ستتمتع بفرصة أكبر لكبح جماح الحزب الشيعي الموالي لإيران.
وتشعر اسرائيل، التي كانت معزولة دوليا إلى حد كبير في معاركها السابقة في لبنان، بأن مصالحها تتطابق مع المصالح الأميركية والأوروبية وحتى بعض الدول العربية هذه المرة، باستثناء المواقف المتعلقة بالإصابات في صفوف المدنيين في لبنان، الأمر الذي يخدمها إلى حد كبير في تشكيل القوات الدولية بما يرضي تطلعاتها ويحفظ أمن حدودها الشمالية.
وفي هذا السياق اعتبر المدير السابق لمركز "جافي" للدراسات الاستراتيجية يوسي ألفر ان الدعوة الى التدخل الدولي هو تبدل كبير، لافتا الى "تغييرين ثوريين إسرائيلياً: الأول هو تطوير اسرائيل ممانعة لاحتلال لبنان خصوصا والأراضي العربية عموما، في نتيجة ل "الدروس المتراكمة" المستقاة من لبنان . والثاني هو تطوير اسرائيل "فهما أوسع للصورة الاقليمية" التي تتضمن تورط ايران وسورية، واعترافا بضعف الحكومة اللبنانية التي لن تتمكن إطلاقاً من مواجهة "حزب الله" من دون مساعدة دولية.
وقد سارع مسؤولون في واشنطن إلى إعلان ان القوات الدولية التي سيتقرر إرسالها الى لبنان لحفظ السلام لن تتضمن قوات اميركية، وان التخطيط المتعلق بتركيبة هذه القوات ومهماتها لا يزال في مراحل مبكرة . لكنهم توقعوا أن يراوح عديدها بين ١٠ آلاف و ٢٠ ألفاً بقيادة كتيبة من فرنسا او تركيا. وبالاضافة الى فرنسا وتركيا من المقرر ان ترسل كل من بريطانيا وايطاليا والبرازيل وباكستان والهند وحدات للمشاركة في القوات . وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إن ثمة قوات اميركية في كل من أفغانستان والعراق، ولا قوات فائضة وإضافية يمكن ارسالها الى لبنان .
ويلاحظ أن ثمة شكوكاً بارزة في احتمال تمكن دول الاتحاد الأوروبي وحدها من تشكيل القوات الدولية بسبب انقسامات واختلافات في مواقف هذه الدول، وطبيعي أن توصل ٢٥ دولة الى تبني نظرة واحدة إلى هذه المسألة هو أمر صعب للغاية. فبعضها يفضل تشكيل قوات دولية لضمان الاستقرار وفقا لاقتراح الأمين العام كوفي انان ، فيما تشترط دول أخرى، مثل فرنسا ،اعلان وقف للنار وتوافق طرفي النزاع على قبول مهمة القوات الدولية، وأن تتقدم بطلبها الحكومة اللبنانية بموافقة جميع الأفرقاء المشاركين فيها، أي بموافقة "حزب الله" - وهذا شرط صعب التحقيق لأنه من مهمات هذه القوات إنهاء "المقاومة" عملياً- وتضيف دول أخرى مثل المانيا شرطي اطلاق الجنديين الاسرائيليين الأسيرين وتوفير القدرة للقوات الدولية لضمان وقف النار والحفاظ على "حق اسرائيل في الوجود"، في تعبير يرده خبراء إلى شعور المانيا الخاص بالتزام حيال اسرائيل بسبب الميراث الخاص بمحرقة اليهود (الهولوكوست) أيام النازية.
ويبقى مجلس الأمن الطرف الوحيد المخول تحديد مهمات القوات الدولية في حال الاتفاق على ارسالها، وكذلك على حجمها ومدة عملها. والنقطة الأخيرة لا تزال غير واضحة بعد وإن رجح بعض الجهات الدولية ان تكون عاما ويتخللها رفع تقارير دورية من ممثل الأمين العام في لبنان غير بيدرسن إلى انان ومن ثم الى مجلس الأمن.
ولكن ثمة اجماع بارز على ان دور القوات الدولية المقترحة سيكون ردعياً، ولا يشبه الدور الذي تقوم به قوة حفظ السلام الموقتة (اليونيفيل) المنتشرة حاليا على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بعديدها من 2000 ضابط وجندي . علما ان قرار انشائها حدد لها مهمة التحقق من الانسحاب الاسرائيلي وفقاً للقرار الدولي رقم 425 ، بسط السلام والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على فرض سلطتها الفعلية على جنوب لبنان.
وتتوقع مصادر دبلوماسية ان تكون مهمة القوات الدولية الجديدة شبيهة بتلك التي نشرت عام 1999 في كوسوفو فتشمل مسؤولياتها:
- الحؤول دون تجدد الأعمال العدائية والحفاظ على وقف النار وفرض تطبيقه عند اللزوم.
- تجريد " حزب الله" وغيره من الجماعات الأخرى من السلاح ووضع حد لجميع الأعمال العسكرية.
- تهيئة بيئة آمنة للمهجرين كي يتمكنوا من العودة الى ديارهم بأمان.
- الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة.
- مراقبة الحدود.
وذكرت المصادر نفسها ان الاهتمام سيتركز على أمن هذه القوة الدولية، مذكرة بأن هجمات مجموعات اسلامية متشددة أجبرت القوة المتعددة الجنسيات على انهاء مهمتها عام 1984 في بيروت بعد سنتين على انتشارها في العاصمة اللبنانية بقيادة وحدات من الجيش الأميركي، كما ذكّرت بخطف الضابط في مشاة البحرية الاميركية الكولونيل ريتش هيغنز الذي تولى في ذلك الوقت قيادة المجموعة المراقبة التابعة للأمم المتحدة عام 1988 وقتله في الأسر.