صوت حزب الله الذي لم تستطع إسرائيل إسكاته
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف : حاولت الطائرات الحربية الاسرائيلية طوال المدة الفائتة ولمدة 25 يوما تدمير محطة حزب الله التلفزيونية "المنار"، وفي كل مرة كانوا يفشلون . وإلى حدٍ ما، أنتجت الشبكة الفضائية مزيجاً مؤثراً من الأخبار والدعاية من الاستديوهات المؤقتة. وكان بقاؤها المستمر قد مثّل إرباكاً للجيش الإسرائيلي الشهير، وأملاً متجدداً لدى المتعاطفين مع حزب الله.
ويتابع دانيال ماكغروري،مراسل صحيفة التايمز من بيروت، قُصِف مقر المحطة بطوابقه الخمسة في الضاحية الجنوبية من بيروت في الساعات الأولى من الحرب، ما تسبب في جرح خمسة موظفين. ولكن فريق العمل الذي كان يعمل تلك الليلة علم كيف يخلي المكان ويصل إلى استديو داعمٍ لهم، ولذلك توقفت المنار عن البث لمدة 10 دقائق فقط.
وفي الليالي الثلاث التالية عادت الطائرات وقصفت ركام المبنى بقنابل تزن 500 رطلاً بعدما تناقلت الإشاعات أن المنار تبث برامجها من مخبأ تحت الأرض.
ويُعتقد أن المحطة الآن تبث برامجها من شقق في بعض شوارع بيروت الأكثر عصرية، لكن مكان مذيعي أخبار المنار تشمله السرية والحماية كالتي يحظى بها المكان المخبأ للسيد حسن نصر الله قائد الحزب.
يقوم تقنيو القناة بتحريك أطباق أقمارهم الصناعية بسرعة تزيد عن سرعة مقاتلي حزب الله في تغيير قاذفات صواريخهم. والسؤال الذي يُطرح في إسرائيل هو لماذا لم يتمكن الجيش، بدعمٍ من جهاز المخابرات الهائل، من إسكات صوت حزب الله.
قال مدير العلاقات العامة في المنار إبراهيم فرحات: "كنا نعلم أن هذا اليوم آت، ولذلك اتخذنا التدابير الوقائية اللازمة في كل أنحاء لبنان."
وقال فرحات أنه ليس لديه أدنى فكرة عن عدد الاستديوهات التي ما تزال تعمل، وأنه لا يستطيع ولن يقول كيف نجحت المنار في تجنب التأثير على إشارتها الفضائية، لكنه أصر على "أننا نعتبر الاستمرار جزءاً من واجبنا، حتى لو كلفنا حياتنا."
كما قال أن عدة منشآت للمحطة كانت قد ضُرِبت، لكن الخدمة المعتادة تُستأنف دائماً بعد عدة ثوانٍ.
لا تستطيع إسرائيل تدمير القمر الدولي الذي تستخدمه المنار لأنها تشترك مع محطات غربية، وبالتالي عليها أن تجد وصلة طبق القمر الصناعي الخاص بالمنار الذي يُحمَل على شاحنات صغيرة أو أن تستهدف الاستديوهات السرية والموظفين.
وقال فرحات أنه قيل لموظفي المنار الـ 350 أنهم ليسوا بحاجة لأن يأتوا للعمل، لكنه أكد على أن أياً منهم لم يتغيّب. يتصل الموظفون ببعضهم من طريق الهواتف الخليوية التي لا يمكن تعقبها، وأسطول من السيارات التي تنقلهم إلى الاستديو.
رسالة المحطة صريحة وصامدة: المقاومة تنتصر، العدو يتألم.
إلى جانب الصور المتلاحقة لمقاتلي الحزب يهاجمون عبر الحقول ويحمّلون صواريخ الكاتيوشا، هناك صور لجنود إسرائيليين قتلى و"شهداء" حزب الله على أرض المعركة ترافقها موسيقى عسكرية مثيرة. وكل عدة دقائق تظهر صورة السيد نصر الله يعانقه المقاتلون أو صورته بينما يمسح على وجه أحد رجاله في الكفن. وتتكرر مقتطفات من حديثه تقريباً كل ساعة. كما يقف مذيع الأخبار الجوية أمام خريطة، مشيراً إلى الأماكن التي سقطت عليها قذائف حزب الله وإلى الأضرار الأخيرة التي لحقت بلبنان.
وبعد حصول المحطة على صور من التلفزيون الإسرائيلي، تزودها بتعليقات مهينة باللغة العبرية. فإيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يُصوّر على أنه مرتدياً العصابة النازية وله شارب كشارب هتلر، بينما تسيل الدماء من شفتي الرئيس بوش.
لكن المحطة لا تعتمد على الدعاية وحسب، فقد كانت المنار الأولى التي أعلنت اختطاف الجنديين الإسرائيليين في 12 يوليو بعد ساعةٍ من اختطافهما. وكانت الأولى التي أعلنت ضرب البارجة الإسرائيلية من قبل حزب الله، وأن الكوماندوز الإسرائيليين هاجموا بعلبك في الأسبوع الحالي. كما تعلن وبصورة مستمرة عن وفيات الجنود الإسرائيليين قبل أن تثبت إسرائيل ذلك.
كان خطاب السيد نصر الله الأخير ليلة الخميس قد صوره المصور الخاص، وأُعلِمت المنار خلال ساعة أن الشريط في طريقه إليها. وعندما ظهر على الشاشة رفع أصحاب المنازل أصوات أجهزتهم ليستمع إليه الناس في الشارع. لقد توقف غرب بيروت توقفاً شبه تام خلال الخطاب الذي استمر 40 دقيقة.
لكن فرحات أنكر أن المحطة تتلقى الأوامر من حزب الله. وقال: "إذا لم نصدق قصة أعطانا إياها حزب الله فإننا لا نعرضها." كانت المنار قد بدأت بثها في 1990، وتبلغ ميزانيتها السنوية 15 مليون دولار (8 مليون جنيه استرليني) وتدعي أن جمهورها يصل إلى 200 مليون في العالم الإسلامي.
لكن نجاحها يعتمد أيضاً على تصويرها مباريات كرة القدم والمسلسلات التلفزيونية العربية، وذلك لحشد التأييد لحزب الله.
وكانت الشركات الأميركية مثل بيبسي كولا وبروكتر وغامبل قد اعتادت أن تضع إعلاناتها في المحطة قبل أن تُدرج في القائمة السوداء التي وضعها البيت الأبيض باعتبارها القناة التلفزيونية الإرهابية الوحيدة في العالم. إن الضرر العظيم الذي أمكن لإسرائيل أن تسببه هو إعاقة برامجها بواسطة تركيب رسالتها على الشاشة.
لقد حوّلت الأسابيع الثلاثة الماضية مذيعي المنار إلى أبطال محليين. تقول فاطمة البري إحدى مذيعات القناة: "عندما أكون على الهواء أشعر وكأني أحارب العدو مع مقاتلي حزب الله، على الرغم من أننا نجلس على كراسينا في حين أنهم يحاربون في الميدان."
ترجمة: سامية المصري