أخبار

مرحلة جديدة في صراع القوى بالشرق الأوسط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عواصم: بعد حرب لبنان، يسود شعور بالنشوة في أنحاء من العالم العربي بأن ضربة قد وجهت، ليس فقط لإسرائيل، بل أيضا لآمال الولايات المتحدة فيإعادة تشكيل المنطقة. وقد عبر عن ذلك بقوة الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه الثلاثاء حينما قال إن "النصر" الذي حققه حزب الله له تداعيات واسعة. وقال الأسد "إن شرقهم الأوسط الجديد المبني على الإخضاع والإذلال، وإنكار الحقوق والهوية، تحول إلى وهم".

وفي إيران، كرر الرئيس محمود أحمدينجاد، الداعم أيضا لحزب الله، كلام الأسد حينما قال إن الولايات المتحدة "معنية بتحويل الشرق الأوسط إلى ملك خاص لها وليس شرقا أوسط حرا". وأضاف "إن ما تريده بلدان المنطقة هو شرق أوسط حر وهذا هو الفارق".

وقد أعلن زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله انتصاره وقال إنه نجح "فيما هزمت جيوش عربية كبيرة". ويتناقض ذلك مع الموقع الذي اتخذه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش والذي قال "إن حزب الله بدأ الأزمة ومني بهزيمة في هذه الأزمة. ستكون هناك قوة جديدة في جنوب لبنان". وقال المتحدث بلسان الخارجية الأمريكية شون ماكورماك إن خطاب الأسد مجرد "كلام صاخب". وأضاف "أعتقد أن الحكومة السورية تجد نفسها الآن في وضع أكثر عزلة بكثير مما كانت عليه سواء قبل شهر أو قبل ثلاث سنوات".

مكاسب على المدى القصير

والآن وبعد انتهاء القتال، أو على الأقل توقفه، يتم رسم خطوط المرحلة المقبلة من الصراع السياسي الأوسع في الشرق الأوسط. وعلى الأرجح ستظهر النتائج أولا، بشكل أو بآخر، في لبنان. من المحتمل أن الحكومة المركزية لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة ستتعزز إذا تم بشكل سليم تنفيذ خطة بسط سيطرتها وصولا إلى الحدود الإسرائيلية عبر نشر الجيش اللبناني وقوة حفظ سلام دولية.

وعلى المدى القصير على الأقل من المرجح أن يكتسب حزب الله دعما. فقد تصدى لإسرائيل ولم تحقق إسرائيل ما أعلنته من أهداف ومنها تحطيم حزب الله واستعادة جندييها المحتجزين. ولكن إذا مضت الخطة كما هو مخطط لها في جنوب لبنان، فإن أيام حزب الله باعتباره القوة العسكرية المهيمنة هناك ستكون معدودة. وقد يكتسب حزب الله مزيدا على الصعيد السياسي والاجتماعي ولكنه قد يخسر على الصعيد العسكري. وستكون هذه بمثابة لحظة هامة في الصراع الأوسع.

أقلية محاصرة

غير أن هناك مخاوف من أن الحرب ستلحق نكسة بآمال إحراز تقدم ديمقراطي أكبر في المنطقة. وتقول روزماري هوليس من معهد تشاتام هاوس البحثي في لندن "لقد ذهلت حينما بدا أن كوندي رايس تقول إن ما حدث يمكن أن يسفر عن عالم جديد جسور في الشرق الأوسط". وتابعت "ألم يلاحظوا أنه منذ بدأت الأمور تمضي على النحو ا لخطأ في العراق، مضى كل شيء على النحو الخطأ؟ لقد قضي التقدم الديمقراطي نحبه في الفلوجة. وبالنسبة لي من المذهل الإشارة أنه بالإمكان أن يتحول الوضع في المنطقة".

وأضافت "يعتقد بوش وبلير أن الطبقات الوسطى الديمقراطية العلمانية قادرة على أن تفتح الطريق غير أن الرد الذي يجيب به هؤلاء الأشخاص هو: ألا تدركون؟ بعد أن اقتحمتم طريقكم في العراق والآن بعد أن أطلقتم يد إسرائيل في لبنان هل تعتقدون أن بإمكانكم تحقيق ذلك؟". وأضافت "إنهم يشعرون أنهم باتوا أقلية محاصرة ويخسرون الأرضية لصالح المتطرفين، ليس أن الأسد لديه ما يفرح لأجله، إذ ليس هو نفسه في أمان".

مخاوف شيعية

وعلى الجانب الآخر يقول المعلق الإسرائيلي مارك هيللر من مركز جافي للدراسات الاستراتيجية إنه ثمة عامل خفي يتمثل في نوعية من العداء تشعر بها الكثير من الحكومات العربية تجاه حزب الله وإيران، وهو ما يجعل هذا الصراع ليس مماثلا للصراعات العربية
الإسرائيلية السابقة.

ويقول المحلل الإسرائيلي "بخلاف حماس، فإن حزب الله شيعي ولديه علاقات طويلة الأمد وحميمة بإيران". وتابع "بل أن حزب الله في لبنان خلق كمرآة لحزب الله في إيران". وقال "زعماء الحزب لديهم صلات بالقيادة الإيرانية وقد استمدوا قوتهم العسكرية من إيران وتدربوا ودعموا من قبل الحرس الثوري الإيراني". واستطرد قائلا "هذه الصلة تغذي الشكوك العربية من تصاعد المد الشيعي/الإيراني والموجودة منذ فترة". وإذا كانت هذه القراءة صحيحة، فإن أي أثر سلبي لهذه الأزمة على التقدم الديمقراطي في العالم العربي ربما يتقلص.

درس الكرامة

ومن المهم أيضا التذكر أن النشوة لا تستمر طويلا في الشرق الأوسط، بل أن الدروس طويلة الأجل لهذا الصراع لن تتضح إلا مع مرور الوقت. فتاريخ المنطقة مليء بلحظات التفاؤل البالغ واليأس الشديد التي توحي بأن شيئا ما سيحدث غير أن الأمور تسير إلى الجهة المخالفة. ففي عام 1968، وقعت معركة شهيرة في بلدة الكرامة على الجانب الأردني من نهر الأردن، فقد قاتل مسلحون فلسطينيون قوة مغيرة من الجنود الإسرائيليين وأعلنوا نصرا كبيرا يتم الاحتفال به حتى اليوم.

ويومها سارع العاهل الأردني آنذاك الملك حسين بالقول: "كلنا فدائيون"، غير أنه لم يمض عامان، رأى الملك حسين في الفلسطينيين دولة داخل الدولة، وتهديدا لابد من التعامل معه، وانقلب عليهم بجيشه البدوي، وسحقهم واضطرهم للفرار.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف