أخبار

اللحظة التي يجب أن تُستغل في لبنان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


ترجمة سامية المصري :كتب تشارلز كروثمر في صحيفة الواشنطن بوست أن سحر أي قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يبدو في مقدمته, التي تبدأ دائماً "باستعادة" كل القرارات السابقة المتعلقة بالموضوع نفسه والتي تم تجاهلها كلياً, ولذلك كان من الضروري إصدار القرار الحالي. ومن هنا تم إصدار القرار 1701: إذ قبل التكليف بعودة جنوب لبنان إلى سيطرة الحكومة اللبنانية, وضع مجلس الأمن سبع قرارات تعود إلى 28 عاماً, تطالب بالأمر نفسه.

ومع ذلك نحن مستعدون للتصديق بأن الأمم المتحدة تعني ذلك في هذه المرة. وعلى الرغم من ذلك, فإن حقيقة أن مسؤولية تطبيق القرارات تقع على عاتق مكتب كوفي عنان لا تُظهر تناول المشروع على محمل الجد منذ بدايته, وليس معروفاً إن كان ذلك يشكك في نزاهته أو قدرته أو حياديته.

وصحيحٌ أنه إذا كانت إسرائيل نجحت عسكرياً في أهدافها الإستراتيجية فلن تكون هناك حاجة لإصدار أي قرار. وفي هذه الحالة ستخلي إسرائيل جنوب لبنان من طرف واحد, وسيكون هناك شروط إملائية.

لكن هذا لم يحدث. فالحرب الأولى بين إسرائيل وحزب الله انتهت بتعادل, وفي هذا النوع من الحروب يذهب التعادل لصالح الإرهابيين. مع ذلك, لم يكن هناك أدنى شك في أنه لو كانت سمحت إسرائيل بالاستمرار بالهجوم الموسع الذي بدأته قبل وقف إطلاق النار بيومين, لكانت دمرت حزب الله نهائياً في الجنوب, ولو أنه سيكون مكلفاً جداً عليها وعلى لبنان والولايات المتحدة. ولذلك قيل أن الحرب توقفت.

وبتفادي هذه الإمكانية مع وقف إطلاق النار, كُلّفت الولايات المتحدة بمسؤوليات محددة. أعطت وزيرة الخارجية كوندليزا رايس تطمينات بأن هذا القرار لن يكون رسالة دون قيمة, فقد أُعطي الكثير من لغة الفصل السابع (الملزم قانونياً) لكي يكون فاعلاً, على أن يكون هناك منطقة حاجزة بالفعل فيما بعد نهر الليطاني, وأن تكون هناك قوة دولية صارمة تطبق قوانين الميثاق.

ولكن في غضون أيام, أصبحت هذه التطمينات واهنة. إذ صرح حزب الله بأنه لن يترك سلاحه, ورضخت حكومة السنيورة في بيروت لاتفاق مفاده لا تسأل-لا تتحدث, يُبقي حزب الله من خلاله على البنية التحتية الكاملة جنوب نهر الليطاني - المخابئ, السلاح, المقاتلين - مع الشرط الشكلي بأن أياً من ذلك لن يكون بادياً للعيان كثيراً. كما إن كل شيء سيبقى في محله انتظاراً للأمر ببدء الحرب ثانية في حال أصبح الوقت مناسباً.

وتمثل هذه الترتيبات عودة إلى الوضع السابق بصورةٍ أساسية, وتحديداً لما قالت الولايات المتحدة أنها لن تسمح به, إذ أن ذلك سيوضح كارثة إستراتيجية لقوى الديمقراطية والحداثة في المنطقة.

ويضيف كروثمر أننا في طريقنا إلى الرفض المطلق للحد الأدنى من الموقف الأميركي. إن الرهانات عالية جداً. وهي ليست كذلك كثيراً بالنسبة لإسرائيل, القادرة في النهاية على الاهتمام بشؤونها الخاصة. وفي الجولة الثانية الحتمية في الوقت الراهن, سترفض إسرائيل ممارسة حكومة أولمرت الفاشلة وسيكون لديها قيادة جديدة وتكتيكات جديدة ومعدات جديدة (على سبيل المثال, تصفيح جديد غالٍ للدبابات التي بدت ضعيفة جداً أمام السلاح المتطور الإيراني المضاد للدبابات).

إن أكثر شيء مهدد بالضياع من وجهة النظر الأميركية هو لبنان. لقد مثل لبنان الإنجاز الأكثر تشجيعاً لعملية الديمقراطية التي أُطلِقت بمخاطرة كبيرة مع احتلال العراق. كما وضع تحرر بيروت من النظام السوري وانتخاب حكومة موالية للغرب العلامة العالية في عقيدة بوش (وهذا بالتوافق مع الانتخابات الأولى في العراق التي أعطت الإلهام للأحداث في لبنان).

عمل كل من سوريا وإيران وحزب الله بعناية على تحويل التطور الكبير بالاتجاه العكسي, فقد دس حزب الله نفسه في الحكومة, وتوقف التحقيق مع سوريا بشأن مقتل رفيق الحريري. والآن, مع النجاح النفسي إثر الحرب مع إسرائيل, قد يصبح حزب الله القوة المسيطرة في جميع لبنان, وقد يتلقى الجيش اللبناني في الجنوب الأوامر من حزب الله. إن حزب الله لم يعد دولة داخل دولة, بل أصبح الدولة, وذلك بتقليص دور حكومة السنيورة لتعمل كواجهة له.

وبالتالي, فإن التأكيد على إضعاف قوة حزب الله لتحجيمه من قبل القوة الدولية مع إلزامٍ صارم بنزع السلاح أمر حاسم جداً. وعلى الرغم من كل تفاخره, فإن حزب الله عانى كثيراً من الناحية العسكرية, مع خسائر كبيرة للمقاتلين والمواد والبنى التحتية. الآن, هي لحظة الضعف القصوى. لكن هذه اللحظة لن تطول, فإعادة الإمداد وإعادة البناء قد بدأت في الحال.

هذا ليس الوقت المناسب ليقول سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة حينما سئل عن إنشاء قوة دولية أن "هذه مسؤولية الأمانة". ربما هي كذلك على المستوى الرسمي, لكن إذا لم نعمل كثيراً خلف الكواليس للتأكد من أن جماعة ما تحصل بالفعل على الجنود بسرعة وتتسلح بالمعدات المناسبة والتفويض المناسب فستضيع اللحظة, وسيضيع لبنان معها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف