أخبار خاصة

دعاء ... اليزيدية التي رجمت حتى الموت في بعشيقة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

دعاء زيد بنيامين: كانت الام تحتضن التراب بين يديها... تبكي وتصيح (تعالي الى امك يا دعاء) ... تختنق الكلمات وتتبعثر (اخر شيء قلتيه لي انك جائعة ، عودي معي الى البيت، ساعد لك الطعام واقدمه لك بكلتا يدي) .. تلك كلمات بديعة اسود او كما تعرف بـ (ام دعاء) .. دعاء تلك الفتاة اليزيدية التي رجمت حتى الموت من قبل اقربائها ومجموعة من ابناء قريتها بعد ان اتهمت بأقامة علاقة غير شرعية مع رجل مسلم... تواصل الام بكائها على قبر ابنتها بعد رحيل الاخيرة بسبعة اشهر... وتقول لصحيفة التايمز (ابنتي تعاني من العطش) فتاخذ الماء لترشه على قبرها (اشربي يا ابنتي .. اشربي يا نور عيني.. اشربي بعض الماء) .. سبعة اشهر مرت منذ ان تم رجم دعاء (17 عاماً وقت وفاتها) بالحجارة في سوق بمدينة بعشيقة شمال العراق بعد ان عثر عليها في الاحراش مع مهند (19 عاماً) ، لم يكن يربطهما علاقة جنسية كما شك معظم الذين شاركوا في رجمها.. اليزيديون الذين تنتمي اليهم دعاء يعتبرون من الذين يعبدون الشيطان كما هو راسخ في ثقافة المجتمع السني المسلم الذي ينتشر في شمال العراق .. المجتمع الذي ينتمي اليه مهند.

عائلة دعاء تحدثت للمرة الاولى عن تفاصيل ما احيط بمقتل دعاء التي وجدت نفسها تسحب الى سوق المدينة رغما عنها لتنفيذ حكم الرجم فيها على مرأى الناس حيث تم تصوير الواقعة بالفيديو ونشرها على الانترنت ..

وفقاً لسجلات وزارة حقوق الانسان في شمال العراق فان 598 إمرأة عانت من الضرب او القتل بالرصاص او الحرق او الرمي من فوق مبنى عال او اجبارهن على تناول مواد سامة او سحقهن تحت مركبات ثقيلة او خفيفة او تم اغراقهن او دفعهن لقتل انفسهن خلال عام 2007 مقابل 553 إمرأة خلال عام 2006 ..

ووفقاً لتفاصيل مقتل دعاء .. كانت الساعة حوالي السابعة من مساء يوم الخامس من ابريل حينما اخبرت دعاء عائلتها انها تنوي التخلص من النفايات ثم اختفت .. في صبيحة اليوم التالي تلقت العائلة مكالمة من رجل رفض الكشف عن اسمه تحدث عن مشاهدته لدعاء بصحبة رجل مسلم مهدداً بانه سيقتل دعاء "من اجل غسل عارها" .

حال سماع والدها خليل (49 عاماً) والذي يعمل مسؤولا في الدفاع المدني و اخيها نبراس بتفاصيل المكالمة قررا الذهاب الى الشرطة .. خلال ساعات تم اكتشاف امر الثنائي بين الاشجار ومن اجل تخفيف الاحتقان الحاصل بسبب ذلك تقرر نقل دعاء الى بيت الشيخ سليمان سليمان وهو شيخ اليزيديين في القرية في الوقت الذي كان فيه اقرباءها يختلفون فيما بينهم ان كان عليهم قتلها او ابقاءها على قيد الحياة..

عمها سالم (65 عاماً) وهو يدرس العلوم في المدرسة الابتدائية في القرية ساند قرار زعيم القبيلة عمر حامكو (73 عاماً) قرر ان قتل دعاء هو افضل طريقة للتخلص من العار الذي الحقته اما الوالد فقد عرض ان يتم تزويج دعاء من احد ابناء عمومتها ويتم نقلها الى سوريا " قد اقترفت خطأ كانت تستحق عليه العقاب وليس الموت" يقول الوالد الذي يضيف "انا ارفض ان يتم قتل ابنتي".

كان العم يصر على رأيه باعتباره الرجل الاكبر سناً في العائلة بان يتم التخلص من دعاء مقابل اصرار الوالد بالرفض حتى طلب الاخير من اخيه الخروج من بيته ..

كانت الام قد شدت الرحال الى بيت الشيخ سليمان لرؤية ابنتها " لقد قالت لها انها مازالت عذراء، لقد اقسمت لي بذلك" وهو الامر الذي اثبته الطب الشرعي فيما بعد " لم افعل اي شيء خاطئ يا امي" .. كانت تلك كلمات دعاء الاخيرة التي تستذكرها الام وهي تحتضن قبر الابنة اليوم.

في اليوم التالي السابع من ابريل اتصل حامكو رئيس القبيلة بسالم عم دعاء ليطلع العم على خطة للتخلص من العار حيث اقترح خنقها خارج القرية.. سالم ارسل ابناءه وعدد من اقربائه وعدد من اعضاء الحزب الذي ينتمي اليه من اجل محاصرة بيت الشيخ ورمي طلقات نارية في الهواء "لقد حضروا وفي اياديهم الحجارة والرصاص، كانوا يصرخون والغضب واضح على وجوههم" يقول الشيخ سلمان واصفاً تفاصيل تلك اللحظات..

الشيخ يؤكد انه لا يؤيد قتل دعاء بتلك الطريقة رغم انه يؤيد موتها "الشرف امر كبير هنا.. وكل واحد فينا يتعامل معه بصورة مختلفة" ويضيف "كان على عائلتها غسل عارها ربما بقتلها برصاصة واحدة، باي طريقة اخرى غير الطريقة التي تم بها ما جرى".

ويؤكد الشيخ سلمان "لا يوجد اب في العالم لا يحب ابنته ، حينما يقوم الاب بقتل ابنته لغسل عارها فهو يحطم قلبه بتلك الخطوة ، لكن على الاباء فعل ذلك، والا سيتم نبذهم" .

والدة دعاء تلوم الشيخ سليمان لما حدث في ذلك اليوم .." لقد ارسلها الى الخارج .. كان شابة يانعة لا تستطيع الدفاع عن نفسها" ويبين تصوير الموبايل ان الفتاة اخذت من امام دار الشيخ الى السوق في الوقت الذي يصرخ الناس حولها ويتفرج رجال الشرطة...

في السوق عانت دعاء من وابل من الحجارة وفي لحظات اصطبغ وجهها وملابسها بالدم ومن بين من رمى عليها الحجارة كان هناك افراد من عائلتها من طرف والدها واراس من طرف والدتها..

ويبين تصوير الفيديو اقتراب اراس من وجه دعاء التي كانت تضع يديها على وجهها لتفادي الحجارة ويقوم برمي حجارة كبيرة على راسها من اجل انهاء حياتها وابلغ الشرطة بعد ذلك " لقد فعلت ذلك لارحمها ومن اجل انهاء حالتها المزرية" .. اراس مازال سجينا حتى الان بينما فر العم وزعيم القبيلة فيما سمى الوالد 20 شخصاً شارك في قتل ابنته في تلك اللحظات العصيبة...

لم يخبر احد الوالدين ان ابنتهما قتلت الا بعد مضي يوم كامل ... فقام اخويها بالتفتيش عن جثتها وانتشالها من الاحراش لدفنها في المقبرة .. لكن حتى قبرها لم يسلم من الهجوم..

العائلة مازالت تعاني ... قبل شهر واحد فقط تم رمي حجارة على شباك المنزل وتم كسره .. وهو ما يعني ان عليهم الرحيل... حالهم حال الاسر الكردية التي تعاني من تبعات مثل هذه الامور حيث هناك يومياً فتاة كردية تقتل تحت طائلة جريمة الشرف .. وفي مسعى من السلطات للحد من هذه الجرائم فقد تم سن قانون عام 2002 يقضي بتجريم اي شخص يشارك في هذا النوع من عمليات القتل ويقضي القانون بالاعدام وهو ما حد من هذا النوع من الجرائم رغم ان البعض قد وجد طريقة ينفذ فيها جرائم الشرف باجبار الضحية بقتل نفسها او باي طريقة اخرى ليهرب من العقاب بحسب منظمات حقوق الانسان.

تركنا الام وهي تبكي "ادعو عليهم ان يحرقهم الله في جهنم" وتواصل رش الماء على قبر ابنتها كما لو كانت تحمم طفلتها الصغيرة " لقد كنت ابنة بارة ... لقد كنت الشرف نفسه... وانا افتقدك كثيراً ... ارجوك زوريني في احلامي... اتوسل اليك".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف