اليمن: وزراة الإعلام سيف مسلط على رقبة الحرية
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اليمن: وزراة الإعلام سيف مسلط على رقبة الحرية
إيلاف تفتح ملف الحريات الصحافية العربية
انجازات بمبادرات حكومية..في الإمارات
واعلام داخلي خاضع لسلطة تملكهالأردن: إعلام يترنح بين
مرجعيات متعددة ورقابة حكومية عزت مصطفى من صنعاء: نالت الصحافة اليمنية حرية وانفتاحًا حديثي العهد، وارتبطا بالوحدة بين الشطرين الشمالي والجنوبي في آيار (مايو) 1990 وقيام الجمهورية اليمنية التي أخذت الدمقرطة نهجًا سعت إليه، إلا أن كثيرين يرون أن التجربة التي لم تبلغ أربع سنوات تراجعت، إثر الحرب بين شريكي الوحدة قي صيف 1994. وإذا ما نظرنا للمشهد من الصور الأخيرة له، فإن مطالبات صحافية بدأت تنهض في سبيل تحرير الإعلام من الهيمنة الحكومية. ويبدو أن حرب صعدة بين الجيش والحوثيين أيقظت الصحافيين الذين غفوا عن المطالبة بمزيد من الحريات الصحافية، وعلى الرغم من أن الانتهاكات استمرت بحقهم خلال اكثر من عقد منذ الإقرار بحرية العمل السياسي والإعلامي في البلد، إلا أن الصحافيين بدؤوا يتحركون حين تجاوزت أذرع السلطات ضرب الصحافيين لتطال الوسائل الإعلامية. سبعة عشر اعتصامًا نفذت على التوالي للمطالبة بتحرير الإعلام، منذ بدأت أجهزة الحكومة حجب مواقع إلكترونية وخدمات الأخبار عبر الموبايل لدواعي نشأت عن الحرب بين الجيش وجماعات مسلحة في صعدة الشمالية، تبعها ندوة واسعة حول ضرورة تحرير الإعلام. "إيلاف" وهي تفتح ملف الحريات الصحافية في اليمن سألت اثنين من القانونيين المهتمين بهذا الشأن، إذ يرى المحامي جمال الجعبي ردًا على سؤالنا حول دور وزارة الإعلام وعلاقتها بالحرية الصحافية، أن دور وزارة الإعلام يتعارض مع الحرية الصحافية، فالوزارة في تصميمها وثقافتها وجدت لتكمم الأفواه وتحد من مساحة الحرية الصحافية على حد قوله .
ويضيف " أن وزارة الإعلام ليس في اليمن وحسب ولكن في الأنظمة العربية كلها تمثل ثقافة الاب المتسلط التي تعمل بالمقولة الفرعونية (لا أريكم إلا ما أرى) هذه الثقافة التي تمارس سلطة على المجتمع ووسائله، حيث تكون هناك عائلة هي الصحافي أو الإعلامي والمتلقي وهما طرف ناقص الأهلية وغير قادر على الاختيار أو معرفة ما ينفعه أو يضره، لذلك يقوم رب الأسرة باختيار السليم والمناسب لأفراد الأسرة، وعليه فإن وزارة الإعلام وفق هذه النظرية هي الأب الذي يمارس وصايته وبالتالي لا يمكن الحديث عن بيئة ديمقراطية صحيحة في وجود وصي وحارس للقيم والأخلاق خاصة إذا كان هذا الوصي يرى أعداءً يتربصون بمن هم تحت وصايته، وهؤلاء الأعداء هنا ليسوا من الخارج ولكن من الداخل، أي أن الإعلام الحر هو الخطر الذي تتصدى له وزارة الإعلام وتكسر أقلامه وتكمم أفواهه، ولا بأس -حسب سياستها- من الضرب والسجن إذا تجاوز الصحافيون حدودهم" . ويذهب الجعبي في حديثه إلى المطالبة بإلغاء وزارة الإعلام، وعلى الرغم من أن المحامي عبدالباسط الغوري يتفق مع الجعبي حول الدور السلبي الذي تؤديه وزارة الإعلام، إلا أنه يعارض إلغاءها.
يقول الغوري: "إنها آلة تابعة مطيعة عمياء للحزب الحاكم تتحرك بأوامره ولو كانت إجراءاتها تخرج عن إطار القانون الذي ينظمها، لا سيما أنها عادة ما تقوم بحجب الحقائق الجارية وحرمان الجمهور من حقه في الإعلام، والأدلة كثيرة على مصادرتها لهذا الحق منها أحداث صعدة، وأحداث كثيرة لا يتسع المقام لسردها". وعن موقفه من المطالبة بإلغاء الوزارة يقول الغوري: "هذا قول لا أقبل به؛ وإن كنّا نسلم أن الفساد مستتب في الوزارة، فإن المطالبة بإلغائها هو هروب من مكافحة الفساد". وبالنسبة إلى المحامي جمال الجعبي فإنه يذهب الى أبعد من مطالبته بإلغاء الوزارة إلى إلغاء قانون الصحافة والمطبوعات، وهو ما يتفق بشأنه نسبة كبيرة من الصحافيين أيضًا، فهو -الجعبي- مع إصدار قانون يتيح الحرية في الحصول على المعلومات ومعاقبة من يمتنع عن توفيرها، باعتبار ان حرية تداول المعلومة هي المرادف لحرية الصحافة، وبالمقابل إلغاء قانون الصحافة الحالي ومشروع القانون المطروح أيضًا، إذ إن المطالبة بإلغاء القانون حسب وجهة نظره تقوم على وجوب الاعتماد على نظام القضاء المدني في القضايا المتعلقة بالصحافة، بحيث أن من يتضرر من موضوع أو خبر منشور يجوز له اللجوء إلى القضاء المدني للتعويض. من جهته يتفق المحامي عبدالباسط الغوري مع الجعبي حول سوء قانون الصحافة المعمول به، وهو يرى أن قانون الصحافة مثله مثل قانون التظاهر، وقانون حماية الوحدة، وقوانين أخرى لا تعدو عن كونها لسان الحاكم لإسكات وقتل الصحافة، ويضيف "إن من شأن مجارات هذا القانون أن يؤدي إلى أخذ الإذن قبل النشر كي لا تقفل الصحيفة ويسجن الصحافي". إلا أن الغوري يعارض في النهاية مبدأ إلغاء قانون الصحافة فهو يعتقد أن إلغاءه كليًا، من شأنه التهاتر والتشاحن والتضارب.. أي الفوضى؛ ويختتم: "بيد أنه يمكن القول بتعديله بما يحقق التوازن في الوسائل والأهداف والتجريد". أبرز الصحافيين اليمنيين المعنيين بقضية الحريات الصحافية عبدالباري طاهر، يرى أن مرونة أكبر في إصدار وتملك وسائل الإعلام كانت متوافرة إبان الاحتلال البريطاني لعدن عما هي عليه الآن، وهو يقول: "لقد سمحت الإدارة البريطانية بحق الإصدار للصحف والمجلات والإبلاغ ـ بوساطة البريد لتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات بدلاً من حق التصريح المعمول به اليوم في الجمهورية اليمنية. فمجرد العلم والخبر كان كافيًا للإصدار أو التأسيس للحزب أو الجمعية أو النقابة أو الصحيفة" . ويضيف عبدالباري طاهر وهو نقيب الصحافيين الأسبق، أن النظامين في صنعاء وعدن قبل الوحدة، اختلفا على كل شيء في السياسية والاقتصاد والاجتماع والثقافة ولكنهما اتفقا على شيء واحد وحيد هو قمع الحريات ومصادرة الرأي الآخر .
ويزيد في دراسة حديثة له حول "تحرير الإعلام" بالقول: "لا تقبل الدولة الحديث ـ مجرد الحديث بل ولا تتصور ـ عن التخلي عن احتكار التلفزيون والإذاعة بصورة خاصة والصحافة الحكومية بصورة عامة. وللأسف الشديد فان المطالبة والدعوات إلى عدم احتكار وسائل الإعلام وبالأخص المسموعة والمقروءة لا تزال محدودة وضعيفة في مجتمع عربي تصل فيه الأمية الأبجدية إلى 60 % أما الأمية المعرفية فسيدة الموقف وتتجاوز الـ 80 % ويكفي أن نعرف أن أعظم مفكر كطه حسين أو روائي كنجيب محفوظ أو شاعر كصلاح عبد الصبور أو البردوني أو درويش لا يطبع أكثر من خمسة آلاف نسخة" .
ويضيف: "تعتبر الإذاعة والتلفزيون خطًا أحمر في نظر الدولة العربية المستبدة وتحاذر المعارضة السياسية والنقابات الصحفية الرسمية وشبه الرسمية الاقتراب منه" . وشأنه شأن صحافيين كثر يطالب عبدالباري طاهر بالتزام الدولة بإلغاء وزارة الإعلام وإعادة النظر في القوانين القامعة للحريات الصحفية وحرية الرأي والتعبير في قانون الصحافة والقوانين الأخرى المجرمة. مثل قانون الوثائق والمرافعات الجزائية والعقوبات وبعضها يحكم على الصحافي في مخالفة رأي أو إفشاء معلومات بالإعدام .
ويخلص طاهر إلى القول إنه دون تفكيك احتكار الإعلام الرسمي، فإن الحريات الصحافية تبقى منقوصة وتجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل الحديث عن ديمقراطية حقيقية أو تداول سلمي للسلطة . وتتفق د.رؤوفة حسن في دراسة لها بذات الشأن مع عبدالباري طاهر، إذ تقول أستاذة الإعلام، إن تحرير الإعلام يبدأ بتحريره من سيطرة الحكومات وذلك بجعل ملكية الحكومة للوسائل الإعلامية ممنوعة نهائيًا كهدف أساسي يضمن الحرية ويحقق التحول الديمقراطي الحقيقي والشامل. وإذا ما تذكرنا "إعلان صنعاء" الصادر عن حلقة التدارس بشأن تعزيز استقلال وتعددية وسائل الإعلام العربية التي عقدتها اليونسكو عام 1996، لا يزال الصحافيون اليمنيون يطالبون صنعاء التي انبثق الإعلان منها بمراعاة التوصية الأولي التي أوردها إعلانها وتنص على "ينبغي أن تقوم الدول العربية بتوفير الضمانات الدستورية والقانونية لحرية التعبير وحرية الصحافة، وبدعم هذه الضمانات في حالة وجودها، وأن تلغي القوانين والإجراءات الرامية إلى تقييد حرية الصحافة، وإن نزوع الحكومات إلى وضع "خطوط حمراء" خارج نطاق القانون ينطوي على تقييد لهذه الحريات، ويعتبر أمرًا غير مقبول".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف