إتفاق مكة نسخة فلسطينية للطائف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إتفاق مكة نسخة فلسطينية للطائف
رهان على المبادرة السعودية لنزع فتيل الأزمة
خلف خلف وبشار دراغمه من رام الله- سمية درويش من غزة-الرياض-وكالات: تتجه أنظار الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية، على أمل أن ينجح الحوار المقرر عقده اليوم في مكة المكرمة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حركة "حماس" خالد مشعل، بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بناء على الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للأفرقاء الفلسطينيين بهدف الحوار ووقف الاقتتال الدامي.
ويتطلع الفلسطينيون إلى اجتماع قياداتهم اليوم كفرصة أخيرة لإبعاد شبح الحرب الأهلية الذي يخيم على الأراضي الفلسطينية، ذلك أن كل الشواهد تدل على أن تلك الحرب آتية لا محال في ظل اشتعال الاشتباكات بين حركتي فتح وحماس بين الفينة والأخرى. فموجة الأحداث الدامية التي حدثت قبل يومين ذهب ضحيتها ما يزيد على 100 فلسطيني بين قتيل وجريح. ورغم ذلك يراهن الفلسطينيون على تجاوز المرحلة العصيبة، وتمكن الفصيلين خلال اجتماعهما في مكة على تجاوز هذه المرحلة الحرجة، آملين في أن يكون الاتفاق الفلسطيني المرتقب على غرار اتفاق الطائف اللبناني.
ووصل امس الى المملكة العربية السعودية وفدان رفيعا المستوى يمثلان حركتي فتح وحماس. والمتوقع ان يفتتح خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز جلسات الحوار قبل أن يترك الوفدين ليحلا جميع الخلافات برعاية سعودية ولكن من دون تدخل.
ويرى نبيل عمرو مستشار الرئيس الفلسطيني الإعلامي أن المملكة العربية السعودية قادرة على حل الأزمة الفلسطينية- الفلسطينية في حال صممت على ذلك، وذلك يعود لثقلها العربي والإسلامي، وقد عبر في تصريحات صحافية عن اعتقاده بأن اجتماع مكة هو عبارة عن فرصة تاريخية جاءت من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في الوقت المناسب، وبالتالي فهي فرصة لا تتحمل الفشل، وأكد أن الرئاسة الفلسطينية تسعى بكل جهدها من أجل إنجاح هذا المبادرة وتحقيقها لأهدافها المتوخاة.
بينما أكد غازي حمد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية أن هنية يترأس وفد حماس، وأنه يغادر للمغادرة للمملكة العربية السعودية عبر معبر رفح الحدودي. وشدد على أن الحكومة الفلسطينية ستعمل كل ما في وسعها لإنجاح الحوار الوطني ووضع كل الإمكانيات لتسهيل وصول كافة الأطراف المعنية إلى صيغة توافق وطني بشأن القضايا ذات الخلاف وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وتبدو تطلعات الشارع الفلسطيني للحوار متفائلة، وبخاصة بعد دعوات وتصريحات لخالد مشعل الذي أعلن أن لقاء مكة ممنوع أن يفشل، ويقول المواطن عبد الله فريد: أعتقد أن فرصة التوصل إلى تفاق هذه المرة كبيرة، وبخاصة أن الأمور باتت تتدهور، وهو ما يتطلب من قيادتنا الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، قادرة على رفع الحصار وتوفير حياة كريمة وهادئة ومستقرة للمواطن الفلسطيني الذي ضاق الآمرين خلال الأشهر الماضية.
أما الطالبة في الجامعة مريم علي فعبرت عن اعتقادها بأن الاجتماع سينجح لاعتبارات عدة، منها أنه لا بدائل لدى حركة حماس وستضطر إلى التسليم في نهاية المطاف، فهي لا يمكنها الوقوف أمام العالم. وأشارت الى أن حماس لم تستفد من تجربة فتح في هذا المضمار، أما الاعتبار الثاني فهو أن المملكة العربية السعودية لها ثقلها العربي وفي إمكانها دفع الأطراف الفلسطينية المتحاورة نحو الوصول الى حل وسط، ويضاف لذلك أن الخيارات الأخرى تعني حرب أهلية.
بينما يقول الحاج "أبو جميل": "لا أعرف ان كان هذا اللقاء سينجح أم لا، ولكني فقدت الثقة في كل ما يقال عنه فتح وحماس، بسبب ما جرى ويجري، فأنا أعرف أن الأخوة لا يتقاتلون وأن عدوهم واحد، فهل نسينا القضية الفلسطينية الآن وباتت القضية الرئيسية الآن حل المشاكل بين فتح وحماس؟".
بدوره عبر الشاب سائد عبد الغني عن رأيه قائلا: "نتمنى أن ينجح الوفد الفلسطيني في الوصول إلى إتفاق شامل يخرجنا من المأزق الحالي، وننجح في تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التعامل مع العالم تنقذنا مما نحن فيه، وانا اناشد الرئيس عباس وخالد مشعل التحدث بهدوء وعقلانية وإبعاد التعصب الفئوي والحزبي عن عيونهم، فالشعب الفلسطيني الآن أحوج ما يكون إلى التوحد".
والحاج "أبو سميح" في منتصف العقد السادس من عمره يتكىء على عكازه في شارع عمر المختار الرئيسي في غزة ، أعرب عن أمله في ان ينجح الحوار المقرر في مكة المكرمة ، مشيرا إلى أن هذا الحوار هو الفرصة الأخيرة للأطراف المتناحرة. وقال لـ"إيلاف" :"السعودية الدولة الوحيدة القادرة على إنهاء مشاكلنا" ، مشيرا إلى ان المملكة "ليست ليس لديها أي أجندات خاصة ببلدنا لذا هي الأقوى على تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء ، والمساعدة في تخطي الأزمة الداخلية".
ولم يختلف رأي الموظفة نسرين، 34 عاما، عن رأي الحاج الستيني ، فأكدت ان "السعودية قادرة على دور مهم لانتشال الشعب الفلسطيني من شبح الحرب الأهلية". ودعت الأم لثلاثة أطفال ، الزعماء المتحاورين إلى "الالتقاء على نقطة وسط وإن في الحدود الدنيا ، لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني" ، مؤكدة ان "الحياة في غزة باتت كسجن وعذاب في ظل الخوف والرعب من نيران الأطراف المتناحرة".
وقال المحلل السياسي والكاتب الصحافي عمر الغول:"إذا أجاد الراعي السعودي إدارة المحادثات بين الطرفين في شكل غير مباشر ، وألقى بثقله السياسي والمالي والديني ، فانه سيتمكن من إحداث النقلة المطلوبة في مواقف كل من فتح وحماس ، إلا إذا كانت حماس غير جادة في بيع السعودية هذا الموقف ، حتى لا تخسر الحليفة قطر، التي تسوقها في الأوساط الإسرائيلية والأميركية"، على حد تعبيره.
وأوضح ان "حركة حماس وحكومتها في حاجة ماسة إلى توسيع نطاق علاقاتهما مع النظام السياسي العربي، الذي تعتبر السعودية احد أهم مفاتيحه، وتفترض أن السعودية في حاجة لها ، ولهذا ستسعى إلى إرضائها بهدف استقطابها ، ونقلها من الملعب الإيراني إلى الملعب العربي عموما والسعودي خصوصا" ، مشيرا إلى ان "حماس والحكومة تعتقدان أن الدور السعودي قد يكون أكثر تأثيرا في تجسير العلاقة بينهما والإدارة الأميركية ، ولهذا تسعى حماس إلى تحقيق مكاسب الآن على الأرض ، وخاصة في محافظات غزة لتؤكد للسعودية وغيرها من الدول العربية، ان حماس رقم أساسي في المعادلة الفلسطينية ، لا يمكن أي طرف تجاوزها ، أي ان حماس ترى ان ترفع قيمة فاتورتها قبل وصولها ارض الحجاز".
وكان تحرك العاهل السعودي انطلق في بادرة سريعة وبدون أي أجندات خاصة لإخماد النيران التي باتت تهدد المنطقة كلها بسبب التلاعب الخارجي لدول لطالما دأبت منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية على استخدام القضية الفلسطينية كمجرد رقم لتعزيز مكانتها في المعادلة الشرق أوسطية.وكانت العاصمة السورية دمشق في 21 من الشهر الماضي ، قد خيبت آمال الفلسطينيين التي علقت حينها على لقاء عباس - مشعل الذي عقد بعد جهود في إحداث نقلة نوعية في الأزمة الداخلية الفلسطينية.
لقاء عباس ومشعل في مكة سيكون بمنأى عن اي تدخل
اعلنت الحكومة السعودية في اجتماعها الاسبوعي الاثنين ان اللقاء المرتقب الثلاثاء بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل سيتم "بمنأى عن اي تدخل من اي طرف آخر". ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية ان مجلس الوزراء السعودي "رحب باستجابة الاشقاء الفلسطينيين للنداء الذي وجهه خادم الحرمين الشريفين لعقد لقاء فلسطيني فلسطيني في رحاب بيت الحرام في مكة المكرمة بمنأى عن اي تدخل من اي طرف آخر".
واضافت الوكالة ان مجلس الوزراء "اعرب عن تطلعه لان يكون هذا اللقاء تجسيدا لاستقلالية القرار الفلسطيني وقيام القيادات الفلسطينية بمسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني دون سواه". وافيد ان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز وولي العهد الامير سلطان بن عبد العزيز وصلا مساء الى جدة قادمين من الرياض. وافاد مصدر دبلوماسي فلسطيني ان العاهل السعودي وولي عهده سيلتقيان عباس ومشعل قبل بدء لقاءاتهما.
انتهاء أزمة الرهائن بين حماس وفتح
وكشفت مصادر فلسطينية من حركتي فتح وحماس لـ"إيلاف" ، عن انتهاء أزمة الرهائن بين الجانبين، وذلك للدفع باتجاه إنجاح الحوار الفلسطيني الفلسطيني المقرر عقده يوم غد الثلاثاء في مكة المكرمة. وكانت المجموعات المسلحة من حماس وفتح، قد دأبت خلال الفترة الماضية على عمليات الخطف المتبادل في الشوارع بهدف ممارسة الضغوط ، إلا أن أي منهما لم ينجح بلي ذراع الطرف الأخر .
وبحسب تلك المصادر ، فسيتم الإفراج عن شرف دحلان ابن شقيق النائب محمد دحلان عضو المجلس الثوري لحركة فتح الذي اختطفته كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحماس ليلة السبت الماضي . وفي خطوة للضغط على القسام للإفراج عن دحلان الذي قالت القسام انه اخضع للتحقيق ، قامت مجموعة مسلحة في رام الله بالضفة الغربية مساء اليوم بخطف عرفات ناصر مدير مكتب وزير الداخلية سعيد صيام وذلك للضغط على القسام للإفراج عن دحلان.
ويأتي هذا كله في وقت يترقب الشارع الفلسطيني بقلق ما ستسفر عنه قمة مكة، حيث الفرصة الأخيرة على صعيد الحوار الفلسطيني. وقد حذر كمال النيرب الأمين العام الجديد للجان المقاومة الشعبية ، من المخاطر الكبيرة التي قد تترتب على فشل الحوار بين قادة فتح وحماس في مكة المكرمة. وقال أبو عوض احد المطاردين من قوات الاحتلال الإسرائيلي من ثمانينات القرن الماضي في أول ظهور له أمام عدسات الصحافيين بغزة ، أن الساعات القادمة خطيرة ومهمة في حياة الشعب الفلسطيني، واستطرد قائلا ، " إذا ما فشل الحوار سنكون قد وصلنا إلى حرب أهلية ستحرق الأخضر واليابس". ويشار إلى أن النيرب قد تسلم الأمانة العامة للجان المقاومة عقب اغتيال أمينها السابق جمال ابو سمهدانه "ابو عطايا" ، ليلة الثامن من حزيران "يونيو" العام الماضي في قصف صاروخي استهدف موقع تدريب برفح جنوب قطاع غزة.
الفصائل الفلسطينية تطالب بمحاكمة ممارسي الفلتان الأمني
وفي السياق نفسه دعت الفصائل الفلسطينية إلى ضرورة تفعيل لجنة التحقيق المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية في غزة للوقوف ومحاسبة من ارتكب جرائم بحق الوطن والمواطن ولقطع الطريق على اية جهات مشبوهة تحاول زعزعة الاستقرار الداخلي .
ودعت الفصائل في بيان مشترك لها باسم القوى الوطنية والإسلامية تلقته (إيلاف) إلى سحب المسلحين من الشوارع فورا ومنع اية مظاهر مسلحة خارج اطار الاجهزة الرسمية والشرعية متزامنا مع وضع قانون يسري فورا في اطار ترتيب وضعها واخذ صلاحياتها وملاحقة ومحاسبة اي خروج عن الصف الوطني، والعمل على حل كل الميليشيات والاطارات الغير رسمية وحل القوة التنفيذية واية قوى اخرى ودمجها في اطار الاجهزة الرسمية والشرعية .
وطالب البيان بالوقف الفوري للاتهامات والتحريض والتخوين ومايجري على وسائل الاعلام وفي المساجد والاماكن العامة، واحلال مناخ يعزز الوحدة الوطنية الفلسطينية ويتمسك بها. كما وطالبت الفصائل بالعمل على تشكيل مجلس الامن القومي والحفاظ على غرفة العمليات المشتركة لمتابعة وقف اطلاق النار. وأدان البيان كل اشكال الاعتداء على الاماكن العامة والخاصة والمؤسسات الرسمية والجامعات والمساجد ومقرات الاجهزة الامنية التي تعتبر صرحا على طريق بناء دولتنا المستقلة وليس ملكا لاحد.
وتمسك البيان ب "انجاح الحوار الوطني الفلسطيني على قاعدة مشاركة الجميع في التوصل الى تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ عليها والاتفاق الوطني على انبثاق حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية الجديدة لتظافر كل الجهود ولكسر الحصار الظالم والجائر المفروض على شعبنا والتي تقوده الادارة الاميركية وحكومة الاحتلال. والتوافق على خطة وطنية تنقذ وضعنا وتواجه المخططات المعادية بما فيها الاستيطان والجدار والحواجز ومحاولات تهويد القدس والاعتداء على القدس والمقدسات الاسلامية والمسيجية ووضع موضوع الاسرى والمعتقلين على سلم الاولويات الاجندة الوطنية من اجل اطلاق سراحهم جميعا دون قيد او شرط ".
وأكد البيان على خطورة ما تمخض عن اجتماع الرباعية الاخير وخاصة فيما يتعلق باستمرار فرض الحصار على الشعب الفلسطيني وعدم الوقوف امام عدوان حكومة الاحتلال المتواصل والمستمر ومحاولة التهرب من استحقاقات مطلوبة فورية بالتوصل الى حل عادل ينصف شعبنا ويحقق مطابه بنهاء الاحتلال والاستيطان والجدار ووقف العدوان واطلاق سراح الاسرى.