أخبار خاصة

آراء الكتاب في الرئيس الطالباني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد دخوله المستشفى إثر وعكة صحية
إيلاف تستطلع آراء الكتاب حول الرئيس الطالباني

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: في الخامس والعشرين من الشهر الماضي نقلت طائرة أميركية خاصة مجهزة بأحدث التقنيات الطبية الرئيس العراقي جلال الطالباني من مقره الكردي في محافظة السليمانية إلى العاصمة الأردنية عمان وأُدخل فور وصوله إلى مدينة الحسين الطبية لتقديم العلاج اللازم للوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس العراقي بسبب الإجهاد وفقدان جسمه كمية من السوائل وفق بيان رسمي عراقي. وأبرزت هذه الوعكة الصحية تساؤلات عراقية وعربية وأميركية عن منصب الرئيس الطالباني في العراق ومكانته التي شغلها كرديًا وعراقيًا وعربيًا. وعكس الإهتمام المتميز من قبل الإدارة الأميركية بصحة الرئيس العراقي وثقله في التوازن الذي لعبه وما زال يلعبه في العملية السياسية في العراق.
وأثار دخول الطالباني المستشفى أسئلة عن البديل المحتمل فيما لو ترك الرئيس العراقي الحالي منصبه إذ تتوفر بدائل كثيرة للمناصب السيادية في العراق لرئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ونواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، لكن منصب الرئيس العراقي بقي وحده بلا منافس محتمل اذ اقتضت العملية السياسية والتوازن المطلوب خاصة مع إقليم كردستان أن يشغل جلال الطالباني منصبًا موزايًا لمنصب مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان. فلم يترشح أي منافس ضد الرئيس الطالباني إبان انتخابه في منصبه الحالي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في كانون الثاني 2005 واختاره مجلس النواب بالتصويت في نيسان من نفس العام لمنصب أول رئيس لجمهورية العراق ينتخب لمدة أربع سنوات عقب سقوط نظام صدام حسين عام 2003 .
ولد جلال الطالباني عام 1933 كردستان العراق بالقرب من بحيرة دوكان الشهيرة. ويعرف في صفوف الأكراد باسم مام جلال ( العم جلال) ويعتبر من أبرز الشخصيات الكردية في التاريخ العراقي المعاصر. وشكل مع الراحل الملا مصطفى البرزاني عمودا الثورة الكردية في اقليم كردستان العراق. أسس الطالباني الإتحاد الوطني الكردستاني (اوك) او يكتي في سوريا عام 1975 و خاض حزبه العمليات المسلحة إنطلاقًا من عام 1977 ثم دخل في مفاوضات مع الحكومة العراقية عام 1984 لإقرار قانون الحكم الذاتي. وبرز الطالباني كشخصية برغماتية: تحالفَ وتصادم مع أطراف عدة وفقًا للمصالح السياسية والقومية التي آمن بها. لكنه لم يغير سعيه لإقرار الديمقراطية في العراق وتقرير المصير لإقليم كردستان. واشتهرت مقولته حول مدينة كركوك التي وصفها بـ " قدس الأكراد".

إيلاف إستطلعت آراء عدد من كتابها الأكراد والعرب حول احتمال ترك الرئيس الطالباني منصبه والبديل المحتمل.
هنا نماذج من الآراء حسب تسلسل ورودها:

شيرزاد شيخاني
بعد الوعكة المفاجئة التي ألمت بالسيد طالباني قبل أيام، إزدادت التكهنات في الأوساط الكردية حول الخليفة المحتمل له في رئاسة الدولة والحزب... وأعتقد أن الأمر قد تم حسمه منذ مدة، والبحث في هذه المسألة ليس طارئًا أو جديدًا حسب إعتقادي لأن صحة طالباني وإن إزدادت سوءًا في الفترة الأخيرة بسبب الحمل الكبير الذي يحمله على عاتقه في مثل هذا الوضع السياسي والأمني المتدهور في العراق وما يتطلبه ذلك من جهد كبير خصوصًا في ظل التناحر الطائفي والحزبي الموجود في العراق، فقد كان طالباني بحكم تقدمه في العمر يعاني في كردستان من مشاكل صحية كانت تمنعه من الكثير من النشاطات الحزبية خلال السنوات الأخيرة. وحاول بعض أعضاء قيادة الإتحاد الوطني قبل حوالى سنتين وتحديدًا قبل إختياره رئيسًا للدولة وفي إطار حملة إصلاحات تبناها عدد من القياديين المعروفين بالجناح الإصلاحي داخل الإتحاد الوطني إعفاء طالباني من منصبه كأمين عام الإتحاد مقابل تخصيص راتب تقاعدي له، وفسح المجال أمام قيادات من الجناح الإصلاحي لتبوء المناصب الحزبية.
ومسألة الخليفة المنتظر لطالباني في الحزب، فقد حسمها طالباني بنفسه خلال الأسابيع الأخيرة بترشيح الدكتور برهم صالح والقيادي كوسرت رسول علي وهما عضوا المكتب السياسي كنائبين له. أما خليفته في رئاسة الدولة، فقد علمت من بعض مصادري الخاصة داخل الإتحاد الوطني أن هناك إتفاقًا بين الحزبين الكرديين ( الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) أن يكون منصب رئاسة الجمهورية في العراق من حصة الإتحاد الوطني مقابل منح منصب رئاسة الإقليم الى الحزب الديمقراطي الذي يشغله الآن السيد مسعود بارزاني. والإتفاق ينص على ترشيح بديل آخر عن الإتحاد الوطني في حال شغور منصب رئيس الجمهورية، ومرشح آخر من الديمقراطي الكردستاني لمنصب رئيس الإقليم في حال شغوره، أي أن منصب رئاسة الجمهورية سيكون من نصيب الإتحاد الوطني طالما شغله الأكراد وفقًا لإتفاقات بين كتلة التحالف الكردستاني والكتل العراقية الأخرى. واعتقد أن أمر ترشيح الدكتور برهم صالح لمنصبي رئيس الجمهورية والأمين العام لـلإتحاد الوطني الكردستاني قد تم حسمه، وهناك عدة إشارات بهذا الخصوص منها قيام برهم بأداء مهام طالباني في الحزب مثل ترؤسه لإجتماعات مع المراكز التنظيمية التابعة للإتحاد الوطني وقيادات البيشمركة قبل أيام في السليمانية أثناء رقود طالباني في المستشفى في عمان، والأهم من ذلك أن برهم لا ينتمي إلى أي تكتل حزبي داخل الإتحاد الوطني وهي تكتلات متصارعة برزت خلافاتها بشكل واضح في الإنتخابات الأخيرة مما يجعله مقبولاً من أكثرية التنظيمات التابعة للأتحاد الوطني. وقد أثبت المذكور جدارة كبيرة في إدارة شؤون الدولة أثناء تبوئه منصب نائب رئيس الوزراء لمرتين، إضافة إلى علاقاته الجيدة مع الأوساط السياسية العراقية ومع دول التحالف والقوى الإقليمية.

عن الاستاذ جلال الطالباني
د. سّيار الجميل
أتمنى من صميم القلب ألا يغيب الأستاذ جلال عن منصبه أبدًا، وخصوصًا في هذه المرحلة الصعبة... وهذه أمنية وطنية ليس بسبب علاقتي الشخصية بالرجل أو اعتزازي به كإنسان عراقي كردي، ولكن لما يتحّلى به تاريخه المتنوع. إن هذا الرجل الذي نشرت عنه فصلا في كتابي ( نسوة ورجال )، كان قد أنتقدني العديد من العراقيين انتقادًا لاذعًا فعذرتهم وأعذر كل من يأخذ موقفًا مضادًا من الرجل وهو لم يعرفه حق المعرفة التاريخية. وعليه، فإن الرجل يعد واحدًا من أبرع السياسيين، وهو اليوم أقدم زعيم شارك في صناعة قرارات مصيرية، وتاريخه سجل لمواقف خطرة، وعلمته تجاربه الواسعة كيفية التعامل بمهارة مع الأحداث والأحزاب والقيادات في المنطقة.. كما وكانت له معايشاته مع أهم القادة، شارك الزعيم الراحل الملا مصطفى البارزاني الذي اعتمد عليه، وتعامل مع القادة البعثيين الأوائل فضلاً عن العارفيين وأيضًا مع عهدي البكر وصدام حسين.. إلتقى بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر مرتين ( وسيجد القارئ الكريم تفصيلات موثقة وممتعة عن اللقائين في كتابي القادم "الرهانات المستحيلة" الذي سينشر قريبًا عن دار المدى) وتعامل مع رؤساء وملوك آخرين. وهو سياسي مناور من الطراز الأول وله القدرة العجيبة على التعايش مع كل الظروف، وهذا ما يفتقده غيره... أما كردستان، فاعتقد أنها ستفتقد ـ لا سمح الله ـ واحدًا من أهم من أنجبتهم في القرن العشرين... إذ يكفيه أنه أحد أبرز المناضلين الذين سجلوا أروع الصفحات في إيصال القضية الكردية إلى أبعد مكان في العالم. تحية مني إلى الأخ الرئيس جلال الطالباني متمنيًا له الصحة والعافية وأمنيتي من أبي شلال أن يقدّم للعراق ما يمكن تقديمه في مثل هذه المرحلة الصعبة من تاريخه.

رئيس عراقى جديد
سامي البحيري
أحببت الرئيس العراقى جلال طالبانى لله ف لله، وهو رجل طيب ومتفائل. رجل بشوش ومثقف ومتواضع، ولقد إستمعت إليه مرة فى الإذاعة الأميركية الشعبية وبعد بهرتني ثقافته وبساطته، أرجو من الله أن يحقق له سرعة الشفاء والعودة إلى بغداد. أما إذا كان ولا بد أن يتقاعد نظرًا لظروفه الصحية فسوف يشكل هذا سابقة جديدة فى التاريخ العربى، فزعماؤنا لا يمرضون وإن مرضوا لا نعرف شيئا عن مرضهم ففى أسوأ الأحيان هو مجرد نزلة برد، وحتى إن عرف الجميع بمرضهم (حتى لو كان مرضا عقليا) فسوف يبقى كابسًا على أنفاسنا حتى يناديه عزرائيل ويأمره بحتمية تداوله للسلطة. ومنصب رئيس العراق هو تكليف أكثر منه تشريف، وهذا ما أنتظره من الرئيس القادم:
(1) أن ينسى تمامًا إنتماءاته الطائفية والدينية والعرقية وعليه أن يتذكر أنه عراقي أولاً وأخيرًا، ويجب ألا يصرح أبدًا أنه "طز في العراق" !!
(2) يحاول أن يجمع أشلاء العراق من على شواطئ دجلة والفرات مثلما فعلت إيزيس فى الإسطورة المصرية القديمة عندما جمعت أشلاء أوزوريس من على ضفة نهر النيل وبعث أوزوريس مرة أخرى إلى الحياة.
(3) أن يبدأ على الفور بتصحيح الأخطاء الجسيمة التى إرتكبها بول بريمر، إعادة الجيش العراقي، إعادة توظيف البعثيين الوطنيين، إعادة تشغيل الشركات الحكومية التى أغلقها بريمر.
(4) الأمن والأمان هو الهم الأول لأى مسؤول عراقي اليوم، لا تنمية ولا ديموقراطية سوف تتم من دون تحقيق الأمن وحقن دماء العراقيين.
(5) الضغط على الأميركيّين من أجل وضع جدول زمنى لإنسحابهم فى فترة معقولة بمجرد تحقيق مستوى معقول من الأمن.
(6) فتح الحوار مع كل دول المنطقة (إيران، السعودية، سوريا lsquo; الأردن lsquo; مصر، الكويت، الأمارات، البحرين،... ) وطلب مساعداتهم فى إسراع الخطة الأمنية.
وأتمنى التوفيق له بمهمته الصعبة والتى لا يقبل عليها إلا شخص شديد الوطنية أو شخص فقد عقله !!

خلافة الطالباني إمتحان آخر عسير
كمال غبريال

ما أكثر الإمتحانات العسيرة التي يتعرض لها شعب العراق المبتلى، وما أكثر إخفاقات هذا الشعب أخيرًا، وقد صارت إخفاقات لنا جميعًا نحن أبناء الشرق الكبير، كنا نريده نموذجًا لقابلية الحداثة والتحديث، فإذا به يتحول إلى العكس تمامًا، لكنه التشبث بالحياة يجعلنا مصرين على أن نشخص بعيوننا إلى العراق وأهله، آملين أن تشرق علينا شمس الحرية من على ضفاف الرافدين، وحين يطرح علينا سؤال خلافة الرئيس جلال الطالباني، الرجل الذي تبوأ منصبه هذا بناء على نظام المحاصصة الطائفية في عهد تحرير العراق، فإن محاولة العثور على إجابة أو تسمية لخليفة ليست ببساطة التقسيم الطائفي الذي لا يستسيغه مثلي، فالرجل الذي عرفناه -ربما عن بعد- زعيمًا لحزب تحرير كردي، تعرفنا عليه في منصبه الجديد بصورة تجعل اختيار خليفة له في ظروف العراق الراهنة أمرًا بالغ الصعوبة، فلقد رأيناه سياسيًا رصينًا مخلصًا وملتزمًا بقضية بلاده وقضية الحرية، لكن أهم ما رأينا فيه هو الإنسان في داخله، رأيناه منذ البداية يعلن رفضه لعقوبة الإعدام، ويعلن إلتزامه بما وقع من مواثيق إنسانية، رغم أن منصبه السياسي يعفيه من إلتزاماته الأخلاقية الشخصية، إلى إلتزامات أخرى يفرضها الدستور والقانون العراقي، لكن حين صدر على طاغية القرن العشرين حكمًا بالإعدام، وجدنا الرجل مصرًا على أخلاقياته الإنسانية الأولى، ولم يشارك في مراسم واعتمادات الإعدام، ليعلم الساسة في كل مكان درسًا، كيف يكون الإنسان بداخلنا أقوى من المنصب، وأقوى من القانون، وقبل كل شيء أقوى من كل نزعات الإنتقام من مجرم فاق كل مجرمي التاريخ. على العراقيين أن يفتشوا في ما بينهم، علّهم يعثرون في هذه الظروف السوداء على خليفة، خليفة ليس فقط على كرسي رئاسة الجمهورية، لكن على كرسي الأبوة لكل العراقيين، وكرسي الإنسانية التي لا تتلاشى تحت وهج السياسة وضغائنها وألاعيبها، فهل يجد العراقيون مثل هذا الرجل بين صفوفهم؟!
هذا ما نتمناه جميعًا من كل قلوبنا.
تحياتي وتمنياتي بالتوفيق للشعب العراقي، الذي كنا نعده من أعرق شعوب العالم حضارة!!

شاكر النابلسي
من خلال تجربتنا مع تولي جلال الطالباني رئاسة الجمهورية، شهدنا الحكمة والتروي والبصيرة النافذة والواقعية السياسية، التي كان يتحلى بها مام جلال. واعتقد بأن مام جلال كان من أكثر الحكام العرب المعاصرين واقعية سياسية وشفافية. وأنا لا أرى في المشهد العراقي الحالي بديلاً منه، للأسف الشديد. وتخليه عن رئاسة الجمهورية العراقية لأي سبب كان، هو خسارة كبيرة للعراق في هذه الظروف السياسية العصيبة التي يمر بها العراق الآن، لا سيما أن أزمة العراق الحقيقية هي في رجال الحكم المخلصين والنظيفين الكف والفرج والقلة جدًا في العراق الآن. فالأزمة السياسية والأمنية العراقية الآن هي أزمة عدم وجود سياسيين مخلصين وشفافين في العراق. وهذه هي الصدمة الأميركية الرئيسة في مراكز صنع القرار الأميركي وفي الشارع الأمريكي. فأين الساسة في العراق الذين يتمتعون بالخصال السياسية والخلقية التي يتمتع بها مام جلال؟
مام جلال كان وسيبقى صمام الأمان العراقي لعدم إراقة المزيد من الدماء، وحصر الإرهاب في مناطق معينة فقط من العراق. حيث لا إرهاب في كردستان العراق ولا يوجد فلتان أمني كما في الوسط والجنوب. ولو أعطيت صلاحيات سياسية وأمنية أكثر لمام جلال كرئيس للجمهورية لرأينا العراق في حال أفضل مما هو عليه الآن رغم كل الصعوبات والعقبات، وجيران السوء.


البديل لرئاسة الجمهورية
عزيز الحاج
بادئ ذي بدء أعبر عن أحر تمنياتي بالشفاء العاجل للسيد رئيس الجمهورية ليعود عاجلاً إلى خدمة العراق وشعب العراق. إن الأخ جلال طالباني يتمتع بخصائص وصفات ممتازة وخصوصًا: العلمانية، والروح العراقية المتحررة من النزعات المفرقة والضيقة والجامعة لكل الأعراق والمذاهب. إنه لم يكتم يومًا وفاءه للقضية الكردية وفي الوقت نفسه هو ذو روح عراقية أصيلة كما برهنت فترة رئاسته، حيث استطاع كسب ثقافة كل الأطراف السياسية، ولعب دورًا مهمًّا في حل بعض الأزمات التي واجهناها منذ سقوط صدام.
أما عن الجواب عن السؤال، ففي حالة تعذر ممارسة السيد الرئيس لمهماته الحساسة بسبب المرض، لا سمح الله، فيجب أخذ الواقع السياسي والعرقي والمذهبي العراقي الراهن، القائم مع الأسف على المحاصصة الطائفية والعرقية، وهي قاعدة أضرت الكثير بالعملية السياسية وبمصالح الشعب. وبما أن إعادة النظر جذريًا بالوضع الراهن في هذه المعايير متعذرة،، فالمفروض أن يتولى منصب الرئاسة سياسي كردي من حزب طالباني نفسه وذلك وفقًا للاتفاقات التي تمت عند تشكيل الرئاسة ومجلس الوزراء. شخصيًا أرشح الدكتور فؤاد معصوم، الذي يتمتع هو الآخر بالخبرة، والإعتدال، والقدرة على التجميع، ناهيك عن ثقافته العربية العالية كالسيد طالباني. هذا مجمل رأيي في حالة استمرار نظام المحاصصة الراهن، مع تمنياتي مجددًا وبحرارة بالشفاء العاجل للسيد رئيس الجمهورية.

البديل المحتمل: شخصٌ وواقعٌ للرئيس جلال الطالباني
أحمد أبو مطر
على ضوء الظروف الصحية الأخيرة التي ألمت بالرئيس العراقي السيد جلال الطالباني، من المهم التفكير في البديل الرئاسي للعراق إذا ما تنحى الرئيس الطالباني لسبب من الأسباب. التفكير في البديل يعيدنا إلى التوافق العراقي الذي أوصل قبل عامين تقريبًا الطالباني رئيسًا للعراق. إن ذلك التوافق لكافة الأحزاب العراقية هو المشاركة في العملية السياسية التي أعقبت سقوط نظام الديكتاتور البائد لم يكن توافقًا نتيجة محبة وإنصاف للشعب الكردي الذي ينتمي له الطالباني، بقدر ما هو توافق سني شيعي على أن لا تكون الرئاسة العراقية لواحد من الطائفتين، دون أن يعني ذلك أن الصراع الدائر في العراق ذو خلفية طائفية بقدر ما هو صراع سياسي - اقتصادي يحاول بعضهم أن يلبسه اللباس الطائفي لحشد جماهير الطائفة خلفه. لذلك وكون ذلك الصراع بالخلفية التي شخّصتها ما زال قائمًا، فإن البديل حسب رؤيتي يجب أن يكون "كرديًا " كي يوافق عليه ممثلو القوى والأحزاب السياسية الأخرى، وأعتقد أن الذين وافقوا سابقًا على رئاسة الطالباني للعراق لن يقبلوا إلا رئيسًا من القومية الكردية، خاصة أن حوالى عامين من رئاسة الطالباني أثبتت أنه كان حياديًا بشكل قاطع في الصراع الخفي والعلني بين ممثلي القوى السياسية الأخرى. ولمن يتبنى هذه الرؤية ينتج السؤال: من هي الشخصية الكردية المؤهلة لهذا الموقع؟ أرى أن هذه الشخصية يجب أن تكون ذات موقع مؤثر في التاريخ العراقي في العقود الأربعة ألأخيرة ومعروفة من الجميع، وهذا يتوفر في السيد مسعود البارازاني رئيس إقليم كردستنان الحالي، فعليه إجماع كردي ويتمتع بثقل في الموضوع العراقي كونه وريث الزعيم الكردي مصطفى البارازاني.


برهم صالح رئيسا للعراق
نزار جاف
لم تشر أي من المصادر المطلعة والموثوقة في أوساط الإتحاد الوطني الکوردستاني (الحزب الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال الطالباني)، إلى أي أنباء يستنتج أو يستشف منها أن هناک خطورة على حياة الرئيس العراقي أو على الأقل تشير الى إنه يمر بمرحلة خطرة أو تجاوزها، بل إن الأنباء کلها تسير في سياق التأکيد على أن صحته قد تحسنت کثيرًا و تجاوز الوعکة الصحية التي ألمت به.
لکن کل تلك الأنباء لم تمنع من طرح موضوع ما بعد جلال الطالباني على صعيدي العراق و کوردستان، وفيما تتواتر هنا و هناك الأخبار بشأن وجود خلافات وإنشقاقات و تکتلات داخل الإتحاد الوطني الکوردستاني والتي أجبرت الرئيس الطالباني على عودته الأخيرة التي يبدو أنها کانت ثقيلة على کاهله حتى حشرته في دائرة ما سمي بوعکة صحية قادته إلى مدينة الحسين الطبية في عمان، وهذه الأزمة الصحية التي ألمت بالرئيس تبين بوضوح ان هناك وضعًا تنظيميًا داخليًا صعبًا داخل حزب الرئيس مثلما أکدت مصادر قريبة من المکتب السياسي للاتحاد الوطني أن هناك ما يشبه عملية إصطفاف جديدة بدأت تتبلور بين خطوط المکتب السياسي وأن الفراغ الکبير الذي خلفته إستقالة رجل الاتحاد الوطني القوي"نوشيروان مصطفى" والذي کان المرشح الأوفر حظًا لخلافة الطالباني، ترك هو الآخر ظلاله الداکنة على أروقة هذا الحزب الذي يعتبر إلى جانب الحزب الديمقراطي الکوردستاني، من أقوى الاحزاب الکوردية و أکثرها دورًا و تواجدًا في الساحة.
وتأتي أهمية الطالباني على الصعيد الکوردي، کونه بالرغم من خلافاته مع زعامة الحزب الديمقراطي الکوردستاني يمثل الخط الوسط في التعامل مع ذلك الحزب وإنه كان له دور کبير في لجم الکثير من المشاکل والأزمات بين الجانبين وحتى أنه کان سباقًا کما تؤکد أوساط قيادية من الإتحاد لمد يد السلام والمصالحة للجانب الآخر، وقطعًا سوف تشکل عمليـة تغيير الطالباني هاجسًا و همًا کبيرًا لهذا الحزب لا سيما إن صعدت تيارات معروفة بمناوأتها لزعامة الحزب الديمقراطي الکوردستاني. وقد مر الإتحاد الوطني الکوردستاني بأزمات تنظيمية وصراعات داخلية شتى وصلت في بعض الأحيان إلى مراحل خطرة وحساسة، لکن حنکة ودراية ودهاء السيد جلال الطالباني کانت دومًا وراء خروج الإتحاد الوطني من تلك الأزمات، حتى بات معروفًا أن الطالباني قد صار بمثابة صمام أمان لهذا الحزب، لکن تقدم الطالباني في السن ومرور الأعوام بسرعة أدت وتؤدي إلى البحث في موضوع إيجاد خليفة لهذا السياسي الکردي المخضرم، بل وإن موضوع إيجاد بديل له لمنصب الرئاسة من داخل الإتحاد الوطني، قد بدأ يطرح بقوة هنا و هناك، وتشير أوساطًا عديدة أبدت رأيها بحذر وبمنتهى التحفظ والکتمان، أن أفضل رجل مؤهل من الإتحاد الوطني لخلافة الطالباني، هو الدکتور برهم صالح، الذي تجمعه صلات قوية بالأوساط العربية والعراقية، لکن أوساطًا نافذة من داخل المکتب السياسي للاتحاد الوطني الکوردستاني"مثلما أشار مصدر قيادي"لاترحب بذلك بل وتقف بقوة ضده لا سيّما أن هناك أصوات تتصاعد ضده تتهمه بأنه بات يمارس خطًا سياسيًا يغرق في "العراقية"وتکاد أن تتجاهل کوردستان تمامًا، خصوصًا السيد "کوسرت رسول علي" القيادي البارز و نائب رئيس إقليم کوردستان والذي أجمعت أوساطًا عديدة من داخل الحزب انه لن يسمح بمرور عملية الترشيح تلك بأمان مثلما أن عملية ترشيح السيد کوسرت رسول لن تمر هي الأخرى بسلام لأکثر من سبب مهم. وقطعًا لن يکون بإمکان المرشح للرئاسة "لو بقي کورديا" أن يکون من الحزب الديمقراطي الکوردستاني لأسباب متباينة، وهذا الجدل والصراع الدائر بين التيارات الحزبية سوف لن يأت بأي نتيجـة مثمرة.
بيد أن الأمر الذي من شأنه أن يحسم هذا الموضوع، هو الرئيس جلال الطالباني نفسه، إذ إن أي شخصية قد يبارکها الرئيس لهذا الأمر، سوف تحظى بدعم قوي لا من داخل هذا الحزب فحسب وإنما على الصعيدين العراقي والکردي أيضًا.
على أن مسألة إستقالة السيد نوشيروان مصطفى قد لا تکون قطعية و قد تکون من الممکن جدًا عودته إلى الساحة في أي لحظة، ومتى ما عاد هذا الرجل، فإن الحديث سوف يکون له شأن آخر مختلف تمامًا عن الذي يدور حاليًا.

جلال طالباني والبديل: مستقبل
علي سيريني
جلال طالباني هو القائد التاريخي "للاتحاد الوطني الكُردستاني" الذي يتكون من إتجاهات قوية ومنافسة لم تقدر أن تنضوي تحت راية واحدة إلاّ بقيادة طالباني. الإتحاد الوطني يتقاسم السلطة في كردستان مع الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة "مسعود البارزاني".وعلى أساس هذه المشاركة وتقاسم السلطة في الإنتخابات التي جرت العام الماضي في العراق، حصل طالباني على منصب رئيس الجمهورية. رغم تشابك الظروف السياسية وتقلباتها وصعوباتها في خلال أكثر من نصف قرن، حافظ "طالباني" على مكانته السياسية والشعبية في كردستان.وكسياسي محنّك وخبير في شؤون السياسة يتمتع بعلاقات واسعة جدًا على الصعيدين الإقليمي والدولي. منذ عام 1998 إندفع هذا الرجل كلّيًا نحو إحلال السلام في كردستان، وإنهاء الحرب مع الحزب الديموقراطي الكردستاني. كما حاول أحيانًا أن يكون الوسيط بين الكرد والدول التي تحويهم كـ ايران و تركيا. في جهوده من أجل ترسيخ السلام في كردستان مع البارزاني تخلّى طالباني بدرجة كبيرة عن مكاسب حزبه لصالح الحزب المنافس. ومن هنا حدث تخلخل في بنية الإتحاد واتجاهاته المتباينة، وأجنحته التي أصبحت تشكل في الآونة الأخيرة كُتلاً بدأت تقترب من دائرة المواجهة التي يُخمّن إنفجارها في صراع محتمل مستقبلاً.
أجنحة الإتحاد لم تكن راضية عن أداء طالباني بشكل كامل نظرًا لشعورها بالغبن أمام الحزب الديموقراطي. كما أن طالباني حاول جاهدًا وباعتراف التيارات السياسية المختلفة في العراق، القيام بتقريب وجهات النظر المختلفة، وتهيئة الأجواء لمصالحة وطنية شاملة بين العراقيين.
استطاع طالباني وفي خلال أدائه السياسي، أن يتحول إلى رجل فرض إحترامه على جميع الإتجاهات العراقية بما فيها المعارضة العراقية. فحزبيته لم تمنعه من أن يتنازل عن مكاسب حزبية من أجل كردستان، وكرديته لم تمنعه من أن يؤدي واجبه كرئيس للعراق يعمل من أجل مصلحة العراقيين ومستقبلهم في مختلف القوميات والطوائف والاتجاهات.
حزبيًا لا يوجد بديل محتمل لطالباني على المدى القريب خصوصًا بعد تخلي نائبه "نوشيروان مصطفى" الذي كان قائدًا ومنظّرًا كبيرًا للإتحاد الوطني. ومن هذه الزاوية لا تبدو في الأفق شخصية لها وزن تاريخي مثل طالباني داخل الاتحاد، لملء الفراغ المحتمل حدوثه على صعيد العراق. الاّ انّ "برهم صالح" مرشح قوي بعد طالباني نظرًا لإمكانياته الكبيرة على المستوى السياسي، وهو صاحب شخصية عاقلة وفذة، إلاّ أنّ قلة الرصيد التأريخي له على الصعيد الحزبي ضمن التكتلات القائمة تعيد إمكانية هذا الرجل كرئيس محتمل للعراق إلى محك التوازنات والإحتمالات. وبما أن رئاسة الجمهورية نصيب كردي ضمن التقاسمات السياسية القائمة في العراق، فإن فرصة "برهم صالح" كبيرة خصوصًا إذا تم ذلك بوصية من طالباني نفسه، وبموافقة من الإتحاد الوطني وبالتفاهم مع الحزب الديموقراطي، وهو أمر خاضع لترتيب الأوراق من جديد على الأصعدة المختلفة حزبيًا وعراقيًا، وذلك عمل يحتضن صعوبات كثيرة، وقاتلة أحيانًا. ولكن في كل الأحوال يشكل غياب جلال طالباني خسارة كبيرة للعراق في الظروف الراهنة المنكسرة على أبعاد خطرة وقلقة جدًا.

الطالباني حاضراً وغائباً...

طارق حمو


كان تصدر السياسي الكردي جلال الطالباني لسدة الرئاسة العراقية حالة فريدة في الحياة السياسية الكردية والعربية، وتحولاً نوعيّاً في العلاقة بين العرب والكرد، والتي خرجت هذه المرة عن "اطر الإنشاء" والمديح "بمساهمات الكرد في الحضارة العربية الإسلامية"، وغير ذلك من كلمات تدفقت كلما تعلق الأمر بالحديث عن العلاقات التاريخية بين الكرد والعرب المتداخلين حضارياً، تاريخياً، وجغرافياً. بصراحة العلاقة هذه خرجت عن "الحب من طرف واحد" الذي كان الكرد يبدونه حيال العرب فيما يتعلق برفد اللغة والعلوم والإسهام الحضاري العربي...

كانت خطوة تنصيب الطالباني رئيساً على العراق الجديد جبارة حقاً، فهي من جهة كشفت عن الحبور والغبطة الكردية والإرتياح الكبير من جهة الإعتراف بالكرد كمكون رئيس لدولة العراق الحالية، وبذلك تخلي الطرف العربي الرسمي عن فكرة "المواطن من الدرجة الثانية"، المفروضة على الكرد، والتي ظلّ الكرد يشتكون منها طيلة 80 عاماً هو عمر "عيشتهم القسريّة" مع العرب في العراق.
وهي من جهة أخرى بيان واضح لأريحية العرب العراقيين، في سوادهم الأعظم، وتقبلهم لفكرة أن يكون شخص كردي و"بيشمركة سابق" رئيساً لبلدهم الخارج من ليل عروبي قوموي طويل، كان فيه حاكمهم الفرعون صدام يشحن، وعلى مدار اكثر من ثلاثين عاماً، أدمغتهم بالأفكار القوموية المهلكة، النازية الطراز. هو كذلك، اي الأختيار، دليل آخر على أن العرب ونخبهم السياسية والفكرية، ورغم كل شيء، وغم كل ما حدث، يظلون الأقرب للكرد، والأكثر تفهماً لقضيتهم...

الطالباني سياسي كردي معروف جداً في العراق والعالم العربي، وهو محنك وخبير بشؤون الكرد وجيرانهم في المنطقة. هذه حقيقة عرفها عرب العراق حينما أختاروه لقيادتهم، وكان المراد هو إعادة التوازن لعنصريّ الأمة العراقية: الكرد في رئاسة الدولة والعرب في قيادة الحكومة والبرلمان، أو العكس. ولم يحدث هذا في اي بلد مجاور. لم يحدث في سوريا وتركيا وايران الذين يتقاسمون بقية وطن الكرد (كردستان). فحتى سوريا التي حكمها الكرديين حسني الزعيم واديب الجيجكلي لم تكن لتقبل على ان تكون صفة "الكردية" كما في حالة طالباني، تعريفاً ملازماً لهما. كما لم يتقدم الزعيم والجيجكلي بوصفهما كرديين، جاءا من هذه الخلفية "التصحيحيّة" ليقومان بتقديم أجندة كردية، أو ليمثلا مطامحاً ومصالحاً كردية...

في تركيا ايضاً، كان هناك توركوت اوزال الكردي، الرئيس الأسبق، والذي لم يخرج ابداً من خط خدمة الدولة الكمالية في قمع الكرد. وحتى لما اراد الرجل فهم المسألة والحديث عن حلها بالوصفة الفيدرالية، قٌتل على حين غرة، ولم يٌكشف للآن عن هوية قتلته. عصمت جتين، رئيس البرلمان ايضاً كان كردياً، ولكنه خدم الدولة الرسمية. الجلاد عبدالقادر أكسو وزير الداخلية الحالي هو كردي، ولكنه يتبارى مع العسكر في قتل الكرد والتمثيل بهم...

حضور الطالباني كرئيس للعراق نفخ روحاً جديدة في العلاقات بين الكرد والعرب. فعرب العراق محقون حينما يقولون: إننا لو كنا عنصريين مثلما يدعي بعض الكرد، ما كنا ارتضينا بشخص كردي رئيساً علينا. وهو الأمر الصحيح لحد بعيد: ونحن نعيش جو كل هذه النرجسية الدينية والقومية التي يٌشحن بها العربي يومياً من مناهج التعليم ووسائل الإعلام الزاعقة بلغته من هنا وهناك.

ماذا لو غاب الطالباني؟.

الحق ان تداعيات غياب الطالباني، بعد عمر مديد، سوف يؤثر على العرب والكرد. على العراق وكردستان. فعلى صعيد العراق سوف يخلق فراغاً كبيراً، شغله رجل سياسي محنك له خبرة 50 عاماً في سياسة المنطقة وسبر ملفاتها الشائكة. وعلى صعيد كردستان سيفقد الكرد احد قادتهم الكبار، واحد الأقطاب من الذين ارتبط النضال الكردي باسمهم في ال50 عاماً الأخيرة. ثّمة كذلك( مصالحياً، وللخروج من الإنشاء العاطفي) حسابات خاصة سوف يتم تصفيتها حين غياب الطالباني. فقضية الشخص الثاني/البديل تظل هي، كردياً ايضاً، قضية شائكة لاتٌحل بسهولة وسلاسة دائماً...

واذما اهملنا الحديث عن سياسة المحاصصة الكردية الداخلية بين اربيل والسليمانية، وانتظار الساسة بفارغ الصبر من انتهاء المدد الزمنية المتفق عليها، لشغل مناصب الطرف الآخر، وتبادل الأدوار، فإن التوجس والحذر يدفعاننا لترقب ما سوف يصدر من داخل كواليس حزب الطالباني( الأتحاد الوطني الكردستاني) والآلية التي سوف يواجه الحزب بها اي تطور في حال غياب رئيسه الذي يطوي قريباً فترة ثلاثة ارباع قرن، خرج بدايتها من "تحت الأرص" وعاشها بالطول والعرض...

يبقى هذا هو السؤال المهم والحساس كردياً، والقادر على التأثير على المشهد العراقي برمته ايضاً...


tariqhemo@hotmail.com


جلال الطالباني
غالب حسن الشابندر
بداية أتمنى للسيد جلال تمام الصحة والسلامة، وأمنياتي الكبيرة أن يعود قويًا معافى إلى حلبة العملية السياسية في العراق ـ وإن كنت أتصور أن ما يحصل في العراق اليوم عملية عسكرية وليس سياسية ــ لما أثبته الرجل من قدرة فائقة على الأداء السياسي الناجح، وفي تصوري إن جوهر الفكر السياسي الذي يستهديه السيد طالباني هو الواقعية، وهي مدرسة أثبتت جدارتها من بين المدارس الأخرى، خاصة وقت الأزمات التي تعصف بالبلاد والعباد، ولم تكن منهجية الطالباني الواقعية نابعة ربما من قراءة المدارس السياسية بقدر ما هي نابعة من التجربة، والرجل صاحب تجربة معقدة للغاية، فهو خاض غمار السياسة حزبيًا مقاتلاً مسالمًا مفاوضًا، وله علاقات عميقة مع قادة عالميين وأقليميين، مما أكسبه تجربة غنية في العمل السياسي، ويتمتع في تصوري بجاذبية محببة رغم عدم تمتعه برشاقة كافية، ولكن من خلال تتبعي لمواقف ا لرجل ثبتت لي قدرته الكبيرة على التوقع السياسي، وإن كان الرجل يطرح توقعاته بلغة الإحتمالات مع ترجيح هنا وهناك، وهي براعة بطبيعة الحال، ومنهجه في هذه النقطة يختلف عما درج عليه السجال السياسي في الأروقة العربية والإسلامية فيما بين السياسيين بما فيهم المتقدمين في العمل السياسي، حيث يتخذ التوقع لديهم خاصية القطع!
خطابه يتميز بنبرة جميلة، وعلامات وجهه تتناغم من نبرات صوته، ولا يعدم الحال من لغة جسدية تتحرك على وجهه المهيب والمحبوب في آن واحد، وذلك بما يتناسب مع متطلبات الموقف وموحيات الخطاب.
عنيد ولكن بلغة محببة، محبوب ولكن بلغة صلبة ، أفكار واضحة، شفافة، معادلات ليست معقدة، واقعية تلامس الحاضر بلحاظ المستبقل، ابتسامة هادئة ولكن عميقة، تحليل سريع يستمد زاده من الأرقام، بعيد عن الإنشائيات، يركز على المطلوب الحيوي، يؤجل الغيب، يهرب من السؤال المحرج، كثيرًا ما يمسك العصا من الوسط، سيل كلامه متواصل بلا انقطاع وكأنه أعد الكلام مسبقًا.
الأخ مام جلال يتميز بميزة يشارك فيها ذوي العقل المشرق، تلك هي تقديره وتثمينه لأهل الإختصاص، وحملة الخبرة، وأصحاب التجربة، وكلما سمعت أنه تبنى خبيرًا أو صاحب اختصاص تذكرت سيف الدولة الحمداني الذي كان يحرص على جمع كل من برعت شاعريته، وتعملقت فلسفته، وشمخ طبه، ورق نثره.
لا شك أن مكان السيد جلال يبقى فارغًا فيما لا سامح الله ولا قدر إتخذ قرار الإعتزال، ولكن سيبقى من على كرسي إعتزاله ينظر إلى العملية السياسية بتصوراته العملية، أما من يخلف السيد مام جلال، فلا أشك لحظة أن الجدير بذلك عندي هو الإستاذ برهم صالح، فالرجل جمع بين القوة واللين، وجمع بين الفكر والممارسة، يميل إلى تحديث التراث، وتشتق مواقفه من الليبرالية، هادئ، عميق...
مع تحياتي للجميع.

والآن عزيزي القارئ أنت مدعو إلى إبداء رأيك في حقل التعليقات حول هذا الموضوع:

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف