روسيا وإيران: بين صدام النظريات واستمرار مفاوضات بوشهر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القوى الكبرى توصلت لاتفاق عام بشأن عقوباب على ايران
موسكو تنفي دفع ايران مستحقاتها النووية
طهران- موسكو : يواصل ممثلو شركة "اتوم ستروي اكسبورت" الروسية التي تتولى أعمال بناء محطة بوشهر النووية والشركاء الإيرانيون اليوم في طهران بحث مسألة استئناف الجانب الإيراني لتمويل مشروع بوشهر. وقال متحدث باسم الشركة الروسية إنهم يأملون في تحقيق نتائج قبل نهاية الأسبوع.ومن ناحيته قال أمين مجلس الأمن الإيراني علي لاريجاني إن المباحثات لم تؤد إلى أي نتيجة حتى الآن، ولكنها تتواصل. وأعلن نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي أن الجانب الإيراني دفع أكثر من 75 مليون دولار أميركي و56 مليار ريال إيراني (ما يزيد قليلا عن 6 ملايين دولار أميركي) للشركة الروسية في الفترة من 10 أكتوبر 2006 حتى 14 مارس 2007. وحسب الشركة الروسية فإن نسبة تمويل المشروع في الربع الرابع من عام 2006 بلغت 60%، ثم حصلت الشركة في يناير 2007 على 1ر5 ملايين دولار، ولم تحصل على أي مبلغ مالي في فبراير.
محلل: الشركة تتعمد تهويل الأمر
ما برح المسؤولون في شركة "اتوم ستروي اكسبورت" الروسية التي تعهدت إنجاز بناء أول محطة نووية إيرانية لتوليد الكهرباء في بوشهر يؤكدون أن الجانب الإيراني أوقف تمويل المشروع. وفي الوقت نفسه قال بيان صحافي صادر عن الشركة في 14 مارس إن المؤسسات الصناعية الروسية التي تستعين بها "اتوم ستروي اكسبورت" في صنع المعدات المطلوبة لمحطة بوشهر تطالب الشركة بدفع فاتورة منتجاتها وخدماتها وإلا فإنها ستوقف التعاون معها.
إلا أن الجهات التي تعاقدت مع شركة "اتوم ستروي اكسبورت" تقول إنها لم تتقدم بمطالب من هذا النوع ولم توجه أي إنذار. وقال مدير عام شركة "اورغ انرغو ستروي"، وهي إحدى الشركات التي تستعين بها "اتوم ستروي اكسبورت"، إن شركته ستضطر إلى الرحيل من بوشهر إذا استمر تأخر دفع مستحقاتها، ولكنها لن تقدم على خطوة كهذه إلا عند الضرورات القصوى، إذ تمول شركته الأعمال المتصلة بمشروع بوشهر على حساب مشاريعها الأخرى.
وقال مصدر مسؤول في إدارة شركة "سيلوفييه ماشيني" التي تنتج التربينات إن شركته لم تتقدم بعريضة طالبت فيها "اتوم ستروي اكسبورت" بتغطية نفقاتها.
واعتبر المحلل ميخائيل باك من شركة "كابتال" أن "اتوم ستروي اكسبورت" تتعمد "تهويل الأمر" بخصوص مطالبات المتعاقدين معها مرجحا أن يكون ذلك أسلوبا جديدا للتأثير على الجانب الإيراني خلال المباحثات الثنائية.
صدام نظريتين
لمتعد إيران منذ يناير 2007 تدفع فاتورة أعمال بناء محطتها الذرية لتوليد الكهرباء في بوشهر والتي تتولاها روسيا. وبعد مباحثات استمرت خلال شهرين أعلنت روسيا تأخير موعد إكمال بناء المحطة.
ومن حق روسيا أن تجمد المشروع ما دام يتم تجميد تمويله من قبل من تعاقد معها. ومن جهة ثانية يبدو وكأن الحق مع إيران من حيث أنها تظن، في ما يبدو، أن روسيا مطالبة بدفع ثمن الصداقة معها.
وأتخيل أن يجري الحديث على النحو التالي:
روسيا: انتهينا من إنجاز أعمال محددة وحان الوقت للتدقيق في الفاتورة الواجب دفعها.
إيران: نعم، فنحن نكره الولايات المتحدة الأميركية.
روسيا: ؟
إيران: ما الذي لا تفهمونه؟
روسيا: نحن بصدد الحديث عن دفع المستحقات.
إيران: نحن أيضا بصدد ذلك، فنحن نكره الأميركيين.
روسيا: ولكننا بصدد الحديث عن دفع مستحقاتنا، فكلفة مشروع بوشهر تقدر بما يقارب مليار دولار..
هنا يرفع الوفد الإيراني الجلسة ليعلن رئيسه في ختام اجتماع تشاوري مع أعضاء الوفد اعتذاره لأنه اضطر إلى تغيير المترجم بسبب سوء التفاهم، ثم يبادر قائلا: نفهم أن عقد إنشاء محطة بوشهر على قدر كبير من الأهمية. أليس كذلك؟
روسيا: يسرنا أنكم تفهمون ذلك.
إيران: نحن أيضا سعداء، فهذا العقد في غاية الأهمية بالنسبة لنا.
روسيا: ينطبق ذلك علينا أيضا بالطبع.
إيران: تتجاوز أهميته مليار دولار.
روسيا: يكفينا المليار.
إيران: تنبع أهميته من أنه يشكل في واقع الحال جبهة مشتركة ضد الشيطان الأكبر وضد الإمبريالية الأميركية والصهيونية بحكاياتها المختلقة عن الهولوكوست، وهي الحكايات التي دحضها خيرة علماء العالم..
روسيا: ولكن، مع الاعتذار، هذا بعيد عما هو موضع اهتمامنا هنا.
إيران: يستخدم الصهاينة حكاية الهولوكوست كهراوة مسلطة على العالم العربي وأوروبا..
ثم يتحدث أعضاء الوفدين الروسي والإيراني في آن معا إلى أن يرفع الوفد الإيراني الجلسة ثانية ليغير المترجم. ثم يعود الوفد الإيراني إلى غرفة المحادثات ليقول رئيسه: أيها الزملاء المحترمون.. خلاصة القول إن تعاوننا على قدر كبير من الأهمية من الناحية السياسية أولا كعامل في صد العدوان الأميركي الصهيوني. ولهذا فإننا مقبلون على الدخول في تعاون معكم. ومن الواضح، والحالة هذه، أن مسألة دفع المستحقات مسألة فنية لا أكثر ويمكن مراجعتها في أي وقت.
روسيا: فلنراجعها الآن.
إيران: لا مانع، ولكن تجدر الإشارة إلى أننا لا نقدر ثمن الصداقة مع روسيا بالنقود، فقيمتها هي أن هناك فهما مشتركا لوجوب رفض نظام القطبية الأحادية كما أشار إلى ذلك الرئيس الروسي وأن الشعوب الحرة لن تقبل شروط الصهاينة كما أشار إلى ذلك الرئيس الإيراني.
روسيا: دعنا نناقش مسألة دفع مستحقاتنا.
إيران: سوف نناقشها بالطبع بعد استراحة فنية قصيرة..
يمكن أن تستمر مباحثات من هذا القبيل إلى أجل غير مسمى. والأمر المفهوم في أي حال أن إيران لا تريد أن تدفع لأنها لا تشاء ذلك ببساطة ولأنها تتبع أسلوب التعامل مع الجميع من موقع القوة. وترى القيادة الإيرانية أن ذلك كان يعود على إيران بالفائدة حتى الآن وخاصة في التعامل مع موسكو. كما تظن إيران - أخيرا - أن موسكو بصدد مقارعة القوة الأميركية العظمى وبالتالي فإن روسيا تحتاج إلى إيران كمن يعاونها. ولا تريد إيران إبان ذلك أن تكون "الشريك الأصغر"، فلا مانع لدى إيران بأن تقبّلها روسيا، ولكنها لا تعتزم أن تقبّل روسيا حرصا على ماء الوجه. وترى إيران، مع ذلك، أن روسيا مدعوة لتشييد محطة بوشهر على نفقتها (روسيا).
وهنا تتصادم نظريتان الأولى هي أن تدعم روسيا أصدقاءها بمن فيهم "الصديق الإيراني" كما فعل الاتحاد السوفيتي في حينه (وأيضا الولايات المتحدة) خاصة أن هذا الصديق "يكره أميركا".
والنظرية الثانية، وهي نظرية جديدة تتماشى مع ركب عصرنا الحديث، عصر اقتصاد السوق، تقضي بأن تقدم روسيا المساعدة السياسية إلى شركائها، ولكن ينبغي على الشركاء أن يسددوا قيمة الخدمات أو السلع التي يحصلون عليها من روسيا بالكامل.
هكذا يدور الجدل أو الصراع بين نظريتين متضادتين. وسوف نعرف قريبا أيهما الغالبة.