أخبار خاصة

قراءات كردية لزيارة البارزاني إلى السعودية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السعودية بدأت خطوة وقف التجاهل العربي للأكراد
قراءات كردية لزيارة البارزاني إلى السعودية

نزار جاف من بون: إستأثرت الزيارة التي قام بها رئيس إقليم كردستان للملكة العربية السعودية في الأيام القليلة الماضية بدعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بأهمية إستثنائية من قبل الدوائر السياسية والأمنية والإعلامية في المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام. وهي إلى جانب كل الذي إكتنفته بين دفتيها، فإنها مثلت بداية جديدة ونقلة نوعية في تاريخ العلاقات العربية ـ الكردية وإنعكست آثارها بقوة على الشارع الشعبي الكردي.

وفي الوقت الذي لاقت فيه هذه الزيارة الصدى الكبير والطيب في إعلام المنطقة، فإن مصادر كردية عديدة أكدت أن الرئيس جلال الطالباني سوف يزور السعودية في أواخر هذا الشهر لحضور مؤتمر القمة العربية، وسيعقد على هامشه إجتماعًا مع العاهل السعودي لبحث العلاقات الجانبية، وقد أفادت المصادر ذاتها أن الرئيس الطالباني قد أحيط علمًا بتفاصيل زيارة البارزاني.

وتأتي أهمية هذه الزيارة و"خصوصيتها"، أنها تؤسس ولأول مرة في تأريخ العلاقات العربية ـ الكردية لعلاقات مبنية على أساس متين من الصدق والصراحة والثقة المتبادلة، وهي تؤشر لبداية سياسة عربية جديدة تحمل لواءها العربية السعودية في شخص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من أهم ملامحها، أنها تسلك من طريق الإعمار والبناء والمصالح المشتركة بعيدًا عن إستغلال الدم الكردي وإباحته في سبيل أهداف مرحلية وسياسات إقليمية تصب في خانة المصالح الضيقة لهذه الدولة أو تلك.

الرئيس مسعود البارزاني، وإن كان يحمل طموحات قومية مشروعة تعكس أماني شعبه الكردي بالتحرر والإستقلال، لكنه يدرك جيدًا إن اليد السعودية الممدودة للشعب الكردي أمينة، وصادقة وتحمل في ثناياها كل ملامح الثقة والطمأنينة، ومن هنا فقد يبدو واضحًا إن البارزاني سوف يصافح هذه اليد السعودية ويشد عليها بقوة مؤكدًا على متانة العلاقة العربية ـ الكردية في عكسها لمصالح الشعبين المتآخين.

وقد إرتأينا نقل آراء الكتاب الكرد بخصوص هذه الزيارة ورؤيتهم لها ولآفاق المستقبل بعدها.

مشكلة العراق وسياسة الأكراد الحقيقية

- صديق حسن شكري

الدول ذات السلطات الإيديولوجية المطلقة، تسعى دومًا للتأثير على السياسة الكردية ذات الطابع القومي، وجره إلى درجة ماتحت الصفر. وهم بذلك، تجاهلوا كافة الحقوق القومية والإنسانية للشعب الكردي، وحتى إن الحركات والإتجاهات التي تدعي بإنها ديمقراطية وتقدمية للشعوب المستقلة في المنطقة، فإنها إما تعامل الكرد بصورة تابع لها أو إنها تهمشه، ومتى وصلوا إلى دفة الحكم فإنها وبصورة أقوى من السلطات السابقة، قمعت الأكراد.

مع كل ذلك، فإن الحركة الديمقراطية والتقدمية الكردية، من دون أن تقع تحت تأثير هذه الإتجاهات غير الديمقراطية، قاموا بقيادة قافلة دمقرطة العراق وتحت أصعب الظروف وفي ظل الضغوط السياسية العسكرية الإقتصادية للدول المجاورة للعراق، وهي مرة أخرى تسعى اليوم قبل غد لإرجاع الإستقرار للعراق وتتوصل شعوب العراق إلى مستوى حياتي يكون بالفعل إنسانيًا.

أقولها بصراحة تامة، لو لم تكن محاولات ومساعي القيادة الكردية وكذلك تأثير السياسة الكردية على سياق السياسة الداخلية للعراق، فإن الحرب الطائفية في العراق كانت تتجاوز مستويات حروب البوسنة والهرسك ودارفور.

الكرد، وبعيدًا عن أي تعصب قومي، وبعيدًا عن كل الأفكار الفنداليزمية الدينية، ومن أجل توحيد صفوف شعوب العراق، بهدف بناء عراق حديث ومعاصر من جديد، يقوم بمواصلة نضاله. هذا هو الفهم الكردي للمرحلة الحالية لمعالجة مشاكل العراق. قيادة وحركة الديمقراطية لكردستان، من دون أي تردد تنطلق صوب الآفاق في هذه الساحة. والواقع، أن الطريق الوحيد لمعالجة المشكلة المحزنة للعراق تكمن فيما أسلفنا ذكره. لكن ترى، الحركات الوطنية والإتجاهات الدينية العربية، ماهي قراءتهم لهذا الوضع؟

إيران الإسلامية تسعى من أجل صنع دولة شيعية في العراق، والدول السنية تحاول فرض دولة توليتارية للسنة على العراق، الأتراك يبحثون خلف الإحلام العثمانية ويسعون لتوجيه ضربة إلى بنيان الديمقراطية في العراق، الحركات والساسة العراقيين العرب ذوي الميول القومية والدينية، صاروا أداة تدخل بيد دول المنطقة، كل ذلك صار من ضمن عوامل تفاقم الوضع الأمني نحو الأسوأ يومًا بعد آخر في العراق.

القيادة الكردية، وبعيدًا عن كل أخطاء دول المنطقة، تعمل بخصوص العراق. وأثناء زيارة رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني للملكة العربية السعودية، وخلال إتصال هاتفي أجريته مع مصدر قريب ومطلع على السياسة الكردية، أشار إلى أن هناك ضغوطًا كثيرة من أجل جر السياسة الكردية إلى إتجاهات تخدم بعض الأطراف، لكن الكرد لن يستسلموا وبأي شكل لتلك الضغوط. لأن القيادة الكردية ترى مصلحة شعوب العراق فقط في تقارب وتفاهم الأطراف والقوى العراقية على أساس العملية الديمقراطية البرلمانية.

بعد سقوط نظام صدام، الأطراف السنية صارت قوة معارضة ضد عملية الديمقرطة، وهذا الأمر أصبح سبب إندلاع أعمال العنف وإنعدام الإستقرار، لكن ومن بعد الإنتخابات، الأطراف الشيعية المتطرفة أيضًا صارت سببًا للعنف وإبتداء حرب طائفية في العراق، ولذلك فإن الطرف الكردي كان دائمًا يتخذ دومًا مواقفه وفق نظرة نقدية أزاء المواقف غير الكاملة للساسة الشيعة والسنة العراقيين، من حيث أنهم لم يفكروا في الشأن العراقي إلا من خلال الزاوية الطائفية، وكلا الطرفان قد إتخذا بسبب من التأثيرات الخارجية مواقفهم السياسية والعسكرية.

من دون شك، بعد زيارة رئيس إقليم كردستان للملكة العربية السعودية، فإن النقطة الأهم هي أن الدول السنية وخصوصًا العربية السعودية سوف تستخدم ثقلها لإعادة الأمن والإستقرار للعراق. الكرد لن يصبحون طرفًا في المشاكل الإيديولوجية بين السنة والشيعة. وإن القيادة الكردية سوف تبلغهم بهذه الصيغة الرسالة من أن التدخلات اللا مسؤولة للدول المجاورة للعراق وبتلك الصورة التي كانت عليها لحد الآن، لم تكن في صالح شعوب العراق، وحتى إنه ليس في خدمة التدخلات نفسها. تفاقم الأوضاع وتدهورها في المنطقة سوف يضر دول الجوار أكثر من غيرها، وفي هذا الصدد فإن تجارب حكومات علاوي والجعفري والمالكي، من أحسن النماذج على أنها فشلت بسبب من التدخلات الخارجية. وإن تأسيس أي حكومة أخرى بهذه الصيغة، سواء كانت سنية أم شيعية فإنها تواجه المصير نفسها.

وفي الوقت نفسه،فإن القيادة الكردية، وضعت تجربة حكومة إقليم كردستان تحت أنظارهم، إذ إنها وتحت أقل الظروف المتاحة وأصعبها وتحت ضغوط قوية جدًا للدول المجاورة، تمكنت من فرض حالة الإستقرار والأمن في كردستان وأن تفرض ركائز الديمقراطية والحرية، ومع كل هذا، ومن ناحية الأعمار والإقتصاد والبنى الحضارية خطت خطى دؤوبة وهي الآن قد صارت مركزًا للإستثمار الأجنبي حيث تتقاطر عليه يومًا بعد آخر. نعم، هذا هو رسالة الكرد والقيادة الكردية للدول المجاورة للعراق وللأطراف العربية السنية والشيعية أيضًا.

(رئيس تحرير صحيفة "كردستان ريبورت"الصادرة في أربيل)

الهلال الشيعي لن يرى النور

- كريم قادر

السعودية، إضافة إلى أنها من الدول المجاورة للعراق، فإن المجيء بأول ملك لعرش العراق من السعودية ناهيك عن أن السعودية ترى نفسها وصية على الإسلام بشكل عام وعلى المذهب السني بشكل خاص، وبعد أن تمكنت من حسم ريادتها للأمة العربية مع مصر، فقد صار لها تأثيرًا كبيرًا في الوضع العراقي. أي يجب أن يحسب لها حساب جدي في المعادلات، سيما إذا ما تذكرنا مقولة مسؤول سعودي كبير عندما قال، من حقنا لحماية السنة إن نتدخل في الشأن العراقي. كل هذا يجب أن يؤخذ في الحسبان مع آخر قرار للقيادةzwnj; السياسية الكردستانية التي ترى من الضروري القيام بحملة خلف الحدود.

السيد مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان، والذي له دوره الحساس والحيوي في الساحة وعلى الصعيد العربي العراقي بمذهبيه، مثلما له وزنه الخاص على صعيد المنطقة، تمت دعوته رسميًا من قبل جلالة ملك السعودية وفي أول يوم لزيارته إجتمع مع جلالة الملك في لقاء مطول يمكن تفسيره بما سيتخمض عنه مستقبليًا.

مثلما هو واضح للعيان، هناك حرب طائفية في أوجها بالعراق، وإنها كالرحى تسحق حيان الناس المدنيين العزل. وهذا بدوره أدى إلى بث شعور بالخوف والقلق في المنطقة، خصوصًا وإن الحكومة الحالية في العراق وبرأي الجميع، ومع مشاركة الفئات الأخرى في فيها، فهي على الأرجح حكومة طائفية وتعمل من أجل تكريس الأمر لطائفة واحدة وتسعى كذلك أن تنجي الشخصيات الشيعية المتطرفة من مطرقة الأميركيّين كما فعلت حين فسحت المجال لخروج مقتدى الصدر.

السعودية ترى هذا التطور ليس يشكل خوفًا على تجزأة العراق وإنما هو يشكل الخوف أيضًا على تجزأة دول عربية أخرى وعلى الأساس الطائفي والذي واضح الآن من المستفيد ومن المتضرر منه.

هم، أقصد الدول العربية، كانوا يعتبرون أراضي كردستان أرضًا عربية من دون أن يضعوا في حسابهم مشاعر وأحاسيس الكرد، لكنهم الآن توصلوا إلى الإقتناع بأن الكرد قومية مختلفة وأراضي كردستان ليست أرض عربية، خصوصًا وأن الدستور الدائم العراقي أخذ بالحساب خصوصية إقليم كردستان وأن وحدة التراب العراقي مربوط بنتفيذ ذلك الدستور، إذن فإن كلاً الطرفين بحاجة للآخر.

لذلك، وفي ضوء هذه الحقائق، الإجتماع وتبادل الآراء بين العرب والكرد في السعودية التي تعتبر نفسها في موضع الريادة، لها أهميتها السياسية. رغم أن السعوديون في بداية سقوط نظام صدام والذي ذاقوا الأمرين منه، إتهموا الكرد بسبب لتجزأة العراق، وذلك لأن الأكراد كانوا يدعون إلى النظام الفدرالي في العراق وضعوه كشرط للمشاركة في عملية تحرير العراق. إذن مثلما أسلفت فانه مهم أيضًا للكورد كي يذهب ويطرح رأيه بصراحة أمامهم بأنه كقومية يمتلك كافة الحقوق، غير أنه يرضى بالبقاء داخل العراق الفدرالي، وكذلك فإنه يستمع أيضًا لآرائهم وكيف ينظرون إلى التطورات الحالية في العراق. والمهم إن زيارة رئيس إقليم كردستان، هيأت أرضية تفاهم جديدة تنتهي بفائدة الجميع والأهم أن يعترفوا بحقيقة أن الكرد يمتلك كافة الحقوق والخيارات. وبعد ذلك، يجب أن يعلموا بأن الكرد لن يصبح طرفًا في تلك الحرب المستعرة بين الشيعة والسنة. وبكلمة أخرى، فإن وجود علاقة وتفاهم بين الكرد والسعودية ليس فقط في مصلحة الكرد وإنما فيه الخير الكبير للسعودية أيضًا. وبالإمكان التصور أن الوضع العراقي بعد تلك الزيارة يمضي نحو الأحسن و تكون له تداعيات إيجابية، لأن السعودية بامكانها أيضًا أن يكون لها تأثيرًا في التقليل من ذلك العنف، أي من الممكن أيضًا أن يتوصل السعوديون إلى القناعة من أن تنفيذ الفدرالية إضافة إلى أنه ينجي العراق من تلك المأساة، فإنه يطمأنهم من إدارة العراق على أساس الإقاليم سوف تبعد ذلك الشبح الذي يتخوفون منه، أي أن الهلال الشيعي سوف لن يرى النور.

(سكرتير التحرير في صحيفة "خبات")

الحكمة السعودية وعقلانية البارزاني

مصطفى جوارتايي

شهدت منطقة الشرق الأوسط في الإيام القليلة الماضية تحركات سياسية، وزيارات مختلفة لمسؤولين غربيين إلى سورية والأردنوالعراق والسعودية متزامنة مع تحركات عراقية إلى دول الجوار، الأبرز والملفت للنظر من هذه الزيارات هي زيارة رئيس إقليم كورستان العراق مسعود البارزاني إلى السعودية بدعوة رسمية من العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله، تباحث الجانبان الكردي والسعودي الوضع العراقي الساخن والأوضاع السياسية والأمنية الراهنة للمنطقة والتحديات الكبيرة التي تواجها دول وشعوب هذه المنطقة الستراتيجية من العالم.

لماذا السعودية؟

لا شك أن السعودية تمثل دولة مهمة للغاية في المنطقة، وهي قبلة لمليار إنسان مسلم يولون إليها وجوههم وقلوبهم بصلاتهم وصومهم ويحجون إليها من إستطاع إليه سبيلاً. دولة مهمة من حيث مكانها الجغرافي المطل على الخليج، دولة تملك أكبر إحتياطي لنفط العالم أي دولة غنية ومزدهرة ضمنت لشعبها الرخاء والأمان، دولة لقادتها عقول سياسية راجحة ومتزنة يميلون إلى الإعتدال والسلم لحل النزاعات الإقليمية، ينتهجون هذه السياسة منذ زمن الراحل الملك عبد العزيز، يتوسطون لإنقاذ ما يخربه الإخوة الأضداد في الدول الشقيقة والصديقة، تراهم يحملون هم ليبيا، ويعمرون لبنان بعد كل حرب، يحاولون إنقاذ سوريا وينقذون الفلسطينيين من الإنتحار الجماعي الذي كان من الممكن أن يحصل نتيجة التصادم المسلح بين حماس وفتح.

والمشكلة العراقية باتت تثقل الكاهل السعودي الجار والشقيق حيث ظهرأن الكل يتدخلون في شتى الوسائل والأهداف المختلفة، فمنهم من يتدخل لتأزيم الوضع ومنهم منيتدخل بنية طيبة للخروج من هذا المأزق، إذًا لا بد للسعودية أن تتحرك، لم يتوانَ السعوديون من هذا القبيل، إستقبلوا من مقتدى الصدر إلى الجعفري وعلاوي وغيرهم من المسؤولين العراقيين، إلا إن أنهم اقتنعوا أخيرًا أن الجهود المبذولة لم تكن كافية، وعلموا أن اللاعب الرئيسي في العراق الذي يعتمد على مصالح شعبه ولا يأتمر بأوامر دول الجوار ويحكم المنطق في التعاملات السياسية هو السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان الذيzwnj; هو رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أول حزب سياسي كردي عراقي عريق تأسس منذ أحدى ستين سنة قبل الآن.

الشعب الكردي لم يعد هذا الشعب الذي كان مهددًا بالإبادة أيام نظام صدام حسين المنهار، هذا الشعب إستطاع أن يلعق جروحه ويعمر خمسة آلاف قرية مدمرة ومهجورة من جديد، شق الطرقات والشوارع، أقام المطارات والمؤسسات المدنية والعلمية، أسس الجامعات الحديثة وبنى قوة ذاتية مجهزة للدفاع عن مكتسباتها، وفوق كل ذلك أشاعوا روح التسامح والأخوة مع الجانب العربي في العراق، وإستطاعوا أن يقيموا أوثق العلاقات مع الدول المهمة نظير بريطانيا وأميركا وحتى كوريا والصين ويحظون بإحترام دول وشعوب كثيرة ويسابقون مع الزمن للبناء والتطور بحيث أصبحت كردستان العراق الأرض الخصبة والمكان الآمن الذي يجذب إستثمارات أجنبية وعربية بل يسميها بعضهم عراقًا آخر!!

هل السعودية تحتاج لمثل هذه العلاقة مع الشعب الكردي؟

بكل بساطة نعم، حيث إن غالبية الشعب الكردي يدينون بالإسلام وهم ثاني شعب من شعوب المنطقة الذين أسلموا منذ صدر الإسلام، وهذا وحده يكفي لإهتمام المملكة العربية السعودية بكردستان من حيث الترابط الديني، والكرد في كردستان العراق متعلمون ومنفتحون على العالم، معتدلون في أمورهم الحياتية والدينية، بعيدون عن التشدد والتطرف، همهم الكبير أن يعيشوا فوق أرضهم بحرية وكرامة بعيدًا عن أصوات الطائرات الحربية ودوي قصف المدافع البعيدة.

من يستفيد ومن يكون الخاسر من هذه العلاقة؟

لا شك، أن الشعبين الكردي والسعودي يستفيدان ولمصلحتهما أن تكون هناك علاقات سياسية واقتصادية مع بعضهما، ولكن هناك أطرافًا أخرى عبرت عن خشيتها على أن تكون هذه العلاقة على حسابها، و من هذه الأطراف أطراف شيعية عراقية. هناك أطراف أخرى أقليمية كايران وتركيا يتخوفون من تقوية العلاقات الكردية مع دولة كالسعودية التي تملك الأوراق السياسة العربية في هذا القرن، وتلعب الدور الذي لعبته مصر جمال عبدالناصر ولكن بذكاء وإعتدال وعقلانية سياسية تميل إلى الحكمة، على أن يمكن للأكراد أن يستفيدوا من هكذا علاقات لبناء وإعلان "الدولةالكردية"، هذا الخطر الذي يؤرق الساسة الأتراك والإيرانيين حيث لا يمكن أن يفطروا أو يتعشوا إلا إن يترددوا أو يتعوذوا من الدولة الكردية.

كيفما نظرنا إلى هذzwnj;ه الزيارة تكون نظرتنا إيجابية في ظل الأوضاع الراهنة للنمطقة بالرغم من سرية محتوى المباحثات والمناقشات التي جرت بين الطرفين، وسوف نأمل بتبادل الزيارات بين السعودية وإقليم كردستان، بل نأمل ببناء أوثق العلاقات مع جميع الدول العربية وشعوب المنقة وإقليم كردستان، حيث إقليم كردستان أصبحت البوابة الآمنة لعراق المستقبل.

كاتب وصحافي كردي

البارزاني في المملكة: عندما ينحدر الكردي من الجبل...

- طارق حمو(كاتب و صحفي كوردي)

ثمة عدة دلالات للزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني للملكة العربية السعودية، ولقاؤه بالملك عبدالله بن عبدالعزيز.

الدلالة الأولى وتتمثل في الدور المهم والحيوي الذي يقوم به الأكراد في العراق والتأثير في مجمل المشهد السياسي العراقي، والقدرة على رسم ملامح هذا المشهد وتوطيد السلام والإستقرار في العراق. وهو عين الشيء الذي تحتاجه بعض الأنظمة والدول العاقلة في المنطقة، لاسيّما أن الأكراد هنا يكادون أن يكونوا ضمان الوحدة العراقية الوحيد، مع توجه العرب للأنقسام وإنخراطهم في التصارع على "إعادة تركيب" الخارطتين السياسية والديمغرافية في البلاد.

والدلالة الثانية، وهي قبول الطرف الكردي ممثلاً برئاسة إقليم كردستان لاعبًا إقليميًا وأحد أركان اللعبة السياسية في المنطقة، وتقديمه بهذا الشكل، والعمل على تسويقه في المنظومة السياسية الشرق أوسطية. وربما لا يكون في التوصيف أية مبالغة إذما ذهبنا في إعتبار الكرد النقطة التي تتلاقى عندها كل المحاور. فبدون الكرد لا يمكن للعراق الجريح أن ينهض، وفي حال غيابهم أو إختيارهم الموقف المحايد ستغرق منطقة الوسط السنيّة في مستنقع منظمة القاعدة الإرهابية، ويتجه الجنوب للإستقلال والوقوع في منطقة الجذب الإيرانية، وهو الأمر الذي لا تريده الدول العاقلة هنا.

ناهيك هنا بالطبع عن الدعم الأميركي للإقليم الكردي، وتفكير واشنطن الجدي في الإعتماد على الأمة الكردية (في كامل كردستان الكبرى) في سبيل توطيد وضمان تواجدها في المنطقة. وهنا تبرز شخصية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، والتي تمتلك حنكة سياسية واضحة ونفسًا سياسيًا عميقًا في التعامل مع الأحداث. ويتضح هذا في طريقة تعامل البارزاني وفريقه مع التهديدات التركية المستمرة بشأن مدينة كركوك وتواجد قوات ومواقع حزب العمال الكردستاني في الأقليم.

سياسة البارزاني في سد جميع المنافذ أمام التدخلات التركية ورفضه للإنخراط في أي حملة ضد مواقع ثوار العمال الكردستاني، كانت صائبة وفي مصلحة الشعب الكردي. ولعل تصريحات الجنرال جوزيف رالسون الممثل الأميركي في ما تسمى باللجنة الثلاثية لمتابعة ملف حزب العمال الكردستاني حول دور البارزاني في إعلان العمال الكردستاني وقف إطلاق النار، خير دليل على ذلك. وثمة حاجة الآن في تطوير هذا الموقف والضغط على الحلفاء الأميركيين في سبيل دفع تركيا لقبول مبادرة حركة التحرر الكردستانية في كردستان الشمالية( كردستان تركيا) والإنخراط في حل سياسي، لاسيما أن الدولة التركية تتجه للتصعيد من الحركة السياسية الكردية وترجح خيار الحرب والمواجهة كخطوة للتمدد في كردستان العراق نفسها ومنع إلحاق كركوك بالخريطة الكردستانية(ثمة، للتذكير فقط، إجتماع قريب لمجلس الأمن القومي التركي لمناقشة تطورات الأوضاع في كركوك). وكانت السلطات التركية قد قامت بتصعيد الموقف مع حزب العمال الكردستاني، وذلك بتسميم الزعيم الكردي الأسير عبدالله اوجلان في سجن جزيرة إيمرالي المعزول، حيث يحتجز هناك منذ 8 أعوام، وعمدت إلى تكثيف عملياتها العسكرية ضد مواقع المقاتلين الأكراد( والتي أسفرت قبل يومين عن قتل 7 مقاتلين بالقصف الكيمياوي في ولاية دياربكر) والتضييق على نشطاء وقياديي حزب المجتمع الديمقراطي (الحزب الكردي المرخص في ساحة العمل السياسي التركي، والقريب من العمال الكردستاني)، فاعتقلت في ظرف شهر أكثر من سبعين عضوًا في الحزب، بينهم مسؤول الحزب في دياربكر، على خلفية تصريحات جريئة أدلى بها حول مدينة كركوك.

تركيا تستهدف الكرد في العراق، والقيادة الكردية تعلم ذلك. العمال الكردستاني بدوره يتابع الأمور ويتخذ الإحتياطات اللازمة لمواجهة أي عدوان تركي. وما يهم الكرد هنا هو التنسيق ووحدة الصف الكردي، والإتفاق بين الجميع على الخطوط الرئيسة والإستراتيجية التي ينبغي عدم التفريط فيها أبدًا.

السعودية( في سياسة الأعتدال الحالية) كانت الباب الواسع لتمرير الكرد للمنظومة العربية. هناك حاجة ماسة لأن يقبل العرب ويقروا بوجود لاعب كردي في المنطقة. لاعب ينزل من الجبل للتو وينزع "الشال والشابك" بعد مرحلة كفاح مريرة ويلبس بدلة الدبلوماسية تلك. لاعب يريد أن ينسى خذلان الأنظمة العربية الرسمية له وصمتها على جرائم صدام( أيام كان حارسًا للبوابة الشرقية) التي طالت حرثه ونسله. ورغم أن بعض وسائل الإعلام العربية الغوغائية تتسابق في التشهير بالأكراد ولصقهم بالمخطط الصهيوني/الأمبريالي الذي يستهدف الأمة تلك، فإن العرب يبقون الأقرب للأكراد، والأكثر تفهمًا لقضيتهم القومية في المنطقة...

وهناك معلومات أن للزيارة وجهًا آخرًا، هو "البزنس" والإقتصاد. وإن وفدًا اقتصاديًا سعوديًا سيتجه لكردستان قريبًا بغية الإستثمار في "البناء والتطوير". ومن المهم هنا أن يعم خير هذا "البزنس" على إقتصاد الإقليم وتوطيد مؤسساته، لا أن يكون مقتصرًا على بعض الأفراد أو الجهات، في ظل هذا الكممن الفساد الذي أزكم ألوف المواطنين، و"طلعت ريحته" حتى وصلت للجوار من العرب والعجم.

الزيارة مهدت لمرحلة جديدة من العمل الكردي. يجب الإنطلاق منها لبناء إقليم قوي يكون القانون فيه هو السيد. إقليم يكون هو الأساس القوي للنهضة الكردية المنشودة في كردستان الكبرى. إقليم يكون مركز الإستقطاب، والدعم، والمساندة لبقية الكرد، الذين هم هنا، أولاً وأخيرًا، السند والظهير الأكبر لحماية هذه التجربة من كل ما يحاك لها في الخفاء....وللحديث بقية....

العلاقات الكردية العربية على خلفية زيارة مسعود البرزاني إلى العربية السعودية.

- فينوس فائق (هولندا)

تعود العالم الخارجي أن ينظر دائمًا بعين الريبة إلى علاقة الأكراد بالعالم الخارجي، و ذلك بسبب إفتقار الشعب الكردي للإطار السياسي المعترف به من قبل المجتمع الدولي.. و لكن الآن و بعد أن آمن العالم بأن الأكراد في المنطقة هم القوة التي لا يستهان بها، إذا ما تم أخذ مسألة معالجة الخلل الحاصل في المعادلة السياسية في المنطقة، و الإيمان بحقيقة أن معالجة ذلك الخلل لا تتم من دون إشراك الأكراد في المعادلة السياسية، و إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار أن التواجد السياسي الكردي اليوم و في إطار كيان سياسي مستقل يؤمن بشكل خاص للعرب المزيد من المصالح..

رغم أن الترحيب السعودي اليوم بالقادة السياسيين الأكراد لا يأتي من فراغ، وإنما هو نوع من الإعتراف أن الأكراد اليوم بإمكانهم أن يكملوا النقص الحاصل في التوازنات السياسية في المنطقة.. و من ناحية أخرى حتى يحقق العرب مصالحهم، لأنهم في النهاية لا يرحبون بأحد من فراغ، فقبل توجه الأكراد إلى العربية السعودية توجهت العديد من الشركات السعودية إلى كردستان لغرض الإستثمار و الإستفادة من الأجواء الأمنية والهدوء السياسي النسبي في كردستان ممّا يساعد على تنفيذ الكثير من المشارايع الإستثمارية في المنطقة..

ومن جانب آخر، يأتي الترحيب السعودي للزيارة الكردية من منطلق حرصهم على التأكيد على تمسك الكرد بوحدة الأراضي العراقية، و لعب الدور الفعال في لمّ شمل القوى المتنازعة في العراق، و خصوصًا أن الأكراد هم الجهة الوحيدة التي يمكن التحاور معها بديمقراطية وهدوء... و إذا ما أخذنا بالإعتبار المنطقة الكردية، المنطقة الأكثر أمانًا والأكثر خصوبة لحركة الإستثمار الإقتصادي الحاصل حاليًا بعد سن قانون الإستثمار من قبل البرلمان العراقي مؤخرًا..

ومن الطبيعي أن يفكر الأكراد من الآن فصاعدًا في مستقبل علاقاته مع العرب في المنطقة، و من الطبيعي أن أي علاقات من هذا النوع ستكون بمثابة التحدي الصريح لإمتداد النفوذ الشيعي المتطرف في المنطقة بمساندة الجارة إيران التي تطمح إلى تحويل العراق نموذجًا لمثال الحكم في إيران..

من هنا، يبدأ الأكراد بإقتحام الميدان السياسي كقوة معترف بها في المنطقة والثيام بالدوره الحقيقي في تقريب وجهات النظر وجمع شمل الأطياف العراقية تحت مظلة حكومة عراقية فيدرالية تعددية تحترم التنوع العرقي والمذهبي والقومي، ذلك الهدف الذي يريد العرب أن يضمن تحقيقه بمساعدة كردية حقيقية.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف