حل قريب للبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلي الحاج من بيروت: لم تحقق اللقاءات الحوارية الستة حتى اليوم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري اختراقا ملموسا في الأزمة السياسية التي تشل لبنان منذ أول كانون الأول (ديسمبر) الماضي. فهي لا تزال تبحث عن صيغة عملية تترجم مبدأ التزامن بين إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الحريري الأب، وتوسيع الحكومة بما يرضي المعارضة والموالاة، والآليات السياسية الدستورية التي يجب اعتمادها لتحقيق هذين الهدفين، فضلاً عن الضمانات المطلوبة من الطرفين...
إلا أن الحوار بين الرجلين يقف هذا الأسبوع عند مفترق حاسم ، فإما يتوصل الى "اتفاق مخرج" بعدما انخفض سقف الطموحات الى حدود الاكتفاء بتشكيل لجنة متابعة او أكثر، وإما في أفضل الأحوال يصدر عنه "اعلان نيات". وبعدما كان المأمول من هذا الحوار انقاذ الوضع، بات الجهد مركزاً على إنقاذ هذا الحوار لئلا يتعمم اليأس في البلاد وتضيع الفرصة الأكثر جدية التي لاحت للخروج من الأزمة . أي أزمة مرشحة للتمديد حتى الانتخابات الرئاسية، هذا إذا انتخب رئيس جديد خلفاً للحود بين أواخر الصيف وبداية الخريف.
ويرتبط البحث عن الحل اقليميا وداخليا بموعد انعقاد القمة العربية في الرياض التي بدأ العد العكسي لها. وبالتالي أصبح عامل الوقت على المتحاورين بارزاً وضاغطاً، وهامش الوقت والمناورة بدأ يضيق تدريجا وفي سرعة حيث يمكن القول ان ما يبدو ممكنا وصعبا قبل قمة الرياض سيكون متعذرا وأصعب بعدها.
وتتلاحق في باريس في هذا الوقت اجتماعات سياسية مهمة، على هامش تكريم الرئيس جاك شيراك للحريري بأعلى وسام فرنسي، ويشارك فيها إلى رئيس "المستقبل"، الركنان البارزان في قوى الغالبية، رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، وذلك في ظل رعاية ومواكبة فرنسية.
ويتوقف على نتائج هذه الإجتماعات مسار الحوار الجاري مع الرئيس بري ومصيره. والمفترض ان تخلص الى قرارات نهائية يحملها معه الحريري الى بري في اجتماع "حاسم" بينهما.
ويلاحظ أن رئيس مجلس النواب يحافظ على "تفاؤله" . فهولا يزال يتوقع اختراقات ايجابية في جدار الأزمة قبل القمة العربية، ويستند الى قرار سعودي- ايراني بالتهدئة في لبنان، مراهنا من جهة على رفع وتيرة التدخل والضغط من جانب السعودية المستعدة لاعطاء "ضمانات"، ومن جهة على الانفراج والمصالحة بين المملكة العربية السعودية وسورية . لكن المعطيات لدى قوى ١٤ آذار/مارس لا تدعم أسبابه التفاؤلية، بل يغلب عليها الحذر والشك.
وترى الغالبية أن استباق قوى المعارضة نتائج الحوار بإشاعة أجواء تفاؤل مؤشر إلىالتحضير لحملة مضادة ولتحميل الأكثرية تبعة افشال الحلول بعد اظهارها بمظهر المعطل والمعرقل . وتوضح أن الحديث الإعلامي المتواصل عن انجاز في موضوع المحكمة والتوافق عليه والانتقال الى موضوع الحكومة، وهو الموضوع الأصعب، لا يعكس واقع الأمور، وإن التسريب المجتزأ وغير الدقيق للمفاوضات بين بري والحريري انما يرمي الى احراج الحريري أمام حلفائه بذريعة انه يخفي عليهم ما يتفاهم عليه مع بري، وهو يخفي تحضيراً لحملة اعلامية وسياسية ضد الأكثرية على خلفية ان المعارضة وافقت على المحكمة ذات الطابع الدولي، فيما الفريق الآخر يرفض التوافق على الحكومة.
وتكرر قوى المعارضة في هذا الوقت أنها لن تكشف أوراقها المتعلقة بالملاحظات على المحكمة ذات الطابع الدولي، قبل الحصول على اقرار بمبدأ اعطائها ١١ وزيرا من أصل ثلاثين، وأنها لن تسير في أي تسوية في شأن كل الملفات وأولها ملف المحكمة من دون تسليم نهائي لها بالثلث زائد واحد، أي الثلث الضامن أو المعطل، حسب الزاوية المنظور منها.
الأكثرية تؤكد في المقابل ان المحكمة لا تزال البند الأول في الحوار وموضوعها لم يبت، وأن العقدة لا ترتبط بموقف رئيس المجلس بل بالموقف السوري . وهو موقف سلبي.
وتنظرالغالبية بريبة وشك إلى استعجال المعارضة إصدار "اعلان نيات " قبل انعقاد القمة العربية، وتلاحظ أن هذا الإعلان يفيد الرئيس السوري بشار الأسد ويريحه في القمة العربية ويسهّل عملية تطبيع علاقات دمشق العربية ويعفيها من المساءلة والضغوط العربية حول الوضع في لبنان ما دامت الأزمة دخلت مرحلة انفراج وتسوية، في حين يكون كل الوضع اللبناني عالقا وغير مضمون في الواقع.
لذلك تطالب الغالبية بترجمة النيات أفعالاً، والبداية تكون بتوجيه بري دعوة إلى إنعقاد مجلس النواب الذي يبدأ دورته العادية غداً الثلثاء، وانهاء الاعتصام في وسط بيروت.
لكن بري لن يوجه هذه الدعوة لأنه لا يريد رؤية الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة ماثلة في قاعة المجلس بعدما اعتبرها، مع "حزب الله" والرئيس إميل لحود والقوى المتحالفة مع سورية "غير شرعية وغير دستورية".
ولا أي مؤشر، كذلك، إلى أن "حزب الله" ومن معه ينوون فك مخيم الإعتصام الذي يقفل أجزاء واسعة من وسط بيروت، قبل حلول موعد إنتخاب من سيخلف لحود.
بمعنى، إذا لم تحصل معجزة سياسية، ستتكرر أخبار لبنان على هذا المنوال حتى الخريف. فتختلط تواريخها ومضامينها على القراء والمشاهدين والسامعين، ويصعب تحديد ما إذا كانت عما يحدث اليوم أو منذ أسابيع أو أشهر.