التوترات مع الرياض تضع واشنطن في وضع صعب في الشرق الأوسط
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن، دمشق: يرى عدد من المحللين ان الانتقادات التي وجهتها السعودية الى الوجود الاميركي في العراق يعكس تطورا عميقا في العلاقات بين البلدين ويضع ادارة الرئيس جورج بوش في وضع صعب في الشرق الاوسط. فكلام العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز امام القمة العربية في الرياض حيث قال الاربعاء "في العراق الحبيب تراق الدماء بين الاخوة في ظل احتلال اجنبي غير مشروع"، مضيفا "لن نسمح لقوى من خارج المنطقة ان ترسم مستقبل المنطقة"، لم يستقبل بالترحاب في واشنطن.
وقد اتصلت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هاتفيا بالسفير السعودي في واشنطن عادل الجبير لتستوضحه بشأن كلام الملك عبدالله، لكنها حرصت في الوقت نفسه على عدم الاتصال بنظيرها السعودي الامير سعود الفيصل مما فسر على انه حرص على عدم تشديد التوتر. وقال المسؤول الثالث في وزارة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز الخميس ان الولايات المتحدة "فوجئت" بكلام العاهل السعودي وانها تنوي طلب "ايضاحات" من الرياض.
وليست المرة الاولى التي تنأى المملكة العربية السعودية بنفسها عن السياسة الاميركية في العراق. في تشرين الثاني/نوفمبر، حذر مستشار سعودي في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية من ان السعودية قد تتدخل في العراق لحماية السنة في حال حصول انسحاب اميركي سريع.
وراى جوشوا لانديس، الخبير في مركز الدراسات حول السلام (بيس ستاديز) في جامعة اوكلاهوما، ان الملك عبدالله، بوصفه وجود القوات الاميركية في العراق بانه "غير مشروع"، يطرح نفسه كبطل عروبة جديدة بغية احتواء تنامي النفوذ الايراني في المنطقة. واوضح الخبير ان العاهل السعودي توصل الى استنتاج بان خطة الرئيس جورج بوش في العراق مصيرها الفشل وهو يسعى الى ابعاد سوريا عن ايران بغية اعادة نظام دمشق الى الاسرة العربية.
واضاف "ان الملك عبدالله اعلن انه يسعى الى اعتماد سياسة عراقية جديدة، سياسة تهدف الى مرحلة جديدة لما بعد الاميركيين في العراق وسياسة ينبغي ان تكون منسقة مع سوريا"، مذكرا ان العاهل السعودي اجرى محادثات مرتين مع الرئيس السوري بشار الاسد على هامش قمة الرياض. وهذا ما يشاطره الرأي فيه خوان كول من جامعة ميشيغن الذي رأى ان الملك عبدالله "يعتقد ان بوش ينتهج سياسة لا تستند الى اي منطق وقد تؤدي الى زعزعة الوضع في الشرق الاوسط".
فضلا عن ذلك، اعتبر الخبير ان السعودية انزعجت من رد فعل الولايات المتحدة على اتفاق مكة المكرمة الذي وضع حدا للعنف بين الفلسطينيين وادى الى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بين حركتي فتح وحماس. فالولايات المتحدة رفضت التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية وطالبت بابقاء المقاطعة الدولية المفروضة منذ عام.
وكان مستشار الامن القومي في البيت الابيض ستيفن هادلي اكد في مقابلة مع محطة "سي ان ان" التلفزيونية الاميركية ان واشنطن "ترفض التحاور مع هذه الحكومة طالما لم توافق على مبادئ" اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي)، داعيا اياها الى "التخلي عن الارهاب و(نبذ) العنف والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود".
وفي حديث لمجلة "نيوزويك" الاميركية، اكد وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل رغبة المملكة السعودية في اعادة اعطاء "الهوية" العربية لشعوب المنطقة. وقال وزير الخارجية السعودي في الحديث الذي نشر الخميس على موقع المجلة الالكتروني ان القادة السعوديين لديهم "الشعور ان امورا تحدث في العالم العربي كما لو ان ما من شعب في المنطقة يملك ارادته الذاتية". واضاف ان القمة العربية تمثل "جهدا لاتخاذ قرارات عربية"، من دون اخفاء نفاد صبره بخصوص اقتراح وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس تسريع المصالحة بين العرب والاسرائيليين.
فقبل بدء جولتها الاخيرة الى الشرق الاوسط، دعت رايس الاسبوع الماضي الدول العربية الى "الاقرار بان التوصل الى حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني يحتم العزم والمساعدة المنبثقين من تقدم في الجانب العربي الاسرائيلي، ليس عند نهاية العملية بل بالاحرى خلال هذه العملية".
تشرين: قمة الرياض أرست دعائم عمل عربي مشترك
واعتبرت صحيفة "تشرين" الحكومية السورية السبت ان قمة الرياض "ارست دعائم عمل عربي مشترك" وان لم تبلغ قراراتها "طموحات الشعب العربي". وكتبت "تشرين" ان "قمة الرياض ارست دعائم عمل عربي مشترك على اكثر من جبهة وصعيد ومهدت الطريق امام عودة ميمونة للتضامن العربي الذي كدنا ننساه ونيأس من تحقيقه".
واعتبرت الصحيفة ان "الخطابات الرنانة والحماسة غير المبررة لم تعد تقنع احدا في زمن العقل والمنطق فلنعترف بأن القمة لم تبلغ طموحات الشعب العربي وان لامستها واقتربت منها لاول مرة -ربما- منذ سنوات". واضافت ان "قمة الرياض هي قمة استعادة الامل وكانت الخشية دائما من احتمالات الانحدار العربي الى ما دون الخطوط الحمراء ولكن +ابطال+ القمة اثبتوا جدارتهم وقدرتهم فخرجوا بقرارات ما فوق الخطوط الحمراء واحبطوا جهودا كبيرة بذلت عشية القمة لتحويل مسارها لتصب النتائج في ساقية المشاريع الاميركية والصهيونية".
وقالت ان العرب في قمتهم في الرياض "رفعوا الفيتو في وجه القرارات والاملاءات والسياسات الاميركية المتصهينة او بعبارة ادق السياسات الصهيونية المصنعة في معامل البيت الابيض الاميركي". واعربت عن الامل في "ان تتم ترجمة ما توافق عليه القادة العرب على ارض الواقع كي تعود الروح الى النفوس العربية المتعبة ويعود الامل الى الشارع العربي من جديد".