معارك نهر البارد تفاقم أزمة الكهرباء في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صحف عربية: بوادر انقسام حماس ومنازلة بين الجميل وعون
معركة رئاسة لبنان تدور على مقعد نيابي
اليونوفيل تنجح فيما فشلت فيه إسرائيل وتدمر محميات حزب الله
وشهدت ضاحية بيروت الجنوبية الشيعية معقل حزب الله الذي يقود المعارضة مساء امس الاثنين، ولليلة الثانية على التوالي، تظاهرات احتجاجية شملت قطع طرقات واحراق دواليب احتجاجا على ازدياد تقنين التيار الكهربائي. واكد روجيه مرقدة ممثل نادي الحماية والتعويض (شركة تامين) ان باخرة تابعة لشركة بريطانية محملة ب 36 الف طن من المازوت متوقفة منذ ايام في عرض البحر في شمال لبنان بانتظار انتهاء المعارك لإفراغ حمولتها.
واوضح مرقدة ان هذه "هي رابع باخرة لم تتمكن من افراغ حمولتها في هذه المنطقة منذ 20 ايار/مايو بسبب المعارك" التي بدات حينها ولم تنته حتى الان. وشدد على اربع مسلمات "سلامة الطاقم، سلامة الباخرة، سلامة الحمولة، وتجنب اية كارثة بيئية على الشاطئ في حال استهدفت قذائف فتح الاسلام الباخرة".
يذكر بان صواريخ الكاتيوشا التي دأب مؤخرا مسلحو فتح الاسلام على اطلاقها على المناطق المجاورة اصاب بعضها بلدة دير عمار حيث معمل الكهرباء كما سقط بعضها في البحر قريبا من الشاطئ. وفي بيان اوضح الوزير الصفدي "ان انتاج الكهرباء انخفض الى ما دون 1250 ميغاواطا من اصل 1900 ميغاواط يحتاج اليها لبنان" بسبب معارك مخيم نهر البارد التي حالت دون رسو بواخر المحروقات على الشاطئ لتأمين انتاج الطاقة في محطة دير عمار المجاورة للمخيم.
كما عزا الصفدي انخفاض الانتاج الى عدم وجود خزانات للفيول اويل في معمل الجية (جنوب بيروت) التي دمرتها اسرائيل الصيف الماضي ولاي انخفاض كمية الطاقة التي تزود بها سوريا الشبكة اللبنانية. واضاف "هذه الاسباب اوصلت البلاد الى ازمة كهرباء حادة نعمل على معالجتها بعيدا عما يشاع عن وجود خلفيات سياسية تستهدف فئة او منطقة".
يذكر ان المناطق اللبنانية جميعها باستثناء بيروت ما زالت تشهد تقنينا للتيار الكهربائي تختلف حدته وفق الظروف رغم الكلفة الباهظة التي دفعتها الدولة لاصلاح معامل توليد الطاقة وشبكات التوزيع بعد انتهاء الحرب الاهلية (1975-1990). كما ان اعتداءات اسرائيل المتتالية على لبنان منذ عام 1990 كانت تتركز على البنية التحتية وخصوصا في قطاع الكهرباء.
غضب عارم في قرى عكار
ويزداد غضب اهالي قرى منطقة عكار في شمال لبنان مع ارتفاع حصيلة قتلى الجيش في المعارك الدائرة في مخيم نهر البارد، خصوصا وان معظم قتلى الجيش ينتمون الى قرى هذه المنطقة الفقيرة المحرومة.
تبعد قرية ببنين بضعة كيلومترات عن مخيم نهر البارد وقد فقدت منذ 20 ايار/مايو وحتى الان سبعة من ابنائها احدهم بسام جوهر (29 عاما) من عناصر لواء المغاوير في الجيش اللبناني. وقد لقي بسام مصرعه في 14 تموز/يوليو تحت انقاض مبنى فخخه مسلحو فتح الاسلام الذي يحاصر الجيش من تبقى منهم داخل المخيم. لكن الجيش لم يتمكن من سحب جثته الا بعد ستة ايام.
وفي القرية اتشحت ارملة بسام الشابة مريم بالسواد وغطت راسها بمنديل ابيض وجلست في باحة المنزل العائلي الى جانب صورة كبيرة لزوجها "الشهيد" مرتديا ثيابه العسكرية وهو يحمل على كتفه قاذفة صواريخ.
وتقول مريم (23 عاما) "انجبت طفلا يوم التحق زوجي بالمعارك اي قبل خمسين يوما بالضبط" وتضيف باسى "لم يره الا مرتين خلال اجازات قصيرة". في قاعة كبيرة مجاورة للمنزل حمل والد بسام حفيده بين ذراعيه وهو يتقبل التعازي. ويتتالى المعزون بصمت يشدون على يده في اجواء غضب عارم.
يقول محمد جوهر احد ابناء عمومة بسام بنبرة حادة "لا تسميهم فتح الاسلام في ذلك اهانة للاسلام. سميهم +عصابة مجرمي شاكر العبسي" على اسم زعيم المجموعة المتهمة باعمال ارهابية. وقد دفع الفقر والتقاليد ابناء قرى عكار المنتشرة قرب الحدود مع سوريا الى الانخراط بكثرة في صفوف الجيش.
وتقول زينة صوفان (42 عاما) التي فقدت في 22 ايار/مايو نجلها فراس وهو في ربيعه التاسع عشر "لا يوجد هنا منزل واحد لم ينخرط احد ابنائه في صفوف الجيش". وتضيف "هنا لا مجال للحصول على عمل حتى بالنسبة للمتعلمين".
ومع ارتفاع حصيلة الخسائر العسكرية التي بلغت حتى الان 116 قتيلا يزداد الحقد في المنطقة على الفلسطينيين الذين كان 31 الفا منهم يقيمون قبل المعارك في مخيم نهر البارد. على مدى عشرات السنين نسج اهالي منطقة عكار علاقات حسن جوار مع الفلسطينيين لكن رواية "المجزرة" التي وقعت في 20 ايار/مايو في اليوم الاول للمعارك وذكرى الجنود الذين هاجمهم مسلحو فتح الاسلام وهم نيام وذبحوهم في فراشهم اطاحت بها.
ففيما كان دوي القذائف يسمع من بعيد في منزل جوهر كانت الشتائم تتردد في القاعة ومنها "الله ياخذهم" كما تقول سحر احدى خالات بسام. يؤكد محمد جوهر ان اهالي المنطقة "لن يسمحوا ابدا باعادة بناء المخيم ولن يسمحوا ابدا بعودة الفلسطينيين". ويضيف "اعتدنا ان نتسوق من عندهم لكنهم خونة. لقد استقبلوا هؤلاء المجرمين وساعدوهم".
ويقول شاب اخر "اعطى بعضهم (من سكان المخيم) بناته زوجات للارهابيين" وهم اضافة الى الفلسطينيين واللبنانيين من جنسيات عربية مختلفة. لكن عائلة جوهر لم تفقد ايمانها بالجيش رغم عدد القتلى واستمرار المعارك "ففي عكار الناس تحب الجيش" كما يقول احد افرادها.
عندما تصل زينة صوفان الى منزلها الفقير في احد اطراف القرية تطلق العنان لغضبها وتقول "ارسلوا ابناءنا الى المخيم وهم لا يملكون اية خبرة. خبرتهم تقتصر على استخدام رشاش الكلاشنكوف". ويصل مؤهل شاب من اصدقاء بسام الى المنزل لتقديم التعزية بعد ان حصل على اجازة لا تتعدى الست ساعات يعود بعدها الى المخيم، مشيرا الى انها "اول اجازة منذ اسبوعين". ويقول الجندي الشاب "معنويات الجنود جيدة حتى الجرحى منهم يريدون العودة".
ويقول "بامكاناتنا المتواضعة نحارب عدوا مدربا بشكل جيد جدا ويقتل بوحشية لا يمكن تصورها" مقرا بان الجنود فوجئوا "بالاسلحة المتطورة جدا" المتوفرة بين ايدي عناصر فتح الاسلام ومنها "المناظير الليلية والالغام التي يمكن تفجيرها عن بعد". ويقول المؤهل الشاب ان الجنود "يمضون ثلاثة ايام في المخيم. يتناوبون للنوم. ثم يخرجون ليحل اخرون مكانهم".