الظلام يكمل نسج خيوطه على عنق غزة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أطفال فلسطين: غزة والضفة وطن واحد
الظلام يكمل نسج خيوطه على عنق غزة
مصر تتخوف من تدفق مئتي ألف فلسطيني إليها وتدعو لمراجعة كامب دايفيد
هنية بعث برسائل للأوروبيين لتزويد كهرباء غزة بالوقود
اتهام حماس بالمتاجرة بمعاناة الفلسطينيين في أزمة الكهرباء
مصر تؤكد التزامها بالمساهمة في توفير الكهرباء
خلف خلف رام الله-أسامة العيسة من القدس: وكأن قطاع غزة الواقع على الجزء الجنوبي من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ينقصه الظلام والسواد. فهذه القطعة التي تعتبر أكثر الأماكن في العالم كثافة من الناحية السكانية حيث يعيش على مساحتها البالغة 365 كم2 ما يقارب مليون ونصف فلسطيني لم تكن بحاجة لانقطاع التيار الكهربائي ليزيد من معاناتها، فاليأس والإحباط مسيطران على المواطنين دون أن تضربهم أي كارثة جديدة.
فمحافظات غزة الخمسة يبتلعها منذ الخميس الماضي وحش الظلام واحدة تلو الأخرى، وهو ما جعل السكان يتهافتون لشراء الشمع الذي اختفى من المحلات، وكذلك الحال مع المولدات الصغيرة والمصابيح التي تعمل بالغاز أو البطاريات لاستعمالها للإنارة.
هذا في وقت يعتبر فيه هذا الصيف هو الأشد حرارة في فلسطين وقطاع غزة تحديداً، فيما ترتفع نسبة الرطوبة أثناء ساعات الليل، مما يفاقم الأزمة خصوصا لدى المرضى، حيث يتعرض قطاع الخدمات الصحية لانعكاسات خطيرة بسبب هذه الأزمة خصوصا المستشفيات.
وقد حذر رئيس لجنة الطاقة والمصادر الطبيعية والبيئة في المجلس التشريعي النائب الدكتور أيمن دراغمة من أن استمرار أزمة إدخال الوقود والمحروقات إلى قطاع غزة من شأنه أن يتسبب بكارثة صحية وبيئية خطيرة إذا لم يتم حل هذه المشكلة في موعد أقصاه غدا الخميس.
وأوضح دراغمة في تصريح صحافي امس أنه تابع ملف أزمة انقطاع الكهرباء عن معظم مناطق قطاع غزة بسبب نفاذ مخزون الوقود وعدم السماح بإدخال كميات جديدة منه عبر المعابر المخصصة لذلك، وأجرى اتصالات عديدة مع سلطة الطاقة ومع مصلحة المياه الفلسطينية ومصلحة مياه الساحل في قطاع غزة، مشيرا إلى أن كافة هذه الجهات تجمع على أن كارثة ستحل بقطاع غزة إذا استمر تأخر إدخال الوقود حتى يوم الخميس. وأشار دراغمة إلى أن عددا من آبار ضخ المياه في قطاع غزة توقفت عن العمل بسبب نفاذ مخزون الوقود المشغل لمولدات الكهرباء وأجهزة الضخ.
ونوه دراغمة إلى أن المشكلة الأكبر التي يواجهها سكان القطاع عامة، عدا عن انقطاع المياه والكهرباء عنهم، تكمن في توقف ضخ مياه الصرف الصحي عبر مضخات في أحواض مخصصة لذلك أو في البحر، وخاصة في عدد من المناطق المنخفضة في القطاع، موضحا أن توقف ضخ مياه الصرف الصحي سيؤدي بالضرورة إلى امتلاء أحواض الصرف والتسبب في انهيارات فيها، على غرار ما حدث في كارثة انهيار أحواض الصرف في أم النصر قبل أشهر. وأشار دراغمة إلى أن هذا الخطر يهدد مناطق واسعة قد تصل إلى ثلث قطاع غزة بأكمله الأمر الذي ينذر بكارثة صحية قد تودي بحياة المواطنين في تلك المناطق.
ومن جانبها، أكدت شركة كهرباء فلسطين تصميمها وسعيها الحثيث لدى الأطراف كافه لاستئناف عمل محطة غزة لتوليد الكهرباء وتزويدها بالوقود اللازم لتشغيل المولدات (التوربينات) الأربعة المتوقفة حاليا عن العمل، وناشدت الشركة الاتحاد الأوروبي بأن يستأنف تزويد الوقود للمحطة بأسرع وقت.
وأكد صايل ضرورة تحييد محطة كهرباء غزة من أجل تزويدها بالكهرباء عن أية خلافات سياسية وتوفير الحماية اللازمة لدخول الوقود للتخفيف من معاناة الناس. وأعلن صايل أن الظروف السائدة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لم تغير من وضع الشركة المالي والتجاري الذي حافظ على قوته وأوضح صايل أن جميع حقوق الشركة محافظ عليها اذ اكد رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية على تسديد جميع مستحقاتها باعتبار أن توقف المحطة تم لظروف قاهرة مؤقتة خارجه عن إرادة الشركة.
من المسؤول؟
و يستمر تبادل الاتهامات بين حركتي فتح وحماس حول المسؤول عن إظلام قطاع غزة. وتقول حركة حماس، بان متنفذين في حركة فتح وحكومة تسيير الأعمال برئاسة الدكتور سلام فياض، هي التي تقف وراء قطع إسرائيل لإمداد قطاع غزة بالكهرباء. واتهمت حركة حماس الدكتور رياض المالكي وزير الإعلام في حكومة فياض، والدكتور سعدي الكرنز، أمين مجلس رئيس الوزراء، بالوقوف خلف قرار وقف تزويد القطاع بالوقود اللازم للكهرباء.
وقال الدكتور أحمد بحر، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة، أن قرار قطع الوقود "يأتي في إطار استمرار سياسة الحصار الدولي الجائر المفروض على قطاع غزة والهادف إلى معاقبة الشعب الفلسطيني على خياراته الديمقراطية، التي تم التعبير عنها بحرية في انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية شهد العالم أجمع بنزاهتها". وحث بحر الاتحاد الأوروبي لزيارة شركة الكهرباء للاطلاع على عمل الشركة وكافة الإيرادات والمصروفات المالية.
ويتهم الاتحاد الأوروبي الذي يدفع جزءا من فاتورة الوقود الذي يدخل إلى قطاع غزة، حركة حماس بجمع الإيرادات من المواطنين، ووضعها في خزينة، مما جعله يمتنع عن القيام بدوره كضامن لاثمان الوقود الذي تزوده شركة دور الإسرائيلية. وقالت ناطقة باسم الاتحاد، ان الاتحاد لا يمكن أن يوافق على وضع تجمع فيه حماس أثمان الفواتير لتمويل حكومتها المقالة، مما يعتبر تجاوزا للمقاطعة الدولية على حركة حماس.
وأعلن مكتب المفوضية الأوروبية في القدس استعدادها لاستئناف دعمها لمحطة غزة لتوليد الطاقة في غضون ساعات، عندما تتوفر لديها الضمانات الكافية بأن جميع المساعدات سيتم استعمالها لفائدة سكان القطاع فقط. وتقول حركة حماس، بأنها كشفت عن حالات فساد واسعة في شركة الكهرباء، وأنها مصرة على تطبيق القانون وتحويل المختلسين والمتلاعبين إلى القضاء، وأكدت بان الأموال التي يتم جبايتها، تذهب إلى حساب شركة الكهرباء.
وعلى الجانب الأخر قال وزير الإعلام الفلسطيني رياض المالكي، بان حل الأزمة لدى حركة حماس، ويكمن فيما اسماه وقف احتلالها لشركة الكهرباء، والتوقف عن جباية الإيرادات، لان تزويد الوقود لغزة تحكمه اتفاقات دولية، وإذا لم تفعل ذلك فعليها أن تتدبر نفسها. أما مكتب محمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة الفلسطينية، فأعلن أن أبا مازن، يجري اتصالات لإعادة إمداد الوقود إلى القطاع.
وفي الوقت ذاته أكد الناطق باسم أبو مازن "ان انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من قطاع غزة نتج عن قيام حركة حماس الانقلابية بالسيطرة غير المشروعة على شركة توزيع الكهرباء في القطاع وتحصيلها للاشتراكات من المواطنين لتمويل نشاط ميليشياتها ودورها الانقلابي الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى إيقاف دعمه المالي لتوفير الوقود لمحطة توليد الكهرباء".
ووسط السجال الذي لا ينتهي بين حركتي فتح وحماس، يشعر اطفال فلسطين بقلق بالغ على مصير أترابهما في القطاع، الذين يدفعون ثمنا لخلافات الكبار، مثلما هو حال الصغار دائما.
وطن واحد
وبدأت الحملة اليوم في مدينة بيت لحم، حيث طافت مجموعات من الأطفال ترتدي قمصانا بيضاء كتب عليها (غزة والضفة وطن واحد)، شوارع المدينة، لجمع التبرعات وسط تشجيع من التجار والمواطنين. وستكمل هذه المجموعات عملها غدا في مدينة الخليل، ومن ثم في باقي المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية.
ومن الشعارات التي رفعها الأطفال (معا سنكون ولن نكون إلا معا)، في إشارة إلى ما قالوا انه وحدة المصير بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووزع الأطفال المشاركون في الحملة بيانات دعوا فيها أهلهم إلى إسناد الحملة التي ينظمونها، وجاء فيها "تبرعوا بقلم أو دفتر لدعم صمود أطفالنا في قطاع غزة لكي يستمر أطفالنا على مقاعد الدراسة، بعيدا عن أزيز الرصاص، وفوهات البنادق، لنؤكد بذلك بأننا وطن واحد رغم كل ما يحدث، علنا نستطيع فعل ما لم يستطع فعله الكبار". وقال الطفلان ورد وجمال لمراسلنا، بان ما دفعهما إلى المشاركة في الحملة، هو مشاعرهما تجاه أطفال غزة الذين يعيشون ظروفا صعبة.
وأشارا إلى انهما يتابعان ما يجري في قطاع غزة، عبر وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك مما يقوله الأهل، وقالا "لا نريد لأطفال غزة أن يدرسون على ضوء الشموع، أو أن يذهبوا إلى المدارس بدون حقائب".