الفاينانشل تايمز:بين البصرة وهلمند الرمضاء والنار

لندن: تستعرض صفحة الرأي بالفاينانشل تايمز، حجج الذين يفضلون انسحابا بريطانيا من العراق، بغرض الانتشار في أفغانستان. ويقول الصحافي إن مثل هذا القرار يبدو حكيما للوهلة الأولى. فالانتشار بأفغانستان "لنجدة" سبعة آلاف من الجنود البريطانيين، الذين يجاهدون من أجل التصدي لحركة طالبان، سيعطي الانطباع بأن بريطانيا لا تتملص من مسؤوليتها. كما يعد مخرجا من حرب "فاشلة"، إلى حرب يمكن الفوز بها.

أضف إلى ذلك أنها حرب " نبيلة"، لأنها تحاول استئصال "الإرهاب" من منابعه، لأنها تحظى بدعم دولي، ثم إن لبريطانيا، أو بالأحرى لما حدث بلندن قبل أكثر من عامين، صلات وروابط بأفغانستان والمناطق القبلية المشتركة مع باكستان. هذا منطق سليم من الناحية النظرية، يقول كاتب المقال، لكنه يصطدم بواقع مختلف تماما. "فأن تقول إن بريطانيا لا تستطيع الكثير في العراق شيء، أما أن تعتبر أن الحرب في أفغانستان حرب رابحة، فتلك مسألة أخرى مثيرة للجدل."

فكل المعطيات تشير إلى أن حلف شمالي الأطلسي (ناتو)، يخسر الحرب في أفغانستان، يقول الكاتب، إذا أخذنا في عين الاعتبار أن الانتصار هو بناء دولة في هذا البلد، الذي عاش نصف قرن من الزمن على إيقاع الصراعات و الحروب، والذي لا زالت العصبية القبلية هي نظامه الاجتماعي السائد.

أما الانتصارات التي تعلن عنها قوات الناتو، فما هي سوى انتصارات ميدانية محدودة، يقول الكاتب الصحافي. فالسبق الاستراتيجي بحوزة "الإسلاميين، ولدى حركة طالبان مأثورة مرعبة: إذا كان للغرب ساعات يد، فلدينا الوقت."

ويُذكر ستيفنز بالفيانانشل تايمز، في هذا الصدد، بالإحصائيات الأخيرة التي أصدرتها الأمم المتحدة، والتي تشير إلى أن أفغانستان تصدر تسعة أعشار مخدر الأفيون الرائج في العالم.

"حصة الأسد"

من هذا الأفيون المهرب من نصيب حركة طالبان. ولا ينتقد الكاتب شن الحرب على أفغانستان، ولكنه ينتقد الطريقة التي دُبرت بها بعد البدايات الناجحة، أي "قبل أن يحل الغرور محل الحكمة، ويقرر بوش احتلال العراق."

ويبدي الكاتب تفهما لموقف رئيس وزراء بريطانيا المُطالب من قبل قادة جيشه بتحديد الحرب التي ينوي خوضها؛ لكنه ينصح بالتريث، والتخلص من الحسابات الانتخابية الضيقة، والعمل على التفكير بجدية في خطة مُحكمة وبعيدة المدى لبناء دولة في أفغانستان، للتصدي لمصادر "الإرهاب". ويختم الكاتب مقاله بالقول:" سيكون من المؤسف جدا أن نشهد بعد ثلاث سنوات ، انسحابا مخزيا آخر."