مقدمات إعصار العراق تجتاح إعلام أميركا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن : في الوقت الذي تجتاح فيه الأعاصير الطبيعية بعض سواحل الولايات المتحدة الاميركية، يجتاح العاصمة الاميركية واشنطن إعصار من نوع مختلف، إنه إعصار سياسي سببه الأساسي الاضطرابات التي أحدثتها تطورات ملف الحرب على العراق، وقد احتلت هذه التطورات واجهة العديد من وسائل الإعلام الاميركية طيلة الأسبوع الماضي.
فما بين انتقادات حادة وجهها أعضاء الكونجرس الأميركي لرئيس الوزراء العراقى والمطالبة بتنحيته، فضلاً عن المطالبة بضرورة انسحاب الجنود الاميركيين من المستنقع العراقي، وما بين إصرار الإدارة الاميركية على الاستمرار خوفًا من تكرار سيناريو حرب فيتنام مرة أخرى، يظل مستقبل العراق السياسي والأمني رهنًا بقدرة طرفي المعادلة الاميركية على الوصول إلى توافق في ما يتعلق بالتعامل الأمثل مع هذا الملف الساخن، للخروج من هذا المأزق.
على الرغم من الأجازة. الكونغرس يزداد سخونة بسبب العراق
اهتم برنامج واجه الصحافة Meet the Press الذى يقدمه تيمرسيرت على شبكة MSNBC بالتصريحات التى أدلى بها احد أبرز أعضاء الكونغرس الأميركى عن الحزب الديمقراطي السيناتور جون وارنر ، والتي طالب فيها بضرورة انسحاب القوات الاميركية من العراق، وضرورة أن يضغط الكونغرس الأميركي فى هذا الاتجاه ، فضلاً عن الانتقادات التي وجهها إلى حكومة المالكي لعجزها عن إرساء الاستقرار فى العراق. وقد جاءت هذه الانتقادات اثر زيارة قام بها السيناتور جون وارنر مؤخرًا للعراق.
وعن الرسالة التي أراد السيناتور وارنر من هذه التصريحات، أكد السيناتور وارنر أنه على الرغم من أن الجنود قد نجحوا فى إرساء بعضًا من الاستقرار فى بغداد إلا أن الحكومة العراقية بقيادة نورى المالكي والقادة العراقيين الأخريين قد فشلوا تمامًا في تحقيق الأمن للعراقيين. لذلك لا بد من فعل حاسم لمواجهة هذا التراخي.
وعن رؤيته لحل المعضلة التي تواجهها اميركا فى العراق، أشار السيناتور وارنر إلى أن الأمور فى العراق تحل فقط بالحلول السياسية وليست بالحلول العسكرية، فالمخرج الوحيد لهذا المأزق - من وجهة نظر السيناتور وارنر - هو تحقيق المصالحة الوطنية بين مختلف أطياف الشعب العراقي، لأنها هي الوحيدة القادرة على إرساء الاستقرار داخل العراق واستتباب الأمن فيه.
أما عن قدرة القوات العراقية على تولي زمام المهام الأمنية داخل العراق، لفت وارنر الانتباه إلى انه على الرغم من التصريحات التي أطلقها القادة الاميركيين حول التحسن الملحوظ في قدرة هذه القوات، إلا أن الزيارة التي قام بها مؤخرًا إلى العراق أكدت أن هذه القوات ما زالت في حاجة كبيرة إلى الدعم خصوصًا اللوجستي، إضافة إلى ضرورة تزويدها بالأسلحة الثقيلة حتى تستطيع الاضطلاع بالمهام المنوطة بها.
وفي ما يتعلق بالتقارير التي أشارت إلى أن لجنة القادة المشتركة - والمكلفة مع قائد القوات الاميركية في العراق بإعداد تقرير حول الوضع الامني في العراق -مطلع هذا الشهر- سوف توصي بضرورة سحب أعداد كبيرة من الجنود الاميركيين الموجودين في العراق بحلول العام القادم 2008، أكد السيناتور وارنر انه لا يمكن أن نترك جنودنا هذه المدة الطويلة في مثل هذه الظروف الصعبة في العراق، مضيفًا أنه قد نصح الرئيس الأميركي بأن يشرع في انسحاب مبدئي من العراق قبل نهاية هذا العام، حتى تكون هذه بمثابة رسالة للحكومة العراقية مؤداها "أن اميركا لن تبقى للأبد في العراق، وان عليكم أن تتحملوا مسؤولية بلدكم".
وعمّا الذي سوف يفعله السيناتور وارنر إذا لم يقم الرئيس الأميركي بوضع جدول زمني للانسحاب من العراق، أشار وارنر إلى انه باعتباره عضوًا فى مؤسسة مستقلة عن الرئاسة، فإن عليهم أن يتحملوا مسئولياتهم ويتخذوا القرار بهذا الشأن. وهذا هو ما أكد عليه أيضا السيناتور الجمهورى البارز ميتش ماكونيل والذى أكد انه بنهاية هذا العام إذا لم يتحسن الوضع فى العراق على المستويين السياسي والعسكريفإن الكونغرس سوف يتخذ القرار.
هل حان وقت الانسحاب من العراق؟
أما برنامج "واجه الأمة" " Face The Nation" الذي يقدمه بوب شيفر على شبكة CBS فقد استضاف هذا الأسبوع المرشح الرئاسي جون ادواردز احد مرشحى الحزب الديمقراطي للرئاسة، أكد ادواردز في هذه الحلقة "انه بصرف النظر عما سوف يذكر في التقرير المزمع تقديمه حول مدى التقدم الحادث في العراق، فإن على الكونغرس أن يستمر في الدفع نحو انسحاب القوات الاميركية من العراق". مضيفًا أن على الكونغرس أن يستخدم كافة الوسائل التشريعية من اجل تنفيذ مثل هذه الخطوة.
من ناحية أخرى، أشار ادواردز انه لو كان مكان الرئيس الأميركي لقام في الحال بسحب 50 ألف جندى أميركي، ثم إعادة انتشار القوات الباقية فى حدود تسعة أشهر ، وأضاف أن هذا الانسحاب سوف يجعل الحكومة العراقية تتأكد من أنها في حاجة إلى تسوية سياسية لنزع فتيل الأزمات التى تشهدها من وقت إلى آخر.
من جانبها ركزت شبكة ABC على قيام الإدارة الاميركية بسحب بساط الدعم الأميركي من تحت أقدام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وبحثها عن قيادة جديدة تستطيع قيادة السفينة العراقية وسط هذه الأمواج العاتية من الاضطرابات وعدم الاستقرار.
وأعد كل من جاك تابر وأفرى ميلر تقريرًا رصدًا فيه المحاولات الدؤوبة التي يقوم بها في الوقت الحالي كبار مساعدي بوش للإطاحة بنوري المالكي من رئاسة وزراء العراق واستبداله بقيادة أخرى أكثر كفاءة، وأشار التقرير إلى المحاولات التي يقوم بها فى الوقت الحالي المبعوث السابق للرئيس الأميركي إلى العراق روبرت بلاكويل لتنحية نوري المالكي وإعادة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي إلى مقعد رئاسة الوزراء مرة أخرى.
وعلى صعيد آخر، كشف التقرير النقاب عن قيام أياد علاوى بتوقيع عقد بقيمة 300 ألف دولار مع إحدى الشركات ذات التوجهات الجمهورية والعاملة فى مجال اللوبى باربور جريفس وروجر "Republican Lobbying Firm Barbour Griffith amp; Rogers" ، للعمل لمدة 6 أشهر لتمهد له الطريق لتولى منصب رئاسة الوزراء مرة أخرى ، من خلال الحصول على دعم الكونغرس الأميركي وتهيئة الرأي العام لإعادته مرة أخرى إلى سدة الحكم في العراق. وأكد الكاتبان أن أياد علاوى مدعوم من وكالة المخابرات الاميركية CIA، وان هناك العديد من الشكوك حول الجهات التي تموله.
علاوي . هل هو البديل المنتظر؟
قدم برنامج The Blotter الذى يقدمه بريان روس على شبكة ABC تقريرا أعده جايستن رود وأكد فيه أن الشركة التي تعاقد معها علاوي على علاقة وثيقة بالإدارة الاميركية الحالية. أما عن علاقته الوثيقة بالمخابرات الاميركية لفت التقرير الانتباه إلى أن علاوي في اليوم نفسه الذي تعاقد فيه مع شركة اللوبي نشرت وكالة المخابرات الاميركية تقريرًا حول فشل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حل المشكلات إلى تواجه الشعب العراقى ، فضلاً عن التصريحات التي أطلقها أحد العاملين السابقين في المخابرات الاميركية والخبير في شؤون الشرق الأوسط والتي أكد فيها أن المخابرات الاميركية تدعم علاوي منذ سنوات.
حتى لا تتكرر كارثة فيتنام
اهتمت الواشنطن بوست بالمقارنة التى قام بها الرئيس الأمريكى بين الحرب على فيتنام والحرب الدائرة الآن فى العراق فى الخطاب الذى ألقاه مؤخرا فى مدينة كنساس ، وأعد مايكل فليتشر تقريرا اهتم فيه بجوانب هذه المقارنة، وأكد فليتشر أن الرئيس الاميركي ركز على العواقب الوخيمة التى قد تترتب على الانسحاب من العراق مثلما حدث أثناء الحرب على فيتنام ، حيث أشار الرئيس بوش إلى أن حدوث مثل هذا الانسحاب من العراق فى الوقت الحالى سوف يخلف أعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء مثلما حدث فى جنوب شرق آسيا منذ ثلاثة عقود.
اعتبر فليتشر أن هذه المقارنة التى أجراها الرئيس بوش هى محاولة منه لحشد الدعم لسياسته المتعلقة بالحرب على العراق بين أعضاء الحزب الجمهورى من ناحية ، وإحباط أى محاولات للحزب الديمقراطى داخل الكونجرس الأمريكى لتمرير قانون يطالب بسحب القوات الاميركية من العراق فى الشهور القادمة.
كما رصد التقرير ردود الأفعال التى أثارها هذا الخطاب، ففي حين تخلل الخطاب هتافات وتصفيق حاد، حيث مازالت حرب فيتنام موضع خلاف وتثير العديد من العواطف والمشاعر لدى الكثير من الاميركيين، نجد أن الديمقراطيين قد واجهوا هذا الخطاب بنقد حاد، وأكدوا أن الرئيس الأميركي اعتمد على أمثلة خاطئة من التاريخ.
وفى نفس الإطار اهتمت جريدة لوس انجلوس تايمز Los Angeles Times فى افتتاحيتها بهذه المقارنة، وركزت على الدروس التى حاول الرئيس بوش استخلاصها من هذه المقارنة، والتي ارتكزت بالأساس حول أن الانسحاب من العراق سوف يدفع ثمنه الكثير من الضحايا الأبرياء.
واعتبرت الافتتاحية أن هذه المقارنة التى أجراها بوش ارتكنت فى بدايتها إلى منطق صحيح إلى حد كبير، ولكنها بعد ذلك تخلط العديد من الحقائق والأوراق، فمن ناحية أولى فإذا كان هناك اعتقاد جازم بأن الانسحاب من العراق لا يمكن أن ينهي عمليات العنف والحرب الأهلية هناك ، فالنقاش الآن محتدم حول ما إذا كانت الحرب الأهلية سوف تظل مستعرة حتى يستطيع الشيعة والسنة إلى تسوية فيما بينهم. ومن ناحية ثانية فانه إذا كان هناك ملايين العراقيين يعانون من الحرب الأهلية وقد تزداد معاناتهم بعد انسحاب القوات الاميركية، ولكن هذه الحرب ا أيضا لا يمكن السيطرة عليها إلا إذا خططت اميركا لاحتلال العراق إلى الأبد، فمازالت هناك جثث كل صباح فى شوارع بغداد، فضلا عن القنابل إلى تنفجر فى كل مكان، بالإضافة إلى حوالى 2 مليون عراقي هجروا البلاد.
واختتمت الافتتاحية بالتأكيد على أن هناك جانبًا واحدًا من هذه المقارنة صحيح وهو اليأس والإحباط من القيادات في الحالتين، نوري المالكي في العراق، والرئيس الأول لفيتنام الجنوبية نجو دنه ديم .