السبب الحقيقي لزيارة الشيخ حمد إلى جدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سيف الصانع من دبي:
لا يمكن أن توصف الزيارة التي قام بها أمير دولة قطر الشيخ حمد آل ثاني إلى المملكة العربية السعودية نهار اليوم إلا بأنها محاولة بحث عن مأمن يقيها مما يمكن أن تؤول إليه المعركة المتصاعدة بين الغرب من جهة، وإيران بمشروعها النووي الطموح من جهة أخرى، عبر التنسيق مع هذه الدولة الأقوى في الخليج النفطي.
وحسب ما التقطته "إيلاف"، من مصادر خليجية ذات علاقة، فإن قطر تأكدت من خلال قراءتها الإستراتيجية للأزمة مع إيران بأنها ستكون "اللقمة الأولى" في أي رد عسكري تقوم به طهران دفاعاً عن نفسها فيما لو قررت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، اللجوء إلى الخيار العسكري لمنع الجمهورية الإسلامية من تطوير ترسانتها النووية.
ووفقاً للمصادر ذاتها فإن الدوحة رأت في
لقاء إذابة الجليد بين السعودية وقطر اليوم في جدة
لقاء القمة بين الشيخ حمد والعاهل السعودي اليوم
أمير قطر يلتقي العاهل السعودي السبت
جارتها الكبرى، التي لا تتميز العلاقة معها بود كبير، ملجأ وعمقاً استراتيجياً يمكن أن يقيها من تبعات المعركة المقبلة التي تشير جميع المعطيات إلى أنها باتت قاب قوسين أو أدنى من الحدوث، الأمر الذي سيثير القلق في دول الخليج الست، وخصوصاً قطر التي تقع في أراضيها اكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط.ووفقاً لمحللين سياسيين فإن قطر، عملاقة الغاز الحالمة بثورة اقتصادية في المنطقة، هي "الخاسر الأكبر" من أي حرب مقبلة في منطقة الخليج وخصوصاً مع إيران بعد ما توالت تصريحات مسؤولين إيرانيين بأنهم سيبادرون إلى قصف دول الخليج، حيث حقول النفط، في حال تعرضوا لهجوم أميركي.
وكان أمير دولة قطر وصل إلى جدة في الرابعة بالتوقيت المحلي ليجد في استقباله ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، وذلك لأن الملك عبد الله لا يستقبل الزعماء في أرض المطار خلال شهر رمضان، في قرار سبق وأن عممت به وزارة الخارجية إلى سفاراتها المنتشرة حول العالم. وهو بروتوكول ليس مستحدثاً بل يعود عمره إلى أكثر من عقد من الزمن.
ولذلك فإنه لا يوجد أي مغزى سياسي لعدم استقبال الملك السعودي ضيفه في أرض المطار، بينما تناول أمير دولة قطر الزائر مأدبة إفطار ضخمة مع الملك عبد الله. وبعد ذلك جرت جلسة مباحثات سريعة بين الطرفين عاد بعدها الشيخ حمد إلى بلاده في زيارة لم تستمر أكثر من أربع ساعات.
ويأتي هذا التفاؤل على خلفية لقاء" المصارحة والمكاشفة "الذي استضافته مدينة جدة في السادس من حزيران (يونيو)، بين ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ، ورئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، والذي بقيت بعد العلاقات الثنائية على حالها السابقة، على رغم الاتفاق على فترة "اختبار لحسن النوايا" بين الجانبين.
واستدعت الحكومة السعودية سفيرها في قطر حمد الطعيمي للتشاور بتاريخ 29 أيلول سبتمبر 2002 الذي يتزامن مع الذكرى العاشرة لحادثة اشتباكات الخفوس على الحدود الدولية للبلدين 29 أيلول (سبتمبر) من العام 1992م، ولم يعد منذ ذلك الحين، قبل أن يعلن عن زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني اليوم الموافق لـ22 أيلول (سبتمبر) إلى السعودية، وهو ما يجعل شهر سبتمبر عاملاً مشتركاً في العلاقات المتذبذبة تحسناً وتدهوراً بين البلدين.
العلاقات السعودية - القطرية شهدت مداً وجزراً بين التحسن والتوتر، منذ أن توصلت كل من الرياض والدوحة في العام 1965م إلى اتفاقية تم بموجبها تعيين الحدود البرية والبحرية بين البلدين، وكانت قطر حينها خاضعة لاتفاقية الحماية البريطانية، إذ لم تنل استقلالها إلا في العام 1971.
وبحسب الباحث السعودي عبدالله بن سعود القباع، فإنه وبموجب هذه الاتفاقية قسمت منطقة دوحة سلوى مناصفة بين البلدين، وأصبح "جبل نخش لقطر، في مقابل بقاء هجرتي السكك وأنباك للسعودية، التي حصلت على اعتراف قطري بتبعية خور العديد لها. كانت الخطوة التالية - بحسب هذه الاتفاقية- تثبيت الخط الحدودي الجديد على الأرض، غير أن ذلك لم يحدث آنذاك".
وأوضح في بحث عن "اتفاقيات الحدود بين المملكة العربية السعودية وجيرانها"، فإن اتفاقية 1965م قد أشارت في المادة (3) منها إلى ضرورة أن يعهد إلى شركة مساحة عالمية بمهمة القيام "بمسح وتحديد نقط وخطوط الحدود بين البلدين على الطبيعة وفقا لما جاء بهذه الاتفاقية وكذلك إعداد خريطة بالحدود البرية والبحرية بين البلدين"، إلا أن تجاهل قطر، بحسب الباحث القباع، وعدم اهتمامها بالموضوع ومحاولاتها المستمرة لزيادة رقعة أراضيها باتجاه السعودية قد قاد إلى سوء فهم وشجع على حدوث بعض المناوشات الحدودية المؤسفة "في إشارة منه إلى حادثة الخفوس في أواخر شهر سبتمبر من العام 1992م"، والذي ساهم في تأزيم العلاقات بين البلدين الشقيقين لفترة من الزمن.
وأشار القباع إلى أنه في محاولة لتلافي سوء الفهم ووضع حد لهذه المشكلة "سارع الطرفان- بوساطة مصرية- إلى عقد قمة ثنائية وقعا خلالها اتفاقا في المدينة المنورة (1992م) وافقت الرياض فيه - كما يبدو - على التنازل عن مساحة من الأرض لم يكشف النقاب عنها.
ونص اتفاق المدينة المنورة كذلك على تشكيل لجنة مشتركة للاتفاق مجددا على إجراءات الترسيم، لكن واجه عمل اللجنة في البداية بعض الصعوبات وسط تكهنات بأن سوء فهم حصل على مساحة الأرض التي يأمل القطريون بالحصول عليها من السعودية، غير أن ذلك لم يمنع الطرفين من المضي في عملية تثبيت علامات حدودية على طول خط 1965م المعدل.
إلا أن الانقلاب الذي قاده أمير قطر الحالي حمد بن خليفة آل ثاني، ضد والده في العام 1995م، حين كان "الأمير الوالد" وقتها خارج البلاد، أعاد العلاقات السعودية - القطرية إلى المربع الأول، إذ أبدت الرياض انزعاجها من الانقلاب القطري، قبل أن يهدأ الجانبان من تصعيد الأزمة.
العام التالي 1996م، شهد محاولة انقلابية فاشلة قادها شيوخ ومواطنين موالين للأمير المخلوع، واتهمت الحكومة القطرية نظيرتها السعودية بتقديم الدعم والمساندة لتلك المحاولة، وشهد العام نفسه، وتحديداً في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، ولادة قناة الجزيرة، التي خرجت بخطاب اعلامي رأت فيه دول المنطقة، ومن بينها السعودية، أنه تحريضي ضدها.
الأشهر الماضية شهدت تهدئة في نهج خطاب الجزيرة تجاه السعودية، وخفت حدة هجومها الإعلامي المتكرر، وقلصت من استضافتها للمعارضين، إضافة إلى توقفها عن بث أية برامج حوارية أو وثائقية تسيء للحكومة السعودية.
وغير بعيد من قناة الجزيرة، رأى المسؤولين السعوديين في الحراك الدبلوماسي الذي قاده رئيس الوزراء القطري الحالي الشيخ حمد بن جاسم منذ تسلم الأمير حمد بن خليفة مقاليد السلطة في قطر في العام 1996م، نهجاً "ثورياً" مضاداً للنهج الدبلوماسي السعودي "المحافظ"، من خلال خروجها عن دائرة التنسيق المشترك داخل البيت الخليجي الواحد، واتخاذها مواقف مخالفة للموقف السعودي خصوصاً، وخارجة عن مسار الإجماع الخليجي والعربي عموماً في أحيان كثيرة.
وتأتي الزيارة قبل ثلاثة اشهر تقريبًا من استضافة قطر لقمة مجلس التعاون الخليجي الذي يضم البحرين والكويت وسلطنة عمان والسعودية والامارات العربية المتحدة، فضلاً عن قطر. ويتوقع ان تعقد القمة مطلع كانون الاول/ديسمبر.
وكان الملك عبدالله قاطع عندما كان وليا للعهد في 2002 قمة مجلس التعاون الخليجي في قطر. وتتسم العلاقات بين البلدين الجارين ببعض التوتر. ولم تعين السعودية سفيرًا لها في الدوحة منذ استدعت سفيرها في 2002، عندما عرضت قناة الجزيرة القطرية برنامجًا حواريًا انتقد فيه المشاركون السعودية بشدة.