أخبار

تناقضات الرئيس جورج بوش في كتاب جديد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: قبل أن يشرع في إعداد كتابه للقاريء أجرى روبرت دريبر ست مقابلات صحفية غير مسبوقة مع الرئيس جورج بوش داخل البيت الأبيض ما بين عامي 2006-2007. ولم تقتصر لقاءات الكاتب مع الرئيس دون غيره لكنه التقى ايضا بالسيدة الأولى "لورا بوش" ونائب الرئيس "ديك تشيني" ووزيرة الخارجية "كوندوليسا رايس" ووزير الدفاع "دونالد رامسفيلد" وكبير المستشارين الرئاسيين "كارل ريف" علاوة على 200 شخصية اخرى.

وهناك من يقولون ان "روبرت دريبر" حقق ما يمكن وصفه بالمعجزة حيث طرق كل الابواب الصحيحة ليصبح اول كاتب يحدثنا من منظور شخصي عن سنوات بوش الذي صمم على انجاز امور رئيسية وظل متمسكا بتفاؤله في مواجهة تدني شعبيته . لقد صور الكاتب الرئيس الاميركي باعتباره شخصا متفائلا واثقا في قدراته مع اقتناعه في الوقت نفسه بأن اي تشكيك في تلك القدرات سيقلل من زعامته. كما اشار الكاتب اكثر من مرة الى ان الرئيس يفرط في التفاؤل ويتجنب الاعتراف بالاخطاء ويكره الانتقاد ويتحاشى الاستماع الى الاخبار السيئة ويرفض الى حد ما ان يسدي احدهم نصيحة اليه.

الرئيس بوش من وجهة نظر الكاتب

فى اولى المقابلات قال الرئيس للصحفي: ربما لن ldquo;يمكنك فهم رئاسة بوش بصورة كاملة الا بعد وفاتي.rdquo; قال "دريبر" ان الرئيس بوش بدا منفعلا صباح اليوم الذي اجريت فيه اول مقابلة معه وكان قد أجل خطابا رئيسيا مقررا عن الوضع في العراق بعد ان اصدرت لجنة معنية بدراسة تطورات الحرب تضم اعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تقريرها الذي قالت فيه ان الوضع في تلك الدولة محفوف بالمخاطر ويشهد تدهورا برغم إصرار الرئيس بوش على القول ان التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق يحرز تقدما. وهناك سؤالان هامان يتعين على كل من يتناول رئاسة الرئيس بوش ان يحاول الاجابة عليهما وهما: هل الرئيس بوش يفتقر الى الذكاء؟ ولماذا قرر غزو العراق؟

ومن السهل ان نتجنب الاجابة على السئول الاول المتصل بذكاء الرئيس بوش من عدمه ولكن الاجابة عليه صعبة. انه لا يتسم بالغباء ولكنه بسيط ويميل الى اعطاء الانطباع بأنه ساذج. اما اذا تعلق الامر بالقضايا السياسية فانه يغوص في التفاصيل الدقيقة لو اراد ذلك. ولكن كل من يعرف الرئيس يدرك ان الاجابة على السئوال جزئية وليست كاملة . وربما يتحول السئوال الى: كيف يستخدم الرئيس ذكاءه؟ ولما يستخف بأراء خبراء السياسة؟ وربما تساعد الاجابة على هذا السئول مؤرخي حقبة الرئيس بوش على اجابة اسئلة صعبة اخرى من بينها كيفية فهم تحوله السريع من الحرب ضد تنظيم القاعدة الى التركيز فقط على صدام حسين والعراق.

ويقول الكاتب "دريبر" ان الرئيس بوش ليس من النوع الذي يمكنه الاستفاضة في الحديث عن سيرته الذاتية كما انه لا يساعد غيره على معرفته والغوص داخل اعماقه. واشار الكاتب الى ان الرئيس بوش قال له في احدى المقابلات : " انت المراقب ولست انا - انني لا اشعر بالارتياح حينما اتحدث عن نفسي واحاول تحليلها." وخلص الكاتب الى القول ان الرئيس بعد ست جلسات معه لم يكشف الا عن النذر اليسير عن اسلوبه وطريقته في التفكير. انه الرئيس الذي يفخر بأنه يقرأ حوالى مئة كتاب كل عام ويروج لرفع مستوى التعليم والمتخرج من جامعتي YALE و HARVARD والمتزوج من امينة مكتبة ، وبرغم ذلك يقول انه لا يتعلم الدروس من خلال قراءتها . ولو كان الرئيس امضى وقتا اكثر في القراءة عن العراق ودراسته لاختلف قراره النهائي بشأن العملية العسكرية في تلك الدولة.

وحينما يُواجه الرئيس بوش بنتائج الاستطلاعات في اداء مهامه او في تسيير الحرب فب العراق يتجهم وجهه ويقول : "لا يمكن ان يسمح المرء للاستطلاعات ان تتحكم في الاسلوب الذي يفكر به - إنني ادرك تماما ان العراقيين والعدو والقوات الاميركية والشعب الاميركي يرصدون تصرفاتي على نحو دائم." بعد ان قرر الرئيس ارجاء خطابه عن تطورات الوضع في العراق شرع في الاستعداد لبرنامج عمله اليومي الذي تضمن زيارة مقررة للجنود الجرحى جراء حرب العراق في مركز WALTER REED الطبي ولمقابلة اسرهم الحزينة. ويقول الكاتب ان الرئيس يبدأ برنامجه بالاطلاع على التقرير اليومي الذي تتصدره انباء العراق سواء ما يتعلق منها بأعداد القتلى والجرحى والمناطق المستهدفة وغير ذلك.

علاقة الرئيس بوش برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي

كان المالكي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس موضوعين رئيسيين في الحوار الاسبوعي بين الرئيس بوش ونظيره البريطاني توني بلير عبر الشبكة التليفزيونية المغلقة - وكان الرئيس يردد دائما انه يتعين احتضان هذين الرجلين وتعزيز مواقفهما. لقد حاول الرئيس مسبقا مع الجعفري وعلاوي رئيسي وزراء العراق السابقين لكنهما لم يكونا من النوع الذي يستهويه . ولكنه بالنسبة للمالكي الذي التقاه لاول مرة في بغداد في يونيو حزيران عام 2006 لم يكن امامه مجال للاختيار حيث كانت الاوضاع تشهد تدهورا مستمرا ولكن بمرور الوقت كان الرئيس بوش يبدي اعجابا ببعض تصرفات المالكي خاصة ما يتعلق منها بالخطة الامنية في العاصمة العراقية - وكان يرد على منتقدي المالكي بقوله : "لدينا شخص افضل بكثير من سابقيه." واعرب الرئيس بوش مرارا امام مساعديه ووسائل الاعلام ان المالكي سينجح في مهمته لكنه في الوقت نفسه كان يلمح الى بعض مساعديه بأن عمله يحتم عليه غرس الثقة في حكومة بغداد. يذكر الكاتب ان المالكي بلغته شائعات بأن هناك محاولة انقلابية يتم تدبيرها للاطاحة بحكومته وان الرئيس بوش وسفيره في بغداد "زالماي خليل زاد" ربما يؤيدان تلك المحاولة. وهنا رد المالكي باسلوب عملي تمثل في طرح خطته الامنية التي ادهشت الرئيس بوش ونالت اعجابه.

بوش لا يتذكر القرارات الرئيسية

ومن الحقائق التي اوردها الكاتب ولم توردها وسائل الاعلام في حينها اعتراف الرئيس بوش بانه لم يكن على علم بعزم "بول بريمر" المسئول الاداري الامريكي في العراق حل الجيش العراقي وهو الامر الذي تسبب في اندلاع العنف العرقي في انحاء البلاد وان سياسة ابقاء الجيش العراقي في مكانه لم تُنفذ. وحينما سأل الكاتب الرئيس بوش عن رد فعله على قرار "بيريمر" اجاب بأنه لا يتذكر على وجه الدقة لكنه طلب منه توجيه نفس السؤال الى "ستيفن هادلي" مستشاره للامن القومي. ومن الامور الاخرى التي لفت الكاتب الانظار اليها هو ثبات الرئيس بوش على اصراره بأن لدى صدام حسين ترسانة من اسلحة الدمار الشامل حتى بعد ثلاث سنوات من فشل جهود قوات التحالف في العثور على اي اثر لتلك الاسلحة.

كما اعترف الرئيس بوش خلال لقاءاته بالكاتب بان حكومته لم لم تخصص وقتا كافيا في التخطيط لمواجهة احتمال اندلاع عنف عرقي واسع النطاق في العراق. وقال الرئيس انه اعتقد ان العنف الذي اندلع بعد الحرب سوف يتقلص بعد الاطاحة بصدام حسين ونيل الشعب العراقي حريته. من الامور الاخرى التي سلط الكاتب عليها بعض الضوء فيما يتعلق بشخصية الرئيس بوش تفاؤله المفرط - فقد بدا واثقا من ان نتيجة انتخابات مجلسي الكونغرس ستأتي في صالح حزبه الجمهوري برغم استطلاعات الرأي التي اظهرت توجها مختلفا لصالح الديمقراطيين. ويصف "دريبر" في احد فصول الكتاب مرحلة ما بعد انتخابات منتصف مدة الرئاسة الخاصة بالكونغرس ومن ثم التخلي عن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي تقلصت شعبيته الى حد كبير. ولم يكن تراجع الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس تطورا غير متوقع لدى البيت الابيض حيث عقد كبار مسئولي الحكومة اجتماعا استهدف الاستعداد لمواجهة اسوأ الاحتمالات وطلبوا من الرئيس عقد مؤتمر صحفي.

وفي ابريل من عام 2006 دعا الرئيس عددا من المسئولين المقربين اليه لتناول العشاء ولتبادل الرأي. وحينما طُرحت فكرة اقالة وزير الدفاع رامسفيلد طلب الرئيس من الحاضرين اعلان الموافقة او الرفض برفع الايدي - وعلى الرغم من ان الموافقين على الاقالة كانوا سبعة والرافضين لها كانوا ستة الا ان الرئيس بوش لم يستمع الا لصوته وابقى رامسفيلد في موقعه طوال موسم انتخابات الكونغرس لعام 2006 بحجة ان اقالته ستكون رضوخا لمطالب الديمقراطيين وانها قد تزيد الامور تعقيدا في شوارع بغداد.

شخصية الرئيس نابعة من اعجابه بالافكار الكبيرة والقرارات التي يمكن وصفها بأنها صعبة

يقول الكاتب انه تعرض لشخصية الرئيس بوش بكل ابعادها ولكل التناقضات فيها حيث اعتبره شخصية محببة الى النفس ولكنه فظ في حديثه كما انه يتسم بقدر وافر من الذكاء لكنه يكره بعناد مواجهة الحقائق التي لا تروق له. ومن الامثلة على عناد الرئيس قوله حين بلغته دعوات عدة جنرالات متقاعدين الى اقالة "رامسفيلد" انه لن يسمح للعسكريين بابلاع مسئول مدني بما يتعين عليه عمله. وقد علق مسئول في البيت الابيض على ذلك بقوله ان رامسفيلد يفوز بعقد عمل جديد كلما دعا احدهم الرئيس الى اقالته. ويضيف الكاتب ان افضل سبيل لاقناع الرئيس بوش بقبول فكرة ما هو صياغتها على انها قضية رئيسية تستدعي قرارا صعبا وان الافكار الكبيرة والجديده في آن واحد هي التي تستهويه اكثر من غيرها مثل "اشاعة الديمقراطية في الشرق الاوسط" او "تحويل الجيش في العراق الى قوات اكثر خفة وسرعة."

ويرى بوش ان وظيفة الرئيس هي ان يفكر باستراتيجية كي يتمكن من انجاز الاهداف الكبيرة. وضرب مثلا على ذلك بقوله ان القضية الايرانية تشكل تهديدا استراتيجيا يواجه جيلا من الامريكيين لان طهران تروج لفئة متعصبة من الدين في مواجهة فئة متعصبة اخرى. كما اوضح ان ايران قوة عدم الاستقرار في المنطقة الامر الذي يسبب عواقب وخيمة على رأسها هيمنة المتطرفين على مصادر الطاقة واستخدامها لابتزاز الغرب علاوة على التهديد النووي. واوضح الرئيس ان هذا ما يعنيه بالحديث عن التفكير الاستراتيجي. كما نفي الكاتب انه خدع البيت الابيض وانه احرق كل مصادره ومن بينها الرئيس نفسه بعد ان حقق هدفه المتمثل في اخراج كتابه للنور. وقال "دريبر" : "ان من السخف القول بانه كان هناك اتفاق مع البيت الابيض وانه تراجع عنه لاحقا . لقد كان هناك اتفاق على ان اكتب عن الرئيس بنزاهة ودون اصدار احكام مسبقة وقد اوفيت بعهدي."

وفي الفصل الاخير من الكتاب سأل "دريبر" الرئيس بوش عما يعتزم عمله بعد الخروج من البيت الابيض فقال انه سينشيء معهدا للحرية وصفه بأنه عبارة عن ورشة عمل يتلقى فيها الزعماء الناشئؤن من الخارج النهج الديمقراطي - كما قال انه سوف يستثمر في قطاع البترول علما بأن ثروته تقدر بما يقترب من 15 مليون دولار. وقال ايضا قد يحصل على بعض المال من القاء المحاضرات كما يفعل والده الرئيس السابق.

عنوان الكتاب: DEAD CERTAIN

THR PRESIDENCY OF GEORGE W. BUSH

الكاتب: ROBERT DRAPER

تاريخ النشر: سبتمبر 2007

دار النشر: FREE PRESS

عدد الصفحات: 480 صفحة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف