آيفس: كل ما يخالف قوانين الإنتخاب ليس ديمقراطيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صنعاء: قال المدير التنفيذي لمنظمة آيفس المراقبة للإنتخابات في اليمنالسيد وليامزإن الإتفاقات التي تخالف قوانين الإنتخابات ليست ممارسة جيدة للديمقراطية في أي مكان حول العالم. وجاء الحوار معه على الشكل التالي:
ما أهداف "آيفس"؟ وما هي برامجكم في اليمن؟
"آيفس" هي منظمة غير ربحية وغير حزبية، وتعمل منذ أكثر من عشرين عاما في أكثر من بلد في أميركا الوسطى، أوربا، آسيا، الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. كما تقوم بتدريب مسؤولي الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية، وهي مهتمة أيضا بمساعدة الديمقراطيات الناشئة والجوانب المتعلقة بالديمقراطية، مثل حقوق الإنسان والتربية المدنية ومكافحة الفساد، وذلك يتضمن تقديم الفرص المتساوية للنساء والمعاقين.
وبدأت "آيفس" في اليمن في العام 1993، وافتتحنا مكتبا في العام 1997 وتم إغلاقه فترة مؤقتة مدتها عشرة أشهر في العام 2007، ولكننا عدنا مرة أخرى في نهاية العام الماضي، ويفترض أن برنامجنا الحالي يستمر حتى يوليو 2009 ، ونتمنى أن نستمر لفترة أطول.
وبرنامجنا الحالي مركز على اللجنة العليا للانتخابات، ويتضمن مساعدتها على إنفاذ القانون، وتقوية قدراتها القانونية وتأكيد استقلاليتها، وتدريب أعضائها وموظفيها وسكرتاريتها الدائمة.
كما نعمل على مساعدة اللجنة العليا على تحسين جودة السجل الانتخابي، وفي برنامج إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، وتعزيز سلطاتها فيما يتعلق بالتقسيم العادل للأحزاب السياسية في وسائل الإعلام، وتعزيز قدراتها في مسألة توزيع المبالغ المرصودة للحملات الانتخابية.
كيف تنفذون برنامجكم في ظل عدم وجود لجنة عليا للانتخابات، بسبب انتهاء الفترة القانونية للجنة السابقة ووجود جدل سياسي كبير حول آلية تشكيل اللجنة المقبلة؟
بالتأكيد عدم اختيار أعضاء اللجنة العليا جعل مهمة تنفيذ برنامج صعبة، لكننا نعمل مع الأمانة العامة وسكرتارية اللجنة العليا، ونحن بصدد تنفيذ برنامج تدريبي للموظفين الفترة المقبلة، ونتحدث مع الأمانة العامة حول مواضيع أخرى، وقد حصلنا على جميع الأدلة المتعلقة بعملية الانتخابات التي أصدرتها اللجنة العليا، وسنقوم بعملية مراجعتها وتقديم الملاحظات بشأنها.
طبعا بدون وجود أعضاء اللجنة العليا للانتخابات لن نستطيع تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالسجل الانتخابي وتمويل الحملات الانتخابية وتوزيع الحصص في وسائل الإعلام وإعادة رسم الدوائر الانتخابية، لأن هذه القضايا سياسية، وتأخير تعيين أو انتخاب أعضاء اللجنة، أمر يقلقنا جدا نحن في منظمة "آيفس" والمنظمات الدولية المانحة الموجودة في اليمن.
الانتخابات أكبر عملية مدنية لوجستية تقوم بها أي دولة، وتأخذ وقتا كبيرا لتنفيذها، والوقت المتاح للجنة العليا حرج للإعداد للانتخابات المقبلة في 2009، لأنها الآن منظمة بلا رأس وهناك قرارات هامة يجب أن تتخذ بشكل سريع، ولهذا نحن دعونا الأحزاب السياسية وكل الأشخاص المعنيين والمهتمين للعمل على حل هذه الإشكالية المتعلقة بتعيين أعضاء اللجنة العليا، ونتمنى أن يتم تعيينها في أسرع وقت ممكن، وإذا لم يتم تعيين أعضاء اللجنة العليا للانتخابات بنهاية شهر مارس الجاري، فإن إمكانياتها للتحضير للانتخابات ستكون معاقة بشكل كبير.
هناك خلاف على آلية تشكيل اللجنة العليا للانتخابات، فالحكومة قدمت مقترحا للبرلمان بتشكيل اللجنة من القضاة وهو ما ترفضه أحزاب المعارضة التي تطالب بتشكيلها من شخصيات سياسية، هل أنتم مع تشكيلها من قضاة أم من سياسيين؟
عادة هناك ثلاثة خيارات لتشكيل أعضاء لجان الانتخابات: الأول أن يتم تعيين أعضاء مستقلين ليس لهم ارتباطات سياسية، والخيار الثاني يتمثل في تشكيلها اللجنة من أشخاص يمثلون الأحزاب السياسية الرئيسية أو المهمة في البلاد، والخيار الثالث أن يتم تشكيل لجنة الانتخابات من القضاة.
الخيار المثالي لتشكيل لجنة الانتخابات يكون من أشخاص مستقلين ليس لهم أي ارتباطات سياسية. ولكني أقبل الطرح الذي يقول إن هذا الخيار غير ممكن حاليا في اليمن. أما تشكيل اللجنة من القضاة فأعتقد أنه سيشكل قطبية في الرأي السياسي "قطب وقطب آخر"، ونحن في منظمة "آيفس" لا نعتقد أن هذا الخيار خطوة جيدة، والخيار الذي يتمثل في تشكيل اللجنة من شخصيات سياسية يمثلون الأحزاب المهمة في البلاد ربما يكون هو الأفضل لليمن في الوقت الحالي، حيث سيكون هناك تمثيل للآراء السياسية المختلفة على طاولة اللجنة، وأعتقد أن من الأفضل الاستمرار على ما كان الوضع عليه في السابق، على الأقل في الفترة الحالية، لأنه إذا تم استبدال جميع أعضاء اللجنة العليا السابقة، فإننا خسرنا خبر ست سنوات اكتسبها أعضاء اللجنة خلال الفترة الماضية، وتشكيل اللجنة من أعضاء جدد يعني أننا سنحصل على أشخاص ليس لهم خبرة انتخابية مثل الترتيب والتخطيط والتحضير واتخاذ القرارات المتصلة بالعملية الانتخابية.
هل أفهم من كلامك أن "آيفس" مع تعيين أعضاء اللجنة السابقة مرة أخرى؟
بالتأكيد الإبقاء عليهم جميعا هو الوضع الأفضل ولكن ربما بعد سبع سنوات بعض الأعضاء لا يرغبون في الاستمرار، لكن إذا تمكنا من الإبقاء على بعض الأشخاص خاصة الذين لديهم الخبرة فهو شي جيد.
وهذا الرأي ليس سياسيا ولكنه ينطلق من النظرة المؤسساتية للمنظمة، لأن هؤلاء الأعضاء لديهم خبرة كبيرة، واستبدالهم يعني قطع رأس اللجنة وانتهاء الخبرات والتجارب السابقة. لهذا يجب الاستبقاء على بعض الخبرة التي اكتسبت في السابق.
"آيفس" راقبت الانتخابات البرلمانية في العام 2003 والانتخابات الرئاسية والمحلية في العام 2006، ما هو تقييمها للديمقراطية والعمل المؤسسي الحزبي في اليمن؟
لم أكن موجودا في اليمن أثناء إجراء هذه الانتخابات، لكني أعتمد على التقارير التي أصدرتها منظمة "آيفس" والمعهد الديمقراطي الأميركي والبعثة الأوربية، وكلها تتحدث عن خطوات ايجابية حدثت في انتخابات 2006، كما تحدثت عن جوانب يمكن تحسينها بشكل أفضل، مثلا تحسين السجل الانتخابي وتحسين عملية توزيع الحصص في وسائل الإعلام وتنفيذ حملات انتخابية وتحسين الآليات والإجراءات وأداء اللجنة العليا للانتخابات فيما يتعلق بالشفافية وطريقة الأداء واتخاذ القرارات، ومنحها الصلاحية والقدرة لتقديم من يخالف القانون إلى القضاء، وتحسين أداء الأحزاب ومؤيديها في مسألة الحملات الانتخابية، وإلزامهم بعدم القيام بأي مخالفات. وأيضا التقارير الصادرة، إلى ضرورة تحسين التربية المدنية، فمثلا عدد الأصوات الباطلة في محافظة الحديدة في الانتخابات المحلية 2006، ضعف الأصوات الباطلة في بقية المحافظات، وفي الانتخابات الرئاسية بلغت الأصوات الباطلة في الحديدة المرتبة الثانية على مستوى الجمهورية، لهذا يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا المواطنون في الحديدة يقومون بأعمال تبطل أصواتهم الانتخابية أكثر من أي مكان آخر في اليمن؟ هل هي التربية المدنية أو التوعية الانتخابية؟ يمكن لنا أن نستفيد من هذه الأرقام في تحسين التربية المدنية للمواطنين وتوعيتهم انتخابيا. وأعتقد أن هناك كثيرا من التحسينات التي يجب عملها في الانتخابات المقبلة.
أوصت "آيفس" في تقريرها الخاص بانتخابات 2006 بعدم الاعتماد على الجيش والأمن في حماية المراكز الانتخابية، هل تعتقد أن بالإمكان تنفيذ هذه التوصية في ظل انتشار السلاح بين المواطنين واحتمال حدوث أعمال عنف ترافق العملية الانتخابية؟
أعتقد أن "آيفس" لا تنصح اللجنة للعليا للانتخابات بعدم استخدام الجيش أو الشرطة، طبعا في العالم المثالي لا يقوم الجيش بحماية المراكز الانتخابية، ولكن أعتقد أن "آيفس" والمنظمات الدولية تنصح بتدريب الذين يقومون بحماية المراكز الانتخابية على مسؤولياتهم وكيفية تنفيذ مهامهم، هذه هي التوصية.
الانتخابات هي عملية مدنية وليست عملية عسكرية، والجيش يكون من أجل الحماية ولا يجب عليه أن يتدخل في العملية السياسية أو يتعرض للمواطنين الذين يدلون بأصواتهم، أو للعملية التي تتم داخل المراكز الانتخابية، فهذا هو ما يقلقنا فيما يتعلق بهذا الموضوع، لأن على الجيش الحماية فقط وعلى اللجنة العليا للانتخابات تنفيذ العملية الديمقراطية، ويجب أن يكون الجيش محايدا فلا يدعم مرشح أو حزب معين.
تحدث الحزب الحاكم عن نزاهة الانتخابات الماضية بناء على تقارير دولية، كما تحدثت المعارضة عن تزوير ومخالفات كبيرة حدثت في الانتخابات بناء على تقارير دولية أيضا. كيف تفسر هذه المفارقة؟
بالتأكيد هذا ما حصل، وهذه هي لعبة السياسية، إن مصلحة الرئيس أو الحكومة القول إن الانتخابات سارت بشكل جيد، كما أن مصلحة المعارضة أن تقول إن الانتخابات لم تتم بالشكل المطلوب...
لكن الجميع يستند إلى تقارير دولية؟
بالتأكيد كان هناك مراقبون محليون، وأنا لم أطلع على تقاريرهم، لكن من وجهة نظر سياسية عندما يحاول الحزب الحاكم أو المعارضة إقناع المواطن بآرائهم، فإن التقارير الدولية ربما يكون لها وزن أكبر، ومصداقية أكثر، ولكن الحقيقة التي يجب قولها هي أن التقارير الدولية أشادت ببعض الجوانب في العملية الانتخابية وانتقدت أيضا جوانب أخرى.
بقي حوالى عام على انتخابات 2009، والشارع السياسي في اليمن ساخن، هل الوضع الحالي يصب في مصلحة العملية الانتخابية أم على الأحزاب التخفيف من المناكفات السياسية؟
أنا لا أعتقد أن أي أجواء ساخنة تفيد أي انتخابات، الديمقراطية اليمنية ما زالت ناشئة، والأحزاب السياسية ما زلت تتعلم كيف تكون أحزابا ديمقراطية، وقيام حزب سياسي باتهام حزب آخر الذي بدوره يرد على الاتهامات باتهامات مماثلة ليس في مصلحة أحد. يجب أن تهتم الأحزاب بالمواضيع التي تهم المواطن، لأنها تريد أن يصوت لها الناخبون، ويجب أن تقنع المواطنين بأن سياستها هي الأفضل للبلاد. يجب على الأحزاب أن تقدم رؤيتها للمواطنين ليقتنعوا بها. أما إذا كان الحزب مهتم بانتقاد معارضيه، فإن المواطنين سيعتقدون أن هذا الحزب يسعى فقط لانتقاد الأحزاب الأخرى.
إن الانتخابات مرتبطة بقبول الرأي الآخر وتفهمه، وليست متعلقة بردود الفعل العنيفة أو الإجرامية. كما يجب على الأحزاب في الأجواء الساخنة أن تدعو مناصريها إلى عدم استخدام العنف، وهذا الأمر من التوصيات التي دعت إليها التقارير الدولية سواء في انتخابات 2003 أو انتخابات 2006.
أشادت "آيفس" بحيادية الإعلام الرسمي في الانتخابات الماضية، لكن كيف يلتزم هذا الإعلام بالمهنية الصحفية أو يستطيع أن يحقق سبقا صحفيا في ظل التزامه بالبيانات الصادرة من اللجنة العليا للانتخابات؟
المطلوب من الإعلام الرسمي في فترة الانتخابات أن يتناول الأحداث برؤية عادلة غير منحازة، وأن يمتدح وينتقد أيضا الأحزاب والمرشحين، وليس من صلاحية اللجنة العليا للانتخابات كتابة التقارير الصحفية، لكن مهمتها تتمثل في توزيع الحصص بالتساوي على الأحزاب والمرشحين في مختلف وسائل الإعلام.
عادة في الديمقراطيات الناشئة تكون الحكومة والأحزاب الكبيرة هي التي تمتلك وسائل إعلام خاصة بها، وعليه فإن الأحزاب الكبيرة هي التي تحصل على التغطية الإعلامية، فيما بقية الأحزاب لا تحصل عليها، لهذا فإن قانون الانتخابات ينظم عملية توزيع الفرص والمساحات لكل الأحزاب والمرشحين. وأعتقد أن التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية الماضية كانت متساوية.
سؤالي الأخير: ما هي توصياتكم للحكومة والمعارضة من أجل إنجاح الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
لقد قلت في المؤتمر الذي انعقد مؤخرا عن التحضيرات الانتخابية، إن الديمقراطية تتعلق بقبول الرأي الآخر وتفهمه. إن الأحزاب الحاكمة والمعارضة تريد أن تحقق مكاسب من خلال المفاوضات. وهذا يعني أن على الأحزاب أن تتنازل أحيانا عن بعض الأشياء، وأن تجد أرضية مشتركة للعمل، بحيث يعتبر كل حزب نفسه هو الفائر، وهذا برأيي الطريقة التي يمكن أن تتقدم بها الديمقراطية في اليمن.
وهناك بعض الأعمال التي يجب تنفيذها من أجل تحسين الأداء في الانتخابات المقبلة، أولا يجب أن يتم تعيين أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، وأن يكون لهم السلطة التشريعية ليتمكنوا من تنفيذ قانون الانتخابات بدعم من جميع الأحزاب السياسية.
وعندما تقوم الأحزاب السياسية بعمل اتفاق فيما بينها وتتجاهل قانون الانتخابات، فإن هذه ليست ممارسة ديمقراطية جيدة وتضعف سلطات المؤسسات الموجودة.
كما أن على الأحزاب السياسية أن تدعم بشكل أكبر مشاركة المرأة في الانتخابات. وهناك حديث عن 15 في المائة "كوتا" للمرأة، وتوجد الكثير من الطرق لكي نحصل على هذه النسبة. لكن المطلوب بشكل أكبر هو وجود الإرادة السياسية للأحزاب لتنفيذ هذا الأمر، لأن كل ما نسمعه حتى الآن هو مجرد كلام ولا نرى أي أفعال، والأفعال تتحدث بشكل أقوى من الكلام.
كما يجب أن ندعم المعاقين ونمكنهم من حقوقهم فهم مواطنون يمنيون ولديهم حقوق متساوية مع بقية المواطنين. وعلى اللجنة العليا والأحزاب السياسية أن تبحث كيف تشرك هؤلاء في العملية الديمقراطية.
وأخير أريد أن أؤكد أن على الأحزاب السياسية أن تفهم أن الوقت ليس مناسبا لعمل تعديلات رئيسية في قانون الانتخابات، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية المقبلة على بعد 12 شهر تقريبا، لكن باستطاعتها تنفيذ المقترحات الصغيرة الآن مثل تحسين السجل الانتخابي أو التأكد من سلطة اللجنة العليا في معاقبة من يخالف القانون وتغييرات فنية بسيطة.