تلكؤ إيران يقلل من احتمالات التوصل لاتفاق في محادثات فيينا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تسعى القوى العالمية يوم الاثنين إلى وضع اللمسات الأخيرة على إتفاق مع إيران بشأن معالجة اليورانيوم لحسابها في الخارج لتهدئة المخاوف الغربية من مساعيها لإنتاج أسلحة نووية لكن إيران أحبطت التوقعات الغربية بشأن استعدادها لابرام الاتفاق. وأتاحت إيران لنفسها فسحة من الوقت بتأجيل التهديد بفرض عقوبات أكثر تشددا من خلال التواصل مع القوى العالمية الست في محادثات رفيعة المستوى نادرة في أول أكتوبر تشرين الاول في جنيف وفتحت الباب لانفراج في المحادثات بشأن برنامجها النووي المتنازع عليه بعد أزمة استمرت لسبع سنوات.
فيينا، باريس: قال مسؤول إيراني كبير "الوقت في صالحنا." وقال لوكالة رويترز ان إيران سترسل مسؤولين صغارا بدلا من كبير مفاوضيها النوويين الى الاجتماع الذي سيعقد في فيينا يوم الاثنين. وتمسكت إيران برفضها وقف تخصيب اليورانيوم. لكنها قدمت لفتتين في اطار الشفافية أسرفت القوى الست في الاطراء عليهما كأساس لخطوات أخرى يقولون ان على إيران أن تتخذها لتبديد الشكوك في أن لديها برنامجا سريا لانتاج أسلحة نووية.
وسمحت إيران لمفتشي الامم المتحدة بزيارة موقع لتخصيب اليورانيوم لا يزال سريا الى الان ووافقت من حيث المبدأ على معالجة اليورانيوم الإيراني في روسيا وفرنسا لاستخدامه في مفاعل في طهران ينتج نظائر لعلاج السرطان لكنه يعاني نضوب الوقود المستورد. وبعد يومين من محادثات جنيف حددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم 25 من أكتوبر تشرين الاول الجاري موعدا لبدء مراقبة الموقع السري لتخصيب اليورانيوم القريب من مدينة قم.
وأشارت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الى أنهم سيسعون إلى فرض عقوبات تستهدف قطاع النفط الحيوي في إيران اذا لم تؤد الدبلوماسية التي بدأت في جنيف الى اعتدال في الموقف الإيراني وفتح برنامجها النووي للتفتيش قبل نهاية العام الحالي.
وكشفت مصادر دبلوماسية فرنسية الجمعة عن أن باريس تعول على محادثات فيينا من أجل بحث تفاصيل "صفقة" تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، ونوهت بأنها تعتبر الاجتماع "خطوة" نحو بناء الثقة مع الجمهورية الإسلامية.
وقالت المصادر المقربة من الملف الإيراني إن اجتماع الاثنين سيبحث تفاصيل اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج. وذكرت أن تخصيب اليورانيوم من نسبة 3.5% إلى نسبة 19.75% سيتم في روسيا ومن ثم يتم تحويله إلى وقود نووي في فرنسا ويسلم إلى إيران من أجل تزويد مركز طهران للبحث النووي، وشددت على أن هذا المركز يخضع لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ عام 1994 ومزود بكاميرات مراقبة للوكالة.
المصادر الرسمية الفرنسية استخدمت لأول مرة كلمة "صفقة"، وأوضحت في لقاء مع بعض الصحافيين أن الموضوع الأساسي الآن هو "بناء الثقة بين إيران والأسرة الدولية". وقالت "سنناقش تفاصيل هذه الصفقة كي تكون إيران رابحة ونحن أيضا"، وشددت على أنه لا تناقض بين الرد على حاجة إيران من الوقود النووي ومطالبتها بتعليق أنشطة التخصيب على أراضيها. وذكرت أن السلطات في الجمهورية الإسلامية طلبت من الوكالة الذرية تزويدها بالوقود وتم بحث الموضوع في الاجتماع مع الدول الست في جنيف مطلع الشهر الجاري على أن تدرس التفاصيل الاثنين في فيينا
والمحادثات الفنية التي تجرى في فيينا يوم الاثنين القادم برعاية خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون أول فرصة أمام إيران والقوى العالمية لاحراز تقدم في احتمالات التعاون النووي التي أثارتها المحادثات في جنيف. لكن اقتراح معالجة اليورانيوم يواجه مخاطر بسبب الخلافات بشأن ما تم الاتفاق عليه تحديدا في أول أكتوبر تشرين الاول وما يريد كل طرف تحقيقه من خلال الاتفاق.
وقال دبلوماسيون غربيون ان إيران وافقت من حيث المبدأ على ارسال نحو 80 في المئة من مخزونها المعلن من اليورانيوم منخفض التخصيب الى روسيا لاجراء مزيد من التنقية عليه قبل إرساله الى فرنسا لتحويله الى تجميعات للوقود.
ثم تعاد تجميعات الوقود مرة أخرى لإيران ولكن في شكل يتعذر تخصيبها الى درجة مرتفعة أو تحويلها الى يورانيوم يستخدم في انتاح الاسلحة وانما لتعويض وقود اشترته إيران من الارجنتين في عام 1993 ولكنه في الطريق لان ينفد خلال عام تقريبا.
وتكمن فائدة الاتفاق بالنسبة إلى القوى العالمية في خفض كبير لمخزونات إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب. ولا يوجد استخدام مدني على ما يبدو لهذا اليورانيوم لانه لا توجد في إيران محطات طاقة نووية عاملة لكنه يكفي لانتاج قنبلة نووية اذا قررت إيران زيادة تنقيته. وستنفذ إيران بموجب هذا الاتفاق انتاجها من النظائر الطبية رغم العقوبات التي تجعل من الصعب عليها استيراد مواد نووية.
ويريد مسؤولون روس وفرنسيون وأميركيون ومن الوكالة الدولية التوصل الى شروط رئيسة مع إيران يوم الاثنين بما في ذلك التوصل الى جدول زمني وضمانات لمنع الانتشار النووي عقب حصول إيران على المواد النووية. وقال مسؤولون فرنسيون إن الاتفاق يجب أن يقضي بأن ترسل إيران كل كمية اليورانيوم المنخفض التخصيب الموجودة لديها وقدرها 1.2 طن قبل نهاية العام الحالي.
وقال دبلوماسي غربي كبير قريب من المفاوضات "هذا اتفاق يكسب منه الجميع.. فرصة حقيقية لإيران لتغيير التصورات المتعلقة بسلوكها النووي لذا يتعين عليهم أن يتعاملوا مع التعهد الذي قدموه في جنيف بجدية."
ولكن طهران أشارت الى أنها لن تكون مستعدة لاتخاذ قرارات نهائية يوم الاثنين. وكشف مسؤولون يوم الخميس أن علي صالحي رئيس برنامج الطاقة النووية الإيراني لن يشارك في المحادثات ولكن سيشارك فيه مساعدون له أقل مستوى. وكان صالحي أعلن من قبل أنه سيشارك في المحادثات.
ونفت طهران أنها وافقت بشكل موقت على تفاصيل الخطة في جنيف. وقالت إنها تبحث أيضا امكانية شراء الوقود الذي تحتاج اليه من الخارج وحذرت من أنها قد تخصب اليورانيوم الى مستويات أعلى اذا تعذر التوصل الى اتفاق مع القوى العالمية. وقال مسؤول إيراني نووي كبير "لدينا شروط واقتراحات نريد مناقشتها." ولمح بقوة دون أن يكشف عما تفكر فيه إيران الى أن هذه موضوعات سيتطلب حلها وقتا أطول يتجاوز يوم الاثنين.
وقال دبلوماسيون ان إيران تستخدم من جديد على ما يبدو استراتيجية الغموض الذكية لاطالة أمد الحوار وترك قنوات التوصل الى اتفاق مفتوحة ومنح روسيا والصين غطاء سياسيا كافيا للاستمرار في الاعتراض على تشديد العقوبات المفروضة على طهران. والاهم أن إيران تشتري الوقت لتحقيق طموحاتها في تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي والتغلب على العقبات الفنية.
وتعزيزا لموقف إيران قالت الصين يوم الاربعاء "التعاون العملي والتنسيق الوثيق" مع إيران هما وحدهما سبيل حل الخلافات النووية سلميا. وتجنبت روسيا محاولة أميركية أثناء محادثات للحصول على تعهدات بتشديد العقوبات على إيران اذا لم تتجاوب مع التوقعات الجديدة للتعاون.
وقد لا يعني الاتفاق الخاص بمعالجة اليورانيوم الكثير على المدى الابعد اذا لم تضع الجمهورية الاسلامية أسقفا أو توقف تماما تخصيب اليورانيوم لتستفيد من مكاسب منع الانتشار النووي الناشئة عن ارسال اليورانيوم المنخفض التخصيب للخارج. ولكن إيران استبعدت أي تجميد أو تعليق لتخصيب اليورانيوم باعتباره اعتداء على الكبرياء الوطنية والسيادة.
وترفض ايضا توقيع بروتوكول مع الوكالة الدولية يسمح للمفتشين بزيارة مواقع نووية غير المواقع المعلنة للتأكد من أنها لا تخفي مواقع أخرى يحتمل استخدامها في تخصيب اليورانيوم بغرض "انتاج أسلحة نووية". وستضغط القوى العالمية على إيران في الموضوعين في جولة المفاوضات الدبلوماسية رفيعة المستوى القادمة والمقرر أن تجرى في أواخر أكتوبر تشرين الاول.