كتَّاب إيلاف

يا فهمي هويدي، أنت أبعد عن فهم حقيقة العراق ووجود العراقيين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فكن منصفا بحق مشهدنا التاريخي!!

مدخل في الذي كتبه فهمي هويدي
دعوني ايها القراء الاعزاء ان اعالج اليوم ما يكتبه بحقنا نحن العراقيين احد الكّتاب المصريين (الاسلاميين) المسهبين جدا وهو الاخ فهمي هويدي الذي كنت قد وقعت صدفة على بعض مقالاته في اكثر من صحيفة عربية راديكالية وقد هالني جدا ما يكتبه بلغة متشنجة وعدائية وهو يعالج موضوعات عربية واسلاموية خطيرة جدا قد لا يعنيني منها الا ما يخص الشأن العراقي الذي يعتبر واحدا من اخطر الموضوعات الانية اليوم ليس بالنسبة للبعض من الاخوة العرب ومن والاهم في الوقوف ضد امنيات الشعب العراقي منذ عهد النظام السابق لصدام حسين حتى اليوم، بل يعد ايضا احد اصعب الموضوعات فهما على كاتب مثل فهمي هويدي واضرابه من الذين لم يقرأوا كتابا واحدا عن العراق ولم يعرفوا حقائق المجتمع العراقي ومشكلاته التاريخية وثقافاته وعوالمه الحضارية المعقدة.
وكم نادينا بأعلى صوتنا نحن العراقيين ان لا يتسابق الاخوة من الكتاب والسياسيين العرب لطرح نظرياتهم وفذلكاتهم وتعليماتهم ونصائحهم علينا لأنها تغدو مضحكة في اوساطنا.. ولكن لا حياة لمن تنادي، فضلا عن ان العراقيين لم يتدخلوا بأي شأن من شؤون العرب في اي يوم من الايام لأنهم يعرفون قدر انفسهم ويدركون ان اهل كل بيت عربي ادرى بشعابه! وعليه، فان الحاجة الماسة اليوم تدعونا نحن العراقيين الى ان نرد على هؤلاء الذين لا يعرفون حدودهم الا من خلال مساءلتهم ومحاورتهم ووضعهم في مكانهم المناسب.. خصوصا وانهم يركبون الموجة اليوم ضد العراق وامنيات شعب العراق من خلال دعاويهم انهم يعملون ضد امريكا، وكأنهم بذلك قد كسبوا مشروعية في كل ما يفعلونه ضد العراق وما يكتبونه او يقولونه ضد شعب العراق! وكأنهم وحدهم ضد السياسة الامريكية! وكم تمنيت والالاف المؤلفة من العراقيين النجباء ان يقفوا يوما على مقال واحد يكتبه احد اولئك المنظرين والكتاب يدينون من خلاله الارهاب ومشروعات قتل العراقيين شيوخا ونساء واطفالا وشبابا.. وبواسطة جماعات وعصابات وجدت في العراق مثوى لها في تنفيذ ما تريده.. وتحقق في النهاية الاهداف التي جاء المحتل لتحقيقها! ولكن هيهات ان نقف على عبارة ادانة واحدة ضد الارهابيين المتنوعين يطلقها كتاب اسلاميون او ساسة قوميون او متحزبون شموليون او راديكاليون متخلفون!!

ما لك انت والفتاوى الشيعية؟
يقول فهمي هويدي في مقالة عنوانها " اسئلة المشهد العراقي " (الخليج في 17 / 8/ 2004) ما نصّه : " الفتوى التي اصدرها المرجع الشيعي بتحريم التعامل بأية صورة مع الذين انتهكوا حرمة مدينة النجف تثير سؤالاً كبيراً حول موقف الفقه الجعفري من الذين انتهكوا عرض العراق كله. ليس ذلك فحسب، وانما يستدعي المشهد الدامي الذي طالعناه في العراق خلال الاسبوعين الاخيرين عديداً من الاسئلة المدببة الاخرى، التي ينبغي ان تبسط على الملأ، حتى وان لم نعثر على اجابة مقنعة لها " .
ما لك انت وهذا الموضوع الذي لا تدرك ابعاده ولا ترسباته ولا تبايناته ولا فلسفة التراتب المرجعية في الفقه الجعفري؟؟ ما لك انت تدخل نفسك في موضوع حسّاس جدا لا يقترب منه الاخرون؟ اتظن ان المسألة بسيطة ولا تحفها التقاليد؟ واذا كانت الفتوى قد اضفت القداسة على مدينة النجف الاشرف وتشددت فليس لأنها لا تريد عدم شمول المدن العراقية الاخرى بذلك التشديد! فلماذا تعلن عن تحفظك؟ وما دورك انت يا اخي ان اعترضت او تحفظت والعراقيون جميعا لم يسمعوا ابدا اي تعاطف مع قضيتهم من اخوتهم العرب؟!!وتستطرد قائلا : " وهذا الاختلاف مفهوم، باعتبار القداسة التي تتمتع بها النجف في الوجدان الشيعي، من جراء احتوائها على رفات الامام علي بن ابي طالب. وهو موقف ربما كان مقبولاً اذا كان الاختلاف الذي نحن بصدده في الدرجة وليس في النوع، بمعنى ان تضفى القداسة على كرامة البشر الذين يسكنون الوطن بكل مدنه، ثم يكون لتلك القداسة موقع متميز في ما يتعلق ببعض الاماكن نظراً لخصوصيتها في اطار المذهب. من ثم فليس لنا اعتراض على تشديد الحكم في ما يتعلق بالنجف الاشرف، وانما تحفظنا على عدم شمول المدن العراقية الاخرى بذلك التشديد ".
ما دورك وانت لا برجل دين ولا برجل قيادة عندما تقول : " ولست اخفي انني في ذلك أنطلق من المفهوم الشرعي الذي يشدد في الدفاع عن ديار الاسلام كافة اذا ما تعرضت للغزو والاحتلال، ويعلي في الوقت ذاته من شأن كرامة الانسان المنصوص عليها صراحة في القرآن، ومن ثم يضفي قداسة على تلك الكرامة، ويقدمها على اي مكان مهما كانت قيمته. واذكر هنا بما سبق ان اشرت اليه في سياق آخر حين همّ النبي عليه الصلاة والسلام بالهجرة الى الحبشة، فنظر الى الكعبة ملياً وقال: ما اعظمك وما اعظم حرمتك عند الله. ثم اضاف: والذي نفسي بيدي لمحجمة (اناء صغير بحجم عقلة الاصبع) من دم امرئ مسلم اعظم حرمة عند الله منك ". وتعّلق قائلا : " هذا النص الاخير يقرر صراحة ان حرمة دم المسلم اعظم درجة عند الله من الكعبة ذاتها، التي هي اقدس مكان عند المسلمين. اكرر انها مقدسة لا ريب، ولكن الدم المسلم أعلى درجة منها عند الله. وهو منطوق اذا قمنا بتنزيله على الواقع الذي نحن بصدده فسوف يعني ان دم اي انسان اهدر في العراق اقدس عند الله من اي مكان مقدس آخر، تستوي في ذلك النجف مع الفلوجة والانبار والحلة والبصرة. وهي كلها من ديار الاسلام التي يظل الدفاع عنها واجباً شرعياً بامتياز ".

تسويق التشابهات
ما هكذا يتم تسويق التشابهات باسم المفهوم الشرعي؟ ما هكذا يستغل " النص " الذي لم يكن منزّلا من اجل التشهير بالاخر او من اجل الوصول الى بغية سياسية محددة؟ وبيني وبينك يا فهمي فواصل كبرى في فهم الحياة والتاريخ والامور فالمكان المحدد قد يغدو مقدسا عند بعض البشر لاسباب دينية او تاريخية او اجتماعية او وطنية او حتى اقتصادية واعتبارية.. ولا يمكن لأي منا ان ينتزع القداسة من مكان معين ليفرضها فرضا على اماكن اخرى، فهناك من يرى القداسة في مدينة او يراها في عتبات او يراها في مياه نهر او يراها في كهف في جبل او يراها في واد غير ذي زرع عند بيت مقدس او يراها في ديارات او معابد او جزر او يراها في صوامع وبيع .. الخ ان العراقيين ادرى بقداسات اماكنهم المتنوعة المتعددة ولم ينتظروا احدا كي يعلمهم اين يرقد ابو حنيفة او يسجى الامام علي وابنه الامام الحسين (رض) او ينتشر الانبياء : آدم ونوح ويونس وشيث وغيرهم؟ واين الائمة من آل البيت الاطهار؟ واين يتوزع العديد من القديسين والشهداء والاولياء والصديقين الابرار.. اين رابعة العدوية؟ واين عدي بن مسافر؟واين الشيخ عبد القادر؟ واين قائمة كبرى من المشايخ الكبار؟ ثم من فوضّك ان تتكلم باسم العراقيين وتدافع عن مدنهم؟ انهم انفسهم يدركون ويعرفون ولم يعترضون.. فلماذا تتجرد انت لتوزع الاتهامات؟
لست شيعيا، بل انني عراقي ولكنني لا اقبل كواحد من ملايين العراقيين السنة ان تفرض تساؤلك وتوزع اتهامك القائل : " لماذا كانت غيرة مراجع الشيعة على الطائفة ومقدساتها اكبر من غيرتهم على الوطن وناسه؟ "! ثم تستطرد وتقول : " السؤال يشغلني منذ بداية الاحتلال حين لاحظت، ولاحظ معي كثيرون، ان مراجع الشيعة اتخذوا موقفاً مهادناً للاحتلال بدرجات متفاوتة، او قل ان موقفهم لم يكن بالقوة والحزم المعهودين والمنتظرين منهم، على النحو الذي شهدناه ضد الولايات المتحدة في ايران وضد “الاسرائيليين” في لبنان. صحيح ان منهم من عبر عن الاستياء والنفور بأشكال مختلفة (آية الله علي السيستاني رفض مقابلة ممثلي سلطة الاحتلال)، الا اننا لم نجد أحداً منهم انحاز صراحة الى موقف مقاومة الاحتلال، باستثناء السيد مقتدى الصدر، الذي ليس مرجعاً دينياً لكنه استطاع ان يفرض نفسه كمرجعية سياسية. سواء كان الحذر من جانب المراجع الشيعية نابعاً من الحرص على تحقيق مكاسب سياسية للطائفة في ظل الوضع الجديد، او كان مجاملة لايران التي كانت لها حساباتها الخاصة في التعامل مع الوجود الامريكي وتأييد اسقاطه للنظام السابق، فالشاهد ان موقف المرجعية ظل متراوحاً بين المهادنة والالتباس، وفي الحالتين فإن موقعها في خندق مقاومة الاحتلال ظل شاغراً طوال السبعة عشر شهراً الماضية على الاقل ".
وهنا أعيد واكرر بعد كل هذا التقريع الذي ليس له اي دواع : هل فوضناك يا فهمي هويدي ان تشهر السيف بوجه ابناء وطننا الواحد؟ ثم من يعمل على تكريس التجزئة بين العراقيين؟ ثم من جعلك توزّع الاحكام بعد جملة من التأنيب والتوبيخ الذي امتهنه البعض ضد حياتنا وتقاليدنا ومصالحنا العليا، وكأنك وصيا على العراقيين وعلى مصيرهم؟ ثم ما الذي جعلك تقرر الموقف من الاحتلال؟ ومن منحك حق الدفاع عن المقاومة ونوعيتها.. تلك التي قادها الاخ مقتدى الصدر؟ ونحن نعرف ما الذي حلّ به وبجيشه؟ ونحن نسألك بدورنا : هل كسب مقتدى مرجعية سياسية ام خسر جملة من الاوراق السياسية التي لم يستطع لعبها بمهارة وذكاء وهو كان ولما يزل يمّثل تيارا صدريا؟ لماذا تدخلون انفسكم في امور معقّدة انتم من ابعد الناس عن فهمها؟ انا العراقي القح ولا استطيع ان افتي واحلل واقرر لأنني بعيد عن وطني واتابع اوضاعه عن بعد ولا ادرك طبيعة المتغيرات والتحولات اليومية الصعبة التي يمر بها العراق.. فكيف بك يا اخ هويدي تقدّم وتؤخر وتؤنب وتقرر وتحكم وتوزع الاتهامات والاراء على شخصيات وعناصر وتيارات انت ابعد ما تكون عن فهمها واستيعاب مجريات احداثها!

اين هي الجماهير العراقية؟
وترجع ثانية لتقرر بكل ثقة واطمئنان وكأنك تعرف افضل منا نحن العراقيين .. فتقول : " انني كررت الاشارة الى “المراجع الشيعية”، لأنني ازعم ان الجماهير الشيعية اختارت موقفاً اكثر تقدماً من المراجع، بل وكانت عنصراً ضاغطاً على المراجع ليس في العراق فحسب، وانما في ايران ولبنان أيضاً. ومن دون الدخول في تفاصيل لا مجال للافصاح عنها الآن، فإن قطاعات وهيئات تمثل تلك الجماهير، انحازت الى المقاومة، واختارت ان تأخذ مكانها في الصف الوطني، متجاوزة الحسابات المذهبية ومعادلات اللعبة السياسية. وقد وجد هؤلاء في السيد مقتدى الصدر النموذج الذي يمثلهم، فكان الالتفاف الكبير حوله في داخل العراق وخارجه ".
هنا لابد ان اسألك ايضا : لماذا تفصل بين المراجع الشيعية والجماهير الشيعية؟ من قال لك هذا؟ ولقد سمعت يا اخ هويدي ان الملايين خرجت لاستقبال الامام المرجع الاعلى السيد علي السيستاني.. فلماذا لم تعلّق؟ ولماذا سكت؟ انك تبدو محللا ضعيفا جدا وغير مدرك لطبيعة الامور وليس لديك اي افق واسع لتوقع الاشياء! واذا كانت رؤيتك قاصرة ازاء الشيعة وفهم نسيجهم وعلاقاتهم وخصوصا روابطهم التي لا تتزحزح بين المراجع والجماهير، فانت اعجز على فهم جماهير السنة العراقيين ايضا.. وكأنك تريد القول ان الخلل عند الشيعة العراقيين؟ او كأنك تقول بأن جماهير السنة العراقيين تقودهم جميعا هيئة علماء السنة المسلمين.. وان ليس هناك مشكلات لدى السنة؟ علما بأن العكس هو الصحيح فجماهير السنة ابعد ما يكونوا عن رجال الدين الذين لا يعتبرون اصحاب مرجعية للجماهير ابدا! فالجماهير العراقية سنة وشيعة ترفض رفضا حقيقيا كل الاعمال الخارجة عن القانون والتي تنتجها العصابات والجماعات التي لا ترتبط ابدا بأي رباط حقيقي بالمجتمع! علما – اذ لابد من القول حتى لا افرحك – ان كل العراقيين لا يقبلون بأي سيطرة اجنبية ولديهم الوسائل الكفيلة بكيفية التعامل مع المحتل حتى يغادر كل التراب الوطني -.

هل كان كلام السيستاني كلاما دبلوماسيا؟
يقول الاخ فهمي هويدي : ".. ويستوقف المرء في هذا الصدد البيان الذي صدر في 11/8 باسم آية الله علي السيستاني المتواجد في لندن للعلاج، ووجه فيه الدعوة الى “جميع الاطراف ذات العلاقة للعمل بجدية من اجل انهاء الازمة في اسرع وقت، ووضع اسس تضمن عدم تكرارها مستقبلاً” - وهو كلام دبلوماسي قد يظن لأول وهلة انه صادر عن كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة. لا يفوتنا في هذا الصدد ان نذكر بأن هيئة علماء المسلمين (السنة) اصدرت في اليوم التالي مباشرة (12/8) فتوى مهمة بخصوص اجتياح النجف نصت على “انه لا يجوز لمسلم ان يتعاون مع قوات الاحتلال في قتل اخوانه واهل بلده، سواء انتسب الى الحكومة العراقية او الى اي جهة أخرى”. وفهم ان الفتوى موجهة الى رجال الشرطة والدفاع المدني الذين ارادت قيادة الاحتلال ان تستخدمهم في قمع مقاومة الجماهير العراقية في مختلف المدن ".
هنا يحق لي ان أسألك وبعد ان استقرت الاوضاع في النجف الاشرف وعاد الناس الى حياتهم الطبيعية بعد ان عانوا الامرين من ميليشيات لا تستطيع البتة ان تفرض اجندتها الخاصة ليس على كل العراقيين حسب، بل حتى على الشيعة العراقيين الذين ثبت للجميع ان كل محاولات الخاسئين والخبثاء في احلال التفرقة بين العراقيين قد باءت بالفشل الذريع.. أسألك : هل كان كلام الامام السيد السيستاني كلاما دبلوماسيا ام كلاما عقلانيا يدرك الحال والاحوال؟ وهل من العقل ان تصف يا اخ هويدي كلام السيد الامام كأنه صادر عن كوفي عنان؟ وحتى ان اصدرت هيئة علماء السنة المسلمين فتواها.. فمن كان له بعد التي واللتيا قصب السبق في ارجاع الامور الى نصابها؟ لماذا تستعجلون الامور يا كتاب هذا العصر العربي المشؤوم؟ لقد دفعنا نحن العرب فواتير جد صعبة نتيجة حماقات كتاباتكم على امتداد خمسين سنة؟ ومن نصّبكم كتابا تتحدثون باسم العرب والمسلمين.. وانتم اوهى من ان تدركوا المعارف السطحية.. فكيف بكم ودواخل الامور المعمقة؟ من الذي سماكم بكتاب عروبيين واسلاميين كي توهموا كل العقول في هذه الامة بجملة هائلة من الاخطاء والخطايا التي لا تغتفر؟ لماذا تستعجلون الامور وتطلقون الاحكام القوية بحق الاخرين ومشكلاتهم ومعضلاتهم وشؤونهم؟ من فوضكم ان تتحدثوا باسم السنة والشيعة العراقيين بمثل هذا الكلام التي سمعناه وقرأناه؟؟

لماذا كل هذا التقولات والظنون؟
ويبقى الاخ فهمي في ازمته الصعبة مشحونا وهو يوّزع الاتهامات من دون اي احراج وكأنه يعيش مع العراقيين في دواخلهم الصعبة.. فيقول : " هل هي مصادفة ان تختفي المراجع الشيعية من العراق، بحيث يصبح مقتدى الصدر وحيداً في مواجهة الاحتلال والحكومة التي نصبها، بحيث يغدو الاختفاء عذراً شكلياً يسقط التكليف عن المراجع في تحديد موقف من حركته وتياره؟ اختفاء المراجع يبعث على الارتياب، ورغم ان السيد السيستاني الذي يعد المرجع الشيعي الاعلى هو الوحيد الذي اعلن عن المكان الذي ذهب اليه، الا ان أحداً لم يعد يعرف اين يوجد الباقون؟ "!!!
ولم يكتف هويدي بكل ما سجلّه اذ استطرد يقول من دون اي شعور بالاثم، وان بعض الظن اثم.. بل ومن دون اي تراجع عما قاله هنا او هناك في قابل الايام.. اذ يسجل يقول : " حتى في ما يخص السيد السيستاني فإن سفره الى لندن في الظرف الراهن تحيط به عدة علامات استفهام. ذلك بأن الرجل لم تكن حالته خطيرة على النحو الذي يستدعي سفره المفاجئ بينما القوات الامريكية تزحف نحو النجف لاقتحام اهم مقدسات الشيعية، وتصفية الصدر وحركته. ثم انه كان مستغرباً بالنسبة لمن في مكانته ان يختار لندن لكي يعالج فيها، متجاهلاً ان بريطانيا هي الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في عملية غزو العراق وتدميره. حيث كان متوقعاً من رمز مثله الا يضع نفسه في هذا الموقف، خصوصاً ان علاج حالة القلب التي يشكو منها ليست من النوع الجسيم او المستعصي، ومن ثم يمكن ان يتم في أي بلد اوروبي آخر ".
بحق السماء، الا يخجل بعض كتابنا العرب من كتاباتهم؟ هل وصلت الامور بهذا البعض ان يتدخل حتى بالشؤون الشخصية لبعض الرجالات العراقيين من مراجع الدين؟ ما هذا الخلط الذي يعاني منه بعض كتابنا الذين يصنفون انفسهم (كبارا)؟ لماذا يحاولون لي الحقيقة وهي واضحة كالشمس في رابعة النهار؟ لماذا كل هذا النقد الاثم على اكبر مرجع ديني يقود الشيعة في انحاء العالم؟ لماذا وصل الامر بالاخ هويدي ان ينتقد مكان علاج السيستاني وهو يعرف من يتغّذى على المساعدات الامريكية .. وليس في ذلك عيب؟ وهو يعرف كم ينفق العرب على ملذاتهم في شوارع لندن.. فلماذا ينكر ما يحتاجه البعض منا الى علاج؟ لماذا وصلت اخلاق العرب الى مثل هذا الدرك الاسفل؟؟ ثم اين ذهبت المراجع الشيعية الاخرى؟ ما دخلك انت والمراجع الدينية؟ هل تريدها ان تبقى تحت القصف؟ وحتى ان بقيت، فماذا تريدها ان تفعل غير ان تلوذ بالصمت؟ فهل من العقل ان تلعب المراجع العليا باللعبة السياسية؟ اذا كنتم قد رضيتم ان تقحموا رجال الدين بالسياسة، فان ذلك من اكبر الخطايا التي ارتكبتموها بحق الاسلام وتجلياته الروحية.. فالاسلام وثوابته اكبر من يكون اداة سياسية متحركة ومتغيرة؟ وانظروا ما حل بعالمينا العربي والاسلامي نتيجة ذاك الاقحام الذي لا مبرر له!

حقيقة ام ضبابية انتاج الصدامية من دون صدام؟
يمضي فهمي هويدي قائلا وهو يصنف على مزاجه اسئلة يثيرها المشهد العراقي الراهن وهو من ابعد الناس عن التحسس به وبمآسيه، بل كان ولم يزل يثير الريبة والقلق والشكوك ويضفي على الامور فبركات لا اساس لها من الصحة وهو يدرك كما يدرك اي عاقل في هذا الوجود بأن اختلاط الاوراق كالذي يحدث في العراق يعد بحد ذاته مأساة لا يمكن وصفها او الادلاء بخفاياها خصوصا ان كانت الامور ضبابية في المشهد العراقي الذي سيستمر على حاله الصعب حتى يستعيد انفاسه بعد قرابة خمس سنوات من سقوط نظام صدام حسين! وعليه، اسمعوه ما الذي يقوله وكأنه خارج من قلب معركة العراق : " لا تزال هناك اسئلة اخرى يثيرها المشهد العراقي الراهن، اسجلها من دون اجابة من باب لفت النظر الى ابعاده المختلفة، في مقدمة تلك الاسئلة ما يلي: الا تدل الحوادث الاخيرة في النجف وغيرها من المدن العراقية على ان مقاومة الاحتلال حقيقة لا سبيل الى انكارها، وان الادعاء بأنها من فعل متسللين اجانب، او بتحريك ومشاركة من فلول النظام السابق، لا اساس له، وانما اريد به تشويه صورة المقاومة واخفاء الحقيقة عن الناس؟ أليس ما جرى دليلاً على فشل المراهنة على التمايز السني الشيعي، وتأكيد على ان الوحدة الوطنية العراقية عميقة الجذور بأبعد واقوى مما تصور المغامرون الذين جاءت بهم الولايات المتحدة وفرضتهم ممثلين للطوائف والاعراق؟ اذا استبعدنا فكرة ان قيادة الحكومة الحالية تمثل الشيعة، رغم انتمائها الى المذهب، فلماذا يحسب صدام حسين على السنة، ويقال انه قهر الشيعة بهذه الصفة. وان السنة احتكروا السلطة في العراق طيلة سنوات عهده؟ بأي معيار يمكن ان يصنف الارهاب الحاصل في العراق الآن ضمن حملة الحرب على الارهاب، والا يعني السحق الذي يتعرض له العراقيون الآن في النجف وسامراء والفلوجة وغيرها، اننا بصدد اعادة انتاج الصدامية من دون صدام حسين؟ ".

ما الذي اريد قوله؟
ما الذي اعطاك الحق ان تثير اسئلة باهتة من دون التحري والاستقصاء عن اجوبة لها؟ ومن اعطاك حق خلط الاوراق بحيث لم تذكر ولو لمرة واحدة العمليات الارهابية التي تستهدف اهلنا في العراق؟ من يشّوه صورة المقاومة يا فهمي هويدي؟ من يخفي الحقيقة عن الناس؟ اعتقد انك تسمع بالخاطفين وتسمع بالمتسللين وتسمع بالقتلة وتسمع بحز الرؤوس وتسمع من يفخخ السيارات وتسمع بمن يفجر انابيب النفط وتسمع بمن يقتل الشرطة وتسمع بمن يزرع العبوات الناسفة في الشوارع الاهلة بالسكان وتسمع بمن يطلق الهاونات على العراقيين وتسمع بمن يقتل العراقيين وتسمع بمن يقطع الطرق وتسمع وتسمع.. انني اطالبك بكل الاخوة العربية والاسلامية ان تعلن على الملأ رفضك وادانتك للارهاب في العراق.. من هم المغامرون الذين اصبحوا ممثلين للطوائف والاحزاب؟ ان صح ما تقول، فهذا من شأن العراقيين انفسهم.. فنحن لا نتدخل بشؤونكم ابدا ولن نتدخل ابدا.. فالرجاء الكف عن هذا الاسلوب حتى يعود الامن والاستقرار الى ربوع العراق.. اذ كفانا نحر انفسنا وانتم تذكون في النار حطبا!! واذا كنت قد صرحّت بمقالاتك المؤيدة للنظام السابق قبل سقوطه من دون ان تتعاطف مع قضية الشعب العراقي.. فليس من حقك اليوم ان تلعب على اوتار السنة والشيعة في العراق.. وان الوحدة الوطنية العراقية نسيج ازلي قائم لم ينتظر منك صك غفران او تصريح مهادنة.. وكلمة اخيرة اقولها للاخ هويدي : ان مثل هذه المقالات كافية لانتاج الصدامية في العراق من دون صدام حسين وتذكي نار الارهاب بعيدا عن استخدام العقل وتجنيب العراقيين القصف من قبل الطائرات واستخدام كل الاسلحة الحديثة ضدهم وضد مدنهم! اختتم قولي هنا ولي جولة اخرى مع نقد ما كتبه الاخ فهمي هويدي في موضوعات اخرى.. راجيا من القراء الكرام الانتظار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف