كتَّاب إيلاف

البيضة أم الفرخة... السلام أم الإرهاب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يشغلنى قط منذ كنت طفلا سؤال :أيهما خلق أولا البيضة أم الفرخة؟، وسواء آمنت معى بنظرية داروين (النشوء والإرتقاء) أم لا، فإننى أعتقد بأن الفرخة جاءت أولا، لأسباب عديدة : أولها أن البيضة محتاجة لفرخة ترقد عليها لكى تصبح فرخة ! (رغم أننى أعرف أنه يمكن تفريخ الكتاكيت فى المعامل حاليا)، وثانيها أن سيدنا نوح قد أخذ معه من كل زوجين إثنين، ولا أعتقد أنه أخذ بيضتين، ولكنه بالقطع أخذ فرخة وديك ! ومنهما جاءت البيضة، وثالثها بأن الله فى محكم آياته ذكر بأنه قد :"خلق من كل زوجين إثنين". وبعد هذه المقدمة، ما هو العلاقة بين البيضة والفرخة وموضوع (السلام والإرهاب)، الآن يكثر الحديث عن أهمية تحقيق السلام أولا قبل القضاء على الإرهاب لأن أحد أسباب إنتشارالإرهاب هو فشل تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، وسؤال "البيضة أم الفرخة" الآن : هل ياترى نقضى على الإرهاب أولا حتى يتحقق السلام، أم نحقق السلام أولا حتى نقضى على الإرهاب. وهو سؤال ليس من السهولة الإجابة عليه، ولكننى سأحاول أن أدلو بدلوى فيه وأدعو السادة الكتاب والقراء الى إبداء آرائهم فى الموضوع، لأنه موضوع هام جدا.

الإرهاب عدو السلام، بمعنى أنه لا وجود للسلام فى ظل الإرهاب، ولكن يمكن أن يوجد إرهاب سواء فى وجود سلام أم لا والأمثلة فى هذا كثير:

* قتل الشهيد فرج فودة فى مصر لا علاقة له بإحلال السلام بين فلسطين وإسرائيل، ولكنه قتل لأن أفكاره لا تتفق مع أفكار الإرهابيين.
* جماعة الجهاد المصرية الإرهابية قتلت السادات بهدف الإستيلاء على الحكم وإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، كما ترون الإرهاب يحاول دائما قتل السلام.
* محاولة إغتيال نجيب محفوظ لم تساعد على تحرير القدس، ولكنهم حاولوا إغتياله لإرهاب كل من تسول له نفسه أن يكتب خلافا لفكر الإرهاب.
* نجحت منظمات حماس والجهاد وغيرها فى إفشال معاهدة أوسلو وغيرها من الإتفاقات بين أسرائيل وفلسطين، وكان توقيت عملياتهم توقيتا مريبا، ما إن يقترب الجانبان الإسرائيلى والفلسطينى من الإتفاق الا وتنفجر قنبلة فى مطعم أو أتوبيس، وبدلا من أن يتصرف عرفات كرجل دولة ويوقف الإرهاب عند حده شارك فيه بإنشاء منظمة كتائب الأقصى (وأهو ما فيش حد أحسن من حد).
* قتل آلاف الأبرياء فى الجزائر فى مجازر وعمليات إرهابية لم يسبق لها مثيل، لم يكن هدفها تحرير فلسطين، ولكن كان هدفها الإستيلاء على الحكم فى الجزائر.
* القتل اليومى للأبرياء فى العراق، وذبح الرهائن لن يساهم فى إنسحاب شارون من الضفة وحتى لن يساهم فى إنسحاب الأمريكان من العراق ‘ بل على العكس سيجبرالأمريكان على جلب المزيد من القوات.
* مذبحة الأقصر من سبع سنوات والتى إستهدفت سياحا سويسريين، لم تساعد على تفكيك المستوطنات الإسرائيلية، ولكن خربت السياحة فى مصر لسنوات، وما أن أفاق هذا القطاع الإقتصادى الهام من كبوته، إلا وقام الإرهابيون بعملية طابا الإجرامية، والتى أطلق عليها منظروهم (الغزوة السيناوية المباركة) !!
والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى، وإستخدام الإحتلال الإسرائيلى كذريعة لكل العمليات الإنتحارية فى العالم إبتداء من نيويورك الى واشنطن الى جاكارتا الى كراتشى الى نيودلهى الى الإقصر الى الرياض الى بغداد وإنتهاء بطابا، ماهى الا إكذوبة كبرى، الإرهابيون يرغبون عن طريق الإرهاب ونشر الذعر وخلق حالة من الفوضى إ يهام البسطاء والغوغاء أنهم ينتقمون لهم من الأشرار والأقوياء، ولا يهم إن راح ضحية لهذا (كعرض جانبى) الآلاف من المسلمين، إنهم يحاولون إيهام الناس بأنهم (روبن هود) العصر الحديث يسرقون الأغنياء لصالح الفقراء، يقتلون الأمريكان والإسرائيليين والعراقيين والمصريين والسعوديين والهنود والنيباليين و.... و.... إنتقاما لإخوتهم الفلسطينيين!!، وفى هذا كذب شديد، وللأسف يهلل لهم المئات والالآف من كتاب وتليفزيونات القومجية والإسلاموية والحرامية، أفيقوا ياعالم ياهوه : كلهم وراء كراسى الحكم، إستولوا عليها فى إيران والدور جاى على الباقى.

فإلى كل الذين يعتقدون أن إستقرار السلام بين إسرائيل وفلسطين وإنسحاب الإسرائيل من الضفة وغزة وتفكيك كل المستوطنات سوف يوقف الإرهاب، أقول لكم ياأصدقاء (فى المشمش)، ويكفى أن تقرأوا دستور حركة حماس، ويكفى أن تدخلوا فى ضمير وفؤاد %90 من العرب الذين يتمنون تحرير إسرائيل من النهر الى البحر، صدقونى اذا إنسحب شارون اليوم من كل تلك المناطق، فسيقوم الإرهابيون فى اليوم التالى بعمل تفجير فى أتوبيس فى القدس أو مطعم فى تل أبيب وسيهتف لهم كل العرب بما فيهم شعبولا قائلين (أنا بأكره إسرائيل).

****

أولا يجب القضاء على الإرهاب المسلح وأيضا القضاء على فلاسفة الإرهاب ومنظريه، وبعد ذلك ربما تنعم أجيالنا القادمة بالسلام. معركة تحقيق السلام الحقيقية هى معركة ضد الإرهاب وضد فكر الإرهاب، وبدون القضاء على الإرهاب وفكر الإرهاب فلن يكون هناك سلام، وليس العكس. المعركة الحقيقية هى معركة أفكار، فكر الأحرار ضد فكر العبيد، فكر الحداثة ضد فكر التخلف، فكر العنف ضد فكر السلام، فكر الكراهية ضد فكر الحب، فكر التعصب ضد فكر التسامح، فكر الحضارة ضد فكر الفوضى.
وربنا يشفينا ويشفيكم شر الفكر (على رأى صديقى العزيز نبيل شرف الدين)!!

samybehiri@aol.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف