كتَّاب إيلاف

سرّ قوة أميركا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الولايات المتحدة تحارب حريات أفرادها وتضيق عليهم ، والولايات المتحدة أصبحت مولدة القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في العالم ، والولايات المتحدة تلغي الآخر وتزوّر الانتخابات الأخيرة لصالح بوش - هذه مفردات قواميس المثقفين المنظرين الذين يتحدثون عن وجه ويتناسون الآخر .. لكن رئيس الولايات المتحدة يجلس وسط قاعة صامتة احتشد فيها مواطنون مكتملون وراح يدوّن ملاحظات منافسه كيري. لم يصرخ بوجه ولم يقاطعه ولم يشتمه أو يخوّنه ، وعندما ينهي كيري كلامه يعود إلى كرسيه ويستمع للرئيس جورج بوش – هذا هو سر قوة الولايات المتحدة.

رئيس أقوى دولة في العالم ، وتحت أمرته جيوش في جميع رياح الأرض وسلطة مالية تهز أي بلد في دقائق ، يسمع منافسه ويسجل ملاحظاته ويسعى لنيل محبة الشعب الأميركي حتى يفوز بولاية ثانية ( لا الولاية المائة بعد الألف !!) عن طريق صندوق صغير وعجيب اسمه صندوق الاقتراع( أرضيته ليست مثقوبة!) وليس عن طريق فوهة الدبابة والقمع – هذا هو سر قوة الولايات المتحدة.

إذا خسر بوش الانتخابات فإنه سيهنئ كيري ويرجع لعمله الأول ويصبح مواطنا عاديا أو يتقاعد نهائيا ويعود إلى الريف وليس إلى السجن – هذه هو سر قوة الولايات المتحدة. كم هي مخيفة ألقاب " الصقور " و " المحافظين الجدد " .. إنها مخيفة جدا على صعيد العالم ! لكن الصقور هم مجرد " عصافير " في داخل بلدهم لأن أي صحيفة يمكن أن تكشف أعمالهم وخططهم وأي قاض يمكن أن يجلبهم للعدالة عندما يخطئون بحق بلدهم– هذا هو سر قوة الولايات المتحدة.

كنت أقلب على ظهري من الضحك عندما أسمع مثقفا يقول بأن بوش أعلن حالة الطوارئ على الحريات في الولايات المتحدة والتي أصبحت مشابهة للبلدان العربية !! . في الولايات المتحدة يجري تصنيف الكتب الصادرة وفق أنواع عديدة ومنها الكتب المتعلقة بالأمن والحرية Security and Freedom ، وبعض هذه الكتب اعتبر أن الولايات المتحدة تقمع الحريات ولكن أيا من مؤلفي هذه الكتب – وحتى اليساريين منهم – تجرأ على تشبيه ذلك بالبلدان العربية.

إذا كنت صحفيا مجتهدا في الولايات المتحدة فسوف تنجح ولن تجلس على خازوق نقابة الصحافيين وستجد طريقك إلى كبريات الصحف دون أن تدفع رشوة ( علبة سمنة أو رطل زيتون أو دخان مهرّب ) إلى مدير الصحيفة ليقبلك ولن يأتي صحافي أمي ليخلصك عملك – هذا سر قوة الولايات المتحدة.
إذا كنت عاشقا ولهانا فإنك ستحب علنا وفي وضع النهار وتقبل حبيبتك على مقعد في الحدائق العامة دون يركض وراءك شخص متخلف ليقطع شفتيك بالشفرة أو يقص على حبيبتك رؤياه التخريفية ، وبعد ذلك تتزوجها وتنجبا الأطفال وسيكون لأطفالك الحق في الولايات المتحدة مثل ابن تشيني وابن رايس وابن رامسفيلد ولن يكون ابن كلب !! – هذا هو سر قوة الولايات المتحدة ..

إذا كنت وإذا كنت .. فإنك ستكون وستكون .. هذه هي أسرار قوة أميركا.

لقد تحدثت عن وجه طالما حاول المثقفون في بلداننا التنكر له والتمسك بالوجه الخارجي مع تهرب من طرح سؤال واحد : لماذا وصلت الولايات المتحدة لما هي عليه الآن وما هو سر قوتها ؟ .. مجابهة الولايات المتحدة لن تكون منطقية وتخرج بنتائج حميدة نسبيا إلا عبر محاربتها بسلاحها وسر قوتها وعبر أداء مشهد درامي واحد وهو مشهد بوش وكيري في المناظرة السياسية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف