كتَّاب إيلاف

خطر المواجهة بين الدول الأوروبية وحكومة شارون بات وشيكاً!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عشية مضي عام على وثيقة جنيف، غير الرسميّة، التي وقعها معسكر السلام الإسرائيلي، وطرف فلسطيني بصفته الفردية، تمّ الإعلان رسميّاً، في الدولة العبرية، عن خطة اسرائيلية هدفها الأول والأخير إنهاء قضيّة حقّ العودة للاجئين الفلسطينيين. فقد ذكر "رون بيرشون " مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية. في 14 /12 / 2004 لإذاعة " الجيش الإسرائيلي "، أنّ وزارته تعدّ مخططاً لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، في الضفة الغربية وقطاع غزّة ولبنان والأردن وسوريا، وأضاف " أنّ المخطط يقضي بأن يمول المجتمع الدولي تحسين أوضاع المخيمات، في قطاع غزّة أولاً، ثمّ بالضفة الغربية، وبعدّ ذلك في الأردن ولبنان وسوريا.. " ومصادر الخارجيّة الإسرائيلية ذكرت " أنه قد نشأت فرصة سانحة لإزالة هذا الموضوع من جدول الأعمال اليومي، من المباحثات المستقبليّة، حول الإتفاقات الدائمة مع الفلسطينيين.. " واعتبرت المصادر أنّ هذه الفرصة نشأت إثر رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
من جانبٍ آخر، دعى شارون القيادة الفلسطينية الجديدة، في كلمته التي ألقاها بمؤتمر يبحث حول أمن " اسرائيل "، في هرتزيليا، الى استغلال الفرصة التي تتيحها معطيات السلام التي نشأت بعد عرفات، وقد حدّد شارون الثوابت الإسرائيلية الجديدة لحكومته المقبلة. أولاً ) توطين اللاجئين خارج حدود فلسطين، في الدول العربية، حيث يسكنون !. وثانياً ) عدم التنازل عن الكتل الإستيطانية الكبرى في الضفة الغربية والقدس. ثالثاً ) القدس ستبقى عاصمة أبدية لدولة اسرائيل! وبذلك يكون حزب الليكود الإسرائيلي قد أعلن شروطه الإئتلافية مع حزب العمل، وغيره من الأحزاب الإسرائيلية، وأوصدَ الباب على أصحاب وثيقة جنيف، من الجانبين الفلسطينيو"الإسرائيلي". وما على رئيس حزب العمل العجوز، شيمون بيريس " إلاّ الإتكاء على شروط الإنسحاب من قطاع غزّة، بالتشاور مع المصريين والفلسطينيين، في مناخات دوليّة جديدة، يعتبرها شارون قد نضجت لاستثمار معطياتها الإستراتيجية لصالح الكيان الإسرائيلي، لاستقبال مثل هذه الحلول حسب ما قاله شارون!
القضية الأساسية، قضيّة اللاجئين الفلسطينيين، اختزلتها حكومة شارون، بتحسين البنية التحتيّة للمخيمات الفلسطينية، واعادة تأهيلها مدنيّاً، وتنظيمها وترتيبها، وتنظيفها من السلاح، على نفقة المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية. ويبدو أنّ الذي فتح شهيّة شارون، غياب العقبة الكأداء التي كانت تقف حائلاً ومانعاً أمام أي حلّ يسقط حقّ العودة، أي رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.
حكومة شارون بدأت تعلن للعالم ؛ أنّ ياسر عرفات حاول استغلال قضيّة اللاجئين الفلسطينيين وتخليدها لإبقاء النزاع قائماً على أمل تحقيق مكاسب لصالح الفلسطينيين، والآن قد جاءت الفرصة لإزالة هذا الموضوع الشائك عن طاولة المفاوضات، واعطاء الفرصة للمضي في مباحثات الحل النهائي!.
يعتقد شارون انّ المرحلة الراهنة، بعد رحيل عرفات، هي طوع إرادته، وأنّ الوقت يلعب لمصلحته، وأنّ هجوم السلام الأوروبي سوف ينحني لرغباته، فحاول أن يوهم العالم أنّ ما تحدث به في هرتزيليا هو مبادرة سلام اسرائيلية، لكنها في الواقع تشكل خطوطاً أساسية لاسترايجية حكومته المقبلة، وهي خطوط تتناقض مع ما يراه المجتمع الدولي من حقائق سياسية، تتفق عليها إرادات القوى الدولية الفاعلة. كلّ التصريحات الأوروبية والدولية التي انطلقت بعد رحيل ياسر عرفات، كانت تولي السلام، وإنهاء الصراع الفسطيني ا " الإسرائيلي " الأهميّة الكبرى ؛ فالأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قال أمام ممثلي المجتمع الدولي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 / 11 / 2004 " آمل أن تفضي الجهود الدولية الى إنهاء الإحتلال في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقيّة، وقطاع غزّة، وأن تمهد السبيل لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة وديمقراطية، وذات اتصال جغرافي .. " وتعهد أنان بمواصلة الجهود مع جميع الأطراف من أجل التوصل الى تسوية سلمية شاملة وعادلة لقضية فلسطين، على أساس قرارات مجلس الأمن، واعتماداً لمبدأ الأرض مقابل السلام. ووزير الخارجيّة البريطانية جاك سترو قال في تصريح صحفي في 2 / 12 / 2004 في لندن " لا يمكن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ما لم تكن تتضمن حدود الرابع من حزيران 1967.. وقال أيضاً : انّ خطة شارون لفكّ الإرتباط مع غزّة يجب أن تكون خطوة أولى على طريق الحلّ الشامل، وليست الخطوة الأخيرة، واشار أن هذا جزء من الحلّ النهائي وفقاً للقرارين 242 و 338 " تصريحات ومواقف كثيرة، ولقاءات وحوارات أوروبية مع جميع الأطراف المعنية، والدولية، كلّها تسعى لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ووقف انتهاك الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني.
وبات الكيان الإسرائيلي بكلّ أحزابه، وتياراته الأيدولوجية والدينية والسياسية، يدرك أنّ العالم ضاق ذرعاً من المواقف المعادية الإسرائيلية لتوجهات السلام في المنطقة العربية، وأنّها لم تعد تسمح بالمماطلات الإسرائيلية، وأن هجوم السلام الأوروبي الذي بدأ بفتح خريطة الطريق بات يثير الخوف لدى الإسرائيليين من اتخاذ اجراءات عقابية، كتلك التي اتخذت ضدّ نظام التفرقة العنصري في جنوب أفريقيا.
لذلك اعتبر شارون انسحابه من قطاع غزّة، وتفكيك بعض المستوطنات في الضفة الغربية، تنازلات مؤلمة، على حدّ وصفه، وهو ما يعتبره مبادرة سياسية قد تستوعب هجوم السلام الأوروبي، وتمتص آثاره. رغم كلّ هذا فإنّ خطر المواجهة السياسية مع الإتحاد الأوروبي باتت وشيكة، لأنّ القرارات الدولية هي التي تشكلّ الأساس الشرعي والقانوني، الذي تتمسك به المجموعة الأوروبية ، لتحقيق سلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وانّ خارطة الطريق هي الحيز السياسي المتاح، المتفق عليه دولياً.
من جهة أخرى، فإنّ ثبات الموقف الفلسطيني اتجاه الثوابت الفلسطينية، والتمسك بقرارات الشرعية الدولية، سوف يساهم في تقوية المواقف الأوروبية، ويمنع شارون من اللعب في المنطقة السياسية الفلسطينية.
لاشكّ أن تصريحات رئيس اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية " أبو مازن " التي جاءت في معرض ردّه على خطاب شارون، تؤكد الموقف الفلسطيني الذي ينطلق من الثوابت الفلسطينية، فالزعيم الخالد ياسر عرفات كان يعي الحقائق، ويدرك ما يجمع عليه الشعب الفلسطيني، لذلك رفض المساس بالثوابت الفلسطينية، في كمب ديفيد الثانية، وتحمل بشجاعة نتائج مواقفه الوطنية، ياسر عرفات لم يكن عقبة في وجه السلام، كمّا يدعي شارون بل كان هو الذي يسعى اليه بشجاعة.

صبري حجير. كاتب فلسطيني مقيم في السويد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف