كتَّاب إيلاف

اليهوديَّة الخطرة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اقترضنا عنواننا من مقال للكاتب الإسرائيلي "صافي راتشلفسكي" بعنوان Dangerous Judaism، نشرتها صحيفة هآرتز الإسرائيليَّة بتاريخ 14 تمُّوز (يوليو) الجاري. http://www.haaretz.com/hasen/spages/450585.html

المقال جريء، فالكاتب يطالب بإعادة النظر في العديد من النصوص التلموديَّة التي كتبت في وقت كان اليهود يعانون "من سنوات طويلة من العذاب على يد غير اليهود ما أدَّى إلى ولادة كمٍّ هائل تختلط فيه الفتاوى الدينيَّة بالشعوذة والسحر، تحوِّل الألم إلى نوع من "فانتازيا" عبثية للانتقام. وحيث تحوَّلت صرخات ضحيَّة لا حول لها ولا قوَّة إلى تعليمات للقيام بأعمال العنف. إنَّ أولئك الذين لن يجرؤا على مراجعة شاملة للكتابة الدينيَّة اليهوديَّة، انطلاقًا من فهمهم طبيعة الثورة التي حوَّلت اليهودي إلى سيِّد يملك القدرات العسكريَّة الهائلة، لن تكتب لهم النجاة."
إنَّ موضوع النصِّ الديني وتفسيره قد أخذا من تفكيرنا ومن كتابتنا الشئ الكثير، وكانا العامل الأهم الذي دفعنا إلى ترجمة كتاب The Syrian Christ إلى اللغة العربيَّة أوَّلاً، ومن ثمَّ إعادة نشره بالأصل الإنجليزي في أميركا الشماليَّة منذ أشهر قليلة. أمَّا السبب في ذلك فهو تسليط الضوء على الخطر الكبير الناجم عن فرض تفسير معيَّن لنصٍّ دينيٍّ على الواقع الراهن. تفسير لا يأخذ بنظر الاعتبار الحيِّز التاريخي الذي كتب النص فيه، والذي لا يملك المؤمنون سوى اعتباره نصًّا مقدَّسًا، دعوة راهنة للتمييز العنصري والعنف والانتقام.
إنَّ الدين، في رأينا، هو تفسير المرء لنصوص يعتبرها مقدَّسة، ومن ثمَّ تقيِّده بالأحكام المنبثقة عن تلك التفسيرات. والمؤمنون ينظرون إلى نصٍّ يعتبرونه مقدَّسًا على أنَّه معطى من الله. وبغضِّ النظر عن المسلَّمات التي يتمسَّك بها المؤمن، أيُّ مؤمن، فإنَّ النصوص الدينيَّة ليست في منجًى من التفسيرات المختلفة. شاهِدُنا على ذلك تعدُّد الطوائف داخل الجماعة الدينيَّة الواحدة. عن هذه التفسيرات، تتمخَّض جملة من قواعد السلوك الأدبي والأخلاقي للحياة على الأرض، ومنظومة من المعتقدات ذات الصلة بالآخرة أو الماوراء. ويعتقد معظم الناس أنَّ قدر المرء في الآخرة مرهون بمدى تقيُّده بالأحكام حسب ما فسَّرتها سلطاته الدينيَّة.
بمناسبة إطلاق النسخة الإنجليزيَّة الجديدة لكتاب The Syrian Christ في مكتبة الأسد في دمشق في السادس من الشهر الجاري، لفتنا النظر إلى بعض النصوص التوراتيَّة مثل تثنية 7: 1-3 "متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك، الحثيِّين والجرجاشيِّين والأموريِّين والكنعانيِّين والفرزيِّين والحويِّين واليبوسيِّين بسبع شعوب أكثر وأعظم منك. ودفعهم الرب إلهك وضربتهم فإنَّك تحرمهم. لا تقطع لهم عهدًا ولا تشفق عليهم. ولا تصاهرهم. بنتك لا تعطي لابنه وبنته لا تأخذ لابنك". وقلنا في حينه، إنَّ العهد القديم يعج بعبارات كهذه، يستعملها بعض رجال الدين الأصوليِّين لتبرير إبادتنا على يد إسرائيل، ودعونا رجال الدين في بلادنا للتعامل مع هذه النصوص وفق ما دعا إليه رحباني أي "بتحرر وتفهُّم وذكاء". واليوم تأتي دعوة مماثلة من الطرف الآخر تدعو اليهود إلى إعادة النظر ليس فقط في النصوص التوراتيَّة بل لتلموديَّة كذلك. هذه الدعوة يجب تشجيعها لمراجعة الكثير من النصوص التي يجب رفع صفة القداسة عنها والتعامل معها كما هي: نصوص تدعو للتمييز العنصري والبغضاء والإبادة.

[1] www.thesyrianchrist.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف