كتَّاب إيلاف

امسك عميل.....!!!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عندما كان شعب العراق يعيش محنة الحرب,ونحن من خلفه كانت المشاعر تختلط وتتلاطم,بين الأسف الشديد لما كان يجري له من تدمير وقتل ورعب وترهيب وبين الغبطة التي أصابت البعض لوقوف العالم معـنا بمظاهراته وهتافاته التي لم تنقطع ليل نهار. وكان هناك سبب آخر للفرحة (والانشكاح) وهو دنو أجل أمريكا وبريطانيا ومن معهم من بقايا الاستعمار كما كنا نعتقد في ذلك الوقـت. وقـد كنت كالآخرين في خلال أيام الحرب أتابع قـنواتنا الفــضائية بمحلليها وخبرائها العسكريين وفي كل يوم كنت أذهــب إلى سريري وأنا مطمئن البال واثقا من النصر وآملا أن أصحو في اليوم التالي لأجد زعماء العلوج ) بوش وبلير) وقد استسلما بعــد أن اندحرت جيوشهما أمام مقاومتنا الصامدة الباسلة. هذا ماكان يجمع عليه خبراء الفضائيات من عسكريين وجنرالات صحافة ومذيعين ومشاركين تليفونيين. مع كل ذلك فقد اكتشفت عميلا كان يقبع بيننا متخفـيا في زي خبير عسكري لإحدى الفضائيات. بعـد متابعة ذلك الرجل لعــدة أيام تأكد لدي بما لا يدع مجالا للشك بأنه كان من أكبر العملاء المزروعين وسطنا , وواضح أنه لم يكن ينتمي لجهة واحدة فـقـط,– مــن تلك الجهات التي دائما ما تزرع العملاء وسطنا لتأخير زحفــنا المبارك ,لأنهم يحسدوننا ويحقدون عـلينا دائما وابدا ويكرهوننا ـ بل إنه ينتمي إلى تلك الجهات جميعها , والجهات المقصودة هي كالعادة الصهيونية والإمبريالية والشيوعية والاستعماروالتي هي( وكما تعرفون ) سبب مشكلاتنا وبلاوينا منذ أيام حمورابي(الذي لا أعرف هل هـو منا أو منهم),وحتى الآن.ولا أعرف بصراحة كيف سمحنا لمثــل هكذا عميل أن يـُزرع وسطنا. سبب قـناعتي بعمالته هــو أنني اكتشفت بأنه لا يعبر عــنا في شيء ولا يحمل ثـقافتنا ولا يلتزم بها, بل إنه لا يشبهنا في أي شيء وذلك ما جعلني أعتقد بأنه دخيل على مفاهيمنا ولا يحترمها ولا يلتزم بها , بل لا يفهمها.
ولكي ألخص لكم الحكاية أقول إنني شاهدت عليه الآتي:
- إنه لم يكن يرفع صوته وهو يتحدث.
- لم يكن يستخدم ثوابت قاموسنا الهتافية.
- كان يتحــدث في موضوع النقاش بحسب المعلومات المتاحة على أرض الواقع لا تلك المُتخيلة أو المرجوة أو المُؤلفة كما هي العادة لدى محللينا الذين تعرفونهم.
- عندما كان يتحدث عــن موضوع يكون حديثه بطلاقة وغزارة معلومات وبخرائط وأدوات توضيح وهــذا يدل على أنه تفرغ في السنين السابقة للعلم والتمحيص والبحث وهـــذا يدل على أنه لم يشاركنا فيما كنا فيه من تأليف شعارات وتلحين هتافات وقيادة مظاهرات.
- لم يشجب أو يسيء إلى أحد.
- كان يتحدث في المجال العسكري فــقـــــط ولا يقفز إلى السياسة والطب والفلك كما يفعل محللونا الملمون بجميع الشؤون والعلوم !!
- كان يتحدث في موضوع النقاش فقط , فمثلا إذا كان الحديث عــن معركة النجف فإنه كان يحصر نقاشه في ذلك الموضوع وما يمت له بصلة مباشرة فقط,وهذا خلافا لما كان يفعله محللونا الذين كانوا يبدؤون الحديث بنبذة عن حرب طروادة مرورا بالبسوس وانتهاء بغزو نورماندي, وأخيرا تكون النجف آخر من يعلم !!
- كان يهـتم بالتحليل العسكري فـقط ولا يلتفت لأساسياتنا من هتافيات ونواحيات ودعائيات ومناحات!
- وأخيرا انه لم يكن يـُقـدر فرحتنا العارمة بقتـل حفـنة من الأمريكان أو إعطاب دبابة أو إسقاط طائرة, ولم يكن يقدر مشاعرنا حينما كان يقول : بأن هذه خسائر معقولة بل تـُعـتبر بسيطة جدا بالنسبة لحجم العمليات , وهنا وعند هـذا الحد بلغ بي الاستفزاز أقصاه ولم أستطع عليه صبرا وكان لابد لي من مواجهته بأحد أسلحتنا الفتاكة وكان أن "شخطت" فيه وبالنيابة عنكم جميعا قائلا : أيُّ عمليات...!! ؟
أليس كل ما سبق دليلا على عـدم انتماء ذلك الرجل لثـقافتنا, وعمالته لثقافة العدو؟ غـير أن أخطر ما كنت أحذره في ذلك الوقت هــو أن يتأثر آخرون بمثل ذلك الرجل ويحذون حذوه, ولو حدث ذلك وتكاثر مثل هذا العميل لكنا قد دخلنا في متاهة جديدة اسمها فتح العقل وإزالة ما عليه من غبار وأوساخ وجعله صالحا للاستخدام وهــذا كان يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إيقاظنا من غيبوبتنا اللذيذة التي استمرت عشرات العقود وحينها كنا سنكتشف بأن الزمن قد تغير والوضع قد تبدل وأن من كنا نحاربهم هم أمريكا وبريطانيا وليس الفرس والروم !!!
أخيرا لن اذكر لكم اسم ذلك العميل...... وسوف احتفظ به للمساومة عليه بعدة ملايين, ذلك عندما نصحو من غيبوبتنا المنعشة اللذيذة ,إذا حدث ذلك قبل يوم القيامة !!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف