التآمر الإيراني- السوري على العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كتبنا في العام الماضي مقالة بعنوان ( حملة إيرانية- سورية لتدمير العراق) ذلك على ضوء معلومات موثقة، قلنا أن الحكومتين تبنتا ستراتيجية تهدف إلى إفشال العملية الديمقراطية في العراق واتخاذه ساحة لشن حرب العصابات على أمريكا لتصفية حساباتهما معها على حساب الشعب العراقي وبالدماء العراقية. ورغم نكران الدولتين لهذه الحقيقة والتظاهر بالبكاء على الشعب العراقي والعتبات المقدسة، ولكن بمرور الزمن انكشف دورهما التخريبي بشكل لا لبس فيه. فسوريا فتحت حدودها للإرهابيين من مختلف الجنسيات، ورغم إبرامها اتفاقية مراقبة الحدود مع الحكومة العراقية المؤقتة في الشهر الماضي على منع المتسللين عبر حدودها. وقد شككنا في وقتها بجدوى الاتفاقية لأن لسوريا حسابات بعيدة ليست في صالح العراق وقلنا أن المهم هو الأفعال لا الأقوال وقد أثبت الزمن صحة ما توقعناه.
أما إيران، فلم تكتف بفتح حدودها وتسهيل عبور الإرهابيين إلى العراق فحسب، بل وأرسلت إليه عشرات الألوف من عناصر مخابراتها وجيش القدس والحرس الثوري وفتحت في مدنه العشرات من مراكز التخريب تحت واجهة (مؤسسات خيرية) بحجة دعم الشعب العراقي!!. كما قامت بتأسيس جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر ومدته بكل متطلبات الاستمرار في شن الإرهاب وذلك على غرار ما قامت به في لبنان بتشكيل حزب الله بقيادة حسن نصر الله. وكما نجحت سوريا وإيران في إخضاع لبنان إلى نفوذهما، كذلك تخططان لتحقيق الهدف ذاته في العراق وبنفس التكتيك.
فما الجديد الآن؟
كانت إيران تستخدم إلى وقت قريب لغتين مختلفتين من الأزمة العراقية: لغة رسمية ديبلوماسية من حكومة السيد محمد خاتمي تتسم بالعقلانية والواقعية، حيث تبدي فيها الاعتراف بالحكومة العراقية المؤقتة ودعمها للشعب العراقي... الخ. ولغة غير رسمية، تتصف بالتحريض، من قبل التيار الديني المتشدد بقيادة السيد على خامنئي بحجة معاداة الاحتلال الأجنبي، تدعو العراقيين إلى محاربة أمريكا.
أما الآن، فقد سقط القناع عن وجه الحكومة الإيرانية حيث تطابق خطابها الرسمي مع خطاب التيار الديني المتشدد في دعم الإرهاب في العراق بقيادة مقتدى الصدر والزرقاوي وفلول البعث الساقط. وهناك معلومات شبه مؤكدة أن التحالف الصدري- الزرقاوي قد خطط لتفجير ضريح الإمام علي (ع) في حالة الهجوم العسكري على المعتصمين من جيش المهدي في الحضرة الحيدرية، على طريقة شمشون (فليكن من بعدي الطوفان). وغني عن القول أن تدمير الحضرة أمنية من أمنيات منظمة القاعدة الوهابية التي يمثلها الزرقاوي في العراق، حيث يحققون هدفين، إلقاء تبعية التفجير وتأليب العالم الإسلامي وخاصة الشيعي، على الأمريكان والحكومة العراقية، وثانياً كهدف طائفي للمذهب الوهابي، فجماعة القاعدة يعاملون العتبات المقدسة الشيعية كما تعاملوا مع تماثيل بوذا في أفغانستان.
وفيما يتمادى أنصار الصدر من "جيش المهدي" في تدمير المؤسسات النفطية وإشعال الحرائق فيها وانتهاك المقدسات باحتلالهم ضريح الإمام علي (ع)، وتصميم الحكومة العراقية حسم الأزمة، دعا وزير خارجية إيران، كمال خرازي، إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار لمناقشة أزمة النجف، بحجة حماية المقدسات الشيعية التي تدعي إيران الوصاية عليها وشبَّه المدينة بهيروشيما ونكازاكي بغية نشر الهلع وإثارة الرأي العام العالمي ضد الحكومة العراقية بدلاً من إلقاء اللوم على المتمردين. وكما كان متوقعاً، فقد سارعت سوريا بتأييد الدعوة لعقد الاجتماع وبحماس شديد!!
ونحن إذ نسأل، كيف تتعامل الحكومتان، الإيرانية والسورية، فيما لو حصل العصيان المسلح في بلادهما؟ فتاريخهما ليس فيه ما يشرف أو يدعم موقفهما من الأزمة في العراق. فحكومة إيران الإسلامية لن تتسامح حتى مع أبسط نقد لها من المعارضة السلمية. فقد حصل ذلك للمثقف الإصلاحي هاشم أغاجري، المحكوم عليه بالإعدام لمجرد إلقاءه محاضرة في جامعة طهران انتقد فيها حكم الكنيسة المسيحية في أوربا
في القرون الوسطى وقارن ذلك بما يجري في إيران من الحكم الثيوقراطي على أيدي الملائية. كما تم إعدام الألوف من المعارضين السياسيين وحتى دون رفع السلاح، ولم يسلم من ذلك حتى الصحفيين الأجانب، ناهيك عما قامت به الحكومة الإيرانية بسحق الحركة الكردية في كردستان إيران أوائل الثمانينات.
ما سوريا، فالعالم يعرف كيف قمعت حركة الأخوان المسلمين في مدينة حماة في السبعينات، حيث قتلت منهم ما يقارب ثلاثين ألفاً خلال أيام وبدون إعطائهم أي إنذار أو مجال للتراجع، علما بأن الحكومة العراقية المؤقتة أعطت جيش المهدي مجالاً للهدنة وحرية العمل السياسي فيما لو وافق على حسم التمرد سلمياً وحل مليشياته المسلحة وتحويلها إلى حزب سياسي ودون أية ملاحقة. فأي نظام حكم في العالم، ديمقراطياً كان أو ديكتاتوري، يقدم هكذا عرض لمن يعلن العصيان المسلح من مواطنيه؟
من هنا نعلم أن إيران وسوريا تدعمان الإرهاب في العراق وتخططان لإغراقه في فوضى عارمة وتدميره بشكل كامل لا نهضة له من بعدها. لذلك فالحكومة العراقية وقوات التحالف ليس أمامها سوى خيار واحد، خاصة بعد أن فشلت جميع المحاولات ومنها إرسال وفد المؤتمر الوطني الموسع لحل الأزمة مع الصدر وأنصاره بالطرق السلمية، فليس أمامها سوى القضاء على هذا التمرد المسلح مرة وإلى الأبد وعدم الإصغاء إلى الذين يطالبون بأنصاف الحلول التي لا تخدم إلا الإرهابيين حيث يعطيهم مجالاً لكسب الوقت ولملمة فلولهم والحصول على المزيد من الأسلحة التي تصلهم من خارج الحدود. كذلك على أمريكا توجيه إنذار مشدد إلى كل من سوريا وإيران بوقف تدخلهما الفض بالشأن العراقي. وبدون ذلك فستكون العاقبة ليست وخيمة على الشعب العراقي وحده فقط، بل وعلى العالم كله وخاصة دول الجوار.