كتَّاب إيلاف

بنايات لبنان تباع على العظم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حركة العمران في لبنان ناشطة على قدم وساق، ولكن ليس هناك من يشتري، وليس هناك من يكمل البناء، فمعظم البنايات ما زالت على العظم، كما يقولون، أي أنها أشبه ما تكون بهياكل بشرية مرعبة، جمعوا عظامها، ليعلّقوها في عيادات الأطباء. فكيفما اتجهت، وكيفما التفت، تجد الباطون المسلح الرمادي اللون مشرئباً في الفضاء، يحجب الجمال، ويشوه الطبيعة، ويخبرك حكاية الإفلاس الاقتصادي والهجرة البشرية المؤلمة.

الكل يبني، والكل يعاني، والكلّ ينتظر.. ولن يأتي الفرج إلاّ عن طريق المغتربين القادمين إلى لبنان لاستثمار بضعة آلاف من الدولارات، جمعوها بعرق جبينهم، بغية استملاك مرقد عنزة لهم في وطنهم الأم.وكثيراً ما يقع المغترب المسكين فريسةً بأيدي تجّار الشقق، فيسلخون جلده وفمه مفتوح اندهاشاً بالمنظر الخلاّب الذي تطل عليه الشقة. فيدفع ثمنها أضعاف الاضعاف وصوت التاجر يرن في أذنيه: هذه شقة فخمة لن ترى مثلها في كافّة أنحاء لبنان. أجل، سترى مثلها، وأفضل منها، وأرخص منها لو فتّشت. فأنّى ذهبت، وأنّى اشتريت في لبنان ستجد المناظر الخلاّبة التي تسحر النظر، وتجعلك تقف مشدوهاً أمام الجمال اللبناني الخلاب، وتصرخ مع وديع الصافي:
جنّات ع مدّ النظر
ما بينشبع منها نظر
يباع متر البناء المربّع في لبنان بـ 350 دولاراً، ومنهم من يبيعه بـ 450 دولاراً، ولكن إذا كاسرت فلسوف تحصل عليه بـ 280 دولاراً، وستوفر على جيبك أكثر من 10 آلاف دولار في الشقّة الواحدة.. هذا طبعاً في المناطق الشعبية، وليس في منطقة الفنادق أو الروشة أو ما شابه. هناك لن يستملك إلا الوليد بن طلال ورفيق الحريري ومن هم على شاكلتهما.

صحيح أن الدجّالين كثر، ولكن (الأوادم) أكثر منهم بكثير، فإذا تعاملت مع دجّال فلا تيأس، لأن اللـه سيمنّ عليك بإنسان شريف لـم تلد الامهات مثله، وسيأخذ بيدك إلى برّ الامان.

(العفش) رخيص جداً في لبنان، فإذا اشتريت شقّة باشر بفرشها، ولكن عليك، كي توفّر، أن تزور الاسواق الشعبيّة قبل أن تشتري، وأن تبتعد قدر المستطاع عن الأسماء اللامعة الساطعة في دنيا المفروشات، فكل شيء يباع (شرفية) في لبنان، وما عليك إلاّ أن تحفظ شرفك ومالك وتفرش شقتك بدون (شرفية)، فالإنسان العاقل أبعد ما يكون عن هذه السفسطات التي لا طعم لها. تسوّق في الاماكن الشعبية قبل أن تشتري، فإذا كانت أستراليا أم الفقراء، فلبنان، بنظري، أبو الفقراء، وجدّ الفقراء، وحامي الفقراء، فانتبه فيه على قرشك ولا تدع أحداً يضحك عليك.

baini@elaph.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف