كتَّاب إيلاف

تركمان العراق والانتخابات النيابية في العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تمهيد:

تركمان العراق جزء اساسي من التكوين التعددي البديع لمكونات الشعب العراقي "العرقي- الاثني - العقائدي والثقافي" وقد شاركوا فعليا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية العراقية منذ تكوين الدولة العراقية في 23 اب 1921. كما كان لهم دورا تاريخيا في فترات تاريخية مختلفة في تسنم سدة الحكم والسلطة في العراق وفي دول اخرى في المنطقة. لا ريب ان التركمان يعود تاريخ تواجدهم في العراق الى ايام العباسسين حيث كانوا يكونون اولى طلائع المقاتلين في القوات الاسلامية القادمة من خراسان لتاسيس الخلافة العباسية في العراق. توالت مجيئ القبائل التركمانية وفي فترات تاريخية من اواسط اسيا الى العراق كان بينهم غازين ورجال علم ودين وحملة فكر و رسالة فامتزجوا في البوتقة الاثنية العراقية حيث تكردوا واخرون تعربوا بينما سادت الثقافة التركمانية على مناطق سهل كركوك منتشرة على خط امتداد سلسلة جبال حمرين وكان لاستيطانهم وحوارهم السلمي الحضاري مع شعوب المنطقة الاثر الاكبر في تكوين الثقافي والفكري والنفسي لابناء هذه المنطقة الغالية من ارض الوطن بصورة خاصة وعلى مجمل الثقافة العراقية بصورة عامة. ان تاثير الدين الاسلامي السمح على تكوين الشخصية التركمانية كبير جدا وعلينا الاستدراك ها هنا وذكر مدى تاثير ومكانة السلاجقة التركمان في التاريخ الاسلامي في الدفاع عن الثغور ونشر الدين الاسلامي الحنيف تحت راية "لا اله الا الله".

المشاركة والحوار الحضاري بين الشعوب:

ان التركمان يمثلون نموذجا فريدا للتعايش السلمي الحضاري فقد ترى ان المتحدثين باللغة التركمانية ولهجاتها العذبة المختلفة ينتمون الى قوميات اخرى كذلك . كما انه ومن ناحية اخرى نراهم ينتمون الى السنة او الى الشيعة. ان الاكراد او العرب وحتى الاشورين القاطنين جنبا الى جنب مع التركمان تراهم يجيدون التحدث بالتركمانية كنتيجة للحوار الحضاري بين تلك القوميات وربما دخلوا في زيجات واقرباء. لا ريب ان تاريخ المنطقة باكملها وحدة متكاملة لا يمكن تجزئتها. خاصة وهذه الديار كانت مسرحا للصراع والنفوذ كتلك الصراعات والحروب والنزاعات التي دارت بين الامبراطورية الفارسية القادمة من جهة الشرق والامبراطورية العثمانية ويجب ها هنا ان نستدرك ونقول بان العديد من تلك النزاعات والحروب التي كانت تدور بين سلطة حاكمة للاتراك وبين اخوانهم من التركمان انظر الى الصراع الصفوي والسلاجقة من جهه والاتراك العثمانيين لاسباب مختلفة لسنا ها هنا بصددها.
اشترك التركمان فعليا وكما اسلفت سابقا في الحياة السياسية والاجتماعية في العراق الى جانب اخوانهم من العرب والكورد والكلدو اشوريين ورغم ان الصراع على لواء موصل وما يسمى ب "المسالة الشرقية" قد حسم نهائيا في استفتاء لصاح انضمام اللواء وابناءه الى الدولة العراقية الفتية فقد تركت الهيئة الدولية "عصبة الامم انذاك" الباب مشرعا لهم في الاختبار بين البقاء تحت سيادة الدولة العراقية او اختبار الهجرة الى تركيا ان رغبوا خلال عام كامل بعد الاستفتاء ولكن تركمان العراق اختاروا الانتماء الى العراق واختاروا الهوية الوطنية العراقية كهوية وطنية ووحيدة يعتزون بها حتى يومنا هذا.
كان التركمان قد تقبلوا التغير بوجود النظام الملكي في العراق اخيرا " كانت هناك معارضة تركمانية حتى لتنصيب فيصل ملكا على العراق وكان لهم مرشح اخر" وكان بين رجال العهد الملكي في العراق العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والعسكرية التركمانية شاركت تلكم الشخصيات فعليا في الحياة السياسية العراقية والبرلمانية وكذا كان الحال بعد ثورة 14 من تموزعام 1958 وتاسيس الجمهورية.

العامل الدولي وتاثير الدولة التركية:

رغم ان التركمان كانوا غالبا لا يختارون العمل و التنظيم والانتماء تحت راية حزب سياسي تركماني مستقل، بل كان وجودهم من خلال مشاركتهم كاعضاء في العديد من الاحزاب السياسية وانشاء النوادي الثقافية. بقى ان نعلم بان اثر هيمنة وتدخل الدولة التركيه "بناء على مصالحها الوطنية و الاقليمية" على الشعب العراقي بصورة عامة وعلى التركمان بصورة خاصة واضح تماما، اذ يمكن رؤية اثار تلك السياسية الى يومنا هذا. وقد مورست تلك السياسة منهجيا من قبل الدولة التركية بشكل او بالاخر وبدرجات مختلفة علي دول المنطقة وربما انطلاقا من سياسة ومصلحة الامن القومي التركي التي تتبعها تركيا.
ان اعدادا من التركمان، و تحت ذريعة قلة تعدادهم السكاني يعتقدون باهمية وجود تركيا كقوة حامية لهم . هذا يمكن تحليل هذا السلوك ليس على اساس الخطا او الصح بل كنتيجة للاثر التراكمي التاريخي لتاثير الدولة التركية منذ ايام السيطرة العثمانية على الحياة السياسية في العراق وعلى المنطقة باسرها " انظر الى مؤشرات و تداعيات تدخل دول الجوار جميعا في شان البيت العراقي لحد يومنا هذا" ومن ناحية اخرى سياسة الحكومات العراقية المتعاقبة وعلاقاتها مع تركيا بالاظافة الى سياسة الاحزاب السياسية العراقية وتخالفاتها معها. مع العلم ان هناك وجود ارتباط عرقي بين اصول الشعبين التركي والتركماني المشترك . لقد كان اخد اهم نتائج ذلك التاثير بافكار الحركة القومية التركية تاركا الاثر الاكبر على القوميين التركمان والى يومنا هذا ومن الطبيعي ان ذلك لا يختلف ابدا عن تاثير الحركات والافكار القومية العربية " الناصرية والقومية العربية" بجميع اتجاهاتها على عرب العراق او افكار القومية الكوردية "الكوردايتي" على اكراد العراق.هذا بينما يرى تركمان اخرون ان الهوية الوطنية العراقية وتحت ظلال نظام تعددي ديمقراطي والتاخي والوئام الوطني كافي كضمان وحيد على الحصول على حقوق جميع العراقيين في عراق موحد.

التيارات الفكرية والسياسية التركمانية:

اذن هناك تيارن اساسيان مؤثران وتنعكسان على مجمل الحياة الفكرية والسياسية لتركمان العراق. تكون تلك التاثيرات اساس مسار الفكري والثقافي والعقائدي والنفسي العام لهذا الشعب. اولا تيار الفكر الديني المتمثل في مبادئ الدين الاسلامي بجميع تفرعاته العقائدية والتاثير الاخر هو للفكر القومي التركي النابع عن هيمنة الفكر القومي بين الحين والاخر" تجدر الاشارة ها هنا بان الفكر القومي السياسي التركي المعروف بالطورانية لم تكن في اي فترة تاريخية الحاكمة كاغلبية مطلقة حتى في تركيا نفسها" على قوى سياسية في مجمل الدول الناطقة بالتركية. بالاظافة الى ذلك هنا عدد كبير من التركمان المستقلين واخرون يرون في الاحزاب السياسية العراقية الاخرى ملاذا لهم ومظلمة لطموحاتهم ولافكارهم المعتدلة. هنا علينا عدم اغفال النتائج الايجابية للتطور الحياة السياسي في اقليم كوردستان على تطور الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية لهذا الشعب. ان الاستقلالية النسبية لهذا الاقليم بعد حرب تحرير الكويت 1991 وتداعياتها الاحقة وتطور الحياة النيابية في الاقليم باعلان تاسيس البرلمان الكوردي بمشاركة تركمانية وكلدو اشورية . فقد كانت لسيادة الاجواء الديمقراطية النسبية والسياسة الديمقراطية التعددية المنفتحة الواعية التي نهجها الحزبين الكرديين الكبيرين واعني بهما الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في الاقليم سببا مباشرا لتاسيس العديد من الاحزاب السياسية التركمانية وتوحدهم فيما بعد تحت راية الجبهة التركمانية في حين كانت السلطة المركزية لا تزال تطبق الفكر الشمولي اللاغي لوجود الاخر في هيمنة تامة ووحيدة على مجمل الحياة السياسية العراقية ولم يكن هناك اي تواجد حزبي رسمي للتركمان اللهم ما كان سريا وخافيا.

اللوحة الفكرية السياسية التركمانية عشية الانتخابات النيابية العراقية:

هذه اللوحة الفكرية والسياسية للتركمان لا تزال الحاضرة على الساحة العراقية مع وجود تغيرات في التحالفات والتوافق والاتلاف بين مجموعات واخرى حين تتوحد المصالح ولكن بحرية تامة تحت سماء الديمقراطية وسواد الحياة السياسية التعددية والديمقراطية. الاحزاب الدينية التركمانية وجدت كذلك لها مكانا في كيانات وقوائم تغلب عليها الطابع الديني واتخذت احزاب اخرى قوائم وبرامج انتخابية مستقلة ك حزب توركمن إيلى (رياض جمال أمين) الذي يشارك في قائمة جبهة تركمان العراق مع خمس كيانات اخرى" (أ. رياض صارى كهيه)، الحزب الوطني التركماني (أ. جمال محمد الله ويردى)، الحركة الإسلامية التركمانية (د. سامي محمد دونمز)، حركة التركمان المستقلين (أ. كنعان شاكر عزير آغالى) وحزب العدالة التركماني (أ. أنور بيراقدار) " ويؤكد الحزب على اهمية مدينة كركوك حيث ورد النص التالي في برنامجه الانتخابي : اعتبار مدينة كركوك وحدة فدرالية قائمة بذاتها ( اقليم كركوك ) نظرا ً للخصوصية الديمغرافية التي تتمتع بها هذه المدينة. على أن تدار شؤون هذا الإقليم من قبل ادارة ثلاثية مشتركة، شرط أن يكون رئيس حكومة الإقليم من التركمان ونائبه من الكرد، ورئيس برلمانه من العرب.
بينما نرى كيانات سياسية وشخصيات تركمانية اخرى اخذت مكانها ضمن قائمة تحالف الكوردستاني والتي اكدت في برنامجها الانتخابي على : اقرار الحقوق القومية والسياسية والثقافية والدينية للتركمان والشعب الاشوري الكلداني السرياني والارمن والأيزيديين والشبك والكاكائيين والصابئة وكافة مكونات الشعب العراقي. كما دعت الى ترسيخ ونشر مبدأ وثقافة التسامح الديني والسياسي والتعايش الاخوي بين جميع مكونات واطياف الشعب العراقي واحترام التعددية السياسية والقومية والمذهبية والثقافية لجميع ابناء الشعب. ان القاء نظرة على جميع البرامج الانتخابية لمجمل الكيانات السياسية العراقية المشاركة في الانتخابات يؤكد ورود مبدا احترام حقوق الانسان والتعددية العرقية والثقافية لمكونات الشعب العراقي وهذا التاكيد ورد في نصوص العديد من البرامج الانتخابية ونقرء النص التالي في برنامج الائتلاف الوطني الموحد والذي يضم بالاظافة الى الاحزاب الشيعية العراقية الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق (عباس البياتي) ضمن قائمتهم: عراق يحترم حقوق الانسان، ولا أثر فيه للتمييز الطائفي والديني والقومي، يحفظ حقوق الاقليات الدينية والقومية ويحميها من الاضطهاد والتهميش.
كما تشارك في الائتلاف كذلك حركة الوفاء التركمانية (فرياد عمر عبد الله) والتي تدعو مع كيانات سياسية تركمانية اخرى الى إقرار الحقوق القومية للتركمان والإعتراف بهم كقومية أساسية مشكلة للمجتمع العراقي دستوريا. كما تشارك الحركة القومية التركمانية (حسام الدين علي ولي) في الانتخابات بشكل مستقل وهناك العديد من الكيانات التركمانية التي وافقت عليها المفوضية العليا المستقلة للانتخابت اذكر عدد منها: حزب الاخاء التركماني العراقي (وليد محمد صالح شركة)، حزب العدالة التركماني العراقي (انور حميد غني*)، الحركة الاسلامية لتركمان العراق (د. سامي عريان محمد)، حركة التركمان المستقلين (كنعان شاكر علي)و الحزب الوطني التركماني العراقي (جمال محمد علي الله ويردي) و بذلك يكون للتركمان وجود حقيقي وفاعل في انتخابات الجمعية الوطنية العراقية وكذلك ترى ان هناك وجود مماثل لهم في انتخابات المجلس الوطني الكوردستاني.

افكار مستقبلية:

تبقى الاحصائيات السكانية حول عدد سكان تركمان العراق مثار نقاش وجدل وسجال واختلاف ويتغبر حسب اتجاهات مدعيها ولكن المستقبل كفيل بانصاف هذا الشعب في احصائيات عامة مستقلة تعطي الرقم الحقيقي لعدد سكانهم. وانتشارهم وكما اشرت له سابقا تمتد على اراضي و بصورة متبعثرة في مدن وقصبات تداخل وتتجاور مع القرى الكوردية امتدادا من على الحدود العراقية الايرانية الشرقية عند مدينة "مندلي" وصولا الى مدينة " تلعفر" قرب الحدود المثلث العراقي التركي السوري في الشمال الغربي وهناك كذلك تواجد تركماني في مدن اخرى وفي العاصمة بغداد وفي المهجر. تكون الطائفة الشيعية القسم الاكبر منهم في مناطق التماس مع ايران بينما نرى السنة غالبا في مدينة كركوك ودبس والتون كوبري واربيل وموصل وتلعفر ولا توجد احصائيات موثوقة على نسبهم" هناك نقد موجه ومن قبل جميع الاطراف الى جميع الاحصائيات الرسمية للدولة العراقية لذا لم اتطرق الى تلك الاحصائيات".
ان مشاركة التركمان في الانتخابات النيابية العراقية وانتخاب المجلس الوطني الكوردستاني هو التعبير الوطني الوحيد لانتماء الوطني لهذا الجزء العزيز من ابناء الرافدين الى الهوية الوطنية العراقية وترسيخ لمبدا المشاركة والتعددية الديمقراطية في عراق الغد. ان التفاف التركمان على مبدا الخوض غمار معترك الحياة السياسية في العراق اغناء للحركة الديمقراطية العراقية. سيسهل ذلك كله في المستقبل في حل المعضلات والمشاكل بين ابناء الوطن عن طريق الحوار الديمقراطي الحضاري والمشاركة في القرار وتامين الوحدة الوطنية والوئام الوطني والسلم الاجتماعي في عراق المستقبل.

http://altonchi.blogspot.com/
* اسماء الشخصيات ترد مع اللقب التركماني في ادبيات السياسية التركمانية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف