كتَّاب إيلاف

وماذا عن الجنجاويد البعثي، والآخر الإعلامي؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هل ثمة من فارق يا ترى بين الجنجاويد والبعث، في الاسم والفعل؟.. تسائلت.. لأكتشف ان معنى الأولى؛ الرجل الذي يمتطي جوادا ويحمل سلاحا، والمعنى ذاته في (بعث) مجد الأمة الحربي، وركوب أعناقها حربا ورفعا طويلا لشعارات القومية العربية الزائفة التي يؤمن بجدواها نفر لازال ضالاً حيث استقطبتهم بعض حكومات الجوار العراقي بعد انهيار نظام صدام.
جعلني أضع تلك المقارنة قرار مجلس الأمن وتوصيات الأمم المتحدة في تسليم مجرمي الحرب في دارفور لمحكمة لاهاي الدولي، بعد تقرير فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة الذي حدد أسماء عدد من المسؤولين في الجيش والحكومة وزعماء ميليشيات وقبائل متهمين بارتكاب جرائم قتل وتعذيب واغتصاب.
ومختصر الحكاية ان الأمين العام للأمم المتحدة قال لمجلس الأمن الدولي (قبل أسابيع ) عن وجوب اتخاذ إجراءات لإنهاء الجرائم المروعة التي ترتكب في إقليم دارفور بغرب السودان. وحث السيد عنان المجلس على تبني قرار يفرض العقوبات على من يعيقون خطوات السلام هناك.
وها نتائج ما أوصى به الأمين العام قد آتت أُكلها.
فأين من هذا ما يجري في العراق من رعب جانجاويدي بعثي لمرتزقة كان ضمنهم- ويا لرعب المصادفة- مواطنين سودانيين وعرب أقل جريمة لشخص فيهم قتل وتعذيب واغتصاب، مرّوا بمعسكرات البعث في سوريا وتلقوا تدريبات هناك؟.
لم الكيل بمكيالين أمميين؟.
هل نحن بحاجة الى معجزات تعلّم القانون وتخبر الأمم المتحدة عن بشاعة ما حصل ويحصل عبر تمويل بعض الأسماء والمصادر المعروفة في دول الجوار العراقي وغيرها لعمليات القتل والتعذيب والاغتصاب الجارية في العراق؟.
هل نحن بحاجة الى معجزة تحيي الضمائر التي تتعامل مع هذا القانون.. وتنبههم الى دارفور عراقي هائل ما خاطـَرَ ضمير أحد منهم الى الآن؟.
هل نحن بحاجة الى معجزات لإنقاذ العراق؟.
أسألُ، وأقول شخصيا بضعفي عن الإتيان بقوة إعجازية في هذا الشأن. وأكرّر هذا ضاحكاً وانا أتخطـّّّر تلك الحكاية:
قيل إن "الرئيس ترومان" حينما كان نائباً للرئيس روزفلت وقف أمام قاضٍ لشهادة ما، وكان القاضي فظاً ضيق الصدر، فلما أفاض " ترومان" في سرد معلوماته تضايق منه وصاح فيه:
-مستر ترومان.. أجئت هنا لتعلمني القانون؟
فأجابه ترومان بكل هدوء :
- لا.. لأنني لا أستطع عمل المعجزات !!.
حقا.. هذا ليس بزمن معجزات مثلما هو ليس بزمن عدل للأمم المتحدة ومجلس أمنها..
وليس زمن كلّ حقيقة أيضا.. وإلا فكيف ستتعامل، وبأية لغة؛ ناطقة رسمية لدولة مجاورة، مع تفصيل قانوني عن تعويض ضحايا مجزرة ارتكبها مجرم، وشهدت على وقائع ثبوتها مصادر غير الصحف ووسائل الإعلام.. هذه الناطقة الرسمية قلبتِ الحقيقة رأسا على عقب في عدة كلمات وجمل. فهل نحتاج الى معجزة تبقي الحق في أحقيته، والباطل في افتضاحه؟.
مثلما نحتاج الى معجزة تغيّر وجهة نظر العرب عن ما يحدث في العراق. وفي هذا المقام أقترح على أهل الخير(أهل الخير وليسوا تجّّاره) أن تطبع مؤسسات خيرية أشرطة اعتراف بعض المتهمين العرب ممن ثبت عليهم بعض جرائمهم بسيد الأدلة الاعتراف.. لتوزّع هذه الأشرطة في محافل المسلمين كما يحصل مع أشرطة الداعية الإسلامي عمرو خالد.. مثل هذه الأشرطة ستظهر للعرب عمق المأساة والهوة الكبيرة بين عدد مرعب من المسلمين وربهم.
وهي أولى بكثير من رحلة الشيخ عمرو خالد قبل أيام ليستقبله الرئيس اليمني كضيف كبير.
سيفرح الملك الجمهوري اليمني ويغتبط ويصفق كثيرا لقوله: أيها الرئيس قال النبي: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
وسيأمر الرئيس بزيارة هذا الداعية الى سجن يقيم فيه بعض المغرر بهم لتلقي النصح والموعظة منه..
أين عمرو خالد ونصائحه وحكمه مما يجري في العراق؟.
هل شاهد على التلفاز ذلك الرجل المصري الذي قتل أربعة عشر بريئا عراقيا؟.
هل سمع بالمسلخ البشري الذي أقامه مجموعة من العرب في أحد فنادق العراق؟.
إلا تستحق منه تلك الجرائم ما ينطق به من غير هوى او جهة او انتماء؟.
وهي دعوة موصولة أيضا الى الأمين العام للأمم المتحدة ليكون ما اقترحه من قرار لمجلس الأمن وتوصيات الأمم المتحدة في تسليم مجرمي الحرب في دارفور لمحكمة لاهاي الدولية، منظورا وقيد التطبيق في العراق بعد ان ضاع دم العراقيين بين القبائل والقارات.
أتراه سمع ذلك المسؤول الأممي الكبير عن اعترافات سبعاوي المـُعاد من سوريا؟.
وهل كثير على الأمم المتحدة اقتراح تشكيل فريق للتحقيق في تجريم شخصيات داعمة للإرهاب في العراق تتحرك من دول مجاورة وبدعم مالي ولوجستي؟!.
وهل كثير على الحكومة العراقية إبداء القليل من المساعدة في هذا الجانب! بتقديم أسماء المطلوبين الهاربين خارج العراق لتفعيل مذكرات مطاردة بحقهم من أجل تقديمهم للعدالة بتهمة التحريض والدعم للمخطط البعثي؟.
اسأل بألم مرير عن سرّ تأخر الدولة العراقية بملاحقة أركان النظام السابق، حتى لكأن ناجي الحديثي وزير خارجية صدام والصحاف وزير إعلامه أبرياء؟.
لم نسمع ببراءتهم إلا من الإعلام العربي. تشابه البقر علينا، هل هم أبرياء حقا؟.
وسنحتاج الى الكثير ليميز العرب ودعاتهم بين الواقع العراقي وبين الخيالات الإرهابية التي يبثها ويسوقها أعداء هذا الشعب. واعتقد إن هذا الأمر لا يحتاج الى معجزة كالتي تجعل الإنسان يستطيع الإنصات الى داعية فضائي مشهور لمعرفة الفرق بين الجهاد وبين الجريمة، لأن المشكلة في الإنسان العربي أصلاً.. وقديما سمعتها من رجل شعبي حكيم قالها في مجلس عشائري: الفضيلة في النفس غرس، ولا تتوهموا أيها الأحفاد فحتى القطة تعرف الحق من الباطل، و إلا لما هربت وهي تسرق!!.. هل انتبهتم.. يقول الشيخ دائما لنا.. وأقول: إنما هو ألم إعلامي عربي كبير ومعضلة تاريخية في الصحافة والإعلام العربي.. يحتاج أكثر من حكمة هذا الشيخ، وأكثر من كارزما داعية إسلامي. هو ألم يحتاج الى معجزة تجعل قناة الجزيرة مثلاً ترى ما يحدث لقبيلة مرّة القطرية من ظلم وعدوان، بذات العين الحريصة على الشيشان!!. وتجعل الإعلامي الشهير فيصل القاسم يتحدث في برنامجه بمثل ما يكتبه، وان لا يعاكس ما يسطّّره في صحيفة الشرق القطرية عن ضرورة "أنسنة الأعلام العربي" و"البحث في صغائر أموره ومشاكله البسيطة وترك الشعارات والطوبويات". تجعله يفضح الجنجاويد البعثي وشراذمه، الزائلة عن قلب سوريا عما قريب بفعل حركة التاريخ ليس إلا. التاريخ الذي يثبت ان لا صحّة أو ثبات وبقاء إلا للصحيح. أما الزبد الجنجاويدي الإعلامي والدعوي فسيذهب الى حيث ذهب سابقه في الإعلام العربي من أساطينه ودعاته.
انه إعلام قد خلا من قبله الإعلام. وان كان ذا نفوذ، فهو لا محالة منبوذ.
وسنبصر وتبصرون بأييكم المفتون.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف