ترفيه

امبراطورة مخدرات تجر رؤوساً كبيرة بالمغرب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الدار البيضاء: ستمثل يوم الثامن من الشهر المقبل امبراطورة المخدرات في المغرب فتيحة الجبلية في ملف استأثر باهتمام الرأي العام في المغرب، بعد أن طفت على السطح خلال الأسبوع الماضي هذه القضية التي تورط فيها مسؤولون أمنيون وقضاة . قصة ظلت تتنافس بين توفير الغطاء الأمني، و أخرى تسعى لكشف هذا الغطاء الذي لم تعترف المتهمة بعد أمام قاضي التحقيق المكلف بالمحركين الأساسيين له، وسط تكهن بأن رؤوسا أمنية نافذة نقف خلفه.

المتهمة فتيحة الجبلية و اسمها الحقيقي فتيحة حمود تعد بحسب المحاضر الأمنية التي حررتها الشرطة أحد أبرز المزودين لتجار المخدرات في العديد من المدن المغربية، تمكنت من نسج علاقات جيدة مع مسؤولين أمنيين وفروا لها الغطاء حتى تتمكن من مزاولة نشاطها بكل حرية.
لكن الخلفية الحقيقة للقضية ما تزال غير واضحة المعالم، حتى و إن ألقت الشرطة القبض عليها، ومن خلال التحليل للملف يمكن أن نتعرف بعض الجوانب المحيطة بالموضوع، و كذا الأطراف التي تمثل القضية بشكل واضح. ألقي القبض على فتيحة الجبلية في أحد الفيلات في مدينة الدار البيضاء قبل طلوع الفجر بقليل من طرف قوة التدخل التابعة لأمن الدار البيضاء، وكذا الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، و هو المخبأ الذي كانت تتوارى فيه عن أنظار الشرطة منذ صدور 200 مذكرة بحث ضدها على الصعيد الوطني، و ظلت تتطلع على المجريات من هناك.

ولا يمكن الحديث عن هذه القضية من دون أن نشير إلى الاسم الذي ظل يطارد الجبلية في أكثر من مكان، و هو عبد الحق عفيف رئيس الدائرة السابعة للشرطة بسلا، فمنذ مدة وهو يلاحقها بعدما اكشف أمرها إلا أنها بقيت مصدر أرق له، و فوتت عليه أكثر الفرص. كان هذا الأخير سيلقي عليها القبض خلال السنة الماضية يوم توفي والدها، و بالضبط يوم تشييع جنازته في مدينة تمارة في أحد الفيلات التي تعود ملكيتها لوالدها، لكن المتهمة لم تأت لأنها توصلت من مصادر لها في الشرطة بما يعتزم المسؤول الأمني تنفيذه.

الأطراف التي تورطت في القضية
فتيحة الجبلية أو فتيحة حمود من مواليد مدينة الرباط سنة 1965، زوجها غادر السجن يوم ألقي عليها القبض في الدار البيضاء، و كشفت في معرض التحقيق معها من طرف الشرطة المختصة أنها كانت محمية من طرف مسؤولين في الأجهزة الأمنية برتب محترمة و ذات نفوذ لم تكشف عن أسماء البعض منهم، إلا ، ذلك لم يمنعها من تؤشر على عبد الحق عفيف كأول متعاون معها والذي يوفر لها الغطاء الضروري. و حدث أن استمعت الشرطة للأخير بغرض التحقق من المعلومات التي أدلت بها الجبلية بعد اعتقالها، من دون أن توجه له تهمة بعد. الملقب بالضب أحد أبرز مساعديها في تزويد المروجين بالمخدرات في بعض المدن. الملقب ب الكليول وجدت الشرطة عند إلقاء القبض عليه أصفادا تبين أنها ليست للشرطة المغربية و أنها مهربة، و أكد أنه أحد مرشدي الشرطة و يشتغل عند (ع-ع) العميد في الشرطة بمدينة سلا في حي الرحمة.

(ع س) ضبط بحوزته 2 كيلوغرام من مخدر الشيرا في سجن سلا، و لم يكشف عن الطريقة التي أدخلت بها هذه الكمية من المخدرات على السجن،ثبت أن له علاقة بالجبلية، و محكوم عليه بعشر سنوات سجنا. (ع-ب) ضابط شرطة كان اعتقل بتهمة الارتشاء و استغلال النفوذ و التعامل مع مروجي المخدرات، تبين أن له علاقة بالجبلية، و أودع المركب السجني بسلا. المسار الذي اتخذته الجبلية قبل الوقوع في يد الشرطة أحيل على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية الشهر الماضي ملف مشتبه في أنها متزعمة أكبر شبكة لتزويد المخدرات بالمغرب، لأجل البحث و الاستخبار لجمع المعلومات الكافية لتحديد موقعها.

وبناء على تقارير سواء المنجزة من طرف السلطات المحلية و المرسلة إلى وزارة الداخلية، أو تلك المعدة أمنيا من طرف الدرك الملكي في ضواحي سلا، و على وجه التحديد وادي الذهب، فقد تبين أن المتهمة كانت على علاقة بأربعة مسؤولين أمنيين سابقين كانوا يوفرون لها الغطاء الأمني و يتعاونون معها بشكل جعلها بعيدة عن أنظار الشرطة من خلال التعتيم على اسمها الذي ظل يعرف بالجبلية فقط. و بحسب مصادر جيدة الاطلاع فإن المتهمة كانت على علاقة ببعض المقيمين في الحي قدر عددهم بخمسين متعاونا معها، و كانوا على اتصال دائم معها، و يعملون كناقلين للمخدرات أو مساعدين على توزيعها في نقط بيع تحددها المشتبه بها.

و استنادا إلى المصادر نفسها فإن المشتبه بها تولت زعامة الشبكة بعد اعتقال زوجها سنة 1999 على إثر تمكن الشرطة من الحصول على اعتراف ثلاثة من المعتقلين على ذمة قضية مخدرات، و أنه زودهم بمخدر الشيرا. و تمت محاكمة زوج الجبلية سنة 2000 ، و صدر بحقه السجن لمدة أربع سنوات سجنا نافذان، و غرامة مالية لصالح إدارة الجمارك.
لم تستطع المصالح الأمنية من تفكيك الشبكة التي نسجها الزوج بإتقان، و التي ظلت تنشط في محور ما بين الهرهورة، ووادي الذهب، و القنيطرة، و المهدية، و تزود أزيد من 100 مروج بمخدر الشيرا. لكن المسار الذي اختطته الجبلية عرف تحولا مهما، حيث التقت سنة 2000 بمزودين قدموا لها الدعم اللوجستي، ووفروا لها الغطاء الذي من خلاله يمكنها أن تباشر العمليات المقبلة من غير خوف من الملاحقات الأمنية.
آثرت الجبلية الاستعانة بأبناء الحي الذين يمكنها التواصل معهم بشكل جيد، و من دون خوف من انقلاب أحدهم في يوم ما أو كشف سر من أسرار الشبكة، و اعتمدت خاصة على الذين لم يسبق لهم أن توبعوا في قضايا أمنية، و ليس لهم سوابق في مجال الإجرام و الاتجار في المخدرات.
كانت الحلقة الأولى من الموضوع التي تقود إلى اعتقال الجبلية وقعت في يد الشرطة بعد اعتقال أحد مساعديها، على بعد سنة من دخول الجبلية في اللعبة التي دفعت إلى خوضها دفعا من طرف مسؤولين أمنيين ذوي نفوذ، ألحوا على أن تملأ المكان الذي خلفه زوجها إثر اعتقاله من طرف الشرطة، نظرا لتوقف المصالح التي كانوا يجنونها من وراء العمل مع زوجها.
اعترف هذا المساعد الأول الذي اعتقل بعد سنة من العمل لدى التحقيق معه من طرف الضابطة القضائية للدرك، أنه أحد المعاونين البارزين للجبلية، لكن المحققين لم يكن اسم الجبلية واردا عندهم، و لم تكن لهم عن هذا الاسم أية معلومات مسبقة.
وأجاب المعتقل عندما سئل عمن تكون الجبلية فقال بأنها ترتبط بتزويد المروجين في العديد من المدن المغربية بالمخدرات، و أنها كالسراب تنتقل من مكان لآخر، و يشتغل معها العديد من أبناء الحي لعدم وجود مورد مادي يغطي احتياجاتهم اليومية.
وقادت اعترافات الأول و هي معلومات استفاد منها الدرك إلى انتقال فرقة التدخل التابعة للضابطة القضائية للدرك و الوجهة هي اعتقال ثلاثة مشتبه بهم بعد مداهمة أحد المنزل في وادي الذهب.
بعد التحقيق المطول مع الثلاثة المعتقلين تبين للمصالح الأمنية أن هناك العديد من علامات الاستفهام التي تحيط بالموضوع، حول من تكون هذه الجبلية التي تتزعم شبكة بمثل هذا الإتقان و التخفي عن أعين الأمن.
لم تتوانى الأجهزة الأمنية المختصة في إصدار مذكرات بحث على الصعيد الوطني للجبلية و المتعاونين معها في القنيطرة و الدار البيضاء.
كانت أولى المحاولات التي بادرت إليها الشرطة المختصة قد باءت بالفشل بعد أن انتقلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى مدينة المهدية، و مداهمة فيلا تملكها المشتبه بها هناك.
لكن وبعد مرور شهر على عملية المداهمة التي قامت بها الفرقة الوطنية، اعتقلت الضابطة القضائية للشرطة في مدينة سلا شقيق الجبليةرشيد حمود، إثر عمليات تحر واسعة من طرف الشرطة، و كشف خلال جلسات التحقيق التي باشرتها معه الشرطة أن الجبلية أخته تتزعم أكبر شبكة لتزويد المروجين للمخدرات في عدد من المدن المغربية.
و أحيل شقيق المشتبه بها على المحكمة الابتدائية بسلا، و بالضبط على الغرفة الجنحية التي قضت في حقه بالسجن و الغرامة المالية، و أودع سجن سلا.
لم يتوقف نشاط الجبلية بعد اعتقال شقيقها، إذ لم يؤثر الحادث في معنوياتها، بل على العكس ازداد حرصها الأمني، لكن عملية أخيرة قبل عام تقريبا أوشك فيها الأمن على اعتقال الجبلية، لكن تدخلا طرأ على تحركاتها بعثر أوراق الشرطة، و جعل القبض عليها أمرا مستبعدا في ذاك الوقت.
عملية أخرى توقع بأحد المقربين من الجبلية يدعى الروبيو، حيث قبض عليه بعد مداهمة منزل في ضواحي سلا، و جاءت تغطية للفشل الذي تكبدته المصالح الأمنية بعد مداهمات مدينة تمارة من العام الماضي.
لم يدل المعتقل الأخير بأي معلومات إضافية، و أحيل على المحكمة الابتدائية بسلا للنظر في قضيته، لكن استطاعت الشرطة الحصول على معلومات إضافية من جهة أخرى تدعم الملف الذي فتح للجبلية، و هي معلومات في نظر الشرطة ثمينة للغاية لأنها تقرب من اعتقال الشرطة للمشتبه بها، و تحدد المساعدين البارزين لها في نشاطها.
استمرت الأشواط بين الملاحقات و التحريات المستفيضة من طرف المصالح الأمنية بمختلف أنواعها، لكن اعتماد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توجهت إلى التنصت على المكالمات الهاتفية لمساعدين لها نظر إليهم على أنهم المفتاح الذي سيقود الشرطة إلى إلقاء القبض على الجبلية، و إنهاء المسلسل الذي أرق المصالح الأمنية لشهور طويلة.
حددت الشرطة فيلا بعين الذئاب كمكان محتمل تختبئ فيه الجبلية، فقامت على الفور بمداهمة الفيلا، و اعتقال المشتبه بها، و اقتيادها إلى سجن سلا للبحث معها بشكل مطول، و معرفة الرؤوس التي كانت تظلها لسنوات أربع من مزاولتها لنشاطها في بعد عن الشرطة و المصالح الأمنية.
ووجهت للجبلية بحث التحقيق معها من طرف الشرطة تهم تكوين عصابة إجرامية و ترويج المخدرات الصلبة و التستر عن مجرم.
و ما تزال صلب القضية قائما في المدى الذي استطاعت الجبلية أن تصل إليه من خلال الشبكة التي تديرها، و التي تحيط بها العديد من علامات الاستفهام حول العناصر جميعها التي يمكن أن تكون متورطة في القضية، و مدى التزامها بالنهج الذي سار عليه زوجها قبل اعتقاله من طرف الشرطة، و الأطراف التي ظلت تتعاون معه في التنسيق، و تسهيل العمليات التي يقوم بها عناصر الشبكة، أو بالأحرى المساعدين للجبلية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف