البروستاتا والجنس

كم من الجرائم ترتكب بإسمك أيتها البروستاتا!!
تدليك البروستاتا بيزنس

هى فى الأصل غدة، ولكنها أصبحت الآن عند الطبيب المصرى والعربى "سبوبة " وأكل عيش، وهى ليست مجرد عضو فى جسم الإنسان، ولكنها صارت رقماً فى حسابات البنوك، ومصدراً مضموناً لجلب البنكنوت، فما أن يشكو مريض من العجز الجنسى حتى يسارع الطبيب المختص بإتهام البروستاتا وهز الرأس بأسى وحسرة، ثم التفوه بلهجة مسرحية تشبه لهجة جورج ابيض أو يوسف وهبى "لاحل إلا بتدليك البروستاتا"،وبالطبع يصاب المريض بالرعب وينتابه الفزع،فهذه الكلمة التى تحمل إسم تلك الغدة قد إكتسبت سمعة سيئة على مر السنين بأنها مصدر الآثام والشرور، ويحاول المريض التملص من عملية التدليك فهى إجراء سخيف ومحرج بالنسبة له خاصة وإذا كان لالزوم له،ولكن الطبيب الذى يسيل لعابه على ثمن جلسات التدليك يأبى بكل شمم إلا أن يجرى التدليك فى إثنتى عشرة جلسة يسجد فيها المريض، ويرتدى هو القفاز، ثم يرفع السبابة عالياً وكأنه يقسم بأغلظ الأيمان أنه لن يفلت منه هذا المريض الذى يتناصح ويتخابث.
والمدهش أن الطبيب ليس هو الوحيد الذى يبيع أسطورة البروستاتا ولكن الغريب أن المريض هو الآخر يشارك فى الترويج لهذه الأسطورة فكثيراً مايدخل المريض على الطبيب قائلاً "أنا عندى ضعف جنسى وأشك فى أنها البروستاتا "،ولذلك فنحن نعتبر أن البروستاتا تراث تتناقله الأفواه التى نقلتها إلى مرتبة البديهيات التى لانقاش فيها، والكل سواء فى هذا الرعب الناتج عن سماع هذا اللفظ، وجميع الطبقات تتساوى فى كم الحرج الذى ينتابها عند ذكر هذا العضو، وبرغم أن بروستاتة الرئيس الفرنسى الراحل ميتران كانت موضع حديث وتحليل جميع الجرائد والمجلات الفرنسية التى تابعت حالته بالتفصيل، نجد هنا عندنا فى المشرق العربى ملكاً عربياً راحلاً أخفى أخبارها عن الصحف وحاول بشتى السبل أن تتوه كلمة بروستاتا وعمليته التى أجراها فيها حتى لا يتخيل شعبه أن الفحولة قد ضاعت ويبدأ فى التمرد عليه لأنه حاكم بدون بروستاتا ولكن القصة إنكشفت بعد عودته من أمريكا قبل وفاته بقليل!!
[لكن السؤال الذى لابد من طرحه هل فعلاً توجد علاقة بين تدليك البروستاتا والعجز الجنسى؟،والإجابة بشكل قاطع وصريح وواضح لا،فمايحدث من تدليك للبروستاتا بغرض علاج العجز الجنسى هو نصب فى نصب ومن قبيل اللعب بالثلاث ورقات وخيانة للأمانة الطبية التى من المفروض أن يتحلى بها كل طبيب، ولكى نفهم لماذا أجبنا بهذه الإجابة سنسوق بعض الأدلة لفضح هذه الممارسة ولتكذيب هذا الدجل .
أولاً سنتعرف سريعاً على تركيب الجهاز التناسلى للرجل وموقع البروستاتا فيه بالضبط،والجهاز التناسلى للرجل ببساطة هو أعضاء خارجية وأعضاء داخلية، والأعضاء الخارجية هى القضيب والخصيتين، أما الأعضاء الداخلية فهى أولاً الوعاء الناقل أو الحبل المنوى والذى ينتهى عند الحويصلات المنوية التىتحفظ السائل المنوى وتفرز سائلاً هاماً يقوم بتغذية الحيوانات المنوية أثناء رحلتها لتخصيب البويضة..
نأتى الآن إلى البروستاتا وهى بيت القصيد وأشهر أعضاء هذه الأسرة التناسلية وأكثرها جلباً للصداع، وهى مكونة من جزء يعمل كغدة والجزء الآخر عبارة عن ألياف عضلية ومكانها بعد عنق المثانة، ويمكن أن تحس من الشرج لأنها ترقد أمامه، وتوصل البروستاتا إفرازاتها إلى الجزء الخلفى من قناة مجرى البول، وهى إفرازات قلوية لحفظ الحيوانات المنوية، أى أن الخلل فى هذه الإفرازات يجعل هذه الحيوانات المنوية غير قادرة على الحركة و من ثم العوم نحو البويضة، وبالتالى يحدث العقم وليس ضعف الإنتصاب، إذن لاعلاقة للبروستاتا بالعجز الجنسى والذى سنؤكده أكثر حين نشرح ماهى عملية الإنتصاب؟
[الإنتصاب عملية فسيولوجية معقدة بعض الشئ ولكنها من الممكن ببساطة أن نصفها بأنها عملية هيدروليكية يندفع فيها الدم خلال النسيج الأسفنجى للقضيب والشرايين المتمددة فيه، وعلى العكس تضيق الأوردة أمام الدم المندفع فيحدث الإنتفاخ والإنتصاب، وكل هذا يتم من خلال إشارات عصبية وخاصة من الجهاز الباراسمبثاوى،إذن العملية بإختصار هى أعصاب تتحكم فى حركة هارمونية مابين شرايين تتمدد وأوردة تضيق ودم محبوس فى المنتصف يسبب الإنتصاب، والسؤال هنا ماهو موقع تدليك البروستاتا فى هذه السيمفونية؟،إنها النغمة النشاز فى هذه السيمفونية وقد وضعها بعض الأطباء من تجار الشنطة فى اللحن الرئيسى لكى يتكسبوا منها الملايين فكل من يريد تغيير السيراميك أو شراء الموبايل أبو كاميرا أو تجديد شاليه مارينا ماعليه إلا إيهام مريضه وتدليكه، وقد حاولنا ألا نظلم هؤلاء الأطباء وبحثنا فى جميع المراجع العلمية المحترمة فوجدنا أنه لاعلاقة البته.
فمثلاً لم يذكر كتاب Urologic Clinics Of North America أية علاقة مابين البروستاتا والعجز الجنسى إلا فى حالة واحدة وهى بعد العلاج الإشعاعى لسرطان البروستاتا وهذا المرجع يقع فى 220 صفحة، أما كتاب تشخيص وعلاج العجز الجنسى للعلماء كيربى وكارسون ووبستروالذى يقع فى 260 صفحة فلم يذكر فحص البروستاتا إلا فى مجال قياس حجم البروستاتا حتى نتجنب إعطاء هورمونات الذكورة الممنوعة تماماً فى حالة سرطان البروستاتا فهنا الفحص مهم ليس لعلاج العجز الجنسى ولكن لتجنب التسرع فى إعطاء ما يضاعف السرطان، وكذلك أنكرت أهم المراجع الطبية فى علم الأمراض الجنسية لكولدونى وماسترز وجونسون أية علاقة بين إلتهاب البروستاتا والعجز الجنسى وذلك فى الستمائة وعشرين صفحة التى تناقش كل مايتعلق بالأمراض الجنسية،وكذلك مرجع جون بانكروفت لم يذكرها على الإطلاق.
نخلص من كل ماسبق إلى نتيجة واحدة وهى أن تدليك البروستاتا ليست علماً ولكنها تقليب عيش وتهليب فلوس،ويزداد حجم جريمة التدليك عندما نعرف أن هذه الغدة التى فى حجم ثمرة الكستناء أو أبو فروة تتحول إلى شماعة يعلق عليها المريض كل مخاوفه وإحباطاته وتوجه نظره بعيداً عن الأسباب الحقيقية التى تعوقه عن الممارسة الجنسية، ويظل ذلك المريض يلف ويدور طارقاً أبواب الأطباء منهم من يرفض ولكن منهم أيضاًمن يقبل وهى نسبة للأسف كبيرة، وتتاكد المعلومة رويداً رويداً وتنقش كالوشم على فصوص مخه فلا تتزحزح وتمتلئ العيادات براغبى التدليك لمجرد التدليك فالذى نصح بها سمسار يرتدى البالطو البيض وكلامه مصدق.
ونذهب إلى أبعد من ذلك فعملية إزالة البروستاتا نفسها لاتؤدى إلى عجز جنسى إلا لأسباب نفسية أو مضاعفات جراحية أما مادون ذلك فالمريض الذى أزيلت له البروستاتا يعيش حياته الجنسية بصورة طبيعية،وأخيراً لابد أن نعامل هذا المريض كبنى آدم وليس كزبون ..نستقبله كإنسان وليس كحنفية بنكنوت، كمريض وليس كفيزا كارد،.ونرحمه من مرض الوهم الذى إسمه البروستاتا،ويكفي المريض المصرى الحكومة التى أورثته العجز فى كل شئ حتى الجنس،فلاتصبحوا أنتم والزمن والحكومة والبروستاتا عليه ..هو مش ناقص !!.