عازف عراقي في المنفى يمد الجسور بالموسيقى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عازف عود عراقي في المنفى يمد الجسور بالموسيقى
قبل 14 عاما وقف الحاج على الحدود العراقية الاردنية لوقت بدا وكأنه لا ينتهي قبل أن يدرك أنه ذهب في طريق اللاعودة. فقد سجن وعُذب مرتين في عهد صدام حسين بسبب أنشطته السياسية وباعت أمه كل شيء تقريبا لتجمع له 20 ألف دولار للحصول على جواز سفر مزور وعبور الحدود الى الاردن.
ومازالت عيناه تدمعان وهو يتذكر تلك اللحظة المصيرية في عام 1991 بعد شهر واحد من الحرب الامريكية الاولى في العراق. لم يسمح له بأخذ عوده الى خارج البلاد ولم يكن يريد الكشف عن هويته الحقيقية كموسيقي بمحاولة أخذ الآلة معه.
وأبلغ الحاج وهو موسيقى وشاعر درس في معهد الموسيقى (الكونسرفاتوار) في بغداد رويترز أثناء زيارة لواشنطن "كانت هذه أسوأ لحظة في حياتي."
وكانت كذلك بداية رحلة اسفاره في المنفى على مدى تسع سنوات والتي أخذته الى الاردن وسوريا الى أن انتهى به المطاف في البوكيرك بولاية نيو مكسيكو الامريكية. وقام في الفترة الاخيرة بجولة في كاليفورنيا.
وقال الحاج (37 عاما) انه شهد في كل حفل أقامه قوة موسيقاه وأثرها على المستمعين الامريكيين الذين كان العديد منهم يستمعون للموسيقى العربية وللعود بالتحديد لاول مرة.
وقال مشيرا الى أن طبيبا من نيو مكسيكو طلب منه في الفترة الاخيرة وضع الموسيقى الخاصة بفيلم تسجيلي عن اشخاص يعالجون من أثر الصدمة "أتلقى مئات الرسائل بالبريد الالكتروني بعد الحفل الموسيقي. الناس يأتون الى باكين."
وكتب في موقعه على الانترنت www.rahimalhaj.com عن اسطوانته المدمجة (الموسيقى العراقية في وقت الحرب) التي سجلت من حفل في نيويورك في ابريل نيسان عام 2003 بعد شهر واحد من الغزو الامريكي للعراق يقول "الموسيقى تقرب بين أرواح الناس وعندما يحدث ذلك يسود السلام والحب والتعاطف بين البشر."
وسجل ستيف فيلد المختص بالموسيقى التي تعبر عن الاعراق الحفل كتذكار للحاج لكنه بعد ذلك اصدر علامته التجارية فوكسلوكس لتسويقه بعد أن رفض ناشرون موسيقيون اخرون القيام بذلك.
وقال فيلد "الموسيقى تتحدث بمشاعر جياشة وبشكل شخصي للغاية وبقوة عن معنى أن تكون عراقيا في المنفى."
وقبل خمس سنوات فقط عندما وصل الحاج الى جنوب غرب الولايات المتحدة كلاجيء سياسي كان معدما ولكن مضيفيه اجروا ترتيبات ليحصل على عمل في مطعم من سلسلة مطاعم ماكدونالدز لكسب بعض المال.
وشرح لهم الحاج الذي لم يكن يعرف الانجليزية انه كان في بلاده موسيقيا مشهورا لا يعزف عادة في المطاعم لكنهم هزوا رؤوسهم باستخفاف.
وبدلا من ذلك حصل على عمل كحارس أمن ليلي فتمكن من ممارسة العزف على العود الذي يعرف بانه أبو الالات الوترية كلها وتعلم الانجليزية بدراسة ترجمة لكتابه المفضل للفيلسوف الالماني نيتشه.
وفي ذلك الوقت كان الموسيقي المحبط يتوق للعودة للعالم العربي وكان يائسا من ان يتمكن من استئناف مستقبله الموسيقي في الولايات المتحدة.
لكن أحواله تبدو أفضل كثيرا الان.
فقد صدرت له اسطوانتان مدمجتان للعزف المنفرد كما شارك مع اخرين في عدد اخر من الاسطوانات واقام حفلات في عشرات المدن الامريكية ويبحث معهد سميثونيان تسجيل عزفه للمقامات العراقية تحت علامته التجارية فولكوايز.
وتشمل بعض مؤلفاته الموسيقية حوارات بين العود والآلات الغربية ويعتزم اصدار اسطوانة جديدة في وقت لاحق هذا العام يدمج فيها عزف العود مع رباعي وتريات كما سيصدر اسطوانة ثالثه لاعماله للعزف المنفرد بعنوان (بغداد نيو مكسيكو).
وقال الحاج الذي يعمل كذلك على اصدار اسطوانة مشتركة مع الموسيقي الهندي البارز أمجد علي خان "ليس هذا اتجاها جديدا انه رسالتي."
وفي الوقت نفسه يبقي الحاج تركيزه منصبا على الحفاظ على التراث الموسيقي العراقي الذي يخشى ان يكون مهددا بالفناء بعد اكثر من عشرين عاما من الحروب والدمار.
ويشعر الحاج بحزن عميق بسبب الدمار الذي ألحقته سنوات الصراع الطويلة ببلاده وفي فبراير شباط عام 2004 عاد الى هناك لاول مرة منذ 13 عاما ليوزع نحو 15 الف دولار جمعها من سلسلة حفلات لمساعدة ابناء وطنه.
وفي الذكرى الثانية للغزو الامريكي للعراق يرى الحاج بارقة أمل في نتائج الانتخابات التي جرت في العراق في الفترة الاخيرة.
وقال "بعد سنوات من الحروب والدكتاتورية يتوق شعب العراق للامان والاستقرار ولمستقبل يسوده السلام." ووصف الانتخابات بانها "خطوة مهمة للغاية ليشكل الشعب العراقي حكومة ينتخبها تقود الى الديمقراطية والحرية وليستعيد حقوقه."