جريدة الجرائد

مصر.. نجوم لهم عضلات مفتولة والمتخصصون يحذرون من التقليد الأعمى

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القاهرة من مروة مجدي: حمى جماعية انتابت شباب مصر، فالكل راغب في الوصول الى الشكل الرياضي المكتمل العضلات. ويكفي أن نقارن بين صورة عمرو دياب في ألبومه الأخير وصورة عبدالحليم حافظ في أية أغنية له لنعرف مدى التغير في مقاييس المطرب الرومانسي، فدياب يبدو كأنه مصارع روماني على أهبة الدخول إلى حلبة مصارعة، كل هذا يؤكد ان مفاهيم الوسامة قد تغيرت بصورة كبيرة.
الدكتور شريف عبدالمنعم متخصص العلاج الطبيعي ومدرب اللياقة البدنية، أرجع أسباب انتشار هذه الظاهرة الى الاعلام والفضائيات وبخاصة الاعلانات وأغاني الفيديو كليب، وأشار الى انه يرصد اهتماما ملحوظا من أبناء الطبقة الراقية، والاثرياء بحكم عمله في أحد الأندية الرياضية «العائمة» بالقاهرة: «هم يأتون للنادي لبناء عضلاتهم من أجل الشكل والمنظر العام للجسم فقط، ولا يكون هدفهم استخدام عضلاتهم اي استخدام له علاقة بالقوة أو بالمجهود الجسدي، بل هم في الحقيقة لا يبذلون مجهودا في حياتهم اليومية، ما يرغبون فيه ان يكون جسدهم متناسقا ضخما».
وتابع «اللافت أن الشباب تحت سن الـ 35 يهتمون ببناء العضلات في وقت سريع متصورين، اننا كمدربين نعرف طرقا خفية، لكننا نبخل عليهم بها، أغلبهم لا يهتم بالطريقة التي تبني بها عضلاتهم سواء أكانت ضارة أم لا المهم هو إثارة الانتباه».
أما المدرب مدحت الجمال، مدرب بأحد مراكز الجيم بالهرم، فينبه الى ان رياضة كمال الاجسام أو جمال الاجسام ـ كما يفضل ان يطلق عليها ـ تندرج تحت مفهوم اللياقة البدنية التي تتضمن مفاهيم: المرونة، القوة، الصبر والتحمل، انتظام ضربات القلب، وغيرها من المفاهيم الصحية، لكن مفاهيم: ضخامة العضلات بالنسبة للشباب، ونحافة الجسم بالنسبة للفتيات فهي مفاهيم «نفسية» وليست رياضية، لأنها تأخذ، لدى البعض، طابعا استعراضيا محضا. وشدد على ان اهم مقياس في هذه الرياضة هو مقياس «التناسق» ولذلك يفضل تعبير «جمال» الاجسام، فالشخص القصير، مثلا، لا يناسبه ان تكون عضلاته ضخمة لانه سيفقد تناسقه وتوازنه، وقد يبدو شكله كاريكاتوريا. وتجدر الإشارة إلى أن الالتحاق بمراكز الرياضة لم يعد يقتصر على ابناء الطبقة الراقية فحسب، إذ امتد الى صالات الاحياء الشعبية أيضا.
يقول الكابتن حسين علي، وهو واحد من اقدم المدربين في حي شبرا الشعبي، ان الظاهرة منتشرة بين مختلف الطبقات فلا فرق بين الزمالك وبولاق أبوالعلا، الفرق هو الغاية منها، ففي الاحياء الشعبية يكون الهدف هو السعي للاحتراف والشهرة، بينما في الاحياء الراقية يكون للاستعراض والتباهي.
واعتبر الكابتن حسين توجه هؤلاء الشباب ظاهرة «مرضية» نابعة من تأثير وسائل الاعلام. ولاحظ ان هناك نقصا في المعلومات المتوفرة سواء لدى من يمارسونها، أو من الناحية الطبية والتدريبية، إذ لا يوجد مصدر يمكن الوثوق به والاعتماد عليه، فالاطباء دائما يلجأون الى المنع والتحذير سواء في ممارستها أو حول تأثيراتها، والمدرب يفتقر الى اساسيات كثيرة، وكثيرا ما يعطي معلومات خاطئة، إضافة إلى عدم توفر تغذية رياضية مناسبة أو دكتور متخصص يشرف على أولئك «الرياضيين». وشدد على ضرورة ان يكون هناك نظام رياضي وغذائي وبرنامج يومي متكامل فلابد ان يبدأ اللاعب بفترة تأسيسه، وان يتم عمل تمرينات بدنية لاطول فترة ممكنة، وأن تقسم الوجبات الغذائية إلى 6 وجبات خفيفة، عوض عن 3 وجبات ثقيلة، أي أن تقسم الوجبة الواحدة إلى اثنتين.
وفي حين ان الكابتن حسين اعتبر ان «الهوس» والتسرع في بناء العضلات ظاهرة مرضية تنم عن جهل ونقص في المعلومات، اعتبر الكابتن هاني سلامة ـ مدرب في احد النوادي الرياضية بالجيزة ـ انها ظاهرة صحية تبعد الشباب عن المخدرات وغيرها من وسائل الترفيه المؤذية، وقال: هي لعبة تناسق وجمال، ويمكن اعتبارها «أم اللعبات» فيلجأ اليها لاعبو كرة اليد والسلة لتقوية عضلات الجسم، ويمارسها الشباب والرجال بغض النظر عن أعمارهم، لكنه حذر من تناول الفيتامينات أو الادوية التي تعد بفتل عضلاتهم، مؤكدا انها سلاح ذو حدين، صحيح أنها ليست كالمخدرات، لكن لابد ان تكون تحت اشراف طبي، وأشار الى ان منعها يجعل بعض الشباب يتعاطونها من دون استشارة وبكميات غير مدروسة، مما يضرهم صحيا.
واحدث انواع المنشطات الرائجة الان في مصر «الهرمونات الحيوانية» Animal groth hormones حيث يتخذ الهرمون من الثيران أو الحصان، ويتخذها الإنسان عن طريق حقن، ولها تأثير جانبي ضار على وظائف الكبد والكلى وعلى خصوبة الرجال، ولذلك يجب ان تكون هناك متابعة مستمرة مع الاطباء «تخصص غدد درقية»، تحاليل، اشعة، ويجب عمل تدريبات يومية حتى يتم خروج هذه الاشياء بشكل جيد.

*.. وهوس المظهر الخارجي يصل إلى الفتيات والأطفال
إذا كان إقبال الرجل على العضلات المفتولة قد زاد عن حده، فما بالك بإقبال الفتيات عليه؟ تقول سامية علوبة متخصصة اللياقة والايروبكس وعضو بالهيئة العالمية للتمارين الراقصة بلوس أنجليس IDEA تؤكد ان مقياس الجمال الان للفتيات ان يكون الجسم مائلا للرفع وبه تحديد للعضلات، فبعدما كانت الفتيات لا تحب العضلات، اصبحت الآن تسعى اليها.
وتفسر علوبة هذه الظاهرة بأن المقاييس تتغير على حسب نمط الحياة والموضة والمعلومات الطبية، فمثلا ما ان تظهر مادونا وبريتني سبيرز بجسم مشدود وذراعين بعضلات، حتى تتحول الظاهرة إلى موضة بالنسبة للفتيات الصغيرات. وتضيف علوبة ان العضلات مهمة بالنسبة للفتيات، كونها تحمي من «هشاشة العظام»، فقد تبين أن التمارين الرياضية الخاصة بتقوية العضلات تزيد من كثافة العظام وتزيد من مقاومته لهشاشة العظام، على شرط الاعتدال والتغذية السليمة.
أما استشاري الجمعية العالمية للصحة النفسية، الدكتور فكري عبد العزي، فله رأي آخر، إذ يرد هذه الظاهرة إلى عدم النضج الانفعالي، وقلة الوعي الصحي والنفسي والاجتماعي «يعرف هذا بهوس مرحلة المراهقة فشباب هذه المرحلة وفتياتها يتأثرون بوسائل الاعلام المختلفة، خاصة في ظل غياب الاهتمام والترابط الاسري، مما يجعل الشباب يحاول اثبات ذاته من خلال تداعيات واهية، خاصة في ظل غياب قدوة طيبة يحتذون بها».
اذا كان هذا هو حال المراكز الرياضية، التي يلجأ لها الشباب والفتيات على حد سواء لتنمية عضلاتهم، فإن الحال لا يختلف كثيرا في عيادات التخسيس التي لا تقتصر على الكبار فقط، بل طالت شريحة الصغار أيضا من دون استشارة طبية في الكثير من الأحيان. والرغبة في التخسيس لا تعود إلى هاجس صحي أو زيادة الوعي بمخاطر السمنة، بقدر ما هو هاجس تمليه الموضة، البعض منهن يصبحن مدمنات للنوادي الرياضية، والبعض الآخر يفقد الأمل ويريد نتيجة سريعة، فيتوجه إلى عيادات التخسيس، التي تزايدت بأعداد كبيرة. تنصح الدكتورة وفاء برهان استشارية علاج طبيعي وسمنة في جامعة القاهرة من ترغب بالتخسيس والرشاقة باستشارة طبيبها الخاص أولا، إذ ربما تعاني من بعض امراض القلب أو هشاشة العظام من دون أن تدري، لان اغلب المراكز لا يوجد بها اطباء ولا متخصصون.
وترى برهان ان السبب في انتشار ظاهرة النحافة لدى الفتيات هو وسائل الاعلام والفضائيات وتغير مفهوم الرشاقة والجمال والرغبة غير المنطقية لدى الفتيات والسيدات في أن يتحولن الى عارضات.
اللافت ان عيادات التخسيس تستقبل نسبة ملحوظة من الاطفال من سن 9 إلى 17 سنة وهو الأمر الذي أصبح يشكل خطرا. التقينا بإحدى الامهات المصاحبة لابنها الصغير البالغ من العمر 11 سنة ويزن 52 كيلوغراما، في احدى عيادات التخسيس، وكان تبريرها هو أن ابنها يعاني من السمنة، الأمر الذي دفعها إلى أن تذهب به الى الاطباء، إضافة إلى تشجيعه على ممارسة السباحة والجري في ناد رياضي. وأضافت انها فعلت ذلك تحت إصرار ابنها الذي أراد أن يكون جسمه نحيفا مثل اقرانه، وهي تشجعه على ذلك وتساعده حتى لا يفقد الثقة بنفسه.
سيدة اخرى تصحب ابنتيها البالغتين من العمر 14 و 16 عاما تقول انهما تعانيان من زيادة وزن في مناطق معينة كالبطن والارداف وهي لا تعتبر ذلك سمنة بل عدم تناسق وخصوصا أن الملابس الشبابية لا تناسبهما، وتجعلهما تشعران بالتعاسة والحرج ؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف