جريدة الجرائد

بعض طلاب الإعلام لا يقرأون

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بيروت من سناء الجاك: تطرح ماجدة ابو فاضل اسئلة مفصلية تتعلق بواقع الاعلام في العالم العربي وتدير دفة الحوار باتجاه العجز التقني والإلكتروني الذي يشوب معظم الوسائل الاعلامية الحالية، وتنطلق ماجدة من خبرتها كأستاذة لمادة الصحافة في واشنطن ثم في بيروت وكمديرة لمعهد الصحافيين المحترفين ومديرة للمطبوعات ومشرفة على موقع الإنترنت في الجامعة اللبنانية الاميركية LAW.
ورحلة ماجدة مع الصحافة بدأت بآلة طابعة صغيرة، كانت هدية تمهد لخطواتها الاولى في عالم الكتابة. بعدها كان للمدرسة دورها في نشرة متواضعة، لتبدأ مزاولة المهنة عام 1972 في صحيفة Monday Morning اللبنانية وفي الاذاعة اللبنانية الرسمية معدة ومقدمة لبرامج ونشرات اخبار باللغة الانجليزية. اثر تخرجها من كلية بيروت الجامعية BUC، انذاك، والتي اصبحت اليوم الجامعة اللبنانية الاميركية LAW التي عادت لتستقبلها كأستاذة في حرمها. والسبب يعود الى غلبة هذه اللغة على نشأتها، مما مكنها من التعبير عن نفسها من خلالها.
ورغبة ماجدة في مزيد من التحصيل دفعتها الى الجامعة الاميركية واشنطن دي. سي، حيث نالت شهادتي B.A و M.A في مادة الاعلام، ومن ثم خاضت معترك الصحافة الميدانية في العاصمة الاميركية. بعد ذلك راسلت عدة صحف ومجلات عربية منها «الحوادث» و«الشرق الأوسط» و«Arab News » و«الرياض» ومجلتي «8 DAYS» و«The Middle east »، كما علّمت في جامعتها وحاضرت في المركز العالمي للصحافة في واشنطن. الانتقال الاول كان الى قبرص مع وكالة الصحافة العالمية لتغطية الشرق الاوسط، وفي قبرص ايضاً تسلمت ماجدة القسم الانجليزي لوكالة فرانس برس. وبعد اكثر من عقدين من الاغتراب الصحافي عادت ماجدة ابو فاضل الى لبنان لتباشر مهنتها كاستاذة ومديرة في LAW، وقالت لـ «الشرق الأوسط»: «تعبت من الغربة، ورغبت بالاستقرار مع عائلتي في بيروت، فتقدمت بطلب الى LAW، وبدأت ادرس مادتين وادير مكتب المطبوعات. وهكذا حتى اسسنا «معهد الصحافيين المحترفين» التابع للجامعة، والذي ينظم المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية لاعادة التأهيل وتحسين اداء الاعلاميين. لذا تركت التدريس بعد حوالي ست سنوات».
* كيف تصنفين طلاب الاعلام في لبنان من خلال خبرتك ؟
* عدد كبير ممن يحملون شهادات في الصحافة لا يمتون بأي صلة اليها كمهنة. وهناك من لا يملك شهادة جامعية، لكنه يمتاز بحس وتكوين إعلامي متين، ولا يحتاج الى اكثر من معلومات وتأهيل لينجح في هذه المهنة.
* كيف تفسرين اقبال الشباب على الاعلام بكافة انواعه؟
* ربما يستسهل الشباب هذه المهنة التي لا تحتاج في بعض الجامعات حتى الى امتحان دخول، مع انها تتطلب مواصفات عالية، ولا مجال للمزح فيها. فالصحافي المحترف يجب ان يملك مصداقية عالية وان يتمكن من المادة ومن اللغة. وأكثر ما كان يؤلمني وانا ادرّس ان الطلاب لا يستطيعون التعبير عن انفسهم لجهلهم اللغة، ونحن كأساتذة اعلام وصحافة، لسنا بصدد تدريس القواعد. والكارثة الاكبر ان بعض هؤلاء لا يقرأون، وهذا البعض ليس صحافياً ولن يكون، فهو اشبه بمرتزق. لذا كان هذا الواقع يضايقني، وكنت افرض على الطلاب قراءة صحيفتين على الاقل قبل الدخول الى الصف».
* لكن جهل اللغة لم يحل من دون الاقبال عى التخصص في الصحافة المكتوبة والمرئية؟
* يكمن السبب في الرغبة بنجومية سريعة، فالاعلام اصبح وسيلة لهذه النجومة التي تسمح لمن يبتسم له الحظ بالمجد والشهرة في عصرنا الحالي. مع الاشارة الى ان مشكلة تعدد اللغات لدى اللبنانيين تشكل عاملاً اضافياً لعجز الطلاب عن التطور، وبعضهم لا يبذل مجهوداً ليتحسن.
* هل يجد المتخرجون عادة وظائف بعد نيلهم شهاداتهم؟
* نحن في LAW نؤمن التخصص في فنون الاتصال على انواعها، ومنها الصحافة والراديو والتلفزيون والسينما والمسرح. ولكن مع الاسف يواجه الطلاب مشكلة في العثور على الوظائف، لان عددها اقل من عدد المتخرجين بشكل عام، مما يدفعهم الى العمل في وسائل اعلام عربية او اجنبية، لمن تسنح له الفرصة. لكن معظم الطلاب يتجاهلون اهمية التخصص في الصحافة الإلكترونية وتقنياتها. ونحن نوفر لهم هذا الاختصاص الذي يشمل فن الاخراج على الكومبيوتر وDesk Top Publishing.
* عملت في واشنطن واليوم في بيروت، ما هو الفرق؟
* الطلاب الاميركيون جديون اكثر من اللبنانيين، والتقنية متوفرة ويمكن متابعة سرعة تطورها والموازنات متوفرة والدراسة ليست سهلة على الاطلاق، كما هي في لبنان. ففي واشنطن على الطلاب ان يكافحوا ويناضلوا ويتفوقوا ليصلوا الى الاحتراف. في لبنان نجد نوعاً من الدلال والبحث عن النجومية، باستثناء بعض الطلاب الجديين.
* الى اي مدى تساهم وسائل الاعلام اللبنانية في هذا المستوى؟
* تساهم كثيرا، لانها توظف انطلاقاً من جمال المذيعة او وسامة المذيع، بمعزل عن قدرة اي منهما على التحرير واجراء المقابلات والالقاء مع مضمون سليم ومن دون تلقين. وانا اعرف ان ريما مكتبي المذيعة في «المستقبل» ناضلت لتتمكن من العمل في تحرير نشرة الاخبار عوضاً عن الظهور في برامج التسلية ونجحت لانها تملك خامة الصحافي وليس فقط الوجه الحسن. وانا اريد ان اوجه سؤالاً الى هذه الوسائل وهو: كيف يمكن لاحد المذيعين او المذيعات الحضور الى الاستديو قبل حوالي ربع ساعة لقراءة نشرة الاخبار على الهواء مباشرة؟ من يرغب بالعمل في الاعلام عليه ان يكون جدياً، فهي مهنة البحث عن المتاعب، ومن لا يريد ان يضحي، من الافضل ان يبقى في منزله او يبحث عن مهنة اخرى.
* هل تجوز المقارنة بين الاعلام العربي والاعلام الغربي؟
* الاعلام العربي تحسن مع انتشار الفضائيات. والأمر جيد، لكنه غير كاف، بسبب التشابه الكبير بين هذه الفضائيات، اضافة الى ان المضمون لا يكون احياناً بالعمق المطلوب، والامر يعود الى عدم توفر حرية صحافية مطلقة في العالم العربي، ولا ننسى عدم وجود الصحافة الاستقصائية بمفهومها العلمي، الذي لا يقتصر على كتابة التحقيق او ملاحقة الفضائح، وانما يتناول كافة زوايا الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فمثل هذه الصحافة توفر الشفافية، لا سيما اذا اقترنت بالاحصاءات. وهذه المسألة ايضاً غائبة في منطقتنا، واذا اردنا ان نتطور كدول عربية، علينا ان نعرف ماذا لدينا وماذا ينقصنا على جميع الاصعدة.
* وماذا عن الصحافة الغربية؟
* للاعلام الغربي حسناته ومساوئه. فهو يملك الكم الهائل من المعلومات ومن مصادر متعددة يصعب الحصول عليها في العالم العربي. ولكن بعد 11 سبتمبر، شهدنا تقلص مصادر المعلومات وانحسارها، خاصة الحكومية منها، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي لبعض الدول. كذلك ظهر انحياز واضح في وسائل الاعلام الاميركي خلال الحرب على العراق وبعدها. واليوم نسمع اعترافات لعدد كبير من الاعلاميين بأنهم اخطأوا او اساءوا استخدام معلومات اعطيت لهم ولكن بعد فوات الاوان، فقد تسببوا بتضليل الشعب الاميركي. اما الاعلام العربي فهو يعاني من سوء استعمال المصادر وعدم التأكد منها، اضافة الى اكتفائه معظم الاحيان بمصدر واحد لغاية معينة، لان معظم مالكي الوسائل الاعلامية يستخدمون من فيها كاداة لتنفيذ سياساتهم. ولكن للامانة، وسائل الاعلام الغربية وتحديداً الاميركية، مرهونة ايضاً للمعلن. وفي كثير من الاحيان يكون المعلن ممولاً لاحد السياسيين وحملته الانتخابية.
* وماذا عن تقنيات الصحافة العربية ؟
* الإنترنت شئنا ام ابينا هي وسيلة اعلامية عالمية، تصل الى جميع الناس وبكافة اللغات. ومع الاسف صحافتنا الإلكترونية ليست بالمستوى المطلوب لاسباب عدة، منها الاخراج السيئ واستعمال صور تحتاج الى وقت طويل لانزالها على الصفحة وكتابة غير متأقلمة مع جو الإنترنت، او نقل للصحيفة كما هي. فالكتابة الافقية التي تتناسب مع شاشة الكومبيوتر، تختلف كل الاختلاف عن الكتابة العمودية المألوفة في الصحف وكذلك الالوان. ولا ننسى اننا اليوم حيال مرئي ومسموع متعلق بالخبر على الإنترنت. وكم لدينا من المتخصصين في هذا المجال؟ ما زلنا متأخرين كثيراً في هذا الموضوع ويجب ان نكون في سباق مع الزمن لنستطيع اللحاق بما يجري في الخارج.
* هل تندرج اهمية «معهد الصحافيين المحترفين» في سياق هذا السباق مع الزمن ؟
* اهمية المعهد انه لا مثيل له في لبنان حتى الآن، فهو يستقطب دورات وندوات في كافة مجالات الصحافة، ومنها الصحافة الاستقصائية والبيئية واقتصادية وادارة الاعمال وصحافة ادارة غرف الاخبار. واهمية هذه الدورات هي في فائدتها للصحافي المخضرم والمبتدئ، لكن المشكلة هي حاجتها الى تمويل خارجي ومؤسسات غير مرتبطة بحكومات.
* ما الفرق بين ممارسة الصحافة وتدريسها؟
* من المهم ان يكون استاذ الصحافة قد مارس المهنة ليتمكن من اعطاء المعلومات الصحيحة ويدرب بطريقة صحيحة، اضافة الى قدرة او موهبة فطرية للتدريس، فالكثير من الصحافيين الناجحين قد لا يستطيعون معالجة مشاكل الطلاب الاستيعابية او الشخصية او تلقين المعلومة. لكن الاستاذ غير الصحافي لا يستطيع اعطاء روح المهنة وتلقينها، اذ يقتصر دوره على النظريات، فيما تحتاج الصحافة الى التطبيق، لتأتي النظرية في الدرجة الثانية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف